الذكرى الثالثة لرحيل المفكّر "عبدالله الحوراني"

الذكرى الثالثة لرحيل المفكّر "عبدالله الحوراني"
رام الله -خاص دنيا الوطن

يصادف الجمعة 29/11/2013 الذكرى الثالثة لرحيل المناضل القومي والوطني الكبير عبدالله الحوراني.

عبدالله الحوراني الذي شاءت الأقدار ان يكون يوم رحيله هو نفس يوم ذكرى قرار التقسيم واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ولد في قرية المسمية عام 1936 وهاجر مع والديه الى قطاع غزة في 1948 بعد استشهاد اثنين من اشقاؤه في معركة بيت داراس مع الكثير من شباب قرية المسمية الذين هبوا لنجدة قرية بيت داراس من عدوان العصابات الصهيونية آنذاك وأكمل دراسته الاعدادية والثانوية في قطاع غزة ومن ثم حصل على الاجازة الجامعية في الآداب من جامعتي عين شمس وجامعة دمشق.

  بدأ تجربته النضالية أواسط الخمسينات في التصدي لمشاريع توطين اللاجئين، ثم ضد الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة عام 1956 في العدوان الثلاثي، واعتقل لفترة وجيزة. وقد كان يعمل في مجال التدريس، مدرساً ثم مديراً لمدرسة في مخيم اللاجئين بخان يونس، وعرفت باسمه حتى الآن، بسبب دورها في النشاط الوطني الفلسطيني وخصوصا المظاهرات المناهضة لمشاريع التوطين التي كانت تخرج منها ويقودها عبدالله الحوراني.

 أُبعد من قطاع غزة عام 1963 بسبب نشاطه السياسي وانتقل الى امارة دبي التي عمل فيها في مجال التدريس لمدة سنتين، من 63 ـ 1965، ثم أبعد منها ورحل الى سوريا بسبب نشاطه السياسي أيضاً، حيث كانت دبي تخضع لسلطة المعتمد البريطاني.

تقلّد في سورية مناصب رسمية رفيعة حيث عمل في حقل الاعلام واصبح مديرا لإذاعة فلسطين ثم مديرا عاما لهيئة الإذاعة والتليفزيون السوري، ثم مديرا عاما لمعهد الاعداد الإعلامي بسوريا. ومن ثم التحق بالثورة الفلسطينية وعمل مديرا عاما لدائرة الإعلام والتوجيه القومي والتي اصبح اسمها دائرة الاعلام والثقافة منذ 1969 الى 1984 وقد اشرف في فترة ادارته على مأسسة العمل الثقافي الفلسطيني وتأسيس فرقة العاشقين والمسرح الوطني الفلسطيني.

اصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من 1984 – 1996 حيث رأس وأسس دائرة الثقافة  في منظمة التحرير الفلسطينية، وأشرف على كل الأنشطة الثقافية الفلسطينية.

واثناء قيادته لهذه الدائرة في المنظمة، عمل عبد الله الحوراني على تنقية المشهد الثقافي الفلسطيني وعلى اعادة الاعتبار للمثقفين والمبدعين الفلسطينيين والعرب ايضا، وفي زمن قيادته تم توزيع درع القدس على عدد كبير من المثقفين الفلسطينيين والعرب الذين انتموا لفلسطين وقضيتها وقد كانت شخصية أبي منيف الإيجابية، الودودة، والمتسامحة جزءاً من مؤهلاته الإدارية، أيضاً حيث تمكّن على مدار سنوات من تحويل دائرة الثقافة في منظمة التحرير إلى مؤسسة تمتاز بالكفاءة، وسلاسة الأداء.

على الصعيد الدولي لعب عبدالله الحوراني دورا بارزا في التواصل ومد الجسور مع حركات التحرر الوطني والحركات الثورية العالمية ودول عدم الانحياز ولعب دورا قياديا بارزا في منظمة التضامن الافرواسيوي وشغل موقع نائب رئيس مجلس السلم العالمي لسنوات طويلة.

عاد عبدالله الحوراني الى غزة في 1994 وعمل منذ عودته على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وعلى تفعيل قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة حيث كان من ابرز القيادات الفلسطينية التي عملت على موضوع حق العودة ومن ثم أسس المركز القومي للدراسات والتوثيق في غزة والذي اصبح يحمل اسمه الآن. 

لقد شكل عبد الله الحوراني، نموذج للسياسي الفلسطيني والعربي الذي يقرأ خارطة الاشياء جيداً، ولذلك فان مواقفه وقراءته كانت تشكل مرجعية اطمئنان للناس الباحثين عن الحقيقة وسط هذا الركام من الخراب الواسع، وهو مثقف شامل، وسياسي لا يتردد في اعلان موقفه المبدئي حيال القضايا، مهما كان حجم تأثيرها، وبوصلته لا تخطئ مسارها وهو يعرف ان الامة لا تجمع على خطأ. 

موقفه القومي العروبي الواضح جعل منه مرجعية ونقطة لقاء عند مختلف القوى السياسية الفلسطينية، كما انه لم يغلق ابوابه في وجه البسطاء من الناس، الذي يعرف جيداً انهم لا يبدلون مواقفهم ولا يبدلون جلودهم ايضاً.  وكان يملك من اوراق الوعي ما يؤهله لان يكون مشاركاً فاعلاً في قيادة المشهد واعادة الاعتبار لروح ثقافة الامة التي غيبتها الغوغاء.

عبدالله الحوراني الذي دخل مكاتب الملوك والرؤساء العرب، وجلس الى موائدهم، تماماً مثلما دخل بيوت الصفيح في المخيمات وشارك الفقراء همومهم، كان رمزا وطنيا فلسطينيا، يطرق الجميع بابه حين تتأزم الاوضاع وتتشابك المواقف، وفي كل مرة ينحاز ابو منيف الى ثوابت شعبه وأمته. فهو المناضل الصلب الرافض لجميع أشكال الاستسلام والخنوع، المؤمن بحتمية انتصار المشروع النهضوي التحرري للأمة. وهو إلى جانب تلك الصلابة المبدئية، الإنسان الطيب الوقور المتواضع، يستقبل الجميع بابتسامته المعهودة التي تدخل القلب دون استئذان.

أبي منيف الذي كان أحد أبرز رموز التيار القومي في الوطن العربي، أدى رسالته وكان أمينا على المبادئ التي آمن بها، فقد كان رحمه الله يعمل بدون كلل على جبهتين، الأولى إصراره على إنجاز مشروع التيار القومي على مستوى الوطن العربي، والثانية الدفاع عن حق العودة، معتبرا هذين المشروعين هما مشروعا حياته، ويعرف رفاقه وأصدقاؤه أنه قطع خطوات مهمة في تحقيق هذين المشروعين. 

-       قلد سيادة الرئيس محمود عباس المناضل عبدالله الحوراني وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا في الذكرى الاولى لرحيله في نوفمبر 2011.

-       اصدر سيادة الرئيس محمود عباس قرارا باطلاق اسم عبدالله الحوراني تخليدا لذكراه في 2012 على "المركز القومي للدراسات والتوثيق" الذي اسسه الراحل واصبح مسماه الآن "مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق".








التعليقات