وزارة الاتصال الأكثر اضطرابا والأقل استقرارا منذ مجيء الرئيس بوتفليقة
الجزائر - دنيا الوطن
سعيد خطيبي
أفضل توظيف مصطلح الصحافة المستقلة، التي تحول جزء منها وليس كلها، نتيجة جملة من العوامل السياسية والاقتصادية، إلى صحافة “تبعية”، تتبع رأس المال، وتتبع مركز القرار، دونما السماح لنفسها بحق النقد والمناورة والدفاع عن الخيارات التي تأسست عليها ومن أجلها.
سعيد خطيبي
أفضل توظيف مصطلح الصحافة المستقلة، التي تحول جزء منها وليس كلها، نتيجة جملة من العوامل السياسية والاقتصادية، إلى صحافة “تبعية”، تتبع رأس المال، وتتبع مركز القرار، دونما السماح لنفسها بحق النقد والمناورة والدفاع عن الخيارات التي تأسست عليها ومن أجلها.
ولكن من يتحمل مسؤولية التحول؟ هل الصحافة نفسها أم العوامل الضاغطة التي أخضعتها للعبة الأخذ والرد؟ سؤال لا بد أن يطرح أولا على الجهة الوصية على القطاع، وزارة الاتصال، وهي إحدى الوزارات الأكثر اضطرابا والأقل استقرارا منذ مجيء الرئيس بوتفليقة سنة 1999.
وبين شرط الخضوع لمنطق الأعلى “السلطة السياسية” وخيار السير على نهج الانفتاح وتحرير القطاع “كما تطالب صحف”؛ لم تفصل الوزارة في أمرها، مع ميل واضح لجهة الأقوى – سياسيا. هل يجب أن نحرر القطاع من الوزارة الوصية؟..
تبدو فكرة مستبعدة، ولكن من الممكن أن تصير وزارة استشارية تقوم على التشاور الإيجابي مع الفاعلين الميدانيين والسير وفق ما تفرضه أولويات صحافة مستقلة حرة من كل المضايقات والإكراهات المادية والسياسية.
إيجاد مخرج للعلاقة الإشكالية بين الصحافة المستقلة والسلطة السياسية هو السبيل الوحيد لإعادة تحديد ضوابط لعلاقة صحافة مستقلة – صحافي. وغالبا يؤسس الصحافي علاقته برب العمل “مسؤول الصحيفة” على ثنائية الجهد/ المقابل، مع العلم أن المقابل (الراتب، وفي حالات نادرة العلاوات) لا يضاهي فعلا الجهد المقدم، نظرا للظروف الصعبة التي يشتغل فيها الصحافي الجزائري حاليا.
ولكن سيكون متاحا له تطوير العلاقة بما يخدمه ويخدم القطاع عموما بإعادة رسم العلاقة مع رب العمل والضغط من الأسفل، لتفهم الجهات الوصية في الأعلى أن خياراتها الاستثنائية والأحادية لم تكن صائبة ولم تزد القطاع سوى انحدارا نحو الأسفل. وبرأيي أول إهانة يتعرض لها صحافي هي وضع شارات حمراء على طريقه، وفرض رقابة مزيفة، ستلد لاحقا رقابة ﺬاتية، وهي رقابة ستجعل منه عنصرا سلبيا في التعامل مع المحيط العام، والدفاع عن حقوقه المنتهكة.
وبالنسبة لمقارنة هذا الوضع مع القطاع العام، فإن هذا القطاع العام ليس أفضل حالا من القطاع المستقل، حيث تحول إلى قطاع احتكاري، يدور حول الجهة الحاكمة، وليس بما يخدم المصلحة العامة، وهي ملاحظة تنطبق على القطاع الإعلامي الحكومي ليس فقط في الجزائر، بل في دول عربية مختلفة، بشكل يعيد إلى أذهان منهج الإعلام الرسمي سنوات مجد الاتحاد السوفياتي، القائم على البروباغندا وتزييف الواجهة.
وفي القطاع العام تتسع التراتبية بشكل غير مبرر، المسافة بين القاعدة ورأس الهرم جد شاسعة، وإمكانيات الارتقاء في السلم المهني لا تأخذ بعين الاعتبارات مهارات الصحافي المهنية فقط، بل هي تحاسبه عن مدى التزامه وتقبله لاشتراطات الجهة الحاكمة.
وأعتقد أن خلاص وتطور الإعلام يرتبط بالأساس بتطور الإعلام المستقل، الذي يمتلك كل الأوراق الرابحة للخروج من السبات إلى النور.