دولة مستقلة بغزة فقط .. حقائق واسرار

دولة مستقلة بغزة فقط .. حقائق واسرار
بقلم: عبدالله عيسى
رئيس التحرير

كنت اقرأ عن مخططات إسرائيلية قديمة ويتحدث عنها الإعلام الفلسطيني والعربي وبصراحة لم اكن مقتنعا أن مخططات قديمة جدا ما زالت حية لدى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وكنت أقول أن الظروف تغيرت وأكيد العقلية الإسرائيلية القديمة قد تغيرت أيضا .

ولكن المخطط الإسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية بغزة اكد لي أن العقلية الإسرائيلية لم تتغير .

وسأتحدث هنا عن مخطط إسرائيلي قديم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة بقطاع غزة فقط تمتد حدود هذه الدولة المستقلة بعمق 70 كيلومترا داخل الأراضي المصرية في سيناء لغاية العريش بحيث تحل هذه الدولة كل التزايد السكاني الفلسطيني واللاجئين .

ومنذ سقوط نظام الإخوان المسلمين بمصر تناول الإعلام المصري اتهامات لمحمد مرسي بالموافقة على طلب أمريكي بمنح مسافة 70 كيلومترا داخل سيناء لصالح دولة فلسطينية بغزة ورغم هول الاتهام لمرسي إلا انه حتى الآن لم يوجه اتهام رسمي صادر عن أي جهة حكومية أو قضائية مصرية للرئيس السابق بخصوص التنازل عن جزء من سيناء لصالح دولة فلسطينية " حسب متابعاتي الإعلامية " والتفسير الموضوعي إما أنها أفكار أمريكية طرحت على مرسي ولم تحصل أمريكا على موافقة مرسي أو أن الإعلام المصري أضاف هذه القصة بإطار الحملة الإعلامية ضد الإخوان .. الحقيقة غائبة في هذا الموضوع في ظل الصمت الرسمي المصري عن قضية موافقة مرسي على الطرح الأمريكي أو عدم موافقته.

ولكن إسرائيل طرحت الموضوع بقوة في عام 1979 عندما عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن على الرئيس المصري أنور السادات التنازل عن 70 كيلومترا داخل سيناء لغاية العريش لضمها لقطاع عزة .

قبل سنوات وفي اجتماع في القاهرة بين الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك والرئيس الفلسطيني " أبو مازن" روى مبارك قصة كان شاهدا عليها عندما كان نائبا للرئيس السادات .

وروى محدثي قائلا:" قال مبارك أن بيغن عرض على السادات التنازل عن 70 كيلومترا من سيناء لصالح دولة فلسطينية بغزة مقابل أن تحصل مصر على مساعدات هائلة ومفتوحة وكل طلباتها أوامر ".

ويقول الراوي:" مبارك أخذ يقلد السادات في لهجته وأسلوب حديثة المميز والمعروف للتأكيد على الرواية قائلا:" أجابه السادات بالإنجليزية " never لا تعيد علي هذا الكلام مطلقا .. اياك واحذر معي في هذا الكلام ".

رفض السادات بشكل قاطع مجرد بحث هذا الاقتراح .

بعد إقامة السلطة وفي عام 1997 اتصل الملك حسين بالرئيس أبو عمار هاتفيا وطلب منه إرسال قيادي فلسطيني إلى عمان لبحث أمور مهمة .. وفعلا ارسل أبو عمار عضوا باللجنة المركزية لحركة فتح إلى عمان  .

اجتمع الملك حسين مع عضو مركزية فتح وتحدث بإحباط شديد وقال :" لقد خضت مع الإسرائيليين مفاوضات طويلة وعسيرة للتوصل لصيغة للحل النهائي للقضية الفلسطينية وطرحت عليهم كل الأفكار الممكنة للخروج بحل يرضي جميع الأطراف

فاغلق الإسرائيليون كل الطرق والحلول وطرحوا حلا واحدا فقط وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة بغزة فقط  .. وهو حل ارفضه وانتم ترفضونه ".

بعد هذا الحديث بعامين اتصل بيرس بالرئيس أبو عمار بغزة وقال انا قادم إلى غزة ومعي بشرى .. حاول أبو عمار فهم شيء عن هذه البشرى إلا أن بيرس رفض الإفصاح وقال عندما نلتقي نتحدث .

وصل بيرس إلى غزة بالمروحية وهبطت في مطار أنصار وارسل أبو عمار شخصية سياسية في استقباله وأوصاه " حاول أن تفهم من بيرس ماذا يحمل في جعبته" .. استقبله المسؤول الفلسطيني الذي قال :" تحايلت على بيرس كي افهم ماذا يحمل فرفض الحديث وقال الحديث مع الرئيس عرفات فقط في هذا الموضوع" .

ويقول المسؤول الفلسطيني:" تحايلت عليه وألححت بطرق شتى حتى نطق بيرس كلمات بالإنجليزية "state in gaza " .

وصلنا إلى مقر أبو عمار في المنتدى بغزة ونزلنا من السيارة وأسرعت جانبا واتصلت بابي عمار هاتفيا على عجل وقلت له ما قاله بيرس بالإنجليزية دون زيادة أو نقصان ".

وصل بيرس الى مكتب أبو عمار وفتح موضوع البشرى بان إسرائيل توافق على إقامة دولة مستقلة بقطاع غزة وتوفر لها كل إمكانيات الحياة والمساعدات .. تجهم أبو عمار وسأل بيرس :" والضفة والقدس ؟" فقال بيرس :" العرض الذي احمله هو غزة فقط .

غضب أبو عمار وقال لبيرس عرضك مرفوض قطعيا .. الدولة الفلسطينية المستقلة غزة والضفة وعصمتها القدس .

وانتهى الاجتماع فاشلا بلا اتفاق .

حماس أعلنت موقفها الواضح والصريح من إقامة دولة مستقلة بغزة بانه عرض مرفوض جملة وتفصيلا عندما أثير الجدل العام الماضي .

إذن كافة الأطراف الفلسطينية ترفض خطة إقامة دولة فلسطينية مستقلة بغزة لوحدها بدون الضفة والقدس .

وان صحت رواية الإعلام المصري "لأنه لم يعززها حتى الآن أي مصدر مسؤول حكومي مصري بان أمريكا عرضت على مرسي التنازل عن جزء من سيناء لصالح دولة فلسطينية " فان القضية تحتاج لتضافر كل الأطراف الفلسطينية والعربية وتنسيق جهودها لإفشال مخطط خطير كهذا ".

التعليقات