"الدولة البُعبُع"

"الدولة البُعبُع"
كتب غازي مرتجى
"كل من يخرج من منزله ستقتله رصاصة من الجيش الإسرائيلي" هذا عنوان خبر كانت قد نشرته وسائل الإعلام المحلية في الحرب الأخيرة على قطاع غزة , المُتمعّن بهذا الخبر وأبعاده وطريقه عرضه وتوقيتها سيجد أن الإعلام الفلسطيني ساعد "الجيش الإسرائيلي" ببث الخوف في عقول المواطن الفلسطيني المُتابع للحرب على حاسوبه أو مذياعه أو حتى تلفازه !.

في أغلب وسائل الإعلام الفلسطينية يوجد قسم رئيسي لترجمة الصحف العبرية والمقالات والتقارير المنشورة , ويتم نشر تلك التقارير بشكل روتيني يومي , ولم ينظر احد إلى أبعاد تلك الأخبار ونشرها , ولم يتحدث أي شخص عن مخاطرها ومدى الاستفادة منها "مرحلياً أو استراتيجياً" من عدمه "وهو الغالب" ..

لدى دول العالم المتحضّر يكون قسم الترجمات لكل دولة "خاصة الدول ذات الاحداث الساخنة" يتبع  لأجهزة الدولة السيادية , منها ما يتم نشره "إما بهدف التبشير أو الترهيب " وإما بهدف "كشف حقائق جديدة" أو "كشف تزوير وتصحيح حالات" .. وبعض الدول تتخذ لعبة "الترجمة وفركشة المضمون" لتغيير توازنات إقليمية وبث إشاعات تصب في النهاية لصالح تلك الدولة ..

المتتبع للمواد التي تُترجمها الجهات المتخصصة والفردية والإعلامية في فلسطين , يجد أن أهداف الترجمة "ربحية بحتة" أو "سبق صحفي" أو "تعبئة فراغات" .. ولم نلحظ  أهداف توعوية أو كشف حقائق أو تقارير تحذيرية إلا في حالات نادرة كحالة الكاتب (توفيق أبو شومر) الذي يبحث عن مقالات نوعية في الصحف الإسرائيلية ويترجمها يفضح فيها الداخل الإسرائيلي ويكشف ما لا يعرفه "كبار الدولة" عن الدولة الغامضة ..

تجد في التقارير المُترجمة , خبراً يبدأ بـ"إسرائيل : سنعلن الحرب على سوريا" .. تتبع مصدر الخبر المُترجم .. تكتشف أنه مقالاً لأحد كُتّاب إسرائيل .. تكتشف أنه رأي شخصي لعسكري متقاعد أو خبير سياسي أو إقتصادي ولربما فنّي أيضاً .. ولربما تجده "حلماً حاخامياً " .. وعلى الفور يُنسب الحديث لإسرائيل .. فتظهر إسرائيل بصورة "الدولة العظمى" و"الدولة القاهرة" و"الدولة البعبع" ويبدأ ساسة العرب بالرد على مقال "كاتب هامشي" وتجد أن المستفيد الأول هو دولة الاحتلال ..

أدعو خُبراء الترجمة والمحللين للشأن الإسرائيلي دراسة أي خبر أو تعليق أو مقال أو حتى "دروشات" قبل ترجمته , فربما تختصر إسرائيل مسافات بعيدة بمقال مُترجم وتبث فيه ما تُريد وتنشر فيه ما يحلو لها ..

كما أدعو "خبراء الأليف والبت" إلى التعامل مع أي خبر إسرائيلي أو مقال كدعوة موجّهة للداخل الفلسطيني وربما ترجمتها تضر بالرأي العام الفلسطيني .. وهو ما لا يهدف أحد إليه ..

ملاحظة : الإعلام الإسرائيلي حاز على مصداقية المواطن الفلسطيني وحتى العربي , والسبب للأسف هم "ساستنا" و"مترجمونا" فقد جعلوا الإعلام الإسرائيلي وكأنه "الأصدق" ونسوا جميعاً أن إعلام إسرائيل هو إعلام أقذر إحتلال في وقتنا الحاضر ..