الحرب قادمة .. والسلام أيضاً

كتب غازي مرتجى
(؟)
(!)
منذ اكتشاف ما أطلق عليه الاعلام الاسرائيلي "نفق العين الثالثة" والواصل من مدينة خانيونس إلى داخل الأراضي المحتلة المحاذية للقطاع , بدأت عمليات "التهديد والوعيد" الإسرائيلية ضد قطاع غزة , ولم تنم سماء غزة دون طائرات استطلاعية وحربية منذ ذلك الحين ..
النفق الذي اكتُشف كان مذهلاً بكل المقاييس , واكتشافه كان خيبة أمل لدى الكثيرين بداية من الأسرى وليس انتهاء بأنصار المقاومة .. لكن أسرار ما وراء النفق كانت كبيرة , وتوقيت اكتشاف النفق كان غريباً ..
لا شك أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تسنح لها الظروف بالهدوء والاستقرار، بل كانت في سباق مع الزمن لتعويض خسائر الحرب الأخيرة والتحضير لأساليب جديدة .. فالباروميتر الإسرائيلي عند الأحزاب يرتفع وينخفض بناء على ما تُقدّمه "غزة" .. إسرائيل تعتمد دوماً على "شهداء غزة" في أي دعاية انتخابية أو أي رسالة تريد إيصالها لأطراف اقليمية ودولية .. ليس بسبب "ضعف غزة" فغزة تمتلك مقومات وامكانيات جيدة مقارنة بغيرها , لكن ما يحيط بها ويساعدها في ذلك الماكنة الاعلامية الاسرائيلية , فغزّة منبوذة دولياً (لدى المؤيدين لإسرائيل) , وتستطيع إسرائيل اقناعهم بأن غزة = إرهاب .. وهو ما يساعد الاحتلال دوماً في أي هجمة يكون الهدف الرئيسي منها "رفع درجات القبول الداخلي في اسرائيل للحزب" وتعلم إسرائيل تماماً أن ألف عملية عسكرية لا تقضي على الإرادة الغزّية..
عود على ذي بدء .. الحرب على غزة أصبحت أقرب مما نتوقع , فتهديدات الاحتلال لا تزال تتصاعد , ورسائل المقاومة كلها من "تحت الحزام" .. وما ينقص بدء الجولة هو فقط "نكشة" واحدة .. المقاومة غير راغبة ببدء أي "حرب" لأسباب التشرذم الإقليمي ولضمان استقرار الأوضاع , وإسرائيل تنتظر استقرار الوضع بسوريا نهائياً والعمل على تحييد أطراف اقليمية لعدم مساندة "غزة" وعندها تقع الواقعة .. وهي قريبة بالمناسبة بحسب ما يصدر من تصريحات لقادة الاحتلال .
جنّبنا الله وإياكم غياهب الحرب .. وحمى الله شعبنا ونصر إرادته ..
على الهامش:
عودة المقاومة الى الواجهة بـ"النفق" أضاعتها بيانات "تبنّي" شهيد الضفة والمناوشات الاعلامية بين أكبر جناحين مسلحين , الطرفان لا يعلمان مدى "الضرر" الذي ألحقاه بصورة "المقاومة" .. كان عليهما الترفّع عن تلك "الصغائر" والتفكير في "الكبائر"! ..
المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية تسير وفق مخطّط نهاياته معروفة ومرسومة .. لا صحة بتاتاً لأخبار تعثّر المفاوضات أو أنها تسير في طريق "مسدود" , ما فهمته من أحد "الكبار" أن المفاوضات الشكلية بالمفهوم الإعلامي "سواء الفلسطيني أو الاسرائيلي" ليست شكلية .. بل تعتبر الجلسات الحالية هي الأكثر جدّية منذ فترة طويلة .. أو بالأحرى منذ "مفاوضات كامب ديفيد الثانية" , كنت قد كتبت مقالين أولهما قبل بداية المفاوضات وعلمت في وقتها أن موعد جلسات "المفاوضات المرسومة" اقترب وكان المقال الثاني حول المفاوضات بحد ذاتها وكيف بالإمكان إنجاحها .. طبعاً لم يؤخذ بأي نقطة نجاح , لمعرفة المفاوضين أن هذه المفاوضات ناجحة بدون أي تدخلات أو أي اضافات .. ما ينقص الإعلان النهائي لنجاح هذه الجولة من المفاوضات هو استقرار الوضع الإقليمي ولن أبالغ لو قلت استقرار الوضع المحلي "سواء بالضفة أو غزة" وإحكام السيطرة الأمنية تماماً .
بحسب ما يتم تسريبه من توقعات عن حزمة الحلول المطروحة فهي تُقارب ما طُرح في كامب ديفيد الثانية , لكن وحتى اللحظة لم يوافق الرئيس على الحزمة المطروحة .. فهل يحاول الرئيس كسب الوقت بانتظار "معجزة"؟ , والمعجزة هنا تعني استقرار الوضع العربي وتوحّده خلف الحقوق الفلسطينية .. أم يحاول الرئيس كسب أي انجاز حتى لو كان صغيراً ويصب في صالح المواطن الفلسطيني في محاولة لأن تكون المفاوضات دائمة بدون أي حلول نهائية , أم يحاول الرئيس كسب "الليونة" الفلسطينية في محاولة للوصول إلى المجتمع الدولي بشكل أكبر وكشف حقيقة تعامل الإسرائيليين مع المفاوضات ..
بحسب التاريخ .. عند وصول "اللقمة إلى الحلق" يُفاجأ المفاوض والمتابع الفلسطيني بطلب إقالة للحكومة الإسرائيلية التي تقود المفاوضات , أو تصل ذات "اللقمة" إلى نفس المنطقة بـ"الحلق" قبيل شهرين من انتهاء مدة ولاية الرئيس الأمريكي -تكرّرت مع بوش الابن وكلينتون- تُقدّم إسرائيل تنازلات في المفاوضات ويرفض الرئيس الأمريكي نفسه تلك المقترحات ويتشدد للصالح الإسرائيلي في محاولة لكسب أصوات "اللوبي اليهودي" لصالح حزبه في الانتخابات .. هذا السيناريو أصبح "واضح المعالم" وبصراحة أصبحت تلك "الولدنات" مكشوفة , ربما تروق تلك "الولدنات" للقيادة الفلسطينية فربما تكون "المنقذ" من أي اتفاق سياسي نهائي , وبالطبع لن يكون أي اتفاق سياسي نهائي مطابقاً للشروط الفلسطينية والرغبات الشعبية ..
الحالة التفاوضية الحالية وعلى ما يرشح من أخبار من داخل "غرف التفاوض" فالجانبان الفلسطيني والإسرائيلي لا يملكان الارادة لتوقيع اي اتفاق , فكلا الطرفان يراهنان على "معجزة" أو "حدث طاريء" قد يُحسّن من شروط أي اتفاق نهائي ..
على كل .. لو صدقت أنباء التدخل "الأمريكي - الأوروبي" القوي , وتوفّر إرادة "إسرائيلية - أمريكية" بشكل خاص واستبعاد شبهة "اقالة الحكومة الاسرائيلية وإرضاء اللوبي اليهودي من الرئيس الأمريكي" فهذا يعني أن ولادة أي اتفاق سيكون على الأكثر نهاية العام الجاري .. وهو ما تتحدث به المستويات العُليا وبتفاصيل التفاصيل ..
هي آراء وبعضها معلومات .. وفي النهاية ينتصر الحق الفلسطيني مهما كانت النتائج ومهما اشتد الحصار والتضييق ..