العيد قديما سحر و مذاق خاص

العيد قديما سحر و مذاق خاص
غزة - خاص دنيا الوطن - رموز النخال
 مناسبة العيد لها بهجة أكثر وفرحة أغمر و نكهة خاصة يشعر بها الصغار و الكبار و ينتظره الناس  بفارق الصبر و خصوصا الاطفال الذين تملأهم فرحة غامرة منذ ليلية العيد و ويستعدون له كامل الاستعداد لأنه بالنسبة إليهم يعني التغيير والتجديد فهم يلبسون فيه الجديد ويأكلون ويلعبون .

و كان العيد قديما له بريق  ورونق وجمال خاص  يتحدث عنه الكبار و عن السعادة الحقيقة التى كانوا يشعرون بها كبارا و صغارا منذ تباشير العيد  .

حيث اتفق جميع من وصفوا العيد قديما بهذا التقرير الخاص بدنيا الوطن بأن الجوهر و المعدن للناس تغير و بأن المشاعر كانت حقيقية و كان النسيج الاجتماعى يتسم بالترابط  و بأنه  كان يتم مشاركة السعادة بقدوم العيد مع الأصدقاء و الأقرباء و الجيران و بانه لم يكن هناك جفاء و أو قطيعة و خلافات كما هو شائع الآن و كان الجميع يتمنى الخير لبعضهم البعض  و كانوا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو  تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى بعكس ما هو عليه من شرخ و تفسخ بالنسيج الاجتماعى .

و كأن لسان حالهم يقول :

هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به
وبذلك الخير فيه خير ما صنعا 
أيامه موسم للبر تزرعه
وعند ربي يخبي المرء ما زرعا 

حيث وصف  المدون خالد صافى العيد قديما بأنهم كانوا يرون كل شيء جديد وكبير ومميز وممتع في هذه الأيام قائلا " لا أدري ربما لأننا كنا صغار، أو لأننا كنا لا نخرج كثيراً، لكن المؤكد أن الخير كان يعم على كل أبناء العائلة في الأعياد، ذلك لقلة عدد الأطفال عامة، بالتالي كان لنا نصيب كبير من العيدية من كافة الأقارب وحتى من أقارب أبعد ومن معارف وآخرين مهتهم تنحصر في رسم البسمة على وجوه الأطفال كواجب رسمي في العيد "

و تابع "الغالبية العظمى من العائلات كنت تذبح خراف وقلما كنا نسمع عن اشتراك مجموعة أشخاص في عجل أو بقرة كما هو السائد هذه الأيام، والذبح عادة كان أمام البيت، ولا نعرف أصلاً ما المقصود بالمسلخ! من الجميل بعد ذبح خروف العيد كان جدي يستخدم الصوف بعد دباغته وتعريضه للشمس كفرش أو غطاء للوسادة يتكؤ عليها، لا أظن أحداً يقوم بهذه العادة هذه الأياملا تنقطع الزيارات بين الأهل والأقارب طيلة أيام العيد، إضافة للدعوات للولائم والسهر فوق أسطح المنازل، وأهم ما يميز عيد الأضحى الشوي، وأكل الكباب "

و عبر الباحث عماد محسن عن  شعوره بالعيد قديما بأنه كان له نكهة خاصة  و بأن ترابط النسيج الاجتماعى هو أبرز سماته قائلا
 "كان أجمل ما في الأعياد سير الناس في جماعات صباحاً باتجاه الساحات العامة مكبرين مهللين ذهاباً إلى صلاة العيد، حيث بات الناس يسيرون فرادى صامتين والصلوات في معظمها تقام في مساجد مغلقة  "

و عن توزيع الأضحية قديما قال محسن "كانت أضحية الماضي توزع ثلاثة أقسام بالتساوي، كان ينال الفقراء ثلثها والأقارب والأرحام ثلثها ويتبقى ثلث لصاحب الأحضة ... اليوم باتت الأضحية بالكاد تكفي احتياجات أهل صاحب الأضحية ودفع الفقراء الثمن"

