الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين يوجه رسالة مفتوحة إلى قادة الأمة العربية

رام الله - دنيا الوطن
إنطلاقاً من ميثاق الاتحاد ورسالته فى السعى لمصالح الامة، وتقديم النصح بالحكمة والموعظة الحسنة لولاة الامور، فإن الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين يتوجه إلى قادة الأمة العربية الكرام المجتمعين فى قمة الكويت بأصدق التهنئة والمباركة، وأخلص الدعاء بالتوفيق والسداد. فلو كانت لنا دعوة مستجابة
لخصصناها لهم.

وبهذه المناسبة فإن الاتحاد يهيب بالقادة المجتمعين إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الله تعالى، ثم التاريخ، فى صيانة وحدة الأمة، وتعزيز استقرارها فى وجه التحديات والمخاطر، التى تهدد كيانها بشكل لم يسبق له مثيل فى التاريخ.

وإن الاتحاد ليستنهض فيكم أيها القادة معانى العزة والكرامة، ويدعوكم إلى تجاوز الخلافات البينية، وتغليب المصلحة المشتركة بالإنصات إلى صوت العقل، والمنطق، واستحضار تطلعات الشعوب، وهى تنتظر ما ستتخذونه من قرارات، وتطمح
طموحاً مشروعاً فى أن تعيش وتنعم كما تنعم شعوب العالم من حولها بالحرية، والأمن، والرخاء، لاسيما وأن الله قد أنعم على هذه المنطقة بالخيرات الوافرة، والموارد الهائلة، والعقول المبدعة، وهى العوامل نفسها التى كانت سبب الرقى والازدهار لدى الشعوب الاخرى.

إننا نحمل إليكم عبر هذا الخطاب صراخ الارامل واليتامى، جراء تدمير البيوت وإقامة المستوطنات غير الشرعية، والحصار الظالم على غزة والضفة، ومعاناة المحاصرين فى فلسطين السليبة، والقدس الأسيرة، التى يراد تقسيمها بل هدمها بالكامل، لتستشعروا ضخامة الأمل الذى تنتظره منكم أمتكم وشعوبكم.

إن قمتكم هذه تنعقد فى ظرف تتكالب فيه التحديات الخارجية على الأمة، مهددة وحدتها القومية، وهويتها الحضارية، وعلاقاتها البينية، بينما ما تزال مشاريع  الوحدة، والتنمية الاقتصادية، والمشاركة السياسية، بعيدة عن سقف آمال الشعوب،
ومتطلبات المرحلة، وأنتم وحدكم أيها القادة من تملكون قرار تحقيق هذه الآمال حينما تتعاونون على خطة استراتيجية تعالج المشكلات القائمة، وتحاصر التحديات المتوقعة، وتداوى جراح الماضى وآلامه.

انكم أيها القادة الكرام بالرجوع إلى شعوبكم، والمصالحة فيما بينكم، واستشعار الخطر الذى يتهدد أمتكم فى واقعها ومستقبلها، بذلك تنزعون فتيل الاضطرابات، وتقطعون الطريق على الكائدين، وتعبؤون طاقات أمتكم، وشعوبكم، فى معترك التحدى
الحضاري، فى البناء والتنمية والسلم الاجتماعي. وستكون شعوبكم جنوداً أوفياء لتحقيق هذا المسار، وحراساً ساهرين على حمايته واستمراره، قال تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ )}آل عمران 103 { ومن فضل الله تعلى أن الثوابت المشتركة كثيرة جداً، فعلينا أن نجتمع عندها وأن يعذر بعضنا البعض فى الأصول الاجتهادية.

إنكم بلا شك ترون ماحدث ويحدث فى سوريا الأبية، حيث دمرت البلاد، وقتل العباد واستعملت جميع أنواع الاسلحة بما فيها الاسلحة الكيماوية التى سلبت من الحكومة حتى تدمر وكأن الشعب السورى ضحا بكل هذه التضحيات لتستفيد منها الدولة المغتصبة إسرائيل.

إننا نناشدكم الله والرحم والإنسانية بالاتفاق الكامل على حل هذه المشكلة حلا جزريا كما نناشدكم أن تهتموا بوضع العراق وحل مشاكله وأن تمنعوا نار الفتنة الطائفية التى بدأت تشتعل لتأكل الاخضر واليابس.

أيها القادة الكرام لا يخفى عليكم وضع مصر فى ظل الانقلاب العسكري، وما ترتب عليه من المآسى المستمرة، وانتهاك حقوق الانسان، والحكم بالإعدام بالجملة التى تصل الى المئات مرة واحدة.

اننا نحملكم المسؤولية أمام الله تعالى بأن تقفوا مع الحق، وتوقفوا هذا النزيف الدائم، وتعيدوا مصر الى قوتها وأمنها من خلال حل توافقى يرضى الجميع.

أيها السادة القادة انكم فى لحظة تاريخية فارقة، فاستشعروا المسؤلية الملقاة على عواتقكم تجاه شعوبكم وأمتكم، بل تجاه العالم الاسلامى والبشرية كلها.

قال تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]

التعليقات