الاسرى ..خسرنا معركتهم في بيروت و ربحنا معركتهم في طرابلس

الاسرى ..خسرنا معركتهم في بيروت و ربحنا معركتهم في طرابلس
رام الله - دنيا الوطن
 بقلم اللواء الدكتور مازن عز الدين 
مرت الثورة الفلسطينية بمراحل عدة ولازال القادة الذين عايشوا القادة الاوائل والمؤسسين لحركة فتح يستذكرون اللحظات الجميلة والمواقف الجرئية للقادة الاوائل المؤسسين امثال الياسر وابو جهاد وابو اياد وغيرهم من الذين تحملوا عبء المسؤلية في بداية حياتهم وحولوا مجرى التاريخ.

خسرنا معركتهم في بيروت و ربحنا معركتهم في طرابلس

في مقاله الاخير كتب اللواء د.مازن الدين عدة مواقف مفصلية من تاريخ الثورة الفلسطينية ودور القادة العظام وذكر منهم أبو علي إياد القائد الفلسطيني الميداني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والقيادة العامة لقوات العاصفة عندما كان يقوم بزيارة إلى جنوب لبنان ويلتقي بقيادة المحاور والوحدات في منطقة العرقوب التي أخذت مسمى تم تداوله للدلالة على قدرة العمل الفدائي الفلسطيني على فرض نفسه في المعادلة اللبنانية ومنتزعاً اعترافاً إسرائيلياً بذلك المسمى هو "فتح لاند" مشيرا الى انه طالبهم العمل على إحضار أسرى من القوات الإسرائيلية حتى يتم انتزاع اعتراف أوسع بقدرات وتنامي قوة المقاومة الفلسطينية وفرض إراداتها بعملية تبادل لاستعادة الأسير الفلسطيني الأول محمود بكر حجازي، موضحا: "قبل أن يغادر كان قد أعطي تعليماته للعقيد عطا الله عطا الله (أبو الزعيم) قائد القوات الفلسطينية في لبنان للتنفيذ".

الدورية المميزة

وحول الدورية التي اوكلت اليها المخمة قال اللواء مازن عزالدين لقد قام العقيد أبو الزعيم بزيارة إلى قاعدتين من القواعد الفدائية في منطقة العرقوب القاعدة الأولي تضم الوحدة الضاربه ويقودها الملازم أول خيري أبو الحاج والقاعدة الثانية من الأشقاء من بني معروف (الدروز) ويقودها الملازم أول علي محمد محمود بديوى (أسد بغداد) وكلفهم بالتحرك ومهاجمة مقر القيادة العسكرية في مستوطنة المطلة.

وتابع عز الدين في سرده للقصة: "تم الاتفاق فيما بينهم على تشكيل الدورية المشتركة من القاعدتين الأولي بقيادة (أسد بغداد) وتضم 25 مقاتلاً من بني معروف والثانية بقيادة خيري أبو الحاج وتضم 25 مقاتلاً فلسطينياً وبعد أن أجريا الاستطلاع المتواصل في شهر ديسمبر 1969 قراراً معاً يوم 30/12/1969م انطلقت الدورية المشتركة من قاعدة الشهيد صلاح وموقعها إلى الجنوب من بلدة حاصبيا وإلى الشرق من قرية كوكبا وتوجهت إلى بلدة الخيام وتم قضاء ليله بكاملها ثم تحركت المجموعة ليله 1/1/1970 باتجاه مستوطنة المطلة وعادت الدورية لتنقسم إلى مجموعتين وتم الاتفاق فيما بينهما على خطة الهجوم على مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في المستوطنة.

وحول تفاصيل الخطة ذكر عضو المجلس الاستشاري: مع اقتراب المجموعتين من الهدف ظهر أمامهم حرس على احدي التلال المقابلة لهم فاحضروه وعادوا به دون أن يهاجموا الهدف المحدد للدورية، ولكنهم احضروا الأسير وعادوا به دون أي اشتباك، واتفق الملازم أول خيري أبو الحاج والملازم اول أسد بغداد على أن يتولى أسد بغداد إيصاله للقيادة، وفعلاً حملة أسد وذهب به إلى مرج عبون حيث يتواجد القائد (أبو علي إياد) الذي أمرهم بسرعة نقلة إلى بيروت، ومن بيروت أمرت القيادة بنقلة إلى عمان حيث وضع في سيارة برفقة أبو الرائد الأعرج ووالده وأسد بغداد ومن عمان تم نقلة إلى دمشق وبعد فترة من الزمن تم الإعلان عن عملية التبادل الأولي.

تسليم الأسرى دون التبادل المقابل

وحول تبادل الاسرى الفلسطينيين ودور القيادة الفلسطينية في فرض دورها الريادي على ارض الواقع اكد اللواء مازن عز الدين بأن قواتنا الفلسطينية في جنوب لبنان نجحت في بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982 بإسقاط طائرة إسرائيلية مقاتلة وتم إلقاء القبض على الطيار الذي أرسله العقيد إسماعيل جبر إلى بيروت برفقة الملازم أول سلطان أبو العنين إلى بيروت. 

