فلسطين أرض كنعانية فلسطينية للفلسطينيين

فلسطين أرض كنعانية فلسطينية للفلسطينيين
خاص لدنيا الوطن
كتب : الأستاذ الدكتور رياض العيلة
حاولت الحركة الصهيونية منذ عقد مؤتمرها الأول عام 1897م في مدينة بازل بسويسرا، التي ادعت أن فلسطين هي أرض الميعاد (للشعب اليهودي)، إنكار وجود أي حضارة في فلسطين، وتحاول جاهدة طمس أي أثر لوجود الحضارة الكنعانية في فلسطين قبل دخول الإسرائيليين إليها من مصر.

ورغم تعرض فلسطين عبر الأجيال ولا زالت تتعرض للعدوان من التحالف الغربي الصهيوني التي تمثله إسرائيل التي زُرِعتْ في فلسطين قلب الأمة بأشكالها العسكرية والسياسية والحضارية، والتي لا زالت تعمل جاهدة على تمزيق الأمة العربية والإسلامية، وإضعافها وإبقائها مفككة الأوصال، ودائرة في فلك التبعية للقوى الكبرى، لكي تبقي على دعم الدول الاستعمارية لفكرتها القائلة بأن فلسطين هي أرض الميعاد (للشعب اليهودي)، لا زالت فلسطين الكنعانية تتمتع بقدسية أرضها وبركتها في نفوس المسلمين كما اشتهرت بها عبر الأزمان...

وتطل علينا، رأي أحد الذين ينتسبون إلى العلماء، من بني جلدتنا العربية الإسلامية يدعي من خلالها أنه لا يوجد في القرآن الكريم شيء اسمه " فلسطين"، ويعترف لليهود بسيادتهم على ارض كنعان، أرض فلسطين.

إن التحدي الكبير الذي يواجه الشعوب العربية والإسلامية ورأس حربتها فلسطين الآن، يحتاج إلى أولا: توعية وتوضيح رؤية تلك الحفنة ممن ينتسبون إلى الأمة العربية  والإسلامية بدينهم وتاريخهم، وثانيا: العمل الدءوب لاسترداد مكانة فلسطين الكنعانية العربية الإسلامية بين الأمم، والتأكيد على أن الكنعانيين والذين جاء ذكرهم في التوراة هم أهل فلسطين الذين سكنوها منذ آلاف السنين وبقت سلالتهم فيها حتى الآن، هم عرب ساميون جاءوا من الجزيرة العربية في أواخر الألف الرابع وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد، وسكنوا فلسطين حتى قبل هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام بحوالي 1200سنه وقبل موسى عليه السلام ب 1700 عام تقريبا، حيث حمل الكنعانيون معهم أسماء المدن والأماكن من بلادهم الأصلية إلى وطنهم الجديد فلسطين، مثال على ذلك (منطقة كنعان تقع على الساحل الشرقي من جزيرة العرب، وجزيرة (أرواد) تسمى اليوم (المحرق) وهي من جزر البحرين، مدينة صور على ساحل عمان، ومدينة صيدا على الساحل الشرقي للجزيرة العربية ومنطقة جبيل على ساحل الإحساء).

 لقد شيدت المدن الكنعانية في فلسطين خلال الألف الثاني قبل الميلاد أي قبل غزو العبرانيين لها، وكانت تعج بمظاهر الحضارة والاستقرار، حيث مارس الكنعانيون في مدنهم زراعة القمح والشعير والزيتون والعنب ومختلف أنواع الفاكهة، كما دجنوا الماشية والطيور، حتى وصفت بلادهم بأنها ( تفيض لبناً وعسلا )، وقد اقتبس العبرانيون هذا الوصف وذكروه في التوراة وكأنه منسب إليهم. كما مارسوا الصناعة، وصنعوا أسلحتهم من البرونز والحديد، وصنعوا الفخار، وشيدوا الأسوار، ونسجوا الصوف ليصنعوا منه ملابسهم. واستعملوا الخشب في الأبنية والأثاث.

