مغامرة "حفتر" المحسوبة .. والمصالحة الفلسطينية

مغامرة "حفتر" المحسوبة .. والمصالحة الفلسطينية
كتب غازي مرتجى
منذ شهرين تقريباً خرج اللواء خليفة حفتر وأعلن انشقاقه عن الجيش الليبي ليُحارب الجماعات المسلحة واعلن سيطرته على عدد من مفاصل الدولة , ما لبث ان حمل لقب بـ"القذافي" الجديد تارة والحالم المجنون تارة أخرى ..

فترة وجيزة فصلت السخرية منه حتى تمكّن اللواء حفتر من لفت الانظار اليه ونجح بنسج تحالفات دولية واقليمية لصالحه ليصبح حديث الساعة وتُضّخ إليه المساعدات المالية والعسكرية من كل حدب وصوب .

ليبيا تعيش منذ سقوط معمر القذافي حالة هياج وفلتان لم تكن يوماً ما في خيال أي  متشائم نظراً لما تتمتع به الجماهيرية الليبية من ثروات تجعلها الدولة الشمال افريقية الوحيدة التي تشبه دول الخليج نظراً لقلة عدد سكانها وضخامة ثرواتها الطبيعية .. لكن الجماعات الارهابية وجدت في ليبيا ملاذاً آمناً والسبب الرئيس عدم وجود جيش ليبي بالاساس حتى في زمن معمر القذافي الذي كان يعتمد على قوات الثورة الخاصة به .. والتي انهارت فور مقتله .. ما مكنّها من السيطرة على مناطق واسعة في ليبيا وبناء تنظيمات ارهابية تكفيرية هناك اصبحت فيما بعد الوكيل الحصري لتصدير الارهابيين الى سوريا وبلدان أخرى .

الفلتان غير المسبوق في ليبيا في الآونة الاخيرة استدعى ظهور "شخصية" عسكرية وازنة بحجم "حفتر" لتحارب تلك الجماعات التي ان استمرّت في ليبيا ستكبر وتترعرع ويصبح من الصعب القضاء عليها الا بمعجزة ربانية .. أو أمريكية دولية ..!

المشير عبد الفتاح السيسي اضحى نموذجاً حصرياً لـ"مُحارب الاخوان" ليس في مصر وحسب بل أضحت سيرته على كل لسان حالم بانهاء الحالة الاخوانية في بلاده .. واللواء حفتر يعمل بذات المنوال الذي اتجّه له المشير السيسي أو لنقل رئيس جمهورية مصر العربية بطلب تفويض الجماهير الليبية له وباشتداد حملته وسيطرته على البلاد رويداً رويداً ..

ليس بسر دعم الامارات العربية المتحدة او السعودية لـ"حفتر" بل هو أمر منطقي للغاية بعد دعمهم بلا اي تحفظ للمشير السيسي في مصر .

الخارطة العربية تُعيد رسم نفسها , وحلم "الاسلام السياسي" بدأ بالتحوّل إلى "تاريخ"  وبقي على خارطة الاسلام السياسي دولة تونس التي يُعتبر قادة الاخوان فيها الأذكى مقارنة بالآخرين , فهم بصدد اعادة نفس النموذج التركي وهو النموذج الانجح حتى اللحظة لظاهرة الاسلام السياسي.

مغامرة "حفتر" الناجحة سلفاً بسبب الدعم الخليجي المالي والعسكري واللوجيستي المصري اللامحدود لن تتوقف على ليبيا بل هي النقطة الثانية من مخطط اعادة رسم المنطقة وقلب الطاولة على المخططات الامريكية السابقة ولن يكون "حفتر" النجم الأخير الذي سيظهر على الساحة كـ"مُحارب للاخوان".

التوجّه نحو انهاء الانقسام الداخلي كان الحل الأنسب والأقل خسارة لحركة حماس وهي جزء من الاخوان المسلمين , وتعامل الرئيس ابو مازن بحكمة كبيرة مع المخطط الجديد الذي رُسم لشركائه في الوطن .. أمكنه من وقف "المرسوم" .. فحركة حماس كانت جزءا من تلك المخططات التي بدأت في مصر وانتقلت الى ليبيا وستنتقل فيما بعد الى السودان ومن ثم الى تونس وهكذا .. 

التحديات التي تواجه طريق انهاء الانقسام كبيرة وكبيرة جداً وما هُدم بسنوات سبع لن يعود بساعات سبع .. بل سيحتاج اضعاف ما نتوقّع والضامن الوحيد للعودة إلى حدود الرابع عشر من حزيران هو قرار الحركتين بالاستمرار في النهج التصالحي وعدم الالتفات الى صغائر الأمور ..

على الهامش : انقضت ليلة السابع والعشرين من مايو وهي ليلة القدر في العشر الأواخر من عدّاد المصالحة .. وخسر الطرفين فضل تلك الليلة ..!

التعليقات