في يوم الأسير الفلسطيني ... الأسرى أولاً

في يوم الأسير الفلسطيني ... الأسرى أولاً
د محمد ابراهيم المدهون
السجن، والمعتقل، والزنزانة، وكل ظروف العزل، ومحاولات التدمير الممنهج التي استهدفت إرادة وإيمان الأسير الفلسطيني باءت بالفشل فالفلسطينيين حوّلوا المعتقلات والسجون إلي مدارس، وجامعات، ومعاهد.

إن القفز على قضية الأسرى أو تجاهلها جرمٌ خطير أحمق لأنها بالدرجة الأولى قضية ذات بعد إنساني محض عدا كونها تحظى باهتمام منقطع النظير لدى كافة فئات الشعب الفلسطيني، لذلك أي تجاوز أو إبطاء أو إهمال أو نسيان لأسرى فلسطين تهمة كبيرة لمن يرتكبها.. ويبقى المفاوض الفلسطيني دون حل لهذه المعضلة جذرياً في قفص الاتهام بعد التفاهمات الفصائلية خاصة وأن القضية كانت بحاجة فقط إلى القليل من الضغط من جانب السلطة كي يخرج جميع الأسرى كما يقول روبنشتاين مهندس اتفاقيات أسلو. ولما أهمل هذا الملف تقدم أصحاب الشأن من الأسرى ليديروا المعركة بأنفسهم بعد أن استقرت الرسالة في وجدانهم "أنت لا تبلغ حقّك إلاّ بذراعك"، هذا هو الدرس الذي عرفه بالخبرة والتجربة شعبنا الفلسطيني، وهو ما طبّقه الأسرى الفلسطينيون بلحمهم، وأمعائهم، حينما أعلنوا الإضراب عن الطعام مراراً واليوم مجدداً وحتى انتزاع حقوقهم أو ليكن الموت.

فإمّا حياة تسرّ الصديق                        وإمّا ممات يغيظ العدي

إنهم ينتصرون على الشروط الرهيبة التي يدبّرها لهم العدو، يحوّلون أيام عزلتهم إلى (معرفة) وفعل جماعي، وبهذا يتقوون على العدو ويرفعون رؤوسهم بكرامة ويحدّقون في عيون جلاّديهم. الكرامة التي دفعتهم لحمل السلاح هي التي جعلتهم يتخلون عن حياة الدعة الشخصية ويهبون كل شيء لشعبهم ووطنهم.

في السجون تنسج النسوة الفلسطينيات ويطرزن الثياب واللوحات وهنّ يرضعن أطفالهن منتظرات فجر حريّة فلسطين.. الأسري والأسيرات يطالبون بإدخال أطفالهم وطفلاتهم عند زيارتهم لتلمس وجوههم وتقبيلهم، وهذا ما تحرمهم منه سلطات سجون العدو الأكثر وحشية من كل المحتلين والغزاة عبر العصور. تضامنوا معهم، تابعوا أخبارهم، لا تسمحوا لعدونا أن يقتلهم في العتمة، فهم بنور عيونهم ينسجون خيوط فجر فلسطين ويبددون الغبش الذي ألحقه بها الساقطون، ويعلون من كبرياء الإنسان الفلسطيني العربي المسلم المقاوم...

الحركة الأسيرة صاحبة الدور المشهود في تفجير الانتفاضة الكبرى (1987) عادت من جديد باللحم والدم والأمعاء الفارغة أثناء انتفاضة الأقصى وستعود بعدها إذا لم يتحقق إنجاز الإفراج عنهم لتضخ في حياة شعبنا السياسية حيوية من خلال تلاحم الجماهير مع الأسرى، وتفعيل النشاطات الجماهيرية الميدانية، وتغليب الفعل الشعبي في شوارع المدن والقرى والمخيمات، وامتدّ هذا التفاعل إلى تجمعات الفلسطينيين في المنافي.

 تحقق إنجاز تاريخي واستراتيجي بعقد صفقة الوفاء للأحرار بالإفراج عن 1027 أسير فلسطيني بعضهم أمضى ما يزيد عن 30 عاماً في القيد. واليوم يطلق الأسرى الإضراب الشامل عن الطعام في كافة باستيلات العدو. فهل جرس الأسرى الذي يدق بالدم مقدمة لانتفاضة فلسطينية ثالثة يساهم في قيادتها أسرى الحرية الذين يتحررون اليوم؟ وهل ستساهم قضية أسرى فلسطين في توحيد الشعب الفلسطيني؟

تحية لأسرى الحرية في يوم الأسير الفلسطيني وفي ظلال انتصار إرادة الأحرار خلف القضبان في معركة الأمعاء الخاوية. 

والأسرى على موعد مع فجر الحرية الآتي 

ويسألونك متى هو .. قل عسى أن يكون قريباً

التعليقات