سفيرنا في الصين .. صباح الخير

كتب غازي مرتجى
لم أعتد سابقاً على ارفاق ايميلي الشخصي عند كتابة مقالاتي , ولا فتح باب التعليق ليس إلاّ لعدم قدرتي على الرد على الجميع ولا استطيع ان اجد تعليقاً أو رسالة عبر الايميل ولا أرّد عليها فمن انتقدني ومن آزرني سواء , وللطرفين علي حق ويجب الرد عليهم , في مقالي الأخير أرفقت البريد الالكتروني الشخصي الخاص بي كنوع من الفضول لمعرفة ردود الفعل على المقال وكيف ستتعامل الأطراف مع قرع الخزّان .
بصراحة تلقيت اتصالين هامين من شخصيات وازنة ومنهم من له صلة مباشرة بالعمل في السفارات الفلسطينية بالخارج , شدّوا من أزري وأكدّوا لي أن هناك قصور كبير في عمل سفارتنا في الصين .
وفي حديثي مع بعض الاصدقاء ممن زاروا الصين كممثلين رسميين أكدّوا لي أنّ القصور ليس من شخص السفير وهو بحسب ما قيل لي مناضل وله إرث كبير وفي مقالي بالفعل لم أكن أعرفه ولم اقصد الاساءة لشخصه بقدر ما أردت ركل حجر في مياه سفارته الراكدة .
منذ صباح اليوم تلقيت عدد كبير من الايميلات , عدد لا بأس به آزر فكرتي ومنهم من "شكى" هم سفارات فلسطينية أخرى لست بصدد الحديث عنها فهناك وزارة خارجية ودائرة سفارات بمنظمة التحرير وباستطاعتهم التأكد وبامكاني ارسال ما وصلني لهم ليحققوا في الأمر لعلهم يرشدون , وايميلات اخرى كانت عبارة عن استنكار مجبول بالتهديد والدفاع عن شخص السفير الذي لم يمسسه مقالي بشخصه ..
من الإيميلات المجهولة التي وصلتني كانت بعنوان "صح النوم يا غازي مرتجى" ودخلت في نقاش مع صاحب الايميل المجهول , وفي مقالات المجهول أرسل لي الخبر الذي تحدثت به في مقالي امس يريد اثبات ان الوزير يعمل ويعمل وكما اسلفت في مقالي فآخر خبر كان في 2012 , وأرسل هذا الايميل بعدها مجموعة أخبار لا تمت بصلة لواقع عمل السفارة كتوقيع اتفاقية بين القدس المفتوحة وجامعة صينية مثلاً وزيارة وزير الاقتصاد الفلسطيني للملحق التجاري في السفارة الصينية في رام الله ويبدو أن الأمر التبس على "المجهول" واعتقد انّ سفيرنا يعمل في سفارة الصين في رام الله ! .. ما علينا
إيميل آخر وصلني من صحفي كتب مقالاً باسمه ونشرته مباشرة بعد دقائق معدودة من وصول الايميل , وعنون الصحفي مريحيل المقال :"صح النوم يا مدير تحرير دنيا الوطن" .. لا ألوم الصحفي على موقفه بالعكس ارحّب بالنقاش معه , لكن دفاعه عن شخص السفير وترك باقي المقال جانباً هو ما أحزنني , اورد الصحفي أربع أو خمس مواقف تثبت عمل السفير الفلسطيني في الصين ليثبت لي ان السفير يعمل ! .. وما راق لي بصراحة وجعلني بالفعل "أصحصح" تبريره انّ أهل الصين ادرى بشعابها وان السفير يعمل بصمت للصالح الوطني !
أنكر علي البعض استقائي المعلومات من "جوجل" وهذا غير صحيح فقد استقيت من جوجل فقط عدد الاخبار ونوعيتها المنشورة عن سفارتنا في الصين , أما حساب "ويبو" الخاص بشيمعون بيريز فقد قرأته بالعبرية على يديعوت أحرونوت , وشراء شركة صينية لـ"تنوفا" نقلته هآرتس وترجمته كافة الصحف الفلسطينية والعربية !
المهم .. أصدقاؤنا في الصين دافعوا عن السفير بطريقتهم , لا أعيب عليهم وأكرر دوماً أنّي لم أقصد السفير بشخصه فأنا بالفعل لا أعرفه ولم اسمع به سابقاً .. وأياً من كان في موقع سفير فلسطين في الصين كان سيصيبه مقالي بعيداً عن اسمه او تاريخه النضالي .. الخ
الصين من أكثر الدول تاريخياً دعماً للشعب الفلسطيني ,عضو بالمجلس الثوري لحركة فتح يقول لي انه زار الصين اكثر من 5 مرات وشاهد العلم الاسرائيلي في المتحف الرسمي في الصين واستغرب من ذلك .. ولم يزد !
ذات العضو يقول انه زار احدى المقاطعات في الصين وعدد سكانها 100 مليون صيني منهم 30 مليون مسلم ! , قاطعته بسؤال مباشرة :"وكيف استفدنا من المسلمين الصينيين قبل الصينيين الغير مسلمين" .. أجبته قبل أن يجيبني بأنّ مسلمي الصين قبل الصينيين الغير مسلمين ربما لا يعرفوا للقدس قبلة ومكانا ً فما بال الصينيين !.
اللوم ليس فقط على السفير الفلسطيني في الصين بل على وزارة الخارجية الفلسطينية وعلى القيادة الفلسطينية , ولا أنسى حركة فتح بمفوضية العلاقات الخارجية +الصين , فقبل السلطة وقبل الخارجية أول من فتح علاقات وثيقة مع الدولة الصينية كانت حركة فتح ولربما للصدفة الجميلة بأنّ خليل الوزير الذي يصادف ذكرى استشهاده غداً كان أول من زار الصين برفقة ياسر عرفات وهو من اسس للعلاقات الفلسطينية - الصينية .
الصين بحاجة الى سفير "قد حاله" ومجموعة كبيرة من "القناصل" بمرتبة "سفير قد حاله" لنتمكن من ايصال الصوت الفلسطيني على حقه وأصوله , وليس مشكلتي - كصاحب قضية- ان يعيش في دولة مليار مواطن ولكن مشكلتي ان لا أعمل بجد لأصل للمليار كاملاً بعيداً عن اي تبريرات واهية !.
العمل بصمت له دلالاته على الارض .. واسرائيل التي تعمل بصمت دائماً اخترقت الصين ودخلتها من اوسع الابواب واسالوا اهل العلم والمعرفة .. وليس معنى انك تعيش بالصين فانت من اهلها وادرى بشعابها !
اقترح يوماً ما السيد "بسام زكارنة" اقامة مدرسة لتعليم اللغة الصينية , فتعزيز الروابط الثقافية والانسانية والسياسية والاقتصادية كلها عوامل انصهار ضرورية لأي علاقات متينة ومبنية على اسس سليمة , فحركة حماس تقاربت مع تركيا فافتتحت عدد من المراكز الثقافية لتركيا في القطاع واصبحت دورات اللغة التركية "على قفا مين يشيل" ! , أضيف على اقتراح الاخ زكارنة انشاء مراكز ثقافية صينية في غزة وفي الضفة وفي الشتات ايضاً ولنبدأ حملة من اعادة ترميم العلاقات الفلسطينية - الصينية , ولا يجب أن نكون كما العادة "محموقين" على شخص دون الوطن .. فانتقادي كان لصالح اعادة الاعتبار للعلاقات الصينية الفلسطينية وليس لأمر آخر !.