مؤامرة ضد الرئيس .. وكيماوي غزة

مؤامرة ضد الرئيس .. وكيماوي غزة
كتب غازي مرتجى
(1)

الحرب الشعواء التي تُشّن ضد الرئيس محمود عباس بدأت وتيرتها تتصاعد , ولعلّ المتتبع لتصريحات الإحتلال والولايات المتحدة وبعض أذنابهم من الشعب الفلسطيني يُدرك تماماً أن الرئيس أبو مازن في خطر شديد يتهدده .

الحديث في الوقت الحالي عن تكليف نائب للرئيس بدأ يتصاعد إعلامياً وتداخلت حدود الصلاحيات وعادت مناكفات قانونية التكليف وإمكانيته في صالونات المثقفين والقانونيين وعلى الإعلام علناً .

بدون تشكيل لجنة لدراسة الوضع القانوني فإنّ الحديث يدور عن تكليف نائب لرئيس دولة فلسطين وباعتبار دولة فلسطين غير السلطة الفلسطينية التي هي جزء من منظمة التحرير فإنّ تكليف نائب للرئيس قانونياً سليم وبالإمكان الاعتماد على هذا التطويع القانوني , لكن ما بعد هذا التطويع يحتاج لدراسة مكثفة وبعناية , فحينها نكون مضطرين لتحديث النظام الاساسي الذي اقره المجلس التشريعي ليصبح دستوراً , وحينها ستصبح خيوط اللعبة بيد "الدولة" لا بيد "المنظمة" والتي بكل الأحوال تشكل الرافعة الأقوى للسلطة الفلسطينية ولكل الفصائل المنضوية تحت مظلتها .

الأمر مُعقّد بشكل لم يسبق له مثيل , والأوراق التي بيد القيادة الفلسطينية تتناثر بين أكوام التحالفات الدولية الجديدة .. وإعادة رسم المنطقة يجري على قدم وساق ولا زالت القيادة الفلسطينية في المنقطة الرمادية وتُحاول اللعب على كافة الأحبال إيماناً منها بأن الجميع بحاجة لمظلة القضية الفلسطينية كما جرت العادة .

الرئيس أبو مازن هو الرافعة والضامن الوحيد للمشروع الوطني الفلسطيني ولا زال أمامنا الكثير وأمامه الكثير من العقبات التي لا يستطيع أحد تذليلها غيره .. ولن يتمكّن شخص من تعبيد الطريق غيره .. نحو إقامة الدولة الفلسطينية في الوقت الراهن وفي تلك التحديات ومع تكالب الأطراف مُجتمعة على القضية الفلسطينية .

الورقة الأكثر ربحاً بيد القيادة الفلسطينية هي حركة حماس والتصالح معها وإعادة رسم الموازين الدولية والمحلية بتشكيل حكومة وطنية تجمع كل الأطراف لمواجهة التحديّات التي تطال كافة جوانب القضية الفلسطينية دون السماح لأي جهة أو طرف باللعب على وتر الإنقسام ومحاولة إنهاء القضية الفلسطينية مرّة وإلى الأبد .. فحينها سنجلس معاً "حماس وفتح" نبكي على الأطلال ونقول .. "ليت ما كان لم يكن" !

(2)
قناة التحرير المصرية النُسخة الأرقى لقناة الفراعين بثّت خبراً مفاده أنه يتم تهريب أسلحة كيماوية من غزة إلى جمهورية مصر العربية عبر الأنفاق وأن مصدر هذه الأسلحة الكيماوية سوريا ..

في إحدى "السفريات" إلى القاهرة بثّت الإعلامية المصرية الشهيرة ريهام سعيد فيلماً وثائقياً عن الأنفاق , وفي تعليقها وأثناء تأديتها دور "الممثلة" على الحدود التي تخاف من رصاصة ممن وصفتهم في حينها مُهربي غزّة , قالت سعيد أن الحصمة يتم تهريبها من مصر عبر الأنفاق إلى غزة التي تقوم بدورها بتهريبها إلى إسرائيل ! . ولم تكتف ريهام بتلك "القفشة" وبدأت تُصلّي لربها بأنها لا تستطيع زيارة الأقصى الذي يبعد عنها أمتار فقط لأن ميليشيات المهربين تسيطر على القطاع ! 

طبعاً كنت أثناء مشاهدتي لفيلم ريهام أضحك وفي قرارة نفسي أن كل الشعب المصري يُشاركني الضحك .. فوجئت بعد خروجي إلى أحد الأماكن أن السائق الذي كان يقلني يُشارك ريهام سعيد الرأي ويؤكد أن "ميليشيات غزة" على حد وصفه تمنع المصريين من الوصول للقدس وأنها تقاسمهم الخيرات ! .

لقد أثبت المصريون لشعوب العالم أجمع أنهم الأقدر على "فهم" الحالة السياسية التي تمر بها بلادهم , وأشهد للمصريين عشقهم اللامحدود لـ"مصر" وكيف هم على استعداد لمحاربة أياً كان انتصاراً لمصرهم .. نحترمهم ونقدرهم ولا ينسى أحد دورهم عندما شكلّوا ولا زالوا رافعة للقضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية والإقليمية ..

لشعب مصر العظيم ولحُكّامه الرائعين تعظيم سلام مُربّع .. لكن , بث مثل تلك الدعاية والإشاعة لا يقتصر تأثيرها فقط على قطاع غزة بل يجّر الفلسطينيين ليتحوّلوا بعيون الإعلام العالمي والإسرائيلي إلى قتلة دمويين إرهابيين .. الخ , عدا عن سخافة الخبر الذي لا يُصدّقه عاقل ..

لا أستبعد في أي حرب أو تصعيد إسرائيلي قادم أن تكون تلك الدعاية التي أطلقها "هاوٍ" هي رأس الحربة في قتال الفلسطينيين والسفك بدمائهم .. وستشكل عامل ضغط شديد للإسرائيليين على حساب الثوابت الفلسطينية والقضية الفلسطينية بشكل عام .

التغوّل في اطلاق الاشاعات دون حساب ما قد تجلبه هكذا أخبار ضد الفلسطينيين بشكل عام يضّر النسيج الاجتماعي والترابط الوجداني بين الشعبين المصري والفلسطيني , فما بالكم بـ"مرتضى منصور" الذي عاب على باسم يوسف المثير للجدل بأن تكون زوجته فلسطينية ! .

إنّ الحرب الإعلامية التي يشنها بعض الهواة ضد الفلسطينيين إيماناً منهم بالنزول عند الرغبة الشعبية الجارفة التي يتم تحشيدها ضد الفلسطينيين بشكل عام تُشكّل عامل خطر على العلاقات الثنائية المصرية – الفلسطينية .

أعتقد أنّ إنهاء حالة الإنقسام الشاذة تُمكنّنا من مواجهة كل التحديات وحملات التعدّي على الذات الفلسطينية بكل قوّة , ولقاءات حماس وفتح الثنائية وحالة الارتياح الشعبي التي تعّم يجب استغلالها وتطبيقها على أرض الواقع دون تأخير .