وتابع: مع استمرار القتال سقط قتلى لم تستطيع القوات الإسرائيلية سحب جثثهم وفي اللحظات الأخيرة وبعد الاتفاق على المغادرة من بيروت للقوات الفلسطينية أصر مناحم بيغن على عدم الإجلاء قبل استعادة جنديين وقعا في الأسر ورفاة تسعة جنود بمن فيهم على الأقل أربعة قتلوا خلال الغزو الإسرائيلي عام 1978 ومن الطبيعي أن المنظمة سعت إلى مقايضة الجنديين والرفاة بأسرى الحرب الفلسطينيين لدى إسرائيل لكن حبيب قال للمنظمة أن الوقت قد فات كثيراً لإجراء مثل تلك المقايضة. 

وعن دور القيادة الفلسطينية الحازم في عملية التبادل واستنادها على منطق القوى قال عز الدين : أن عليهم تسليم الرفات من دون قيد أو شرط وعندها هددت العقدة المستعصية بإغراق الصفقة كلها، اخترقها حبيب بتوجيه رسالة تنص على أن الولايات المتحدة مشغولة البال بمصير أسرى الحرب الذين تحتجزهم إسرائيل وبمعاملتهم، وأن هؤلاء الأسرى يجب أن يعاملوا وفقاً لما تقتضيه الاتفاقيات الدولية، وإن الولايات المتحدة سوف تواصل التحدث مع إسرائيل بشأنهم، إعتبرت تلك الرسالة وافية بالمراد فتخلت منظمة التحرير عن إصرارها على المقايضة. 

واشار الى انه في الواحد والعشرين من آب (أغسطس)1982 سلمت م.ت.ف تلك الجثث المستعادة في الرابعة والنصف بعد ظهر الجمعة. قبل ساعة من بدء السبت اليهودي •.

ونوه الى ان  المنظمة لم تستطيع إلا الاستجابة لطلب حبيب وقبول رسالته لسبب عسكري واضح هو أن قواتها لم تعد في وضع القتال وأصبحت في وضع الرحيل لذلك أي خطأ يمكن أن يؤدى إلى نتائج عكسية ومؤلمه وتحول الإجراءات الفلسطينية الاحتفالية إلى مأساة غير واضحة المعالم لهذا استجابة لمطلب حبيب وقبلت برسالته.

القيادة تفكر في تحرير الأسرى

النقيب حجو يأسر ثمانية إسرائيليين
وحول عملية اسر الجنود الثمانية الذي اسرهم النقيب حجو والذي هو الان برتبة عميد ويقود الامن الوطني في محافظة طولكرم روى عنه اللواء د.مازن عزالدين في سرده لخطة القيادة الفلسطينية في اسر جنود اسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين : يقول النقيب عيسى حجو كنا قد أجرينا آخر استطلاع للموقع المستهدف وكان ذلك في تمام الساعة السادسة من صباح يوم 8/9/1982م بحذر شديد خشية الاصطدام مع مجموعاتنا أو مجموعات العدو في منطقة وعرة تكثر فيها المرتفعات. 

ويتابع كنت أسير في المقدمة يتبعني محمد علي ثم خليل سعيد ثم جهاد فرأيت أربعة جنود إسرائيليين فأمرت سعيد ومحمد بالتوجه نحو اليمين معهما وجهاد نحو اليسار. وصعدت إلى التل فوجدت ثلاثة منهم يلعبون الشدة والرابع يقوم بالحراسة توجهت نحوهم قائلاً بالفرنسية (بونسوار)، وجلست بجوار أحدهم يدعي (بوطبول) واصلوا لعبتهم دون الاكتراث بي فمسكت أحدى أوراقه ورميتها وقلت له هكذا يكون اللعب في تلك اللحظة ظهر محمد علي وصاح هؤلاء جنود إسرائيليون وهذا فضح أمرنا فلقمت سلاحي وأخذت الجندي (أبو طبول) سائراً وأمرتهم بعدم التحرك إذا أرادوا العودة لأمهاتهم سالمين وطلبت من محمد التحدث معهم بالعبرية فقام بذلك مع تلقيم سلاحه وسيطرنا على الجنود الأربعة وفجأة ظهر جندي خامس على التله المجاورة حاملاً سلاحه متسائلاً ماذا يحدث؟ فأمره محمد بالاستسلام وإلقاء سلاحه، فألقى سلاحه ونزل إلينا جنديان رافعي الأيدي وكان خليل سعيد خلفهم انتزعنا منهم الجعب التي تحتوي على القنابل والذخائر وجمعنا الأسلحة وحملنا الجنود الثمانية الأسلحة والرشاشات يستحيل استعمالها من قبلهم وسلكنا طريق العودة الذي جئنا منه وقد استغرقت رحلة العودة إلى مواقعنا حوالي ثلاثة ساعات.

