نيويورك تايمز : تحسن مفاجئ للمعيشة في مصر مما يشير إلى افتعال أزمة رتبت لإسقاط مرسي

نيويورك تايمز : تحسن مفاجئ للمعيشة في مصر مما يشير إلى افتعال أزمة رتبت لإسقاط مرسي
رام الله - دنيا الوطن
الشوارع تهيج بالاحتجاجات والوزراء السابقون في حالة فرار أو يقبعون في السجن، ولكن منذ أن أطاح العسكر بالرئيس محمد مرسي، أصبحت المعيشة أفضل للكثير من الناس في جميع أنحاء مصر: اختفت طوابير الانتظار أمام محطات البنزين، واختفت انقطاعات التيار الكهربائي والشرطة عادت إلى عملها في الشوارع.

هذه النهاية المفاجئة لانقطاعات التيار الكهربائي وعمدة الشرطة لعملها الطبيعي تعزز فرضية كون الكثير من الموظفين الذين استمروا في مناصبهم بعد تنحية الرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011 لعبوا دورا هاما – بقصد أو بدون قصد – في تسميم المعيشة اليومية عموما في ظل الإدارة الإسلامية للسيد مرسي.

في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الانتقالية توحيد بلد منقسم، يقول الإخوان المسلمون وأنصار مرسي إن هذا التحول المفاجئ يثبت أن خصومهم تآمروا لكي يفشل السيد مرسي. لقد لوحظ غياب ضباط الشرطة عن عملهم كما أن أجهزة الدولة المسؤولة عن توفير الكهرباء وضمان إمدادات البنزين تقاعست عن التزويد العادي مما تسبب في ظهور طوابير الانتظار وأشعل الغضب الشعبي و أجج السخط على نطاق واسع.

“لقد كانوا يستعدون للانقلاب” يقول ناصر الفراش، الذي شغل منصب المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال حكم مرسي. ” لقد شاركت دوائر مختلفة في الدولة في خلق هذه الأزمة، من مرافق التخزين إلى شاحنات النقل إلى محطات بيع الوقود.”

من وراء الكواليس، تعاون أفراد من أركان حكم حسني ومنهم من كان مقربا منه وبعض كبار الجنرالات في البلاد، على تنظيم وتمويل وتقديم المشورة لمن كانوا مصممين على إسقاط حكم الإسلاميين. من أبرز هؤلاء الأفراد نجيب ساويرس، الملياردير المعروف وعدو الإخوان اللدود، والسيدة تهاني الجبالي القاضية السابقة في المحكمة الدستورية العليا وهي مقربة من الجنرالات، وشوقي السيد، المستشار القانوني لأحمد شفيق، آخر رئيس وزراء على عهد مبارك، الذي خسر سباق الرئاسة أمام مرسي.

إلا أن عودة الشرطة إلى الشوارع تشكل العلامة الأكثر وضوحا أن المؤسسات الموالية لمبارك تقاعست عمدا عندما تولى مرسي الرآسة. خلال سنة كاملة، وبدلا من محاولة لإصلاح وزارة الداخلية، حاول مرسي إرضاء الشرطة إلى درجة إزعاج أنصاره. فرغم ارتفاع نسبة الجريمة وتفاقم مشاكل المرور مما جعل المعيشة اليومية جحيما وأثر سلبا على الاقتصاد، ظلت الشرطة تتقاعس.

الشرطة تعيد الاعتبار لنفسها

لقد عاد الضباط يرتدون بذلتهم البيضاء إلى شوارع القاهرة، وسارعت قوات الأمن – التي كانت موضع احتقار مكشوف قبل وبعد الثورة – إلى التدخل مستعملة الغاز المسيل للدموع والبنادق ضد الإسلاميين خلال الاشتباكات في الشوارع الأسبوع الماضي، مما دفع معارضي مبارك لمدح أفرادها ووصفهم بالأبطال، بل رُفعت اللافتات في جميع أنحاء المدينة تبرز ضابط شرطة محاطا بأطفال يبتسمون و فوق الصورة هذه الكلمات “سلامتكم هي مهمتنا، وأمنكم هو هدفنا.”

“هل كان هناك ضباط وأشخاص يعملون في إطار سياسة محددة المتطرفين الإسلاميين والإسلاميين بشكل عام”، يقول إيهاب يوسف، وهو ضابط شرطة متقاعد يدير جمعية مهنية لقوات الأمن، “ثم فجأة انقلب النظام وأصبح الحكم بيد الإسلاميين وهو ما لا يمكنهم أبدا قبوله نفسيا”.

لقد تمت إزالة حسني مبارك من منصبه بعد ما يقرب من 30 عاما لكن البيروقراطية التي بناها بقيت إلى حد كبير في مكانها كما احتفظ العديد من رجال الأعمال، وهم من ركائز الحكم البائد، بثرواتهم وبنفوذهم. وعلى الرغم من وصوله إلى السلطة من خلال الانتخابات الأكثر نزاهة في تاريخ مصر، وجد مرسي نفسه غير قادر على بسط سلطته على جهاز الدولة المترامي الأطراف، وقد اشتكى حلفاؤه مما أسموه “الدولة العميقة” و سعيها لتقويض الحكم الجديد.

لقد فشل مرسي في إبلاغ صوته وبناء أي نوع من الإجماع الوطني، وواجه أيضا حملة شرسة من طرف المعادين له، ومنهم من كان من أغنى وأقوى دعائم عهد مبارك.

لقد اعترف نجيب ساويرس يوم الأربعاء، وهوأحد أغنى الرجال في مصر وأحد كبار دعائم نظام مبارك، أنه ساند مجموعة “تمرد” التي قادت حملة عريضة لأجل الإطاحة بالرئيس مرسي. لقد سمح لها باستخدام البنية التحتية للحزب السياسي – المصريين الأحرار- الذي أنشأه واستعمال مكاتبه على الصعيد الوطني، كما قدم الدعم الإعلامي من خلال قناته التلفزيونية الشعبية ومن خلال امتلاكه لبعض كبريات الجرائد المصرية، وأخيرا قام بتمويل إنتاج الوصلات الموسيقية والفيديوهات الشعبية التي راجت بشكل كبير على قناته.

ثم أضاف: ” لم تكن حركة تمرد تعرف أني وراء كل هذا الدعم! وأنا لا أخجل من ذلك”.

لقد صرح ساويرس أنه كان قد تنبأ علنا بأن سقوط مرسي سيدعم الاقتصاد المصري المنهار لأن هذا السقوط سيجلب مليارات الدولارات في صورة مساعدات من إمارات وملكيات النفط الغنية التي تخشى أن تمتد الحركة الاسلامية إلى بلدانها. وبالفعل، تدفقت يوم الأربعاء على مصر 12 مليار دولار من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ” هذه المبالغ من شأنها أن تأمن لنا مدة 12 شهرا بدون مشاكل”، يقول السيد ساويرس.

من جهتها قالت القاضية السابقة تهاني جبالي، فيحديث عبر الهاتف يوم الاربعاء أنها بمعية خبراء قانونيين ساعدوا حركة تمردعلى بلورة استراتيجيتها وعلى اللجوء مباشرة إلى الجيش للإطاحة بمرسي وتمرير الرئاسة مؤقتا إلى رئيس المحكمة الدستورية.

وأضافت “رأينا أن هناك حركة ولديها إبداع شعبي، فقلنا علينا أن نحاول وسنرى إذا كان ممكنا أن يكون لها تأثير وأساس دستوري”.

المحتوى من http://www.marocpress.ma

التعليقات