السيسي والمصالحة .. ووظائف غزة

كتب غازي مرتجى
أقل من أسبوعين يفصلنا عن مشهد الانتخابات المصرية , النتيجة محسومة نوعاً ما ولا تقبل أي مفاجآت في الطريق , فمفاجآت فوز "محمد مرسي" لن تتكرر مع حمدين صباحي .. على الأقل بحسب المعطيات الماثلة أمامنا ..
المشير عبدالفتاح السيسي عبّد الطريق لكرسي الرئاسة جيداً وغاص في التفاصيل التي تكمُن الشياطين بها والتي يتلذّذ عليها أصحاب مشاريع الإفشال , فمنذ تفكيره بالترشّح لرئاسة مصر بدأ بصياغة مشروعه والذي يرتكز بشكل أساسي على نظام الحكم الذي اعتاد عليه المصريون بشكل خاص والعرب على العموم .. فالحرية المطلقة أضحت في مصر مفسدة كبيرة واستيراد مشروع الديمقراطية الغربي لم يؤت نتائجه المرجوّة .. كيف لا وأوروبا نفسها دخلت بحروب طاحنة ومعتركات عالمية لعشرات السنين كي تصل إلى نموذج ديمقراطي يتمنّى العرب الحذو بحذوه على الرغم من عدم تطبيقه كاملاً في دول المنشأ ..!
بدأ المشير من الجيش وهو الركيزة التي يرتكز عليها أي رئيس مصري، فقد نظّم جيشه وسيعمل فور فوزه بالرئاسة لإعادته الى ثكناته بدلاً من بقائه في الشارع لحمايته من مواجهة الاتهامات والشائعات وحملات التشويه الكبرى .. وصولاً إلى تأمين تمويل لحكومته القادمة كي يتمكّن من السيطرة على اقتصاد دولته المُنهار بفعل تظاهرات هدفها الاساسي إلهاء الجيش عن مهامه الرئيسية وتحويل فوهات بنادقه الى حيث لا يريد ..
لم يترك المشير السيسي القضية الفلسطينية "عارية" بل أسّس لعناوين المرحلة المقبلة في حكمه قبل ان يحكم , وترتكز حملة السيسي الرئيسية على انهاء طموح "الاخوان" في الحكم سواء في مصر أو غيرها , والحملة الشديدة التي تم توجيهها ضد غزة كانت جزءاً من البرنامج الانتخابي للسيسي , وبحكم معرفة المشير بمدى حساسية الوضع الفلسطيني والقضية على مستوى الشعوب وبعض الحكّام , يعلم تماماً أنّ الحل الوحيد لضمان جيب مصر الجنوبي -قطاع غزة- آمناً هو تحقيق المصالحة الفلسطينية فقط , وليس كما "بعبع" عكاشة أو أحمد موسى بالتلويح بضرب غزة .. فالجيش المصري لم ولن يقبل في يوم ما أن يكتب التاريخ أنه حاصر الفلسطينيين أو قتلهم أو ضربهم بطائراته .. فكان لا بد من التمهيد لـ"المصالحة الفلسطينية" .
في لقاء الرئيس أبو مازن والمشير السيسي الذي عُقد في العاشر من شهر ابريل تم الاتفاق بين الطرفين على اسس المصالحة مع حركة حماس وطبيعة المرحلة القادمة التي ستعود فيها مصر قوة اقليمية ومرتكز حقيقي للقضية الفلسطينية كما كانت دوماً .. لم يمض على "لقاء الرئيسين" أياما قليلة حتى هلّت بشائر انهاء الانقسام والوعود الجديّة من الطرفين بالاستمرار في خطوات حقيقية لتحقيق المصالحة الفلسطينية ..
