الشاعر ناصر الدين باكرية لدنيا الوطن: اعتبر مشاركتي في برنامج أمير الشعراء إضافة نوعية ومكسبا شخصيا

الشاعر ناصر الدين باكرية لدنيا الوطن: اعتبر مشاركتي في برنامج أمير الشعراء إضافة نوعية  ومكسبا شخصيا
الجزائر - دنيا الوطن  رياض وطار

يتطرق الشاعر ناصر الدين باكرية في هذا الحوار الذي خص به موقع دنيا الوطن إلى مشاركته ضمن برنامج أمير الشعراء في موسمه 2012- 2013الذي تبثه قناة ابوظبي باعتباره أول شاعرا جزائريا يصل إلى مراحل متقدمة من البرنامج كما يتطرق أيضا إلى واقع الشعر في الجزائر.

هل بإمكانك تقديم تعريف موجز عن شخصك المحترم للقارئ العربي؟

إن أكثر الأسئلة تعقيدا وإحراجا هو هذا السؤال ذاتُه الذي تطرحه الان لأنه كما تعلم أن حديث الإنسان عن نفسه سيكون  إما منتفخا بالأنا أو مثيرا لشبهات التواضع، وأنا اعتقد أن الحديث بغرور كاتب مخل بإنسانيتنا، كما أن الحديث بتواضع إنسانيتنا يخل بما نعتقده في النص من أسباب الحياة. لذلك كنت أود لو أنك كفيتني عناء هذا السؤال المربك في جانبه البسيط والمرعب في عمقه الآخر لأنني أكون واهما إذا  ادعيتُ أنني "أعرفني" فالإنسان كائن معقد جدا ومليء بالفراغات  والنقاط التي لا تستطيع كل اللغات أن تملأها بضجيجها ودعواها فضلا أن يكون الإنسان " مبدعا" أو فنانا تتحدد علاقته بالعالم وبالأشياء من خلال عالمه الداخلي ،ويزيد الأمر صعوبة وتعقيدا حينما يكون هذا الكائن المبدع كائنا لغويا، وما  يربطه بالعالم ويحدد علاقته به كائن تجريدي هو اللغة، فطالما اعتقدت أن السطحيين وحدهم من يظنون  أنهم فهموا العالم وفهموا أنفسهم.

- تعتبر الشاعر الجزائري الوحيد الذي احتل مكانة مرموقة في برنامج أمير الشعراء في طبعته لموسم 2012-2013 هل كنت تتوقع أن تحقق مثل هذا النجاح وهل يمكن اعتبار ذلك مكسبا أدبيا للشعر الجزائري؟

النجاح والفشل في اعتقادي هي أشياء نسبية جدا ولا يمكن مَعْيَرَتها ووضعها في قوالب وبرنامج أمير الشعراء في ذاته هو مكسب للشعراء في الوطن العربي لما يتيحه لهم من فرصة في إسماع أصواتهم الخافتة وسط ضجيج العالم وانشغاله بحروبه ومعاركه اليومية سواءً الحروب بمعناها الحقيقي أو المجازي ، وقد سبق لي وأكدت مرارا أن ما قدمه البرنامج للشعراء أضعاف ما قدمه للشعر وللحركة الشعرية في الوطن العربي ، وحين أقول الشعر فأنا المح للآليات والمعايير المعتمدة في البرنامج والتي تعكس رؤية القائمين والمنظمين ولجنة تحكيم البرنامج لمفهوم الشعر، ولست هنا بصدد محاكمة البرنامج أو الإشادة به فهذه مسألة ليست من اختصاصي، ولكن ملاحظتي لما قدمه في الموسم الخامس وفي المواسم الأخرى تكشف أنه يسير وفق رؤية وإستراتيجية واضحة تحاول إعادة الاعتبار للقصيدة العمودية، بالنسبة لي شخصيا – وان كنت لا أحب تقييم مشاركتي وافضل ان اتركها للمتابعين إلا أنني اعتبر مشاركتي إضافة نوعية  ومكسبا شخصيا وربما يكون لها فضل في تسويق اسم جزائري آخر للعالم العربي ، وأنت تعرف مشكلة المغاربة عموما والجزائريين على وجه الخصوص في التسويق ، فنحن كجزائريين لا ننكر فشلنا الذريع في تسويق أنفسنا وإنتاجنا الإبداعي والفني ولا سواه أيضا ، نتيجة أسباب عديدة تاريخية وثقافية وسوسيولوجية .

