مرحلة الجهاد الإسلامي !

مرحلة الجهاد الإسلامي !
كتب غازي مرتجى 

ما إن ازدادت الضغوطات على الرئيس أبو مازن لقبول اتفاق "كيري" وبحسب ما سربته وسائل الاعلام العبرية عن لقاء اوباما نتنياهو بان الأخير نجح في "اخماد" ثورة أوباما ضده     والتي كانت الصحف الأمريكية قد مهدّت لها بأن الرئيس الأمريكي سيستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ"دُش بهدلة" .

نتنياهو نجح بالسيطرة على انفعالات أوباما وما طمح إليه الرئيس الشاب لإحداث نقلة نوعية في سياسة الولايات المتحدة بحيث تتمكن من الاستمرار بفرض رؤيتها السلمية وانتهاء مدة الرئيس الأسود بإنجاز تاريخي وعد به الأمة الإسلامية يوم أن استلم مهامه الرئاسية متناسياً يومها دور اللوبي الصهيوني الذي دعمه وبأنه لن يتمكّن من السير بطريق غير المرسوم له . وبدأ بالتغيير - التخريب- في تونس ومصر وسوريا وليبيا .. والآن يحاول بكافة الطرق وعلى رأسها "البلطجة" فرض رؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .

نتنياهو فشل خلال لقائه مع أوباما بتغيير وجهة نظره الثابتة تجاه إيران ,ولم يتمكّن من الحصول على أي ضمانات من أوباما بشأن فزّاعة "النووي الإيراني" , وأثناء تواجده هناك أعطى الضوء الأخضر لآلته الإعلامية وكذبه المُتقن وتفنّن باختراع قصة "السفينة المُحملة بالسلاح" , إيران والجهاد الإسلامي من أهم أهداف نتنياهو الآن حتى يظهر أمام الرأي العام الإسرائيلي بأنه "المُخلّص وصانع السلام" معاً, لا أبالغ البتّة لو قلت أن بيد الجهاد الإسلامي وحدها مفتاح إنجاح أو إفشال أي رؤية سياسية قادمة !

لماذا ؟ .. حركة فتح مسؤولة بما هي مسؤولة عنه من حكم وعلاقات دولية تجعل دائرة المناورة لديها قصيرة للغاية وبحكم المعدومة أصلاً , وحركة حماس كما حركة فتح تماماً فهي تفتقد عنصر المناورة لأنها في الجانب الأول لديها من المسؤوليات والعلاقات والارتباطات ما يمنعها من أي "تخريب" , وكذلك فهي تعلم يقيناً أن أي "طرف حرب" سيجرها إلى معركة غير محسوبة المعالم وربما تُطيح بكل شيء .

اما الجهاد الاسلامي فارتباطه الوحيد بإيران وما ان استمرّت ايران بنهجها في "التُقية" والمُناورة واللعب على نغمات الفصائل البعيدة عن حدودها القريبة من فكرها فستستمر الجهاد الإسلامي كورقة ضاغطة قوية وكبيرة جداً في حسابات اي اتفاقات قادمة .. وهنا لا أستبعد أن تبدأ أي حرب قادمة بالجهاد الإسلامي ولا أستبعد أن تقدم اسرئيل على اغتيال قيادات كبيرة فيها طالما أن أكبر رأسين مطلوبين للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء .

الرئيس أبو مازن في موقف لا يُحسد عليه أبداً , فهو على يقين أنّ الولايات المتحدة تلعب الآن بقانون "إما أو" .. فإما أن تقبل بحل سياسي , أو ستلقى مصير سابقك .. 
وعلى الرغم من ذلك .. لا زلت مُصرّاً على أن السياسي الفلسطيني سيستخدم "الفشكة" الأخيرة لديه وهي محاولة تمديد المفاوضات بشروط تضمن "ماء الوجه" له لدى الشارع الفلسطيني . 

ما تعيشه الساحة الفلسطينية من إنقسام حاد لا يبشر بخير  , ففتح كما أسلفت في كثير من المقالات السابقة تعيش حالة من التيه وحتى اللحظة تمر بمآزق متعددة لم يكن آخرها حالة الهجوم الشديد ضدها من بعض ابنائها ؟ حماس حالها ايضاً لا يسر صديق او عدو , فقرار المحكمة المصرية الأخير كان رصاصة الرحمة ضد اي توجه سواء لدى حماس أو وسطاء لرأب الصدع المصري الحمساوي , واعلن بما لا يدع مجالاً للشك أن حماس أصبحت غير مرغوبة في مصر بأي شكل وطريقة , ولا ننسى الحصار المالي المُتعب .

لم يصل أي من الطرفين الى الاقتناع بالقانون الأمريكي "إما أو" , فلا زال في اللسان قليل من اللُعاب يستنفذه الطرفان لقذف المقابل باتهامات العرقلة وتشتيت الجهود .. واي من الطرفين لا يملك قرار التراجع خطوة للخلف .. وينتظر الأول الآخر للتراجع ..

الساحة الفلسطينية حبلى بالتطورات , وسنشهد يوماً بعد الآخر مشاهد صغيرة من "الفيسفاء" التي ستكون في طور الاكتمال في أي لحظة لكنها لن تتعدّى منتصف العام الحالي !