السويد لم تعد جنة الفلسطيني في الارض

السويد لم تعد جنة الفلسطيني في الارض
غزة-دنيا الوطن- تقرير يوسف حماد

حلم أي فلسطيني، ان تطئ قدماه فردوس الارض الباردة (الدول الاسكندنافية) خاصة في هذه الاوقات التي تعصف بالأراضي الفلسطينية الظروف السيئة، وان كانت على تفاوت بين شطري الوطن المنقسم حتى طلاء هذه الحروف.

عمليات اللجوء السياسي تجتاح دول شمال اوروبا بغربها وشرقها ويبتلع بحرها الجنوبي المئات من طالبي العيش الكريم، وما مأساة الفلسطينيين الفارين من سوريا قبل اشهر الا برهان على ذلك.

ففي مملكة السويد وصل عدد الفلسطينيين الى رقما قياسيا بين العرب الحاصلين على الجنسية في الدولة الاسكندنافية الاغنى، اذ ان الجالية الفلسطينية الحاملة للجنسية السويدية تعد الاكبر عربيا بقرابة الـ70 الف نسمة، هذا الحال جعل الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية، والاكثر من قطاع غزة، يحاول جاهدا جمع بعض الاموال، او اجراء خطوة التفافية من خلال طلب دراسة لتسهيل ولوجه الى السويد او أي دولة في اوروبا تقبل الفلسطينيين، بسبب العيش الامن والحرية المفرطة وما طاب في بلاد لم يسأل صاحبها ما يفعل.

هذا الأمر الايجابي انقلب على عقبيه، واصبح الفلسطيني لا يرى الا الانتظار لفترات طويلة، ليضجر من نفسه وهو الوحيد بين المئات بل والالاف الذين لا يفكرون الا بأنفسهم، وذلك حتى يأخذ قبولا جزئيا بالاقامة في السويد ومن على شاكلة اجراءاتها من هذه الدول.

يقول الاستاذ أكرم الذي فضل استخدام هذا الاسم له، وهو خريج بتخصص علمي جيد،" قذفتني مياه الحياة الى السويد لما سمعت عنها من حرية وعدالة اجتماعية وقوة تحصيل علمي ومساعدة على خلق ظروف ملائمة للحياة ودعم مالي مثالي، ربما فاق ما سمعته في قصص الفاروق عمر بن الخطاب في زمن الخالدين "حد قوله.

أكرم شاب بلغ الـ(29 عاما) دون ان يحصل على أي من اساسيات الحياة في قطاع غزة، شأنه كمئات الالاف من الذين يعيشون اوقات قاسية للغاية في القطاع.

يضيف أكرم في حديث عبر تقنية "السكايب" من مدينة مالمو الساحلية في السويد، " الجميع يعتقد ان السويد ما زالت تقبل الفلسطينيين، هذا كلام مبالغ فيه، انظر الى وضعنا هنا نحن ننتظر هنا منذ شهور، احيانا يتعطل المكيف في المخيم الذي يجمعوننا به، ونعيش برودة فظيعة في مخيمات اللجوء".

وعن عدم البوح باسمه الكامل قال أكرم عبر فضاء الانترنت " أعتقد ان هذا سيسبب لي مشاكل، أكثر سوءا مما أنا عليها".

ومن هذه المشاكل يقول أكرم " لا تستطيع ان تتحرك الا بعد ان تقول للمختصين، لا تستطيع ان تذهب لشرب القهوة الا بعد اخبارهم، حتى لا يستطيع اهلك ان يرسلوا لك مالا الا بعد ابلاغ السلطات، هذا امر يثير الضجر."

واحتكم أكرم الى المثل الشعبي الفلسطيني متهكما على من يحلم بالسويد بانها جنة الله في الارض للفلسطيني "من طين بلادك ليس على خدادك".

أكرم كان قد حصل على فيزا لزيارة دولة اوروبية، استغل ذلك فقرر الفرار الى السويد طالبا للاجوء حتى ينعم بحياة كريمة وفق حديثه، ولكنه صدم بالواقع الجديد، والذي اصبح فيه التفضيل للسوري الذي هرب من الحرب الطاحنة في بلاده. كما يقول

ويتابع أكرم " يجب ان يكون هناك مسوغ مباشر حتى يتم قبولك كلاجئ في السويد، يجب ان تكون معرض للقتل او تكون شاذ جنسيا او وضعك صعب للغاية وغير متوفرة سبل العيش لك من خلال الانتهاك المباشر، ناهيك عن الانتظار القاتل دون ان تعرف هل انت مقبول ام غير ذلك".

