عمر زين في ذكرى المناضل بن تومي:هذا المارد البطل حمل الجزائر فَتيّاً في قلبه وعقله وجوارحه

الجزائر - دنيا الوطن
أحيت مؤسسات الدولة و المجتمع المدنى بالجزائراليوم ذكرى المناضل الجزائرى معالى النقيب عمار بن تومى .

اليكم نص كلمة عمر زين الأمين العام لاتحاد المحاميين العرب :

"من شموخ القمم، وأرض المعجزات، هذا الفارس البطل، فوق صهوة المجد، وفي صدارة محراب التاريخ المشرِّف، عمار بن تومي، سيف من سيوف العدالة مسلول، وأمير من أمراء المنابر والبيان.

أطلقته الجزائر أمُّ الحرية وفردوس الشهداء من مدينة الصمود والصبر قسنطينة محلقاً في سمائها المكفهرة، غضباً في مواجهة الظلم والاحتلال، وقبساً من نور في فجر الحركة الوطنية، وبشارة انتصار من بعد في ثورة الأبطال الأحرار. فإذا هذا المناضل العملاق – مَنْ نحن في ذكراه – الصوت الهادر باسم الحرية في سماء الجزائر، والنَسْرُ الجوَّاب المغامر، في فضاء الأمة العربية، يضيق الأفق بأمداء عينيه، ولا تتسع الأجواء لخفق جناحيه، يدّرع الشجاعة والعلم والقانون، دفاعاً عن الحق والمبادئ، وذوداً عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية.

هذا المارد البطل، حمل الجزائر فَتيّاً في قلبه وعقله وجوارحه، واستعذب الموت من أجل إستقلالها وحرية شعبها العظيم. ويوم لفّته غياهبُ السجون، وأقبية الجلادين المستعمرين، وكان من الموت قاب قوسين أو أدنى، لم يزده التعذيب إلا عزماً وقوة، هاتفاً خلف جدران الموت، لبيكِ لبيكِ يا جزائر، ومردداً باعتزاز:

"الموتُ أهونُ ما يكون لمؤمنٍ يأبى الحياةَ مذلّةً وهوانا"

ويوم جاءت تسعى إليه وزارة العدل بعد إنتصار الثورة، كأول وزير عدل بعد الإستقلال، وفاء لنضاله، واقتناعاً بقدراته المميزة في تحقيق العدالة، ما حنى للمنصب قامة، ولا خاب فيه رجاء العظمة، وحين آلت إليه مقاليد نقابة المحامين، والأمانة العامة المساعدة لاتحاد المحامين العرب، ورئاسة رابطة الحقوقيين الديمقراطيين، وما سبق ذلك أو تلاه من مناصب أو مهمات جسام، لم يزده هذا التكريم إلا تواضعاً وإصراراً على مساندة حركات التحرير في العالم، إيماناً منه بحق الإنسان وحق الشعوب في الحياة الحرّة الكريمة. وفي مقدمة هؤلاء الثورة الفلسطينية وحركات التحرر في العالم العربي.
أيها السادة،

نعم، هي فلسطين، مهدُ عيسى ومسرى محمد، وقضيةُ الأمة المركزية، حملها المجاهد عمار، وجنّد نفسه للدفاع عنها وعن أبطالها المقاومين، شجاعاً قويَّ الحجّة، صلب العقيدة، مؤمناً بأن ضياع فلسطين واغتصاب القدس هو إنهيار كيان الأمة، ووصمة عار في تاريخنا المعاصر.

وكان في الوقت نفسه، شديد الإيمان، بأن هذه الأمة التي صنعت يوماً مجد التاريخ، وحررت تراب الجزائر، هي أمة خالدة لن تموت ولن تركع مردداً مع الشاعر:

"إنَّ شعباً يهوى الشهادة درباً  ليس يقوى على فَنَاهُ الفَنَاءُ"

ويوم تجنّى طغاةُ الأرض في العراق، وعاثوا في ثراه فساداً، هبَّ المحامي المتفوق علماً واخلاقاً ووطنية، الفارس الثائر عمار، يتصدى لهذا الاستكبار ويتحدى المحتلَّ الجبار، لا دفاعاً عن رجلٍ عزّ شأنه، ولا إنتصاراً لزعيم حاكم، وإنما دفاعاً عن كرامةِ أُمّة، ورفضاً لإذلالها بالأساليب الوحشية، وانتصاراً لما آمن به الراحل البطل من واجب الدفاع عن كرامة الانسان، وعن حق الشعوب المقهورة في الحياة الحرة الكريمة.

أيها السادة،

ذلكم قدر الكبار الكبار، صُناع مجد الوطن، هم منارات عزٍ ومصابيح رجاء، لا يغيبون في عتمة الموت، يصعدون في التاريخ والضمير والذاكرة.

فإليك، أيها الفارس المنتصر على الغياب، والقمةُ الشامخةُ من قمم الجزائر الشماء، تحية رفاق النضال في اتحاد المحامين العرب، معاهدين باسم دماء الشهداء، وعنفوان التراب العربي، أن نتابع الطريق على خطاكم بكل التضحيات، وإنّا بكم لمقتدون ومهتدون.

فتحيةً إلى روحك في جنّات النعيم، يأثمُّ بك شباب الأمة، إلى جانب الأمناء العامين والمساعدين والنقباء والأعضاء المنضمين الذين غادروا هذه الفانية إلى دار البقاء مع الصدّيقين والأبرار.

ويعتز بك وبهم تاريخ النضال العربي " .

التعليقات