نقل الأسرى إلى البقاع

ويتابع عز الدين سرده لحدث اسر الجنود الاسرائيليين وكيفية نقلهم الى البقاع حيث مركز القيادة الفلسطينية في ظل التوتر الشديد الذي كان يخيم على الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية آنذاك: كان الأخ سميح نصر قد جهز سيارات إسعاف لنقل الأسرى على أنهم جرحي وتم وضع كل اثنين منهم بسيارة بعد إجراء عملية تمويه حتى لا نكشف أمرهم للحواجز السورية وكانت أحدى السيارات تابعة للجبهة الشعبية/القيادة العامة بالمقدمة وتم الاتفاق أن يكون اللقاء في شتورا وعندها لم نرى السيارة ومن فيها إلى اليوم وحتى لا يسود الخلاف حسم د/ وجيه عفونة الموقف بأن لا نتابع الموضوع لأن الجبهة الشعبية/القيادة العامة قد أخذتهما إلى مواقعها والتفكير باستعادتهم يؤدى إلى اشتباك وهذا يسئ لنا جميعاً وتم معالجة الجنود المصابين والاطمئنان على صحتهم وتأمين وضعهم وتولى أمرهم محمود العالول من القطاع الغربي ومن ثم جاء خليل الوزير (أبو جهاد) وهنئانا بالنجاح وقال لنا عليكم نسيان موضوع الأسرى.

نقل الأسرى إلى طرابلس

وحول نقل الاسرى الى طرابلس اوضح عز الدين في مقاله بأنه دار خلاف بين فتح والجبهة الشعبية/القيادة العامة حول من قام بأسر المجموعة الإسرائيلية. 

واشار الى ان لجنة كلفت برئاسة د/جورج حبش لحسم الموضوع ويقول حجو ثبت شهادتي لدى اللجنة يوم 5/5/1983 ويوم 9/5/1983 حدث الانشقاق واستمرت المطاردة والصراع على الأسرى من قبل السوريين والجبهة الشعبية/القيادة العامة والمنشقين من 8/9/1982 حتى 12/12/1983 بمغادرتهم ميناء طرابلس في لبنان .

ويصف عزالدين عملية حماية الأسرى وتأمينهم ووصولهم إلى طرابلس بالأخطر وانها اهم من عملية الأسر نفسها على الرغم من أنها الأساس. 

واضاف: قد تم نقلهم بنفس الطريقة التي نقلوا فيها أثناء الأسر وتم ذلك بإشراف د. رضوان الأخرس ود. فارس احمد حمد ورجال مخلصين وأشداء من رجال الإسعاف والممرضين. 

وتابع: بوصولهم إلى طرابلس كانت حمايتهم أسهل بكثير منها في البقاع وعند حدوث مجازر صبرا وشاتيلا ظهر عليهم الخوف والحزن معاً وكانت تصلهم رسائل من أهلهم وقد جرت مفاوضات معقدة من أجل الإفراج عنهم وتمت الصفقة وجرت عملية التبادل وتم الإفراج عن الأسرى في معسكرات الاعتقال في أنصار إلى جانب عدد من الأسرى في السجون الإسرائيلية في فلسطين المحتلة .

ويشير الى الخلاف الذي حدث مع القيادة ووصفه بأن أهم ما في الموضوع أن الخلاف الذي جرى حول من أسر الجنود الثمانية والذي شكل من أجل حسمه لجنة برئاسة د/جورج حبش قد حسمها الجنود الثمانية (الستة الذين بطرف فتح والاثنين الذين بطرف القيادة العامة/أحمد جبريل) موضحا الى أن جريدة معاريف الإسرائيلية قد أجرت مقابلة معهم تحدثوا عن عملية أسرهم من قبل النقيب حجو من حركة فتح ومجموعته وقد نشر الحديث مترجماً في الحياة الجديدة بتاريخ 31/3/1999 وكذلك في جريدة الأيام (العدد 1174) بتاريخ 31/3/1999 ص15 وهذا حسم موضوع الجهة التي أسرت الجنود الإسرائيليين الاثنين. 

ويتابع عز الدين: كانت الجبهة الشعبية القيادة العامة قد فاوضت على الجنود الثلاثة الذين بطرفها وهم الاثنين اللذين أخذتهم من فتح والجندي الثالث الذي وقع في أيديهم في معركة السلطان يعقوب وبالمجمل لقد كانت نتائج عملية التفاوض من أنجح العمليات التي جسدت الوحدة الوطنية الفلسطينية. 

ويختتم مقاله مذكرا بأن اللواء علي محمد بديوي (أسد بغداد) واللواء خيرى أبو الحاج كانا أول من أسر جندي إسرائيلي حيث جرت على أثر ذلك أول عملية تبادل للأسرى بين م.ت.ف والاحتلال وتم تحرير محمود بكر حجازي.

يشار الى ان صحيفة دنيا الوطن كانت قد اجرت لقاءا مفصلا مع العميد ابراهيم حنيحن قائد منطقة طولكرم حاليا واحد ضباط الدورية التي قامت باختطاف الجنود الثمانية حول عملية اسر الجنود بكامل تفاصيلها بالوصف الدقيق للحظة الاسر وعملية النقل الى مقر القيادة الفلسطينية بتاريخ 1-12-2013 وللاطلاع على القصة الكاملة من خلال الرابط التالي: