سقوط مدوّي للإعلام الرسمي .. ومستوزر صريح !

سقوط مدوّي للإعلام الرسمي .. ومستوزر صريح !
كتب غازي مرتجى
سقط الإعلام الرسمي الفلسطيني مرّة أخرى في خضم معارك إثبات استقالة الدكتور الحمدلله أو نفيها , والإعلام الرسمي الفلسطيني الذي حاول الدكتور فيّاض ضمان استقلاليته وتطويره لم يكن على قدر المسؤولية , بل وباعتقادي أن سقوطه كان مدوياً , لقد أثبتت معركة "الاستقالة" أن الدولة الفلسطينية العتيدة لا يوجد بها اعلام رسمي فلسطيني حقيقي , وأن كل المتنطّعين للإعلام حتى لو كانوا من ذوي الشأن في العالم الرسمي فليس من اختصاصهم التحدث للإعلام في قضايا جدلية بشكل خاص ولا تخص تخصصاتهم المخصصة لهم !

إن معركة "الحمدلله" الأخيرة وما سبقها من معركة حامية الوطيس بعد استقالة الدكتور سلام فياض , أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك "أصابع" تلعب في الساحة الداخلية "على راي مرسي"  وان تلك الاصابع تريد توجيه البوصلة باتجاه معين ولا يهمها إن كان هذا الاتجاه "وطني" أو عكسه , بل هي توجهات لمكاسب شخصية لا أكثر  , أجد أنا شخصياً أن من حق كل شخص توجيه البوصلة باتجاهه وباتجاه مصالحه وأصدقائه ويبقى القول الفصل لدى الإعلامي الذي يقدّر صحّة نشر أي خبر أو تقرير ,ويتحمل هذا القصور وهذا الغموض الإعلام الرسمي الفلسطيني , فمع تقديرنا للسيد نبيل أبو ردينة وهو رفيق درب ياسر عرفات , خرج علينا بعد "الهنا بسنة" ليعلن ما أُعلن ويؤكد ما تحدثت به كل وسائل الإعلام وبعد أن أصبحت استقالة (الحمدلله) رأي عام ! , كان عليه التوضيح أكثر عن الأسباب والمسببات ولا نقول عن الحلول , فلو أوضح الأسباب الحقيقية للاستقالة (أو حتى اسباب كاذبة لكنها صادرة عن ناطق رسمي) لصمت أصحاب المصالح , أو ليخرج علينا الناطق باسم الحكومة ليوضّح أو يؤكد أو ينفي , فالوقوف الوسطي في المنطقة الرمادية لن يفيد بل يفتح باب التساؤلات أكثر , وبعلم النفس "من اختراعاتي" ان الوسطية في الحديث الرسمي تنسف الحديث كاملا وتنسف مصداقية المتحدث الرسمي في اي مناسبة أخرى .. 

لقد كانت معارك المستوزرين ومُعلمّي المستوزرين (بعد استقالة فياض) هي الأشد منذ زمن , فأصبح كل من يجد في نفسه "وزيراً" يُحاول التواصل مع معلميه وكباره ليتوسطوا له ليُصبح "مرشح وزير" وكما قال لي أحدهم أنه يكفيه فخراً ترشيحه لوزير حتى ولو "بالكذب" فهي قيمة اجتماعية وسياسية ويدخل بها "المطبخ" من اقذر ابوابه !

الناطق الإعلامي الحكومي السابق وهي إعلامية رائعة , كانت دوماً تتهرب من وسائل الإعلام , ليس لمشكلة لديها أو لعدم تمكنها بل لأنها لا تملك معلومات دقيقة وواضحة , فموظف صغير في أصغر بنك في فلسطين كان يعلم بوقت صرف الرواتب والناطق الرسمي باسم الحكومة لا يعلم وربما يعلم بوقت صرفها وقت وصول رسالة من البنك تفيد بصرف راتبه ! , وعليه فاقترح أن يكون المكتب الاعلامي الحكومي والناطق الرسمي فقط للتحدث عن مناسبات ومجريات العمل اليومية لرئاسة الوزراء والتنسيق بين الوزارات لنشر وتوزيع أخبارهم "الاعتيادية" وليُكتب في كتاب تكليفه أو عقد عمله أن منصب الناطق الرسمي يُلغى في الأوقات الحسّاسة ويُجمّد عمله في المناسبات الكبيرة , ويُمنع من الحديث في حالات "الحروب الداخلية !" ويتم التعميم على وسائل الإعلام حتى لا يُحرج الناطق الرسمي ولا يُغلق هاتفه وتُصبح زوجته حائرة في كيفية الوصول إليه !

في الإعلام الإسرائيلي على سبيل المثال يقوم المستوى الرسمي "أحيانا في اجتماعات الكابينيت" , "وأحيانا بأوامر من رئيس الوزراء" يقوموا بتسريب أخبار معيّنة تُسمى "بالونات اختبار" , يكون الهدف منها معرفة مستوى رضا الرأي العام الإسرائيلي مثلاً حول قضية ما , وأحياناً يكون الهدف منها توجيه رسائل إقليمية ومعرفة ردود الفعل الإقليمية , وأحياناً يكون هدفها فلسطيني بتأجيج الرأي العام الفلسطيني ضد تصرف ما أو تحويل مسار الرأي العام الفلسطيني نحو أهداف إسرائيلية خبيثة .. وكثيرة هي الأهداف من تلك "البالونات" , وفي حال كان بالون الاختبار أو التسريب لقياس ردة فعل الجمهور الإسرائيلي عندها تأخذ القيادة السياسية نتائج التسريب على الأرض لتجعله قانوناً تحتمي به في حال اتخاذها للقرار ذاته .. ويعتبر البعض أن بالونات الاختبار والأخبار المُسرّبة هي جزء هام لقياس مدى رضا الرأي العام على قرارات هامة أو لمعرفة ردود الفعل "العنيفة" في حال اتخاذ القرار ذاته , كما تعتمد إسرائيل سياسة التسريبات الأمنية (للأسف وسائل إعلام محلية تُستخدم لذات الغاية ربما داخليا وربما اقليمياً) لإحباط هجوم "إرهابي" أو لتفتيت مجموعة "مقاومة" أو لبث الرعب في قلوب "أعداء إسرائيل" والطمأنينة في قلوب "مواطنيها" .. في حال كانت قيادتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي يمتلك تلك الآلة وتلك الأفكار ويتعامل بذات الأسلوب .. فسأنحني إجلالاً واحتراماً لهم , وأعتذر عندها عن كل ما سبق !

لعبة الإعلام ليست سهلة , فهي تؤثر على الجماهير في المدى المنظور والبعيد , بل وربما تخلق حالة من "اللامبالاة" من أي تصريح إعلامي رسمي مستقبلي حتى لو كان بإعلان حرب ! وعدم ثقة الإعلام المحلي بالناطقين الرسميين سببه عدم تعامل الإعلام الرسمي بحيادية مع أي حدث , بل يتعامل بغموض شديد مع أي خبر هام أو إجراء مفصلي .. 

ملاحظة هامة : أحد "المستوزرين" الأشاوس ممن رشح اسمه ضمن قائمة وزراء الحكومة الأخيرة كتب عبر صفحته على الفيسبوك إيحاءات جنسية , واعترف لأحد أقاربه بأنه "خبير نسوان" .. ونعم الوزير الواثق والصريح لو أصبح وزيرا ً ! ..