عاجل

  • (الجزيرة): الشرطة البريطانية تعتقل عددا من المتظاهرين الرافضين للحرب على غزة

  • طائرات الاحتلال تستهدف شقة سكنية في عمارة السلام قرب دوار الخور بحي تل الهوا جنوب غربي مدينة غزة

أوراق سياسية يوم الكرامة لفاروق القدومي

أوراق سياسية  يوم الكرامة لفاروق القدومي
أوراق سياسية

يوم الكرامة 21/3/1968 

بقلم : فاروق القدومي ابو اللطف

سألني أحد الاخوة قبل أيام عن معركة الكرامة بعد ان سمع الكثير عنها ، و خاصة في برنامج شاهد على العصر ، فقلت له : ان هذه المعركة كانت نقطة انطلاق في الثورة الفلسطينية ، فقد كان الصمود الفلسطيني لابناء فتح صورة مثالية و نموذجا لكل من يريد ان يكسب دعم الجماهير و مساندتها من اجل التحرير .

وجد في الكرامة عدد من أعضاء قيادة فتح الاخوة : ابو عمار – الشهيد أبا اياد ، الشهيد ابو صبري ، و ابو لطف مع ما يزيد عن ثلاثمائة و ثمانين مناضلا في ذلك الموقع .

كنا نشاهد السيارات العسكرية الإسرائيلية في الليل و هي تنحدر من الكترات "التلال الغربية" الى ضفاف النهر في الناحية الغربية فأدركنا ان المعركة قائمة لا محالة ، و هنا جمعنا المناضلين و قلنا لا بد من الصمود مهما كلفنا ذلك من ضحايا ، و كانت موافقة المناضلين كاملة و حماسهم جارف ، و خرج من بينهم الشهيد البطل "ابو شريف" الذي كان يعمل نجارا في السابق بنابلس و طلب ان يرافق عشرة مناضلين بسلاحهم ليأخذوا مواقعهم على حافة النهر لمواجهة الجيش الإسرائيلي عند اقترابه و كان يحمل معه مدفع هاون عيار 60 ، إذن كان قرار القيادة هو الصمود و كان حماس الفدائيين عظيم .

دارت المعركة في الصباح الباكر ، بدأها العدو الصهيوني بقصف مواقعنا بالطائرات الحربية و لما بزغت الشمس بدأ الزحف لما يقرب من عشرة آلاف جندي إسرائيلي بدباباتهم و مدافعهم الثقيلة على طول الواجهة الشرقية لنهر الأردن ، من الكرامة الى المناطق الجنوبية تصدى الشهيد البطل ابو شريف رحمه الله مع رفاقه الشهداء لهذه القوات و ابلوا بلاءا حسنا و ناولوا الشهادة .

عندما قطعت القوات الإسرائيلية النهر و بدأت تصل الى أطراف بلدة الكرامة طلبت القيادة العسكرية منا ان ننسحب الى عرق الجبل ، فبدأنا الانسحاب الى ان وصلنا أطراف الجبل ، و كانت هناك دبابات الجيش الأردني الباسل قد تمرست في قعر الجبل في انتظار القوات الإسرائيلية التي اصطدمت بالفدائيين في الكرامة و على ضفاف النهر ، و كان عدد من الفدائيين يحمل أحزمة ناسفة و يقذف بجسده على الدبابة ، كان معهم كما اذكر طالب كان يدرس في ألمانيا جاء لينضم للثورة " الشهيد ربحي" و استمرت المعركة من الصباح حتى العصر ، و كانت القوات الأردنية تقصف القوات المعتدية بعد ساعة من الهجوم قصفا مركزا فاستطاعت ان تدمر العشرات من آليات العدو و أصابت فلوله بالإرباك مما زاد من خسائره و اغتنم الفدائيون حالة الإرباك و أوقعوا مزيدا من الخسائر بين جنود العدو الصهيوني ، و قامت المدافع الأردنية المنصوبة فوق الجبل المموهة بذكاء كانت تقصف فلول الغزاة الصهاينة ، مع ان الطائرات الإسرائيلية كانت تحلق فوقها لتتعرف على أماكنها لقد استشهد منا ثلاث و تسعين فدائيا .

كان الأخ صلاح التعمري يشرف مع الممرضة المناضلة الأخت أم يوسف التي التحقت بالثورة – على أشبال الثورة و قد بنى الأنفاق ليستريحوا فيها ، و عندما وصلت قوات العدو الى هذه الأنفاق ترددت في دخولها و لكن أمطرتها بوابل من الرصاص و سلم الأشبال.

بعد ساعة من المشي وصلنا الى سفح الجبل و هناك جمعنا الشهيد ابو صبري بصفته القائد العسكري و طلب منا ان ننتظر حتى خروج آخر فدائي من الكرامة حتى غابت الشمس و تابعنا السير فكنا آخر من وصل عمان في اليوم التالي وظن الاخوة أننا استشهدنا .

كانت القوات الأردنية الشقيقة بقيادة المغفور له اللواء مشهور حديثه مع هيئة أركانه تضرب قوات العدو بقوة فسقط الشهداء و الجرحى و سال دم أبناء الضفتين على الثرى المقدس .

و لما علم المغفور له الرئيس جمال عبد الناصر بالمعركة و بالصمود الفلسطيني أرسل وفدا من العسكريين مع ضباط من الاتحاد السوفيتي ليروا آثار المعركة و ليقيموها ، و كانت هناك في غور نمرين دبابة إسرائيلية قد احترق قائدها و تفحم ، و آليات أخرى مبعثرة بعد ان سحب العدو معظمها ، و في تلك المنطقة غور نمرين كان الأخ نصر يوسف مع مجموعة و أخ آخر كان معنا و هو الأخ ابو يحيى و غيرهم من الشباب الذين استشهدوا او كتب لهم الحياة مرة أخرى .

لم يكن من المنظمات الفدائية ، أحد ، بل نصح البعض ان لا نخوض هذه المعركة و لكنها كانت فاتحة عهد صدقت عليها الآية الكريمة

"إذا جاء نصر الله و الفتح و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره انه كان توابا " صدق الله العظيم . على اثر ذلك تعمقت علاقاتنا بالمغفور له جمال عبد الناصر .

و هنا لا بد لنا من الإشارة الى المظاهرات الإسرائيلية الصاخبة التي جابت مدينة حيفا ، حيث خرجت هذه المظاهرات للاحتجاج على هذه المعركة و الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش فخاطبهم ليفي اشكول رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك : من يضع يده في وكر الدبابير ، لا بد ان يتحمل لسعها .

بعد ذلك بعام تشكلت الجبهة الوطنية الفلسطينية و أشرفت على منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الأخ ابو عمار ، فكانت نقطة تحول تاريخي في الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني .

التعليقات