الحلقة الأولى : نبيل عمرو يكشف أسرار علاقة ياسر عرفات مع "أبو إياد" و"شارون العرب" و"القذافي" .. صور نادرة

كيف تعامل عرفات مع القذافي والمنشقين، هذا سؤال مهم ويعكس الجواب عليه شخصية عرفات وسلوكه، كان يفضل الاحتواء والصفح، فعاد كثير من المنشقين الى الشرعية، ولطف العلاقة قدر الامكان مع القذافي وفق نظرية  داروا من يبالغون في عدائكم لعلهم يتراجعون او يخففون من غلوائهم .

- بصفتك المسئول عن المنظمات الشعبية الفلسطينية في سورية في تلك الفترة هل لك ان تحدثنا عن موقف المنظمة عن انزلاق البعض الفلسطيني في الصراع السوري على السلطة ؟

كان الفلسطينيون مندمجين في الحياة السياسية السورية، وقد شاركوا في العديد من الانقلابات من خلال وجودهم في الجسم العسكري السوري، وانخراطهم في الاحزاب السورية وحين استولى الرئيس الراحل حافظ الاسد على السلطة انقسم البعثيون الفلسطينيون الى قسمين، قسم يوالي انقلاب الاسد وتكلف بمهمات حساسة في مطاردة القسم الاخر الذي رفض الانقلاب ، وكان زعيم هذا القسم هو اللواء صلاح جديد، وقد وضع الاسد كل البعثيين المناوئين له في السجون، وجرت عمليات اختطاف واغتيال لخصومه في سوريا ولبنان، وكان فلسطينيون من انصاره من يفعل ذلك بصورة ملحوظة.
لم يكن لمنظمة التحرير مواقف رسمية من هذا الصراع ، كانت حريصة على استرضاء الاسد ، وشريكة لانصاره وخصومه في الثورة الفلسطينية من خلال منظمة الصاعقة ، الا ان منظمة التحرير دفعت ثمنا باهظا لصراعها مع الاسد، وذروته كيفية التدخل العسكري السوري في لبنان والاشتباكات المسلحة التي تمت بين الجانبين على جميع الاراضي اللبنانية ، ثم وقوع الانشقاق الذي رعته سوريا وليبيا انذاك ، وظلت علاقات منظمة التحرير بين مد وجزر مع النظام السوري الى ان توفي الاسد، وخرجت المنظمة قبل ذلك نهائيا من الجغرافيا السورية محتفظة بمكتب لمنظمة التحرير في دمشق وبعض المنشآت الثانوية.


- يقال أن عرفات قال : أن شارون العرب - حافظ الأسد- قد حاصرنا من البر، وشارون اليهود قد حاصرنا من البحر.. هل لك ان تحدثنا عن الدور السوري في اخراج المنظمة من لبنان ؟

لم يكن حافظ الاسد موافقا على تمدد عرفات في لبنان خصوصا في الشمال والجبل وبيروت، لقد خرجت القوات الفلسطينية من بيروت والجنوب، بفعل اجتياح اسرائيلي قوامه ثماني فرق عسكرية مع تشغيل جميع قطع البحرية الاسرائيلية وسلاح الطيران، لم يستطع السوريون فعل شيء لوقف الاجتياح فخسروا دبابات كثيرة في البقاع واكثر من مائة طيارة في ساعتين ، الا ان السوريين هم الذين حاصروا عرفات ورجاله في الشمال، وذلك بحكم سطوة الجغرافيا السورية هناك،، واستخدم السوريون المنشقين في معارك مباشرة في طرابلس المدينة ومخيمي البداوي ونهر البارد، وقد أُخرج عرفات بصعوبة من مخيم البداوي بجهد فرنسية ومصرية ، نعم كان عرفات ورجاله محاصرين في طرابلس لبنان، من قبل اسرائيل المسيطرة بصورة مطلقة على الجو والبحر، وسوريا المسيطرة على المنشقين والبر.

- لم يستطع حافظ الاسد السيطرة على المنظمة لذلك كانت الحرب على الوجود الفلسطيني في لبنان .. كيف ساهمت الصراعات الداخلية الفلسطينية ، والتدخل الفلسطيني في لبنان في ذلك ؟

كان تأثير الفصائل الفلسطينية المرتبطة بدمشق ، محدودا في لبنان، بسبب قوة فتح وحلفائها وجماهيرها الا ان دمشق نجحت في ارهاق عرفات وحلفاءه بمعارك لا تنتهي في اماكن متعددة ، كان الاسد الاب يحلم بالسيطرة على الورقة الفلسطينية ، وفي حال تم ذلك يصبح القوة الاكثر نفوذا وتأثيرا في المنطقة ، اذ كانت الجغرافيا كفيلة بمد نفوذه في لبنان وكان بوسعه التأثير على الاردن بوسائل شتى ، الا ان ياسر عرفات رفع في وجه حلم الاسد شعارا اقلق الرئيس السوري كثيرا وهو القرار الفلسطيني المستقل، فلم يعد نفوذ الاسد بوجود عرفات في لبنان محسوما وبدل ان تدين المنطقة له بالولاء تشجع كثيرون مثل الاردن والعراق وقوى عديدة داخل لبنان برفض نفوذه وتقليصه الى الحد الادنى في المنطقة باستثناء لبنان حيث لسوريا نفوذ قد لا يصل الى التحكم المطلق ولكنه لا يختفي ويظل مؤثرا.
المحسوبون على سوريا من الفلسطينيين في لبنان كانوا قلة، وقليلي النفوذ ولو كانوا غير ذلك لما اضطر الاسد الى ارسال اكثر من ثلاث فرق عسكرية كاملة لتثبيت نفوذه في لبنان.