و أكد بأن الناس كانوا يحاولون بكل ما في استطاعتهم اسعاد من حولهم في لعيد بالذات الأطفال، اليوم يمر العيد والناس واجمة ووجوهها لا تلوي على شيء وبالكاد يتذكرون أن هناك طفل بحاجة إلى الفرح، في الماضي كان الشباب يهتم بزيارات أسر الشهداء وأسر الأسرى والمصابون من جرحى الانتفاضات الفلسطينية، اليوم باتت هذه الزيارات قاصرة على قطاعات محددة وبالكاد يتذكر الجيران المرور على منازل جيرانهم المكلومين ... عادات قديمة جميلة أفرغناها من محتواها باعتذار مرارة العيش ولا مبرر لتجاهلها اليوم في ظل اشتداد المحنة وصعوبة الظروف "

و بين الكاتب ناصر اسماعيل اليافاوى بأن المجتمع الفلسطينى  يعيش فى مرحلة تبدلت بها القيم الاجتماعية وعلت القيم المادية والتفكك ، وجاء الانقسام ليعزز هذا التبدل وللعيد قديما في مجتمعنا كان له رمزية معينة ، والرمزية هي أسس ثابتة في حياتنا ونذهب بها باتجاه الماضي الجميل، ونخوض في الذاكرة لاستخراج عبق مظاهر وعادات وتقاليد فرحة وممارسات أعياد الفطر الصغير والأضحى الكبير في المجتمع الفلسطيني صاحب التراث العميق الذي تتشابه فيه الكثير من الممارسات آخذين بعين الاعتبار الخصوصيات لكل مدينة وقرية وبادية ، حيث تختلف مظاهر العيد والعادات والتقاليد المتبعة فيه باختلاف الناس والمجتمع والمكان الذي يعيشون فيه سواء كان في المدن أو القرى او البادية .

و أضاف "لقد كان لدينا تراث له جذور يعكس البعد الحضاري للفلسطينيين ، بتنا نشعر أنها بدأت تتراجع للأسف ؟! ولأعيادنا قديما كانت طقوس خاصة حتى فى الأكلات الشعبية الخاصة بكل عيد، فأيام رمضان لها طعم خاص عند أهل فلسطين واكلاته وحلوياته ، وكذلك أيام أعياده العامة والخاصة، فالعامة يحتفل بها الجميع عيد الفطر وعيد الأضحى وأعياد الميلاد ورأس السنة الهجرية أو يوم الإسراء ويوم مولد النبي ، أيام خلت كانت المساجد تتلألأ بأنوارها ، والموائد تفرش على أبوابها لإطعام الغريب والفقير، هذه المظاهر بدأت تتناسى بل وتتلاشى لدى الكثيرين ، وأخشى أن تندثر مستقبلا بسبب هذا الوضع المضطرب الذي نعيشه ، وانقطاع الكهرباء وقلة المياه والحزن المخيم على الكثيرين .. طقوس فلسطينية بتنا نشتاق إليها في الأيام الثلاث الأخيرة من شهر رمضان واستعداداً لاستقبال العيد في فلسطين كان : في صباح العيد الباكر كان الكثير من الرجال والأولاد يخرجون لأداء صلاة العيد ويحضرون معهم أعواد من جريد النخل لزيارة المقابر لقراءة الفاتحة على شهدائهم وموتاهم، بعدها يتهنى الجميع بألذ إفطار للعائلة بعد مراسيم التهنئة، النساء يبدأن في تجهيز طعام العيد والتفنن في إعداده ، والأطفال والأولاد يريدون إنهاء الفطور بالسرعة لكي يلبسوا ملابسهم الجديدة وينظروا الى آبائهم الذين يدخلون الى قلوب الأولاد السرور بإعطائهم العيدية وتراهم فرحين بتقديمها، ويبقى الأطفال هم الرابحون، النساء والبنات يتزين ويتجملن وهن بدورهم بانتظار العيدية

