الرئيس أبو مازن .. والقمة الفاشلة

الرئيس أبو مازن .. والقمة الفاشلة
كتب غازي مرتجى
أكاد أجزم أنّ عدد كبير من المواطنين والمتابعين يجهلون موعد القمة العربية في الكويت , بل ربما يمر خبر "القمة" مرور الكرام ولا يأبه له المتابع .. كم الفشل الذي مُنيت به القمم العربية السابقة وثقافة البيانات الفارغة التي حفظناها عن ظهر قلب أصبحت في ظل ما يُسمى الربيع العربي أو ردّاته في خبر كان !

في حديثي مع أحد المسؤولين الكبار أكّد لي أن الرئيس أبو مازن يعتبر القمة العربية طوق النجاة له ولمشروع المفاوضات , وبحسب المسؤول فإنّ تحمّل مسؤولية فشل المفاوضات يجب أن يكون عربياً .. وكذلك نجاحها .. فمعنى نجاح المفاوضات بحسب المعارضة والشارع تفريط وتنازل والكلام على لسان المسؤول ..

الرئيس أبو مازن توجّه إلى القمة العربية حاملاً مخرجات لقائه مع أوباما , فالرئيس الفلسطيني يريد الحد الأدنى من حقوق شعبه والرئيس الأمريكي يريد تلبية الحد الأقصى من مطالب اليمين الإسرائيلي , وفي هذه المعادلة لا يُمكن لـ"أبو مازن" الاستمرار إلى ما لا نهاية , فما يحاول الرئيس الأمريكي فرضه صعب للغاية على الرغم من الامتيازات التي ربما تُنسي الشارع الفلسطيني أي "اتفاق منقوص" .. لكن الرئيس يفكر دوماً بـ"التاريخ" .

عودة إلى القمة العربية الفاشلة قبل أن تبدأ فتمثيل الإمارات الضعيف وليبيا المفككة والمخطوف رئيس أركان جيشها , والعراق المأزوم , وانسحاب قطر , وغياب تمثيل 7 دول , وأزمة مصر , ومشاكل الإخوان المسلمين .. و و و , كل تلك العقبات حكمت على القمة العربية بالفشل قبل أن تبدأ , وعليه فإن طوق النجاة الذي اعتقد الرئيس أنه سيكون بصالحه أصبح "فقاعة" ..

المفاوض الفلسطيني لديه خيارات عدّة , وبصراحة فإني أتفجّر غيظاً يوم أن أسأل أي مسؤول فلسطيني عن تلك الخيارات فكأنه حفظها عن ظهر غيب يبدأ بالحديث عن مؤسسات الأمم المتحدة ومن ثم عن المقاومة الشعبية , وكلا الخيارين فاشلين .. فقرار التوجّه لمؤسسات الأمم المتحدة يحتاج وقت طويل للغاية ونتائجه عادية جداً , فها هي دولة فلسطين انضمّت لمنظمة "اليونسكو" ولم نقرأ استنكاراً واحداً عن انتهاك اسرائيلي لتراث فلسطيني .. أو عن انتهاك اسرائيل لحرمة المقدسات في مدينة القدس !

أما عن المقاومة الشعبية فلا معنى لتظاهرة يشارك بها مائة شخص اسبوعياً دون أن تكون النتائج فورية .. فنشطاء بعلين ونعلين والنبي صالح يناضلون منذ سنوات وهم أرباب المقاومة الشعبية لكنّهم يوماً ما سيملّوا ويضجروا ..

معنى المقاومة الشعبية هي إسقاط نظرية "الربيع العربي"  على وضعنا الفلسطيني , بخروج مئات الآلاف من الفلسطينيين نحو الجدار الفاصل ونحو المستوطنات والاعتصام هناك لمدة لا تزيد عن شهر وحينها ستكون النتائج مرضية ..

أما بالنسبة لخيارات الرئيس ابو مازن والمفاوض الفلسطيني فهي متعدّدة وسهلة ويمكن تنفيذها .. فقرار التوجّه إلى روسيا والصين ليس صعباً , بل إنّ غالبية الدول العربية توجّهت نحو روسيا لضمان عدم "لعب" أمريكا بهم كما لعبت بحلفائها .. ومبارك وبن علي وعلي حاضرون ..

التوجه نحو الدب الروسي سيضمن توازن مهم للمفاوض الفلسطيني , وكما تمكنّت إيران من انتزاع اتفاق مع الولايات المتحدة , من المؤكد أن الرئيس أبو مازن سيتمكّن من انتزاع ما يصبو اليه .. وهذا الحل الأسهل برأيي ..

أما اتخاذ قرار بتصعيد المقاومة الشعبية على طريقة "الربيع العربي" فهي تحتاج لقرار سياسي وإرادة شعبية عالية وتخطيط وتنظيم كبيرين .. لكنها ليست مستحيلة , وستجد نتائجها أسرع من أي خيار آخر .

الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان على موعد مع لقاء مع قادة الخليج , لكن وبسبب الخلافات والازمة الأخيرة مع قطر فإن الرئيس الأمريكي أكّد أن القمة ستفشل طالما استمرّت المشاحنات الخليجية .. فما بالكم بالقمة العربية لو أضفنا إليها ما تعانيه الدول غير الخليجية من أزمات ومشاكل ومشاحنات داخلية وخارجية ! .. القمة العربية فاشلة قبل أن تبدأ , والرؤساء العرب كلٌ منشغل بمشكلاته الداخلية .. وفلسطين آخر ما سيفكّرون به ..