نشرة الترقيات للعسكريين برام الله

نشرة الترقيات للعسكريين برام الله
بقلم: عبدالله عيسى

عادة عندما تواجه الدول أزمة داخلية أو خارجية تسارع إلى الإصلاحات الداخلية والأمثلة كثيرة خاصة في ظل تداعيات الربيع العربي وكيف واجهت بعض الدول العربية تلك الأزمة والبعض تنبه متأخرا جدا وبعد فوات الأوان حيث لم يعد مكانا للإصلاح ولا داعي لذكر الأمثلة .

تعودنا من السلطة الفلسطينية على القسوة المفرطة في التعامل مع العسكريين تحديدا وأولا ثم الموظفين المدنيين ثانيا .. لماذا وما الحكمة في ذلك لا اعلم .. لان هذا العلم لم أتوصل إليه بعد رغم محاولاتي المتواضعة قراءة التجارب العربية فلم أجد للسلطة مثيلا في هذه القسوة إلا دول سادت ثم بادت ونحن ننبه هنا لعل هنالك من يرى صوابا فيما نقوله .

هذه القسوة ليست عامة في السلطة فإما امتيازات لفئة منحتها السلطة كل سبل الراحة والأموال والامتيازات المبالغ بها مقارنة بإمكانات السلطة والقاعدة من الموظفين في الحضيض تأكل حقوقهم جهارا نهارا تمر سنوات على استحقاق الرتبة وعندما تمنح لهم تمنح السنوات بأثر رجعي أما امتيازات الرتبة من زيادة في الراتب فلا يحصل عليها العسكري .

هذا الوضع وغيره من ظلم فادح لا أريد أن أخوض بتفاصيله لأن اللبيب بالإشارة يفهم مما دفع البعض إلى الانحراف بالواسطة والمحسوبية ووسائل ملتوية من اجل الحصول على حق من حقوقه مما الحق ضررا امنيا فادحا بالسلطة .

في حالات الرخاء للسلطة لم تحسن ظروف أو حتى حقوق العسكريين وبقيت النشرة تتأخر السنة تلو الأخرى لأمر في نفس يعقوب وفي حالات الشدة تصرخ السلطة من أين نأتي بأموال لتغطية الترقيات .. ولكن المساواة في الظلم عدل أيضا فلماذا إصدار نشرة بترقيات إلى رتبة لواء لأربعة فقط أما كان بالإمكان أن ينتظر الأشاوس لحين صدور النشرة العامة .

يعني باختصار وكما قال عادل امام في مسرحية الواد سيد الشغال عندما شاهد ثلاجة الباشا مليئة باللحوم فسال خاله "هل يعزمون الفقراء على هذه اللحوم " فقال خاله :" لا انهم يعزمون الباشوات فقط " فقال عادل امام مستغربا ":" ناس عندهم لحمة عازمين ناس عندهم لحمة علشان ياكلوا لحمة  ؟؟!! ".

الترقيات والامتيازات هي تاريخيا في السلطة لناس عندهم لحمة عازمين ناس عندهم لحمة .. أي لمن لا يحتاجها فعليا .. وكما كان يردد أبو فراج في مسلسل ألف ليلة وليلة :" الدنيا ما بتديش محتاج ".

وعندنا السلطة لا تعطي محتاج مثل أبو فراج عندما يتعلق الأمر بالموظف وخاصة العسكري المطحون الذي ينتظر الترقية لرفع مستوى معيشته قليلا .

السلطة تواجه الآن أزمة خطيرة خارجية وقد يكون لها انعكاساتها الداخلية بأي لحظة وإسرائيل "شاده حيلها" على السلطة وأساليب الضغط الإسرائيلية لن تتوقف عند حد وفي الوقت نفسه السلطة في واد والسحابة السوداء التي تلوح بالأفق في واد آخر .. فلا تدرس السلطة لملمة الوضع الداخلي ولا تريد سماع رأي آخر من مفكرين أو كتاب ولا تريد تعزيز وحدة وطنية ولا تريد تقوية الوضع الداخلي للسلطة في مؤسساتها العسكرية والمدنية وتعزيز وضع حركة فتح الداخلي .. بهذا الوضع لا أرى الخيارات مفتوحة أمام السلطة بل أرى الخيارات مفتوحة على البحري على السلطة .

السلطة بحاجة الآن أن تنفتح على الجميع داخليا وان تستمع إلى كل الآراء واقصد مركزية فتح التي نراها تختفي عن الأنظار .. أين الحوارات الداخلية مع الجميع ولماذا لا تبادر إليها المركزية وأين الخطوات العملية للقفز عن الخلافات كي نقوي جبهتنا الداخلية؟ وأين الخطوات العملية لإصلاح الأوضاع الخاطئة للموظفين العسكرين والمدنيين حتى لو تكبدت السلطة ديون إضافية فلا مانع فالديون تسدد لاحقا واخف ضررا من أي ضرر قد يلوح بالأفق يجب أن تلغي السلطة شعور أي فئة بالظلم الآن وان تنفتح السلطة على فئات الشعب بلا تمييز وتقدم ما تستطيع تقديمه فالنوايا الحسنة مع قليل من الإمكانات ترضي الناس لان شعبنا أصيل وطيب ويحتاج فقط إلى أن يشعر بقليل من الاهتمام خاصة الفئات الأقل حظا في المجتمع من الفقراء وغيرهم .

التعليقات