مصالحة "سلق البيض" التي شهدناها جاءت وفق متغيرات دولية كُبرى , ولا شك أنّ حركة حماس حُشرت في زاوية لم تعتد عليها سابقاً حتى في نظام مبارك , فتجريم السعودية والإمارات وغالبية دول الخليح للاخوان المسلمين وأفول نجم "قطر" وعودة العلاقات التركية الاسرائيلية الى سابق عهدها -السبب الرئيسي لعودة العلاقات ليضمن اردوغان انتخابات الرئاسة التركية- واستمرار التضييق المصري على الانفاق وحرية السفر هذا على جانب حماس أما على جانب حركة فتح فكانت المفاوضات وتعنّت نتنياهو سبباً والهدف الرئيسي تقرّب دحلان من النظام المصري ومن حماس وبعض دول الخليج والتهديدات الامريكية والاسرائيلية ضد القيادة الفلسطينية وحالة التيه الكبيرة التي تنتاب الحالة الفلسطينية الحالية عجلّت من زيارة الرئيس ابو مازن الى القاهرة واعادة ترتيب الاوراق الفلسطينية الداخلية برضا ودعم مصري من الرئيس المرتقب.
المشير عبدالفتاح السيسي عبّد الطريق لكرسي الرئاسة جيداً وغاص في التفاصيل التي تكمُن الشياطين بها والتي يتلذّذ عليها أصحاب مشاريع الإفشال , فمنذ تفكيره بالترشّح لرئاسة مصر بدأ بصياغة مشروعه والذي يرتكز بشكل أساسي على نظام الحكم الذي اعتاد عليه المصريون بشكل خاص والعرب على العموم .. فالحرية المطلقة أضحت في مصر مفسدة كبيرة واستيراد مشروع الديمقراطية الغربي لم يؤت نتائجه المرجوّة .. كيف لا وأوروبا نفسها دخلت بحروب طاحنة ومعتركات عالمية لعشرات السنين كي تصل إلى نموذج ديمقراطي يتمنّى العرب الحذو بحذوه على الرغم من عدم تطبيقه كاملاً في دول المنشأ ..!
بدأ المشير من الجيش وهو الركيزة التي يرتكز عليها أي رئيس مصري، فقد نظّم جيشه وسيعمل فور فوزه بالرئاسة لإعادته الى ثكناته بدلاً من بقائه في الشارع لحمايته من مواجهة الاتهامات والشائعات وحملات التشويه الكبرى .. وصولاً إلى تأمين تمويل لحكومته القادمة كي يتمكّن من السيطرة على اقتصاد دولته المُنهار بفعل تظاهرات هدفها الاساسي إلهاء الجيش عن مهامه الرئيسية وتحويل فوهات بنادقه الى حيث لا يريد ..
لم يترك المشير السيسي القضية الفلسطينية "عارية" بل أسّس لعناوين المرحلة المقبلة في حكمه قبل ان يحكم , وترتكز حملة السيسي الرئيسية على انهاء طموح "الاخوان" في الحكم سواء في مصر أو غيرها , والحملة الشديدة التي تم توجيهها ضد غزة كانت جزءاً من البرنامج الانتخابي للسيسي , وبحكم معرفة المشير بمدى حساسية الوضع الفلسطيني والقضية على مستوى الشعوب وبعض الحكّام , يعلم تماماً أنّ الحل الوحيد لضمان جيب مصر الجنوبي -قطاع غزة- آمناً هو تحقيق المصالحة الفلسطينية فقط , وليس كما "بعبع" عكاشة أو أحمد موسى بالتلويح بضرب غزة .. فالجيش المصري لم ولن يقبل في يوم ما أن يكتب التاريخ أنه حاصر الفلسطينيين أو قتلهم أو ضربهم بطائراته .. فكان لا بد من التمهيد لـ"المصالحة الفلسطينية" .
في لقاء الرئيس أبو مازن والمشير السيسي الذي عُقد في العاشر من شهر ابريل تم الاتفاق بين الطرفين على اسس المصالحة مع حركة حماس وطبيعة المرحلة القادمة التي ستعود فيها مصر قوة اقليمية ومرتكز حقيقي للقضية الفلسطينية كما كانت دوماً .. لم يمض على "لقاء الرئيسين" أياما قليلة حتى هلّت بشائر انهاء الانقسام والوعود الجديّة من الطرفين بالاستمرار في خطوات حقيقية لتحقيق المصالحة الفلسطينية ..
