عاجل

  • ثمانية شهداء بينهم خمسة أطفال وسيدتان في قصف إسرائيلي استهدف سيارة على شارع صلاح الدين شرقي مدينة غزة

  • قصف مدفعي واشتباكات متواصلة محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة

  • طائرات الاحتلال تنسف عدداً جديداً من أبراج مدينة الأسرى السكنية شمالي النصيرات

استهداف الأقليات في العنف السياسي في بنجلاديش

رام الله - دنيا الوطن
دعا ناشطون في بنجلاديش في أعقاب الهجمات على الأقليات الدينية- ومعظمها من الهندوس- إلى تكثيف تدابير الحماية للحيلولة دون زيادة أعمال العنف في الدولة ذات الأغلبية المسلمة.

فخلال الانتخابات البرلمانية التي عقدت في 5 يناير، هاجم رجال مسلحون شيامال كومار بيسواس،البالغ من العمر 35 عاماً، وغيره من السكان في مالوبارا، وهي قرية جميع سكانها من الهندوس تشتهر بصيد الأسماك وتضم 80 أسرة في منطقة جيسور، جنوب غرب بنجلاديش. وفرّ معظمهم إلى قرى أخرى مجاورة عندما قام مهاجمون بإحراق متاجرهم ومنازلهم.

اضطرابات سياسية

وقد قاطع الحزب الوطني البنغالي، حزب المعارضة الرئيسي في الدولة، وحزب الجماعة الإسلامية، وهو حزب إسلامي سياسي حليف له، الانتخابات التي جرت في 5 يناير احتجاجاً على تولي الحزب الحاكم إدارة الانتخابات البرلمانية بدلاً من حكومة انتقالية محايدة، وفقاً للسوابق التاريخية.

ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن مجموعة بروتي المعنية بمراقبة الانتخابات، قولها أن 180 شخصاً قد لقوا حتفهم في مواجهات ذات صلة بعمليات التصويت منذ الإعلان عن الانتخابات المثيرة للجدل في 25 نوفمبر 2013.

وتجدر الإشارة إلى أن الهندوس كانوا أيضاً هدفاً للهجمات التي وقعت خلال الانتخابات التي جرت في عامي 2001 و2008.

وقد شهدت بداية عام 2014 استمرار أعمال العنف بينما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش أن بنجلاديش قد "شهدت تراجعاً في مجال حقوق الإنسان". وقالت المنظمة في تقريرها الأخير، أن الحملة القاسية على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، وجماعات المعارضة السياسية، التي كانت كل منها تحتج على الانتخابات الأخيرة، فضلاً عن المحاكمات الجارية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، قد أدّت إلى اندلاع احتجاجات عنيفة في الشوارع في عام 2013، مما أسفر عن مصرع ما يقرب من 200 شخص وإصابة آلاف آخرين في شتى أنحاء الدولة.

خلال الانتخابات التي جرت في مطلع يناير 2014، هاجمت عصابات مسلحة الأقليات، لاسيما في المقاطعات الجنوبية الغربية والشمالية، بما في ذلك جيسور، وساتخيرا، وثاكورجاون، وبانشاجاراه، وشيتاجونج، ونيلفامارى، وكورجرام، ولالمونيرهات، وجايباندها وديناجبور. وتشير تقديرات وكالات المعونة الدولية إلى ما يقرب من 5,000 أسرة قد تضررت من جراء أعمال العنف هذه.

وعلى الرغم من أن معظم الهجمات قد استهدفت الهندوس، إلا أن مجموعات أخرى خارج الأغلبية البنغالية المسلمة لم تسلم من الأذى، مثل أسر الجارو الأصلية في حي جامالبور. والجدير بالذكر أن هناك نحو 27 مجموعة عرقية مختلفة مسجلة تشكل نحو واحد بالمائة من السكان في الدولة، ذلك على الرغم من أن بعض مجموعات السكان الأصليين يرون أنه يوجد نحو 45 مجموعة عرقية.

وفي الوقت الذي تتبادل فيه الأحزاب السياسية الاتهامات، لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن أعمال العنف تلك.

وبعد قضاء 10 أيام في المستشفى لتلقي العلاج نتيجة لإصابته في رأسه وساقه، عاد بيسواس إلى منزله، ولا يزال يعاني من الألم وينتابه الخوف. من جانبها، قامت رئيسة الوزراء البنغالية، الشيخة حسينة، في 23 يناير بزيارة قريته، على بعد نحو 275 كيلومتراً من العاصمة دكا. ولا تزال التدابير الأمنية، بما في ذلك نقاط تفتيش المسافرين في الحافلات العامة، في القرية، وفي المناطق المتاخمة ﻹحباط أي أعمال إجرامية.

وعلى الرغم من هذه الإجراءت إلا أن بيسواس غير مطمئن، حيث قال متسائلاً: "لن تبقى هذه القوات الأمنية لفترة طويلة، فمن الذي سينقذنا في المستقبل؟". وقال جوبال شندرا غوش، وهو مقيم آخر لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "كل فرد في هذه القرية يخشى أن تتعرض القرية للهجوم مرة أخرى".

