الكاتب والأكاديمي الجزائري علاوة كوسة في حوار لدنيا الوطن: "في المشهد الأدبي الجزائري أسماء لا تنطلق

الكاتب والأكاديمي الجزائري علاوة كوسة في حوار لدنيا الوطن: "في المشهد الأدبي الجزائري أسماء لا تنطلق
الجزائر - دنيا الوطن رياض وطار

يتطرق الناقد والمبدع والدكتور الجامعي  وصاحب المرتبة الثانية لجائزة الشارقة في المسرح في دورتها السابعة عشرة موسم 2013- 2014 علاوة كوسة في هذا الحوار، الذي خص به موقع دنيا وطن، عن مواضيع متعددة ومتنوعة تتعلق بواقع الأدب والنقد في  الجزائر وكذا عن إصداره الأخير المعنون ب "  أوراق نقدية في الأدب الجزائري-شعراء قصة و مسرحا- " الصادر عن جمعية نبراس الثقافية المتواجدة بمحافظة سطيف تقع على بعد 300 كلم شرق الجزائر.

-ممكن تعريف موجز عن شخصكم الكريم للقارئ العربي.

علاوة كوسة كاتب وأكاديمي جزائري من مواليد سطيف من عام 1976،باحث متخصص في الأدب الجزائري،ويشتغل على موضوعات وقضايا أدبية كثيرة تخرج عن دائرة التخصص،صدرت لي أكثر من سبعة أعمال في الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدا والشعر والنقد ،وفي المسرح أيضا،وفي كل هذا هي تجارب كاتب وباحث شاب في بداية المشوار.

-نلتم مؤخرا المرتبة الثانية لجائزة الشارقة في المسرح هل كنتم تتوقعونها وكيف كان رد فعلكم عند سماعكم بالخبر؟

- حين تكتب بعمق وبصدق وبإرادة وتحدّ وتواضع أيضا فإنك تتوقع أن تكتب يوما ما نصا جميلا، وأنا كنت أتوقع فعلا أن النص المسرحي"بين الجنة والجنون "نص متميز من حيث الفكرة والطرح وجماليات الكتابة المسرحية،لذلك لم أتفاجأ وأسعدني الخبر بالفوز كثيرا رغم أنني حصدت جل الجوائز الوطنية في الشعر والرواية والقصة القصيرة وأهمها جائزة رئيس الجمهورية للرواية والجائزة الوطنية للرواية القصيرة وجائزة العلامة ابن باديس في الشعر والرواية و..لكن جائزة الشارقة فتحت أمامي آفاقا أرحب للكتابة وغيرت منحى تفكيري في التعامل مع قدراتي في عالم النص.

-ماذا تعني الجوائز بالنسبة لكم ؟

-صدقا أجيبك،سعادتي دوما تقترن بما أكتب وأحس أنني على السكة،ولكن الحاجة إلى الجوائز أيضا ملحة ،ليس في جانبها المادي فقط، بل لأنها تحفزك وتجعل بعضا ممن يعتقدون أن الجوائز معيارا للتفوق والجودة ينتبهون إليك وأنت حينها لست في حاجة إلا لإعادة قراءة ذاتك والتواضع أكثر،والاعتقاد بأن النصوص الرائعة والرائدة قد لا تنال جوائز أبدا، وستعرف وتنال حقها ولو بعد ألف عام.

-تكتبون القصة والرواية والشعر وتشتغلون على النقد ما هي الأقرب لكم وأين تجيدون راحتكم .

-الأجناس الأدبية في نظري جنس واحد يتخذ أشكالا وحلا فقد تساعد الدارسين والأكاديميين في مقارباتها والبحث في نظرياتها وتشكيلاتها من الداخل،وأنا حين أفكر في الكتابة لا أضع فوارق أجناسية أبدا وأختار الفكرة تختار حلتها وجنسها الأنسب،ورغم أنني متعدد أجناسي من الشعر إلى الرواية فالقصة القصيرة والقصيرة جدا ،فالنقد فالمسرح فكتابة السيناريو،إلا أنني أحب أن أصير يوما شاعرا بحق وذلك كمن ينتظر النبوة في كهف من ألف عام ولا يضيع وقت انتظاره إلا في كتابة ذاته شعرا ونقدا ومسرحا وقصة ،ووراء كل كتاباته شاعر ينتفض.