ولكن أكرم امتداح اخيرا السويد بقوله "بلا شك هي بلد مريحة مميزة، اذا تم رفضك لا يتم طردك او ايذاءك"، بيد انه قال ان وضعه والكثرين صعب " هناك تمييز بلا شك فيه، فانت لاجئ والجميع يعرف انك لاجئ سياسي، ولكن عندما تكون لاجئ في بلدك فهذا امر طبيعي، ولا ضير في ذلك بل مصدر فخر".

الطبيب والباحث الاجتماعي البلجيكي من اصل فلسطيني عبد الرحيم الطيب يقول عبر الهاتف، " الوضع الخاص بالشباب الفلسطيني، صعب في الداخل والشتات، المنطقة تعج بالحروب واصبح الوضع سيء على الجميع، ودول العالم التي تعد حضارية وملائمة للعيش، وتفتقد للسكان وتريد مهاجرين، أصبحت تفضل المهاجرين الذين يعتبرون في وضع قياسي في السوء، هناك حروب في اليمن والعراق وسوريا ونيجريا ومالي وليبيا واخيرا اشدها في سوريا وحديثا مشاكل في اوكرانيا."

ويضيف المحاضر الجامعي في جامعة ليون الفرنسية ايضا " الوضع في فلسطين ربما تغير بصورة قليلة للإيجابي خاصة في الضفة الغربية، فقد أصبحت الدول تجعل الاولية لمن يصعب الحفاظ على حياتهم، نعم نحن نعرف ان غزة لا تعيش اوقات جيدة، ولكن هناك من لا يعيش الى اليوم التالي اصلا في اماكن اخرى بالوطن العربي وتفضل السويد وغيرها ان تكون حضن له".

ويقول الطيب الذي يتحدث من عاصمة الاتحاد الاوروبي بروكسل "ان فئة كبار السن كبيرة في الدول الاسكندنافية وغيرها(..) من الطبيعي ان يكون وضع اكرم وغيره غير مستقر وسوف ينتظر لفترة غير قصيرة حتى يصل الى مناله في فرص عمل او تعليم مميزة، او اخذ اقامة مؤقتة في بلد الاحلام بالنسبة لسكان قطاع غزة."

اما المحاضرة الجامعية في جامعة ستوكهولم "ارين فرتش" فتقول" باللغة الانجليزية " نحن نتغير مثلما العالم يتغير، ومن الجميل ان تكون بلد مثل السويد تعتبر قبلة العرب الذين يجدون صعوبة في العيش ليصبحوا اباء، لذلك يأتوا الى هنا بطرق كثيرة وقد يتعرضوا للموت اثناء قدوهم، ولا يتراجعوا لقوة الامل وعزيمة الحضور هنا، بسبب الاجواء المريحة".

تضيف فرتش( 54 عاما) وبدأت سعيدة بحديثنا من غزة لها بهذا الموضوع " الدولة السويدية تمارس تنقية كبيرة على القادمين، خاصة ان منطقة الشرق الاوسط اصبحت مغطاة بساحبة دخان من شدة القصف والمعارك، هناك مشاكل طائفية وعرقية، وتهديد مخيف بالموت لكثير من الاشخاص، إفريقيا بها موت ومجازر جماعية بصورة دورية، مناطق اخرى كذلك، الدولة التي تستضيف لاجئين يصبح عليها كاهل كبير في التصفية، فأصبحت تفضل من تجد خطورة في عودته الى بلاده، ويحق له اخذ اقامة لان الدولة السويدية من اكثر الدول انصاف للإنسان." وفق حديثها

يذكر ان السويد وبلجيكا والنرويج كانت في السنوات العشر الاخيرة، من اكثر الدول استقبالا للاجئين الفلسطينيين غالبيتهم من قطاع غزة خاصة بعد الانقسام الفلسطيني في تموز 2007.

ويعيش قطاع غزة حصار اسرائيلي خانق بشهادة الأمم المتحدة منذ 7 سنوات تسبب في أزمة معيشية اقتصادية قاسية لقرابة المليوني فلسطيني .

التعليقات