مصالحة "سلق البيض" التي شهدناها جاءت وفق متغيرات دولية كُبرى , ولا شك أنّ حركة حماس حُشرت في زاوية لم تعتد عليها سابقاً حتى في نظام مبارك , فتجريم السعودية والإمارات وغالبية دول الخليح للاخوان المسلمين وأفول نجم "قطر" وعودة العلاقات التركية الاسرائيلية الى سابق عهدها -السبب الرئيسي لعودة العلاقات ليضمن اردوغان انتخابات الرئاسة التركية- واستمرار التضييق المصري على الانفاق وحرية السفر هذا على جانب حماس أما على جانب حركة فتح فكانت المفاوضات وتعنّت نتنياهو سبباً والهدف الرئيسي تقرّب دحلان من النظام المصري ومن حماس وبعض دول الخليج والتهديدات الامريكية والاسرائيلية ضد القيادة الفلسطينية وحالة التيه الكبيرة التي تنتاب الحالة الفلسطينية الحالية عجلّت من زيارة الرئيس ابو مازن الى القاهرة واعادة ترتيب الاوراق الفلسطينية الداخلية برضا ودعم مصري من الرئيس المرتقب.
على الجانب المصري لا شك ان المشير السيسي يوّد أن يكون عرّاب إنهاء الانقسام فعلياً واعلامياً وهو عرّابها لكن بالسر .. وتأجيل تقديم أوراق اعتماد السفير الفلسطيني الجديد الدكتور جمال الشوبكي للدولة المصرية لانتظار الرئيس المصري القادم لا المؤقت له دلالة واضحة أنّ الرئيس أبو مازن يوّد أن يرمي بكرة المصالحة وضماناتها في حجر "مصر" , لأنّ الضامن الوحيد للاستمرار بالاجواء الايجابية وعدم تفرّد اي طرف من الطرفين بالقرارات والاجراءات هي القاهرة .. حتى لو تم تشكيل حكومة وفاق وطني قبيل معرفة الرئيس المصري القادم رسمياً .. فلن تغيب مصر عن ذلك وسيرمي الطرفين الكرة بملعب المصريين بعد تنصيب رئيسهم لتعود إلى دورها المعروف ..
(2)
التخمة التي ستُصاب بها الوظيفة العمومية في مؤسسات السلطة الفلسطينية ستقضي على اجيال كاملة , بعيداً عن تداعيات وقف التوظيف بعد ان اصبح لدينا من كل زوجين اثنين .. فقد اعلنت حكومة غزة عن اختبارات مزاولة المهنة ونشرت مجموعة أخرى من الوظائف الحكومية , وعلى الجانب الآخر في الحكومة الفلسطينية فقد تم اجراء اختبارات لتوظيف ألف مدرّس للعام الدراسي الجديد .. في غزّة هناك المئات من المدرسين ممن جلسوا في بيوتهم أو تمّ اقصائهم ومن المفترض اعادتهم جميعاً إلى أماكن عملهم فور تشكيل حكومة الوفاق , ومع عودتهم ستصاب المؤسسات الحكومية بحالة "بطالة مقنعّة" وقد يصبح دوام المدرس "يوم بيومين" كما العساكر ! ..
مسئول رفيع المستوى قال لي مؤخرا ان حالة التخمة الوظيفية التي ستنتج عن ضم موظفي حكومة غزة للحكومة الفلسطينية وعودة الموظفين السابقين لمواقعهم السابقة تتطلب حلولاً ابداعية وتحتاج لأفكار خلاقة حتى لا ندخل في هاجس إهدار المال العام أو في أتون البطالة المقنعّة .. لماذا لم تنتظر حكومة غزة قليلاً في الإعلان عن وظائف جديدة واختبارات مستحدثة ؟ وهي في تصريحات المتحدثين باسمها تؤكد ان الحكومة القادمة هي من ستتولى مسؤولية رواتب موظفيها ومستحقاتهم ؟ وفي الحكومة الفلسطينية فلماذا لا تكون إحدى الحلول الخلاقة التي بامكانها التوفير على خزينة الدولة على الاقل بجلب موظفين رسميين من غزة تم اقصاؤهم او جلسوا في بيوتهم الى الضفة ليعملوا برواتبهم التي تُصرف لهم دون عمل !؟
الحلول الابداعية التي تنتظر موظفي غزة بشقيهم -القديم والجديد- يجب أن لا تستثني من إبداع حلول تجاه الخريجين الجدد ولا يمكن نسيان العمال الذين ذاقوا الأمرّين منذ بدء انتفاضة الاقصى وحتى يومنا هذا .. ويجب ان تنظر بعين الرأفة إلى الأجيال الصاعدة والقادمة .
التعليقات