ياسر عرفات وفتح وحماس

كتب غازي مرتجى
بالله عليكم .. لماذا لا تحمل العشر الأواخر بُشريات الخير للمواطن بدلاً من بيانات التشهير المتبادلة ؟
تقول حركة فتح أن نظيرتها في الحكم بغزة تتحضّر لعملية دموية ضد عناصرها وأنصارها , وكذلك تكشف حماس عن حملة جديدة لقوات الأمن في رام الله ضد أنصارها .. حركة حماس تهاجم حركة فتح وتتهمها بأنها بأجهزة إعلامها وأمنها تجعل من حماس طرفاً في مصر , فتح من جهتها تتهم حماس بأنها تتدخل بالفعل بالشأن المصري وتستدّل بقناتي الأقصى والقدس , تعود فتح لتقول أننا لا نتعامل مع حماس بمنطق الاستغلال ’ وحماس تتهم فتح بأنه وبعد عزل الاخوان عن حكم مصر تتعامل فتح معها بفوقية وبمنطق الأقوى .. الخ
من كل ما سبق وبكل ما لم أذكر فمن المعيب أن أتحدّث كفلسطيني عن وصلات الردح التي أشاهدها في كل دقيقة على الفيسبوك من الطرفين , والغريب أن الإطفائيون المعتادون جاهزون , فاليسار الفلسطيني يبرع في الاصطياد بالماء العكر والتنظيمات الإسلامية الأخرى تبرع في تقمّص دور الداعية للطرفين , والمواطن الفلسطيني لا تزال ساعاته ودقائقه كما هي منذ سبع سنوت , ملّ من سماع كلمة "مصالحة" ويضجر من تكرار كلمة "قريباً" ! .
افتقدنا للمثقفين في وضعنا الحرج الحالي , بل وافتقدنا للأطر غير الحزبية , وافتقدنا للإعلام غير المؤطّر , ولم نعد نسمع بفصائل وتنظيمات شعبية تهتّم بالمواطن وتفاصيل حياته والتفتنا جميعاً إلى مصلحة الحزب , وأصبح شعارنا الكبير "الانتقام" .
أعتقد أن حالنا الفلسطيني بحاجة إلى إعادة صياغة من جديد , كان ياسر عرفات رحمه الله في السعودية اليوم وغداً في إيران وبعد غد مع صدام وبعد بعد غد في مصر وبعد أسبوع واحد في روسيا وبعد أسبوعين يغازل الأردن وبعد شهر يرسل إشارات الحب لسوريا .. وتجده بعد أن زار آل الأسد طار للمكوث بخيمة القذافي الشهيرة .. هو أيقن أنهم جميعاً بحاجة للقضية الفلسطينية وعلم أنهم لا يستطيعوا ولو تفكيراً أن يتركوه أو يحاربوه أو يبيعوه .. عرفات عرف قيمة وحجم قضيتنا الفلسطينية وتعامل مع الجميع أنه كبيرهم .. أنه بيضة القبّان .. أنه حامي عروشهم في بلادهم ! لماذا لا نتعامل مع الجميع كما كان عرفات ؟
إن الوضع الفلسطيني الداخلي بلغ "أرذله" , وأصبحنا علكة يتلاعب بها الجميع بدلاً من أن نكون نحن للجميع , لا تظنّوا يوماً أن أي دولة أو جماعة تبنّت القضية الفلسطينية لأنها بالفعل تريد تحرير فلسطين أو مساعدتنا والشواهد كثيرة , فـ 18 دولة عربية ضغطت على الرئيس أبو مازن (المتمسك بعدم العودة للمفاوضات) ليعود للمفاوضات مُجبراً , بل وبعضهم وبحسب ما علمت هدّدوا بمنع المنح المالية عن حكومة الرئيس . ولنا في سوريا أيضاً مثالاً فـ 45 عام ولم يقتنع آل الأسد أنه وجب تحرير فلسطين ووجب شن حرب على إسرائيل بل استخدمت القضية وتاجرت بها لأهدافها الخاصة .. وها هو سلاح آل الأسد ظهر وبان ولكن ضد شعبه فقط !.
علينا أن نقتنع تماماً أن حماس لا تعيش دون فتح , وفتح لا تعيش دون حماس , والشعب يتضرر بإقصاء أي منهما للآخر .. في وضعنا الفلسطيني وبما تحتمه علينا قضيتنا الوطنية , لا مجال إلا صلح ذات البين , بالله عليكم اتركوا مناكفاتكم جانباً وانتبهوا لقضيتنا .. انتبهوا لقدسكم .. انتبهوا لعدوكم الأوحد وهو الإحتلال ..
بالله عليكم .. لماذا لا تحمل العشر الأواخر بُشريات الخير للمواطن بدلاً من بيانات التشهير المتبادلة ؟