وفي هذا الصدد ننقل ما قاله الكاتب الأمريكي (موشيه منوحين) اليهودي الأصل في كتابه (انحلال اليهودية في عصرنا)،  " منذ أكثر من أربعة آلاف سنة عاش الكنعانيون في فلسطين، حيث بنوا المدن والقصور، واستعملوا الجياد والعربات، وأقاموا المعابد، وكانت بيوتهم مبنية بشكل جيد وبصورة فريدة في ذلك الزمن البعيد".

وإن الله تعالى كتب الأرض المقدسة لبني إسرائيل إلى يوم القيامة، مستشهدا بقول الله تعالى من سورة المائدة الآية 21 " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " ونسوا أكمال الآية الكريمة " ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"  سورة المائدة  " 21 قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون" سورة المائدة 22 ،  ويضيف " بأن شعب إسرائيل مسالم يحب السلام وليس معادي ولا معتدي ولكن إذا أعتدي عليه يدافع عن نفسه بأقل ضرر للمعتدي". ويكيل الاتهامات للشعب الفلسطيني " بأنه قتلة الأطفال والشيوخ والنساء، يعتدون على اليهود ثم يقدمونهم دروع بشرية ويختبئوا ورائهم ودون رحمة لأطفالهم وكأنهم ليسوا أطفالهم ، ليوهموا الرأي العام أن اليهود يتعمدوا قتلهم" على حد قوله.

أقول لهذا الذي ينسب نفسه للعلماء لماذا لا تكمل الآية الكريمة "  ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"  سورة المائدة  " 21 قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون" سورة المائدة 22 ،  ويفسر ابن كثير تلك الآية بقوله، أن اليهود من قوم موسى عليه السلام اعتذروا  له دخول البلدة التي أمرهم بدخولها وقتال أهلها لأن فيها قوماً جبارين ذوي خلق هائلة وقوى شديدة، وإنهم لا يقدرون – على الرغم من بشرى النصر والظفر عليهم-   على مقاومتهم ولا مصا ولتهم ولا يمكنهم الدخول إليها ما دام قوم الجبارين فيها، ويشترطون على نبيهم خروج قوم الجبارين منها ليدخلوها، وإلا فلا طاقة لهم بهم. وأقول للذي ينسب نفسه للعلماء، ألا تعرف أن قوم الجبارين العمالقة هم الفلسطينيون الكنعانيون، وعندما عصى وخالف اليهود أوامر النبي موسى عليه السلام، بالدخول للأرض المقدسة المطهرة، وقالوا للنبي موسى عليه السلام إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون. ودعا موسى ربه لينتقم منهم، بقوله إني لا أملك إلا نفسي وأخي هارون، فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين فاستجاب له ربه وحرم فلسطين الأرض المقدسة المطهرة على اليهود بشكل مطلق وأبدي، وأن يتيهوا في صحراء سيناء مدة أربعين عاما.

وفي موقع آخر من مقالك يا ذاك الذي تنسب نفسك للعلماء، أن الله أورث أرض كنعان إلى اليهود  مستشهدا بقوله تعالى في سورة الشعراء 59 " كذلك أورثناها بني إسرائيل"، فالذي ينسب نفسه للعلماء، هل فكر أن يرجع إلى   تفسير القرطبي ابن كثير: لسورة الشعراء 59، التي ذكرت أن الله سبحانه وتعالي قد أورث بني إسرائيل الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم، من أملاك فرعون وقومه بعد هلاكهم، وبعد رجوع بني إسرائيل إلى مصر، وليس إلى الأرض المقدسة كما يدعي من ينسب نفسه للعلماء.