-قيل الكثير عن النقد في الجزائر وهنالك من اتهمه بالتحايل والوقوف في صف مبدع على حساب آخر ومنهم من يرى أن النقد هو الغائب الأكبر في المشهد الأدبي كناقد ما رأيكم في هذا القول؟

-أصارحك بشيء خطير،إذا كانت الدراسات الأكاديمية المنوطة بتتبع المنتج الأدبي الجزائري والعربي والعالمي قد حادت عن دورها في كثير من الأحيان لدوافع علمية وشخصية صار يعرفها العام والخاص،فكيف تتوقع لدوائر علمية أخرى أن تتلقى هذا المنتج الأدبي بروح علمية وإرادة قرائية؟؟وإذا كان بعض النقاد والأكاديميين يرفضون لطلبتهم أن يتناولوا عملا بالدرس والنقد لدوافع شخصية مع صاحب العمل والأديب؟؟فما الذي تنتظره من النقاد،ولكن بالمقابل هناك متابعات نقدية جادة لنقاد جزائريين يشتغلون على المنتج الأدبي الجزائري والعربي بروح علمية بالغة جدا،ويصنعون المشهد النقدي في الجزائر بصمت وتقنية وبلا رياء ودون إشهار أو تشهير،وعليه فإنني أرى أن هناك تجارب نقدية معاصرة تستحق الثناء،وأن هناك كثير من الأعمال النقدية المصاحبة للأعمال الأدبية،ولكن لم ننتبه إليها لعوامل كثيرة.

وربما لأن أدباءنا يريدون من نقادنا أن يكتبوا عنهم ما يرضيهم فقط وهذا لا يليق بالأقلام الناقدة الشريفة؟

ماهو واقع الإبداع في الجزائر؟

-في الجزائر  ظهر جيل من الأدباء يحسن قراءة إرث سابقيه،يحترم الرواد ويفتخر بكتاباتهم،ويعمل على تجاوزها فنيا،وتلك قمة الثقافة وفهم المجايلة،وعلى الرواد تفهم ذلك وتشجيعه،في المشهد الأدبي الجزائري أسماء لا تنطلق من إيديولوجيا معينة ولا تؤمن برافد واحد لان ذلك لا يحقق اكتفاءها الجمالي والفكري في ظل عالم متغير لا محدود،الإبداع في الجزائر بخير وكل ما يقع من تدافع وحوار ونقاش يعد في خانة ثقافة الاختلاف، وعليك أن تتتبع بعض الأعمال الأدبية التي فرضت نفسها داخل الوطن وخارجه.

قمتم بمعية مجموعة من الأصدقاء بتكوين الرابطة الجزائرية للقصة  أين وصل مشروعكم وما تقييمكم لواقع كتابة القصة في الجزائر؟

-أسسنا الرابطة الجزائرية للقصة القصيرة لنخصص حيزا من المهرجانات والفعاليات الأدبية للقصة القصيرة بمعية كتابها ودارسيها ،والمتخصصون يعرفون أن هذا الجنس الأدبي يعاني عزلة في حيز الدراسات الأكاديمية وغيرها،رغم أن هناك تجارب قصصية رائدة وقيمة في الجزائر،وسيعرف المشهد الأدبي عودة قوية للقصة القصيرة والقصيرة جدا عما قريب ولعل الأعمال الصادرة في العشرية الأخيرة تثبت ذلك.

يرى بعض المتتبعين للمشهد الأدبي في الجزائر خاصة والعربي عامة أن عصر الشعر قد ولى واحتل مكانه عصر الرواية  هل تشاطرون هذا الرأي أم لكم ما تقولون؟

-يقول البعض:إن الجزائر صارت معروفة عربيا وعالميا بروائييها،وربما الأمر كذلك بعد أن احتلت أعمال الأعرج و مستغانمي وخضرة وغيرهم الصدارة َ الإعلامية بين إشهار وتشهير ولكن يبقى لكل جنس قراؤه ومريدوه،وتبقى في الجزائر تجارب شعرية تستحق الاحترام مهما قال العصر والمعاصرون،وفي الجزائر يتفوق المتن الشعري على الروائي كما وكيفا في اعتقادي رغم صعوبة المقارنة أجناسيا.

أصدرتم مؤخرا كتابا مهما عنوانه " أوراق نقدية في الأدب الجزائري-شعراء قصة و مسرحا- "ممكن تعطينا نبذة عن مضمونه وهل وجدتم صعوبة في إصداره خاصة وان الجميع يعلم أن النشر يعتبر هاجسا كبير بالنسبة للمبدع  الجزائري؟

-كتابي الأخير تناول بالدرس بعض القضايا الأدبية وبعض الأسماء أيضا،وكثير منها تعلق بإشكاليات التلقي النقدي للمنتج الأدبي الجزائري،كما كانت لي قراءات في تجارب شعرية،مسرحية وقصصية جزائرية،وليس لي أي مشكل مع النشر لأن سياسة الوزارة في الطبع واضحة وسهلة من جهة،ولأن هناك جهات عديدة تتبنى أعمالي ولعل العمل الأخير يبين ذلك وقد تم طبعه من طر النبراس الفدية سطيف التي عرفت بطبعها لأعمال أدبية ونقدية كثيرة رغم محدودية الإمكانيات .

هل تؤمنون بالمجايلة في الأدب وما رأيكم في الصراع القائم بين ما يسمى بأدباء الشباب والذين سبقوهم في المجال الأدبي؟

- كلنا محسوبون على الأدب الجزائري وأعتقد أن المجايلة ثقافة ُ أن تبدع وتنتظر ممن يكتب بعدك الأفضلَ لتفرح بخلَفك،وفي الجزائر حديث يطول عن المجايلة لكن في الأول والأخير القضية قضية نصّ وفقط بعيدا عن كل انتماء وسنّ وجنس.