أزمة كاشفة

والاضطراب السياسي والتوتر طويل الأمد بين المسلمين والهندوس ليس بالأمر الجديد في بنجلاديش. فخلال الأزمات السياسية الأخيرة، غالباً ما كان الهندوس من بين أول المتضررين من أعمال العنف في الانتخابات.

وقال رانا داسجوبتا، السكرتير العام لمجلس الوحدة البنغالي الهندوسي البوذي المسيحي، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "يرى المهاجمون الأزمة السياسية أفضل وقت [لصب جام غضبهم على الهندوس]، في ظل [انشغال] الشعب بالأزمة". وأضاف: "لا أحد يتحمل المسؤولية. كل واحد يلقي بالمسؤولية على أي شخص آخر".
الصورة: مشفق ودود/إيرين

قال شيامال كومار بيسواس أن وصف ما يجري بأنه عنف سياسي لا يُخفف من الجريمة


ووفقاً لأحدث تعداد سكاني أجري في عام 2011، يشكل الهندوس نحو 9 بالمائة من إجمالي عدد السكان الذي يصل إلى 152 مليون نسمة. وقد تم تصنيف قرابة 10 بالمائة من الشعب على أنهم ينتمون إلى أقلية بناء على الانتماء الديني والهوية العرقية واللغوية.

وقال سيراجول إسلام مانو، وهو زعيم محلي من الحزب الوطني البنغالي في قرية مالوبارا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن حزبه لم يقم بالهجمات التي استهدفت الهندوس والأقليات الأخرى، واتهم حزب رابطة عوامي الحاكم، ولكن الأخير نفى مسؤوليته عن ذلك.

الأرض

وعادة ما يصوت الهندوس لحزب رابطة عوامي الحاكم بسبب سياساته العلمانية، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت السياسة الإسلامية وراء أعمال العنف، أو كان اللصوص يستغلون حالة عدم الاستقرار السياسي للاستيلاء على الأراضي وغيرها من الأصول من الفئات الضعيفة.

من جانبه، قال داسجوبتا: "على الرغم من أن القوات المحلية تشن هجمات، فإن جميع الأطراف تتحد عندما يتعلق الأمر بنهب منازل الهندووس". ويعتقد أن هناك جماعات إسلامية أصولية تحاول مطاردة الهندوس لإخراجهم من الدولة ذات الأغلبية المسلمة، والاستفادة من الاضطرابات المدنية لتنفيذ هذه الأجندة.

وعلة الرغم من أن حالة عدم الاستقرار السياسي قد تسهم في وقوع أعمال عنف متقطعة تستهدف الهندوس، إلا أن هذا لا يفسر أو يبرر مثل هذه الأعمال.

وأضاف داسجوبتا قائلاً: "أحد الأسباب الرئيسية لمثل تلك الهجمات هو الاستيلاء على الأراضي والممتلكات. وإذا تكررت الهجمات، سوف يهاجر الهندوس وهذا سيساعد [منتهكي القانون] المحليين على احتلال الأراضي".

دعوات لاتخاذ تدابير أكثر قوة

دعا شفيق الرحمن، القائم بأعمال الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية، حزب رابطة عوامي لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في تلك الأحداث تحت إشراف الأمم المتحدة. وقد تم تشكيل لجنة قضائية مستقلة في ديسمبر 2009 للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت عقب انتخابات عام 2001، لكن توصياتها لم تنفذ حتى الآن.

وقال جيرسون برانداو، مستشار الشؤون الإنسانية في مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة، في رسالة بالبريد إلكتروني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "ليس من السهل دائماً فهم الأساس المنطقي للأنشطة الإجرامية، ومع ذلك، بالنظر في نمط وتاريخ الهجمات، يبدو أن الإفلات من العقاب قد يسهم في [العنف]".

وحتى الآن لم يتم اتهام أحد من مرتكبي الهجمات المزعومة الأخيرة أو يقدم إلى المحاكمة. ويأتي هذا في الوقت الذي يدعوا فيه النشطاء لإصدار تشريعات خاصة لمنع الهجمات على الأقليات وعلى وجه التحديد الهندوس، وملاحقة مرتكبيها.

وعلى الرغم من أن الدستور البنغالي يمنح كافة المواطنين الحماية والمعاملة المتساوية أمام القانون بمقتضى المادة رقم 27، وأن الدولة طرف في الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حرية الاعتقاد الديني، إلا أنه غالباً لا يتم التحقيق في الاعتداءات العنيفة على الأقليات الدينية، أو محاكمة مرتكبيها.

وقال برانداو أن "تاريخ بنجلاديش يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتسامح، ولذلك فمن المؤكد أن [في] مصلحة الدولة حماية هذه القيمة الأساسية، وينبغي أن تُعطى أولوية لتحديد المسؤولين عن تلك الهجمات ومقاضاتهم".

وقال مشتاق أحمد، وهو مسؤول رفيع في وزارة الشؤون الداخلية البنغالية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الوزارة أصدرت تعليمات مشددة إلى مراكز الشرطة المحلية بضرورة تحديد المهاجمين وتوجيه التهم لهم. وأضاف أن "قوات الأمن تعمل على تحديد الجناة والقبض عليهم".

التعليقات