وعليه أكد قولي لمحرفي كتاب رب العزة القرآن الكريم ولمن أدعى انتسابه للعلماء، أن ما بزعمه اليهود من أنهم في فلسطين أرض كنعان أقدم عهدا من العرب الكنعانيين، فليرجعوا إلى كتب التاريخ والآثار وحتى الموسوعة البريطانية التي مهدت حكومة بريطانيا للحركة الصهيونية إستيطان فلسطين في العصر الحديث، تدحض أقوالهم، والتي ذكرت في الجزء 13 الصفحة 44 " أن بني إسرائيل، عندما هبطوا بلاد كنعان، كان فيها أقوام وشعوب من أبناء الجزيرة العربية، وقد امتازوا بالجرأة والشجاعة وأنهم قد تغلبوا على داوود وأتباعه الذين  استوطنوا المنطقة الواقعة جنوبي الخليل، وهذا ما حدثنا فيه كذلك مكيافيللي اليوناني في كتابه الأمير عندما نقل المواجهة بين شاؤول اليهودي والبطل الفلسطيني جوليت الذي قدم ل شاؤول رغبة منه في تشجيعه سلاحه ودرعه، فقام بتجريبها ثم رفض استخدامها، لأن صاحبها من قوم العمالقة الجبارين.  

كما وتؤكد التوراة ، أنه كان للفلسطينيين - التي تذكرهم التوراة بكثرة - دور تاريخي مهم في حياة الموسويين/ اليهود في أوائل غزوهم لفلسطين من جهة مدينة أريحا الفلسطينية، حيث كان يشكل الفلسطينيون مصدر خطر دائم عليهم.

أختم مقالي بدعوة الذي ينسب نفسه للعلماء إلى التراجع عن رؤيته التي نقلتها  صحيفة القدس العربي عن صفحته الفيسبوك، وأدعو العلماء، لدحض تغريديات، وكلمات من ينسبون أنفسهم للعلماء، وخاصة تفسير الآيات القرآنية التي أعتمد عليها ظلما وبهتانا، في تبريره لملكية فلسطين لغير الفلسطينيين، كما تروجها الدعاية الإسرائيلية والاستعمارية. كما ونقول لما ينسب نفسه للعلماء، لا يعرف الشعب الفلسطيني مِنْ مَنْ يتلقاها؟ هل من أنظمة الحكم في المنطقة العربية كانت قد أَجَرَت وتاجرت بفلسطين وقضيته منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين سنة 1917م، ولازالت بالشعب الفلسطيني، ولم يسلم من المجازر التي ارتكبت بحقه في مواقع متعددة من الوطن العربي وآخرها – ونأمل أن تكون أخرها – في مخيم اليرموك الذي يموت ويستشهد أطفاله ونسائه وشيوخه جوعا وقتلا، من قبل قوى الشر التي تنتسب لهذه الأمة، وهم آمنون فيه ينتظرون جرس العودة يدق لعودتهم إلى ديارهم التي شردوا منها منذ ما يزيد عن 65 عاما. أم من الاحتلال الإسرائيلي الذي ارتكب آلاف المجازر بآلته العسكرية ، بحق الشعب الفلسطيني، حيث قتل آلاف الأطفال والشباب والشيوخ والنساء، واعتقل مئات الآلاف، ولازال الآلاف منهم وراء القضبان في سجونه، وهدم البيوت وشرد الأهل ولم يبقي حجراً ولا زرعاً، إلا وشكاهم إلى ربه، كل هذه الممارسات التي رفضتها القوانين الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان حتى الإسرائيلية واليهودية منها، يراها هو في تغريد ته على الفيسبوك... بأنها دفاع عن النفس... يا للعار... ألا تعرف أن شعب فلسطين كنعاني الأصل، وقد سبق الوجود اليهودي والصهيوني على أرض فلسطين أرض كنعان بآلاف السنين، وأن ما طرأ على أرض فلسطين من هجرات، ما هي إلا هجرات مؤمنة وفدت إلى البلاد بحثا عن الدفء والرزق كالطيور المهاجرة التي تهاجر إلى بلاد أخرى.