- يرى النقاد أن عصر الشعر قد مضى وولى وحل محله عصر الرواية في رأيكم هل أصاب النقاد أم أخطأوا في حكمهم؟

سؤالك هذا ينطوي على جملة من المغالطات أولها أن النقاد يرون أن الرواية حلت محل الشعر، ورغم متابعتي للحركة النقدية إلا أنني لم اسمع ناقدا ممن يوثق في سمعته النقدية يقول بهذا الرأي اللهم إلا بعض الأحاديث الإعلامية الساذجة التي تتكئ على الآني والأحكام التعميمية المسطحة ، فهذا الرأي يصور لنا أن الرواية والشعر يتنافسان على مكان ما ، وهي صورة بعيدة كل البعد عن طبيعة الأدب كجنس وعن طبيعة النقد باعتباره لغة واصفة للجنس الأدبي ، لأن الحديث عن الرواية والشعر مرتبط ارتباطا وثيقا بالمقروئية المرتبطة بدورها بجملة عوامل أخرى منها السياسية والاقتصادية كالقدرة الشرائية وغياب الحوافز والتثمين للجهد القرائي والانساق الثقافية المعادية لمفهوم النخب والدائرة ترتبط بدوائر أخرى تكاد تكون لا متناهية ، وإذا نظرنا إلى المسألة من زاوية نقدية عقلانية نجد أن العكس تماما هو الحاصل بعيد عن الشوفينية والانتصار لجنس على جنس آخر، فروح العصر هي روح السرعة والاقتضاب والتكثيف وهي صفات لا اعتقد أن عاقلا يزعم أن الرواية قادرة عليها خلافا للشعر، كما أن وسائط التواصل الاجتماعي  اليوم مليئة بالشذرات الشعرية التي تضج بها جدران الفايسبوك وتغريدات تويتر وغيرها ، بينما لا احد في هذه المواقع يملك نفسا لقراءة رواية، كما لا يغيب عنا إن الدراسات النقدية  تجاوزت حتى مفهوم الأجناس الأدبية  وحتى مفهوم الشعرية أصبح ملحقا ومضمنا في كل الأجناس الأدبية وحتى غير الأدبية فهناك شعريات متعددة شعرية السينما شعرية الرواية شعرية المسرح  الخ الخ

رغم كل هذا إلا أن المنصفين من الدارسين لا يفاضلون  بين التجانس  لان المفاضلة اتجاه يحمل من السخافة والسذاجة والسطحية ما لا يليق بالأدب رغم ذلك هناك حالات إنسانية ووجودية لا يتسع لها الشعر بكثافته وهي اقرب الى روح الرواية وهنا تأتي الرواية مكمل وإفضاء لحالة شعرية ما.

ماهي نظرتكم للمشهد الأدبي لا سيما الشعري في الجزائر والعالم العربي ،و ماهي المكانة التي يحتلها الشعر الجزائري في المشهد الشعري العربي؟

-        هذا سؤال كبير جدا صديقي ولست واثقا من قدرتي على تقييم المشهد الشعري في العالم  والعالم العربي والجزائري ،وكل رأي في هذه القضايا لا يعدو كونه رأيا بسيطا وتعميميا فحتى تخصصي الأكاديمي ضمن ما يسمى الأدب المغاربي لا ادعي أنني ملما بمشهديته في ظل الزخم الهائل مما ينشر سنويا وشهريا وربما حتى يوميا ، كما أنني لا أحب تلك القوالب الجاهزة التي تقسم الأقطار إلى اختصاصات أدبية أو فكرية مما هو شائع في بعض الدراسات  وبعض الآراء الإعلامية التي لا يركن إليها . أما المشهد الشعري الجزائري ففي اعتقادي هو بخير جدا وهناك أسماء شعرية كبيرة وعالمية  لم تسلط عليها الأضواء الإعلامية والنقدية فقط وهناك تجارب شعرية تحتاج الالتفات إليها على غرار تجربة عاشور فني وتجربة عبد القادر رابحي ولخضر بركة وعثمان لوصيف وآخرون وهناك تجارب شعرية شبابية واعدة .

من هو اقرب شاعرا جزائريا أو عربيا من الشعراء المعاصرين أو القدامى إليكم ولماذا؟

لعلي تجاوزت منذ زمن بعيد مرحلة الأحكام التفضيلية الساذجة للشعراء على بعض  فلا يوجد الشاعر النموذج  بل هناك نصوص جيدة ونصوص رديئة ونصوص بين ذلك وقد تجد عن الشاعر الواحد الغث والسمين من النصوص ، وحتى النصوص الجيدة ذاتها تخضع للذائقة من جهة ولسياق التلقي من جهة أخرى فأحيانا النص الذي يبهرك ويدهشك في لحظة تقرأه في لحظة أخرى وفي حالة أخرى فتجده اقل وهجا وأحيانا تستغرب  كيف انك كنت منبهرا بنص عادي والعكس ، وهذا الحديث يعيدنا إلى بداية حديثنا عن كون الإنسان كائن معقد ولا يمكن قولبته وتعييره.

ماهي مشاريعكم المستقبلية؟

هناك أشياء كثيرة جدا إضافة  ثلاث مجموعات شعرية جاهزة (أصابع أخرى، وحالات أخرى أيضا.. وكأن المجاز المجاز)

أعكف على رسالة الدكتوراه حول التجريب في الشعر المغاربي وعلى دراسة حول غياب الإستراتيجية الإعلامية في الجزائر ، ودراسة أخرى حول الإلغاء والإقصاء في الثقافة العربية وأشياء أخرى عالقة تنتظر الوقت والتفرغ..

-ما هو عنوان آخر ديوان قرأتموه ؟

فيزياء للصديق الشاعر عبد القادر رابحي

-كمسك للختام ما يقوله للقارئ العربي ؟

ما نحتاجه حقا هو قارئا عربيا..مع بالغ الود

 

 

 

التعليقات