اللواء كامل أبو عيسى يتذكرمع دنيا الوطن: أبو عمار وضابط ركن الإدارة المدنية في ايرز عامي نجار

اللواء كامل أبو عيسى يتذكرمع دنيا الوطن: أبو عمار وضابط ركن الإدارة المدنية في ايرز عامي نجار
رام الله - دنيا الوطن

كان عامي نجار وهو ضابط ركن الإدارة المدنية في ايرز يقود جوقة كبيرة من الفسده والمفسدين والمنتفعين من خيرات المشروع الناشئ للسلطة الوطنية الفلسطينية فبيده ومن خلاله وعبره تمر كافة التسهيلات المطلوبة وهي لن تمر بدون مقابل وكما يبدو أنه قد تم اختياره لهذه المهمة بعناية تامة وباعتبار أن تعميم سياسة الفساد الرسمي الإسرائيلي على الصعيد الداخلي الفلسطيني أصبحت على رأس أعمال جدول الإدارات الإسرائيلية ذات العلاقة بالشأن الفلسطيني وعملاً بنصيحة شمعون بيرس والذي اعترض في اجتماع وزاري مصغر وفي لجنة الأمن والخارجية في الكينسيت على الدعوات الإسرائيلية عن ضرورة المساهمة في تشكيل جهاز إداري وامني فلسطيني قوي وقادر على ضبط الأوضاع في المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل بحسب نصوص اتفاق اوسلو بالقول وبحجة: أن تشكيل الإدارات والمؤسسات الأمنية والمدنية الفلسطينية القوية سيشكل خطرا استراتيجيا على إسرائيل في المدى المتوسط والبعيد وبسبب أن الأفراد والأشخاص الايجابيين سيتم استبدالهم أو الاستغناء عن خدماتهم مع مرور الوقت وقد تصبح هذه الإدارات والمؤسسات الحديثة بيد أشخاص لن يروق لهم البقاء في نطاق التبعية الإسرائيلية ولن يقبلوا بالسياسات الإسرائيلية المتبعة.
وبينما كنت جالساً في مكتبي ظهيرة أحد الأيام دخل عليٌ رجل ممشوق القوام وأنيق ويحمل تحت إبطه ملفاً كبيراً وبعد التحية استأذن بالجلوس وقبل تقديم واجب الضيافة له نهض من مكانه ووضع الملف الذي يحمله أمامي على طاولة المكتب فقلت له ما هذا؟ فأجاب بأنني ( فلان ) وأعمل في المكان ( الفلاني ) وفي هذا الملف الذي قررت من خلالك تسليمه للأخ الرئيس أبو عمار ستجد الكثير من الحقائق المؤلمة والصادمة عن حالة الفساد التي نعيشها ، تصفحت الملف الموثق بعناية وإذا بي أمام سيل من القضايا المتعلقة بالتخريب المقصود والمتعمد للاقتصاد الوطني الفلسطيني ومن بينها ثمانية وأربعون حالة تم بموجبها إصدار وإعطاء الرقم الوطني والهوية لمستثمرين فلسطينيين كبار في مقابل عشرة آلاف دينار تدفع لضابط الركن عبر سماسرة وبعلم ومعرفة واشتراك ( فلان المدير العام ) وصاحب الصلاحية في الأمر ، وفي مقابل ذلك يتم إعفائهم من شرط القيام بإنشاء مشروع أو منشأه صناعية بقيمة مليون دينار في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية ، وبلغة الأرقام فإنه تم حرمان الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني من ثمانية وأربعين مشروع وبقيمة ثمانية وأربعين مليون دينار على امتداد الشهور الأولى من قيام السلطة الوطنية الفلسطينية هذا بالإضافة إلى قضايا عديدة ، في حين قبض ضابط ركن الإدارة المدنية الإسرائيلي عامي نجار وزبانيته أربعمائة وثمانين ألف دينار لقاء هذا العبث والتخريب في الواقع المأمول بالنهوض بالاقتصاد الفلسطيني ، كدت أشعر بالدوار فالشخص المذكور في الملف والذي يتولى منصب المدير العام كان من بين المكلفين بإنشاء خلايا أمنية في الداخل وقبل دخول السلطة إلى أرض الوطن بعدة شهور كما أنه يحظى بثقة الأخ أمين الهندي في نفس الوقت وتربطني به زمالة السجن ومعرفة طيبة يسميها تحبباً بصداقة ( صحن الزربيحة ) وصحن الزربيحة هو صحن الشوربة المقدم لنا مع بعض وجبات الغذاء في السجن ، ضغطت على أعصابي المتوترة وطلبت منه كتابة أسمه كاملاً على التقرير المرفق مع الملف بالقرب من توقيعه ثم تناولت ورقة صغيرة وألصقتها على غلاف الملف والتقرير المرفق والمدون وكتبت عليها وبدون وعي: الأخ الرئيس القائد العام أبو عمار حفظه الله ،،، إلى متى ستستمر هذه الممارسات الإسرائيلية القذرة بحق الشعب الفلسطيني؟!! دمتم والله يحفظكم أخوكم الدكتور كامل.