و عن العادات التى كانت تمارس قديما فى الأعياد قال اليافاوى 
 "مما كنت ألاحظه منذ طفولتي انه حين إعلان بشرى العيد كانت المحلات والمقاهي فى غزة تصدح بأغنية أ أم كلثوم( ياليلة العيد) أو أغنية الفنان ناظم الغزالي أي شيء في العيد أهدي إليك موسم للخياطين : يتزاحم الرجال والنساء على محلات الأقمشة ، لشراء كسوة العيد ، واليوم تبدل الحال وبدلت بالبضاعة الصينية أو التركية وأغلقت العديد من الخياطين محلاتهم موسم الدباغين والإسكافية : كذلك الأمر كان في قسم صناع وتجار الأحذية والتباهي بأنواعها في مواسم العيد ، والطبقة المتوسطة كانت تقوم بصباغة ودبغ جلودهم وأحزمتهم رغبة فى تجديدها أو تجديد مفروشات وأثاث منازلهم العتيقة ، وهذه الظاهرة أصبحت في طي النسيان  "

و تابع "موسم الحلوانية والبقالة والجزارة : أما الجزء الآخر فكان لمحال الحلويات والمستلزمات الغذائية ، وطواف الناس في الأسواق الشعبية لشراء مستلزمات الأغذية الخاصة الغنية بالألبان واللحوم ، وتقديمها للضيف العزيز بأصناف وأشكال مختلفة موسم الحلاقة والتزيين : والرجال والأولاد يزورون محلات الحلاقة لقص وتهذيب الشعر حيث تبقى محلات الحلاقة مفتوحة طوال اليوم والى ساعات متأخرة، وليلة العيد إلى الصباح ولآخر زبون. حمى النظافة والترتيب وزينة البيوت والشوارع ومداخلها : أما النساء والبنات فيستعرضن تفننهم بنظافة البيت وترتيبه، وتزينه برسومات ودهانات فلسطينية خاصة ، عدا عن إنارة الشوارع بفوانيس لها طقوس والوات تجلب الفرحة والسعادة للنفوس ، وقسم آخر يقمن بصنع أصناف معينة من الكعك والمعمول بكافة أنواع الحشوات من الجوز والسمسم والتمر والسكر والاجبان ، وهذه العادات والتقاليد لا تختلف في كافة الاراضى الفلسطينية ..موسم المراجيح أما المراجيح ودولاب الهواء والزحليقة والفرارات فتنصب في الساحات طيلة أيام العيد وفي الأماكن الأكثر شعبية ، وتحت شعار الحاجة ام الاختراع كان الفلسطينيين وخاصة فى القرى والمخيمات يصنعون مراجيحهم بطريقة تقليدية من الخشب والعصي وكراسيهم كانت لا تتجاوز القش أو جريد النخل "

و بين  اليافاوى بأن معظم هذه العادات انقرضت متهما العولمة و التقدم التكنولوجى الهائل وراء انقراضها حيث قال "شعرنا بتخوف حيث لاحظنا أن هذه معظم العادات والتقاليد المتوارثة بدأ يصيبها خطر الانقراض في ظل العولمة وانتشار المفاهيم المادية الميكانيكية وسيطرة الثقفاة الحزبية ، وتغير طباع الناس حسب مستجدات التغيير المستوردة من عتبات اقليمية ودولية غريبة عن طباعنا "

أما  الباحث عمر الغول أكد بأن هناك تباين في ممارسة طقوس العيد، وحصل تطور في بعض المفاهيم والسلوكيات، لها إرتباط بالوعي

و أضاف "انا اعتقد ان السمة العامة للمجموعة البشرية ، التي اتعامل معها ، حافظت على ابرز السمات  بمعنى التواصل مع اقرب الاقارب وخاصة الاخوات والعمات والاعمام والاخوة ولكن الزيارة في العيد تأخذ طابع العيدية للصبايا والاطفال ، ولكن نتيجة ازدياد حجم الاقارب ، لا يستطيع الاهل الجلوس عند العائلات التي نزورها  فضلا عن التجمع في ديوان العائلة ومعايدة ابناء العمومة جميعا  وبعد ذلك معايدة الاصدقاء ,.وطبعا ممارسة عادة الذبح للضحية "

التعليقات