عن أوسلو .. والحل

كتب غازي مرتجى
نرفض إتفاق أوسلو .. ما الحل ؟ كنت أتمنى على النشطاء الشباب تقديم مذكرة حول بدائل أوسلو .. ماذا يمكن أن نفعل وبماذا يمكن تعويض خساراتنا في أوسلو ؟ .. كمثال .. الربع مليون موظف في غزة والضفة يعملون في وزاراتهم ضمن اتفاق أوسلو .. ما الحل ؟ جميعنا نحمل جواز سفر فلسطيني طبقا لاتفاقية اوسلو .. لو قررنا إيقاف أوسلو وتبعاتها .. ما الحل ؟ جميعنا يأكل طبقاً لملاحق اتفاقية أوسلو .. ما الحل ؟
يصادف اليوم ذكرى توقيع اتفاقية أوسلو , الاتفاقية التي أعادت الثورة الفلسطينية إلى فلسطين , وأسست لمرحلة بناء الدولة بعد كفاح طويل مرير ..
في الذكرى .. دشّن نشطاء شباب حملة "أنا ضد المفاوضات" على الفيسبوك , ولم يتركوا كلمة إلا وتحدثوا بها ضد "أوسلو" ومن صنعها ووقّعها ..
إما أن تكون ضد أوسلو قلباً وقالباً وهاشتاجاً .. وإما أن تكون مع أوسلو عقلاً وفكراً ولساناً .. وبدون هاشتاج ! ..
أنا ضد المفاوضات طالما لم تلتزم إسرائيل بالشروط والضمانات , وطالما نتبع ذات السياسة العقيمة في فن التفاوض ..
في مطبخ المنزل عندما تحضّر الزوجة الطعام لك تجد له طعماً مختلفاً ولو توجّهت لوالدتك وأعدّت لك ذات الطعام ستجد طعماً آخر ولو توجهت لشقيقتك لتعّد لك نفس الوجبة ستجد طعمها تغيّر عن الأولى والثانية .. وفي النهاية ربما "تستطعم" الثلاث وجبات وربما تعشق واحدة أو اثنتين .. إذاً , تذوّق أكثر من "طعم" يحتاج لأكثر من "طرف" , وهو ما لا ينطبق على "قادة المفاوضات لدينا" , فالطبّاخ ذاته بل وأدوات المطبخ ومكوناتها لم تتغير , لم يعرف المفاوض مثلاً "التشيز كيك" واستمرّ في إعداد "الكِكسَة" .. ولم يُجرّب المفاوض فوائد "فيليه السمك بالزنجبيل" وداوم على "زبدية الجمبري" ! , أنا شخصياً مُعجب بكتاب صائب عريقات "الحياة مفاوضات" , لكن في ذات الوقت مُغرم بكتابات قيادات تاريخية سردت أساليب تفاوضها وانتزاعها حقوق أمتها .. وعلى الرغم من إعجابي وغرامي فإن المفاوضات مع إسرائيل لا تحتاج إلى فنون التفاوض "النظرية" و "الأكاديمية" و"التاريخية الشخصية" .. أسجل عشقي وغرامي وحنيني لفن ياسر عرفات التفاوضي .. وكلنا نعرف كيف قاتل عرفات وفاوض في ذات اللحظة !
الدكتور صائب عريقات يجب أن يختار مجموعة من المثقفين والأكاديميين ومن يمتلكون مهارات التفاوض ليقوم بتدريبهم "نظرياً وأكاديمياً " ومن ثم يكشف لهم عن مسيرة الـ 20 عاما من المفاوضات (الغير منشورة) , وبعدها ليترك العنان لهم لربما يستلّذ الجمهور على "طبخاتهم" , وليكن هو كبير المفاوضين الصغار ...
أما عن أوسلو ذاتها , فنعلم جميعاً أن إسرائيل هي الطرف الأقوى , ودائماً يكتب التاريخ "القوي" وتُنفذ الاتفاقيات بناء على رغبة "العرنيط" !
أوسلو جلبت لنا هوية فلسطينة وجواز سفر فلسطيني ورئاسة ومجلس تشريعي وحكومة وحدود (مش معروفة) , ومياه وكهرباء (كانت) ومعابر .. الخ , لكنها في المقابل أوجدت سطوة إسرائيلية جديدة من نوعها .. لكن ..
نرفض إتفاق أوسلو .. ما الحل ؟ كنت أتمنى على النشطاء الشباب تقديم مذكرة حول بدائل أوسلو .. ماذا يمكن أن نفعل وبماذا يمكن تعويض خساراتنا في أوسلو ؟ .. كمثال .. الربع مليون موظف في غزة والضفة يعملون في وزاراتهم ضمن اتفاق أوسلو .. ما الحل ؟ جميعنا نحمل جواز سفر فلسطيني طبقا لاتفاقية اوسلو .. لو قررنا إيقاف أوسلو وتبعاتها .. ما الحل ؟ جميعنا يأكل طبقاً لملاحق اتفاقية أوسلو .. ما الحل ؟
نعم .. نحن ضد أوسلو .. ضد المفاوضات بشكلها الحالي .. ضد السطوة الإسرائيلية الأمريكية على الشعب الفلسطيني .. فلنفكّر بالحلول بدلاً من أن ننضم إلى حزب "خُلقت لأعترض فقط" !