شوط جديد

شوط جديد
كتب غازي مرتجى
صدح حسن نصر الله بالأمس وعلى مسمع آلاف المؤيدين بأنّ إسرائيل لا زالت تسعى لحرب وتعتبر حزب الله الخطر الأكبر , "السيد" كما يحب أن يطلق عليه مُريديه أكّد في حديثه أنّ إسرائيل تسعى لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً وأن عين إسرائيل ومن خلفها أمريكا تنظر إلى الغاز اللبناني على الشواطيء .. نصر الله وجّه خطابه بشكل ذكي جداً وأوصل رسائله التي أراد أن تصل باستعارات وإشارات خفية لا يفهمها إلاّ من وُجهّت له . 

إسرائيل تشن حرباً تطويعية ضد غزّة وتحاول جر المقاومة لمربع الرد القاسي الذي يُحتّم على المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي شن حرب لصد "عدوان الصواريخ" كما تُبررها وسائل الإعلام إسرائيل لجبهتها الداخلية  لكن المقاومة الفلسطينية لا زالت متيقظّة لتلك الخطة الإسرائيلية وتحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان نظراً لنتائج أي مواجهة عسكرية قادمة فهي حتماً لن تكون بصالح المقاومة على المستوى البعيد  .. فأنفاق حدودية مغلقة , وحرب ضروس تُشّن على المنتمين سلمياً لبعض فصائل المقاومة وحالة من التكالب على "غزّة" بكافة الأشكال المفهومة وغير المفهومة ..

أما سوريا الأسد فقد حُشرت في الزاوية ولا أشك أن "زهوة" الانتصار بمنع حرب حتمية ضد النظام الحاكم جعلت من حُكام سوريا يعتقدون أنهم "قوة كبرى" وبعضهم يعلم يقيناً أنهم "حصان" شطرنج تلعب به القوى الكبرى , لكن عندما يُقرّر الملك "أكله" وتحين له الفرصة فسيمسحه عن الوجود .. ناهيك عن ضغط قوى اقليمية عربية مؤثرة لصالح شن حرب على سوريا مهما كلّف الأمر , فحُلفاء الولايات المتحدة اعتقدوا أنّ "أمريكا" باعتهم بثمن بخس فهرولوا لابتزازها بشراء أسلحة "ولو كانت خُردة" من روسيا أو الصين في رسالة مباشرة للرئيس الأسود.
 "جنيف 2" قارب على إعلان فشله رسمياً فسقف حكومة الأسد عال وسقف المعارضة مكشوف ! , وما بعد إعلان الفشل ستدخل الحرب الباردة مرّة أخرى ونُصبح من عشاق "سي ان ان" لمعرفة بداية الضربة العسكرية ضد سوريا ..

على الجانب الفلسطيني , لا زالت "اسكتشات" المصالحة في أوجها وأصبحت تصريحات الطرفين تُضفي مزيداً من "الفرفشة" الممزوجة بـ"الامتعاض" من المواطنين والمراقبين  , فعلى جانب "الممانعة"  فحركة حماس لا زالت تُراهن على الوقت والظروف لعلّ أحدهما يُنقذ ما لا يُمكن تفاديه , وعلى جانب "المفاوضات" فالرئيس أبو مازن يعيش وضعاً استثنائياً وحُشر في الزاوية الأمريكية – الإسرائيلية ولا يُمكنه تفادي أي عقوبات إلاّ بالشراكة مع حماس , وعودة إلى الممانعة فهي أيضاً بإمكانها تفادي "المتوقع" بشراكتها مع الرئيس , كلا الطرفين يعلمان أنّ أي حصار على أحدهما يمكن "مقاومته" بالشراكة لا بالقطيعة ..

الجبهات المشتعلة "غزة – سوريا – لبنان" تنتظر الفرصة السانحة للعدو لينقّض عليها , يعتمد ذلك على عوامل مختلفة ومُتضادة في ذات الوقت .. فغزة لو تحقّقت المصالحة ستكون المهمة صعبة على إسرائيل .. وسوريا لو أفاق الأسد من غيبوبة النشوة التي أصابته مؤخراً ستنتهي إلى حل سلمي يُوافق كل الأطراف عليه .. ولبنان مُرتبط بسوريا ارتباطاً وثيقاً وما ينطبق على الأسد ينطبق عليه ..

الإقليم في حالة تسخين تسبق المباراة الفاصلة , فإما أن تتغير "الظروف الجوّية" فتُلغى المباريات .. أو أن يبدأ "شوط" جديد من اللعب على آهات المواطنين ودمائهم ..