ومنذ لحظة وصول الملف والتقرير إلى الأخ الرئيس أبو عمار استشاط غضباً وأمر على الفور بتشكيل لجنتين للتحقيق في الأمر وإبلاغه أول بأول بالنتائج وفي ظهيرة اليوم التالي اتصل بي الأخ أمـين الهندي وعلـى الفـور توجهت إلـى مكتبه وكـان يجلس معـه ( المدير العام المتهم ) والذي نهض من مكانه وصافحني بعتب قائلاً: لماذا لم ترسل لي بالملف والتقرير وكان يمكن أن نتفاهم ونحل المشكلة بعيداً عن لجان التحقيق وغضب الأخ الرئيس؟ ابتسم الأخ أمين بارتياح وقال: الأخ الرئيس كلفني بمتابعة الملف وسير التحقيقات ولا داعي للقلق والعتب وعلى ضوء نتائج التحقيقات وبالتشاور مع الأخ أمين قمت بإعداد مقترح للأخ أبو عمار بأن يرسل شكوى رسمية للطرف الأمريكي ضد الممارسات الإسرائيلية المدمرة لعملية السلام والمجتمع والاقتصاد الفلسطيني ، وافق الأخ أمين على المقترح ولكنه اعتذر عن التوقيع وقال وهو يبتسم توقيعك وحده بيكفي يا دكتور وخاصة عند الأخ الرئيس أبو عمار وقد تم ذلك بالفعل ، إلا أن المفاجأة المدوية جاءت من الطرف الإسرائيلي حيث أعلنت الإذاعة الإسرائيلية عن قيام الشرطة بإلقاء القبض على ضابط كبير ويدعى عامي نجار وهو ضابط ركن الإدارة المدنية في إيرز بتهمة ممارسة الرشوة والفساد وبعد ذلك وعلى أثر ذلك وكما يبدو تم وقف التحقيقات في قضية هذا الملف وبشكل تام ونهائي لان التبرير الإسرائيلي المرتبط بإلقاء القبض على عامي نجار بتهمة الرشوة وتحويله للمحاكمة كان مقنعاً وكافياً من وجهة النظر الأمريكية ، وللحقيقة فإن السلوك الرسمي الإسرائيلي المتعلق بهذه القضية كان في منتهى الذكاء والدهاء وباعتباره أن القضية برمتها تتعلق بسلوك فردي وليس تعبيراً عن سياسة رسمية إسرائيلية ، ولم يكن أمام الأخ أبو عمار أي خيار أخر غير القبول بهذا التبرير الإسرائيلي ، ومع هذا ومع كل ما جرى فإن ذلك لا يبرر للطرف الإسرائيلي تصعيد حملته ضد من يحارب سياسات الفساد أو يحتج عليها وبتهمة العداء للسلام والقيام بأعمال غير منضبطه وخارج نطاق السيطرة وتلحق الضرر بمستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وكأن محاربة الفساد أو الكشف عن حالةً أو حالات أمنية تضر بالأمن القومي للشعب الفلسطيني جريمة في العرف الإسرائيلي تستحق العقاب والملاحقة والمنع الأمني الدائم والمستديم.