"مافيا الإعلام" تهين صحفيي القطاع الخاص في الجزائر والدولة تتفرج
الجزائر - دنيا الوطن
ايمن السمارائي
مرت قرابة الـ 23 سنة على فتح الصحافة المكتوبة في الجزائر للقطاع الخاص، ما اعتبر لدى شريحة واسعة من المشتغلين في المجال، فرصة لتطوير الممارسة الإعلامية وجعلها تجربة رائدة في البلدان المغاربية والعالم العربي ككل.
ايمن السمارائي
مرت قرابة الـ 23 سنة على فتح الصحافة المكتوبة في الجزائر للقطاع الخاص، ما اعتبر لدى شريحة واسعة من المشتغلين في المجال، فرصة لتطوير الممارسة الإعلامية وجعلها تجربة رائدة في البلدان المغاربية والعالم العربي ككل.
غير أن واقع الحال، وبعد عقدين من الزمن، أثبت عكس ذلك، فالدولة تجاهلت طيلة هذه المدة وضعية الصحفي في القطاع الخاص، والمعاناة التي يكابدها والظلم الذي يلاقيه من طرف ملاك الجرائد الذين يتقاسم كثير منهم تسمية “البقارة”، وفق التعبير الشعبي الجزائري، ومعناه مربو الأبقار الذين يبحثون عن الربح ولا شيء سواه، بعيدا عن الرسالة الإعلامية النبيلة. ومن هنا، وقع الصحفي الجزائري ضحية لتلك الممارسات، فتجده غير مصرح به لدى مصالح الضمان الاجتماعي، أو يتقاضى أجرا زهيدا، أو يتعرض للطرد التعسفي لمجرد الاعتراض على وضع معين، أو حتى إبداء رأي فيه أمام مسؤولي التحرير.
واللافت في الموضوع، أن الدولة على دراية تامة بهذا الواقع، وترفض التدخل، سواء عبر سن قانون يحمي الصحفي، أو الضغط على ملاك الصحف لتحسين الوضعية الاجتماعية للصحفيين وظروف عملهم.
والغريب في الأمر، أنه تمت إثارة ملف أجور صحفيي القطاع الخاص مع وزير الاتصال الجزائري السابق ناصر مهل، وهو مدير سابق أيضا لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، فقال “الدولة لا تستطيع فرض شروط على ملاك الصحف الخاصة وإنما قد تقترح شبكة أجور موحدة تكون مرجعا”.
والطريف هنا، أن الدولة هي الممول الرئيسي لغالبية الصحف الجزائرية عن طريق الإعلانات اليومية التي تقدمها الوكالة الوطنية للنشر والاتصال والإشهار، وتعيش تلك الصحف وتستمر بفضل “ريع الإشهار” الذي يتم منحه بطبيعة الحال للصحف التي “تمشي جنب الحيط”، فكيف يقول السيد مهل إن الدولة لا تستطيع التدخل، بل إنها، على حد وصف بعض الإعلاميين، تقدر بين ليلة وضحاها أن تأمر القطاع الخاص فتطاع دون تردد.
وهنا، كان “ريع الإشهار” السبب الرئيسي في جعل انتهازيين لا علاقة لهم بالصحافة، يجمعون ثروات طائلة من خلال تأسيس صحيفة، بينما يدفعون للموظفين “الفتات” دون حسيب ولا رقيب. وكانت مناسبة استفسار وزير الاتصال، هو رفع أجور صحفيي القطاع العام بصورة غير مسبوقة، والإبقاء على “الفتات” لزملائهم في القطاع الخاص رغم أنهم يمثلون الأغلبية في الساحة الإعلامية، فالدولة تملك عددا صغيرا جدا من الصحف، إلى جانب الإذاعة والتلفزيون، مقابل أكثر من 63 صحيفة تابعة للقطاع الخاص، وأغلبها متشابهة شكلا ومضمونا، يضاف إليها القنوات الخاصة التي ظهرت مؤخرا.
وفي هذا الإطار، استطلعت “زنقة نيوز” آراء بعض الإعلاميين الجزائريين حول نظرتهم لهذا الواقع وأسبابه، فكانت النقطة التي اتفقوا عليها جميعا، هي غياب نقابة قوية تدافع عن حقوقهم، وقانون يحدد واجباتهم ومستحقاتهم أمام جشع “الجيعانين” من أصحاب الصحف.