كثيرا ما قيل عن الأدب الاستعجالي ممكن نعرف وجهة نظركم في الاختلاف القائم بين الأدباء حول هذا المصطلح؟

- لا أجد للأدب وجهين أبدا،الأدب أم تكتب ذاتك وعصرك وأحلامك بوسائلك وأدواتك الفنية،ولكن في مرحلة ما من عمر الوطن الحبيب ظهرت كتابات كادت تكون تسجيلية  هي أقرب إلى الكتابة الصحفية منها إلى الأدب،فأراد البعض إلصاق صفة الاستعجالية بها،وما أدركوا بأن العجلة قد لا تتعلق بزمن الكتابة ولا بالزمن المتحدث عنه كتحقيب ما،ولذلك على الدارسين أن يتناسوا تلك التسمية والصفة"الاستعجالية"وأن ينظروا إلى النصوص من حيث فنياتها وفقط.

هل ترون أن الصراع الذي كان قائما بين الفرنكوفونيين والمعربين لا يزال قائما أم طوي كما يطوى الكتاب ولما ترجعون أسباب قيامه؟

- هناك صراع بالفعل،وليس المشكل هنا،إنما الإشكال في أن تتخذ قضية لغة الإبداع حيزا من النقاش بين الطرفين وغيرهما،أعتقد أن الإبداع أسمى من اللغة التي ينكتب داخلها فيكتب بها،فكثير من المبدعين الذين كتبوا بالفرنسية كانوا أقرب إلى جزائريتنا من المعربين والعكس صحيح، لذلك من الأجدر أن نخرج قضية لغة الكتابة من دائرة الوطنية وصراع الأنا والآخر ونعتبرها أفضلية وأداة أخرى لنكتب جزائريتنا بلغات عديدة والجزائر تستحق أن نكتبها بكل لغات العالم.

ماهي المكانة التي يحتلها الأدب الجزائري في المشهد العربي؟

-بعيدا عن الذاتية،يحتل أدبنا الجزائري مكانته الكبيرة في المشهد الأدبي العربي ،وذلك رغم أننا لا نحسن تسويق تجاربنا  الأدبية ولا نحسن الاحتفاء بأدبائنا ونقادنا ومفكرينا،وكانت لي جولات عربية عديدة في محافل أكاديمية وغيرها وأحسست بما يقوله ويكنه الآخر للمنتج الأدبي الجزائري في النقد والترجمة والأدب عموما،واحترت كيف أننا في الجزائر لا نقيم أهراما لهؤلاء الأهرام الحقيقيين ومنهم الشباب أيضا.

هل يمكن ان نتفاؤل خيرا للادب الجزائري ببروز أسماء أخرى يكون لها صيتها عربيا ولما لا عالميا؟

-أحس دائما أن في الجزائر أسماء كبيرة لم تنل الجوائز ربما ولم تعشق الأضواء ولكنها تصنع الفارق وتهب الجزائريين الفرح كثيرا ،ولك أن تتخيل أن بعض أعمال نقادنا ومترجمينا وشعرائنا تدرس في كبرى الجامعات العربية والعالمية التي لا تعرف المجاملة والمحسوبية،وتهمش ولا نفيها حقها في دوائرنا الرسمية وغير الرسمية وتركنا الأمر لغير أهله

هل من مشاريع مستقبلية؟

-لدي أعمال أدبية تصدر قريبا في الرواية والمسرح والنقد والقصة،وأكبر مشروع أنتظره هو الموسوعة الشعرية الكبرى التي تتضمن ما يفوق ألفا ومئتي قصيدة شعرية  جزائرية وعربية وعالمية عن الوطن الحبيب الجزائر،وذالك أقل ما يمكن أن أقدمه لهذا الوطن الحبيب.

ماهو عنوان الكتاب الذي تطالعونه حاليا ؟

- بصدق أنا أقرأ بمعدل عشر ساعات يوميا ولذلك لا تتفاجأ إن أخبرتك أنني أقرأ أحيانا أكثر من كتاب في اليوم،ومن جهة أخرى أنا أخصص هذه الأيام وقتي لدراسة أعمال نقدية في السرد لحاجتي الأكاديمية وأقرأ حين أستريح منها أعمالا إبداعية أيضا،لذلك لا حصر للعناوين التي تمر أمامي في مكتبتي المتواضعة يوميا، لانني أعتقد أن الكاتب عليه أن يقرأ كثيرا ويقول أقل.

كمسك الختام ما يقوله علاوة كوسة للقارئ العربي؟

-أشكركم على هذه الفسحة للحديث إلى قرائي ومتتبعي الشأن الأدبي وطنيا وعربيا،وأتمنى أن يطول العمر إلى حين لأقول ولو قليلا مما في القلب،ولا أنسى أن أسلم على كل أساتذتي الذين أتذكرهم في كل محطة جديدة فإن أصبت  فمن الله ومنهم وإن أخطأت فسيعذرونني لأنهم الأدرى بطبعي وحدود مقدرتي.


التعليقات