جولة ردح

جولة ردح
كتب غازي مرتجى
استأنفت حركتي حماس وفتح جولة الردح التي توقفت لـ 48 ساعة لأسباب انشغال الطرفين , أحدهما منشغل بمتابعة الأحداث المصرية والآخر ينتظر بدء المفاوضات ومعرفة تفاصيل جلسة عريقات الأخيرة ..

لقد مللنا .. نعم لقد هرم الشعب الفلسطيني وهو يستمع إلى جولات الردح المتبادلة بين أكبر تنظيمين فلسطينيين , خرج عزّام الأحمد ليهدد ويتوعّد بإجراءات مؤلمة ضد حركة حماس وخرج فوزي برهوم ليصف فتح بأنها باعت فلسطين وأن حركته لن تتصالح مع من يبيع الأرض .

عزّام الأحمد وفوزي برهوم من القيادات المعتدلة وممن تُوصف تصريحاتهما دوماً بأنها قمة في الاعتدال وهما من جناح إنجاز المصالحة .. فالأحمد قاد المفاوضات مع أبو مرزوق لفترة طويلة ونسج علاقات عالية المستوى مع قيادات حركة حماس وفوزي برهوم احتمى بمنزل أحد الفتحاويين في الحرب وكان دوماً من الداعين لضرورة إنهاء الإنقسام ونسج علاقات مميزة أيضاً مع قيادات فتحاوية .. فما بالكم بأجنحة "الإنقسام" ذاته !؟

يتحدث الأحمد عن إجراءات ستتخذها حركته ضد حماس , حبّذا لو تحدث عن تلك الإجراءات علانية .. ويتهم برهوم فتح بأنها باعت فلسطين , حبّذا لو نفهم كيف بيعت فلسطين ولم تبدأ المفاوضات بالأساس !

لقد أصبح واضحاً للعيان كيف اعتمد التنظيمين على الأوضاع المصرية الداخلية , ففتح تراهن الآن على أن يكون النظام المصري الجديد مُقرباً لهم , وراهنت قبلها حركة حماس على نظام مرسي , "مرسي" استمرّ في حكمه عام كامل ولم يقدّم لحماس ما تتمناه بل على العكس هُدمت الأنفاق وزادت وتيرة الاتهامات الموجهة ضد حماس في الاعلام المصري , ولم تنتصر حماس على فتح ولم تستطع مصر فرض شروطها على أي من التنظيمين , بل كانت كما هي في عهد "مبارك" وسيطاً نزيهاً بين الحركتين .. وفي العهد الحالي بعد إسقاط مرسي لن يتغير تعامل مصر مع الحركتين , فتعامل مصر مع فتح وحماس لم يتغير منذ عقد من الزمن فالمخابرات العامة هي الجهة المسؤولة عن ملف المصالحة وستبقى المسؤولة , لن تنحاز أي إدارة مصرية لإرادة أي من التنظيمين بل ستكون عامل ضغط على الطرفين لـ"فض المولد" .

إن المراهنة على الأوضاع المصرية في هذا الوقت هو أمر في غاية الاستغراب , فكان الله بعون "مصر" مما تُخفيه لها الأيام , ولو عادت مصر إلى عافيتها وهو ما نتمناه ونرجوه ستقف في وجه الطرفين بذات الصبغة والصيغة .. وليتذكّر الطرفين .. في عهد مُبارك القريب من رؤية فتح وبعهد مرسي القريب من رؤية حماس لم يتغيّر التعامل بل أميل بشدّة أن مرسي داس على طرف حماس ومبارك داس على طرف فتح ليُثبت (الرئيسان السابقان) أنهما لا يحتكمان لرأي أي طرف على حساب الآخر .

يُحدثني قيادي في تجمع الشخصيات المستقلة عن العلاقة الأخوية بل والأسرية بين قيادات حركتي فتح وحماس , وكيف كان المزاح بينهم في جلسات الوفاق الوطني , وسرد لي قصصاً لو سمعها مواطن عادي لن يُصدّقها وسيتهم راويها بالجنون .. 

الشعب الفلسطيني لا يطلب الكثير , بل يوّد ويتمنّى أن تكون العلاقة بين أكبر تنظيمين كما العلاقة الشخصية بين قيادات الحركتين .. أعتقد أن مطالب المواطن الفلسطيني ليست مستحيلة ولا صعبة .. هي حق وواجب وليس منّة منهما !

ملاحظة : لماذا لا يهتم الأحمد وبرهوم بالعمل على إعادة تشغيل معبر رفح ؟ وفيما لو استمرّ إغلاق المعبر نتمنى أن نستمع لقرار تحويل كافة المرضى المُحوّلين إلى مستشفيات مصر للعلاج إلى مشافي  الضفة أو الأردن .. نتمنى