تصاعد في نسبة الطلاق.. ارتفاع نسبة زواج القاصرات في العراق يخلف آثارا نفسية وجسدية على الفتيات

تصاعد في نسبة الطلاق..  ارتفاع نسبة زواج القاصرات في العراق يخلف آثارا نفسية وجسدية على الفتيات
رام الله - دنيا الوطن
انتشرت في السنوات الاخيرة ظاهرة تزويج القاصرات بصورة ملحوظة في المجتمع العراقي، إذ يقوم أولياء أمورهن بتزويجهن وهن صغيرات لأشخاص متمكنين ماديا، رغم ان المشرع العراقي أولى اهتماماً كبيراً لقضية زواج القاصرات.

وتعود اسباب تزايد ظاهرة زواج القاصرات في العراق الى عدة اسباب أبرزها الظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق، خاصة وأن "الكثير من العائلات فقدت معيلها جراء أعمال العنف والحروب، ما يسبب ضغطاُ على المنظومة الأسرية"، فضلاً عن "قلة الوعي الثقافي وهيمنة العادات والتقاليد المجتمعية السائدة التي تشجع زواج الفتيات والشبان في عمر مبكر"، حسب ما افادت ميدل ايست اونلاين

وتقول عضو منظمة حقوق الانسان في ذي قار شذى القيسي في حديث لـ"المدى برس"، ان "ظاهرة زواج وطلاق القاصرات اخذت بالارتفاع منذ العام 2003 بين الشرائح الفقيرة والمحدودة الدخل والمناطق الريفية"، مشيرة الى "ظهور حالات اجتماعية مأساوية، نتيجة ارتفاع معدلات الفقر والعوز وانخفاض مستوى الوعي بين الشرائح المعدمة".

وتضيف القيسي ان "بعض الاسر الفقيرة تعمل على تزويج الفتاة القاصر للتخلص من تكاليف اعالتها، وغالبا ما تجبر القاصر المتزوجة على ترك الدراسة"، مبينة ان " الفتيات القاصرات التي تتراوح ما بين (12- 15) سنة غير مؤهلات للحمل وتربية الاطفال، مما يسبب الكثير من الاضرار الصحية للفتاة والطفل، قد تؤدي في بعض الاحيان الى وفاة الام والجنين اثناء فترة الحمل والولادة".

ويرى الناشط المدني أحمد مزهر في حديثه لـ "السومرية نيوز" أن "زواج القاصرات يتم بمباركة العرف العشائري والتقاليد الاجتماعية"، مشددا على أن"الوصايا الدينية تؤكد على الزواج المبكر ما تمنح السلوك العشائري قوة في إرغام الفتيات الصغيرات على الزواج في سن مبكرة للحفاظ على شرف العائلة".

وتتركز ظاهرة زواج القاصرات وصغيرات السن في العراق ومصر والسعودية واليمن وغيرها من البلدان العربية والإسلامية وخاصة التي تتحكم فيها نظم عشائرية تقليدية تعتبر نضوج المرأة بلوغا لها.

وتحذر الدوائر الطبية من أن زواج القاصرات قد يتسبب بظهور مشكلات صحية جسدية ونفسية بين الفتيات المتزوجات في سن مبكرة وأطفالهن.

وتتعرض هؤلاء الفتيات لمشكلات جسدية ناجمة عن عدم استعداد أجسادهن لخوض تجربة جنسية غالبا ما تمتاز بالعنف لعدم ادراك الفتاة لطبيعة العلاقة.

ويوضح المختصون النفسيون أن زواج الطفلة قد يتسبب بمعاناتها من الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، ما قد يؤدي إلى حدوث ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام، والاكتئاب، والقلق واضطرابات الشخصية.

وتبدأ معاناة القاصر المتزوجة بقلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشاكل الزوجية وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج والمسئولية الأسرية ما يؤدي الى فشل هذه الزيجات.

ويعد الزواج المبكر أحد الاسباب الرئيسة للتفكك الأسري حسب ما بينته سجلات الطلاق في مجلس القضاء العراقي الأعلى، لان القاصرة تجهل الاهتمام بصحة الطفل وهي حامل وبصحتها بعد الولادة ايضا.

ويكثر الانجاب لهذه الام الطفلة وخاصة في مجتمع عراقي يشجع الانجاب مما يجعلنا امام مشكلة مجتمع أمي بكل جوانب الحياة العامة والحياة العصرية.

وتشير الباحثة الاجتماعية ونائبة رئيسة منظمة "حرية المرأة" في بغداد دلال الربيعي إلى أن المنظمة أجرت خلال العام الحالي دراسة عن حجم هذه الظاهرة، وكشفت عن أن كل 50 حالة زواج يقابلها 30 حالة طلاق لفتيات قاصرات.

واولى المشرع العراقي زواج القاصرات اهمية خاصة، فاشترط إبرام عقد الزواج في المحكمة، من أجل ضمان حقوق كلا الزوجين"، داعياً في الوقت ذاته إلى عدم"إبرام عقد الزواج عند رجال الدين وبعيداً عن أعين القانون، للحفاظ على حقوق الزوجة وخاصة القاصر".

ولاحظ قانونيون امتناع البعض خصوصا المتزوجين من قاصرات عن تسجيل زواجهم في المحاكم بسبب منع قانون الأحوال الشخصية الزواج من قاصر، بل يكتفون بصيغة عقد يجريه رجل الدين ظاهرها المباركة، وباطنها الإبقاء على فرصة التنصل عن حقوق الزوجة بدون تبعات قانونية.

وتتجه نية منظمات مجتمع مدني وناشطات للتحرك من اجل تعديل القوانين الخاصة بالمرأة وفق التشريعات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، منها قوانين العمل والأحوال الشخصية وحماية النساء من التحرش الجنسي.

ويهدف مشروع (المرأة من أجل تشريع منصف)، الذي يتبناه المعهد العراقي في عموم العراق وبالتنسيق مع عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون المرأة، إلى إدخال إصلاحات على عدد من القوانين بمشاركة برلمانيين، ووزارات الدولة المعينة، ومنظمات غير حكومية، وأعضاء من مجالس المحافظات.

ولا يوجد لدى وزارة المرأة العراقية أرقام دقيقة عن عدد المتزوجات القاصرات، وتتذرع الوزارة بأن أغلب حالات الزواج تجري في مكاتب رجال الدين، بعيدا عن المحاكم. وعادة ما تجري في مناطق ريفية فقيرة أو ذات طابع عشائري. غير أن تلك الظاهرة أخذت بالتنامي في المدن أيضاً بسبب تغير البنية الاجتماعية، وسيطرة الأعراف والتقاليد العشائرية.

التعليقات