استقبال الهاربين

كتب غازي مرتجى
أعرف أن الدق على باب الخزّان يجر الانتقادات .. لكن لا بُدّ أن يقرع باب الخزّان شخص ما ويتحمّل الصدأ والماء الملوّث الذي ربما يُسكب عليه !
استقبلت غزّة ظهر اليوم الثلاثاء النائبين في المجلس التشريعي الفلسطيني السيد ماجد أبو شمّالة والسيد علاء ياغي , الاستقبال كان حافلاً وخرجت رفح عن بكرة أبيها لتستقبل النائبين الهاربين سابقاً !
غزّة لم تخل يوماً من أي قيادات من حركة فتح الذين آثروا البقاء في بلدهم ومكانهم على الرغم من المخاطر "السياسية" التي واجهوها في البداية حيث كانت عملية الاعتقال العشوائي متبادلة بين غزّة والضفة وواجه من بقي في غزة من قيادات حركة فتح الصعاب لكنهم آثروا البقاء على الرغم من أن تواجدهم في رام الله في وقتها كان سيُعطيهم ميزّات وضمانات أفضل آلاف المرّات من بقائهم في غزة .
كل من النائبين ماجد ابو شمالة والنائب علاء ياغي آثروا التوجه إلى رام الله على الرغم من أنهم نوّاب في المجلس التشريعي الفلسطيني وتحميهم حصانتهم التي أقرها القانون الفلسطيني والتي التزم بها الطرفان حيث لم تعتقل السلطة في غزة أي نائب وحافظت على الحصانة القانونية له وكذلك في رام الله حيث كان الحفاظ على القانون الفلسطيني واحترامه متبادلاً .
النائبان ياغي وابو شمالة خرجا من غزة في بداية الاحداث , كان بامكانهم العودة في اي وقت حتى لو كانا مهددين بالاعتقال من قبل الحكومة في غزة فهم كما قالا يدافعان عن غزة وعن معاناة غزّة .. فلماذا يعودا الان على الأكتاف وكأنهم أعادوا غزة إلى ما كانت عليه !
الدكتور زكريا الأغا , عبدالله ابو سمهدانة,ابو وائل ابو النجا,فيصل ابو شهلا ,احمد ابو هولي , آمال حمد , والكثير من قيادات حركة فتح آثروا البقاء في غزة على الرغم من ان عرض التوجه الى رام الله والمعيش فيها كان للجميع بدون استثناء .
يحدثني إبراهيم أبو النجا يوم أن تم منع اعضاء المؤتمر السادس لحركة فتح من التوجه الى رام الله للمشاركة في فعاليات المؤتمر , عاد ابو وائل في نفس اليوم الذي تم منع اعضاء فتح الى غزة ليشارك ابناء فتح "المنع" ذاته على الرغم والحديث لأبو وائل انه لو استمرّ بالتواجد هناك حيث المؤتمر لتمكّن بسهولة من الفوز بعضوية اللجنة المركزية , لكنه فضّل غزّة على ان يكون عضو لجنة مركزية لحركة فتح !.
ان استقبال النائبين ابو شمالة وياغي يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن كل من "هرب" من غزة وترك أبناء شعبه ولم يتحمّل معهم ما عانوه سيرجع إلى غزة على الأكتاف وسيقود الجموع .. أما من قاد الجموع والتنظيم في السبع سنوات العجاف فهو إلى "الرف" حيث الغبرة والانتقاد ..
في عام 1994 يوم أن عادت السلطة وفق اتفاق اوسلو عاد حفنة من المناضلين ممن استحقوا المناصب التي حصلوا عليها , والكثير ممن تقلدوا مناصب مختلفة ركبوا في سفينة الثورة وهي تستعد للرسو في ميناء غزة ! , والطارئون على الثورة سرعان ما انكشفوا وبان فسادهم وكثُر الحديث عنهم .. أما أصحاب النضال الحقيقي والثورة الحق فلا زالوا حتى اللحظة في بيوتهم راضين بما كتب الله لهم وللثورة من نهايات !.
مرحبا بالنائبين أبو شمالة وياغي وإن أرادا إثبات عكس ما أسلفت به فليمكثا في غزّة حتى لو اندلعت الحرب !