محلل يكتب لدنيا الوطن عن ثورة "تركيا" : ثورة على ضفاف البوسفور

كتب حسام أبو النصر
لم يكن خلع بضع شجرات من ساحة ، وحديقة (التكسيم) هو السبب الوحيد وراء ثورة تركيا الحديثة ، الا انه السبب المباشر والشعرة التي قسمت ظهر البعير كرد فعل على الثورات الربيعية التي أتت بالإسلاميين ، فجاءت النتيجة عكسية لشعبها مع زيادة حال الفوبيا اتجاه الحكم الإسلامي بقيادة الإخوان في العالم .
وهنا أصبحت تركيا أمام كثير من التحديات التي تؤرقها ، ولترجع جدلية مدى تعايش الإسلام مع فكرة العلمانية بل ان اليساريين أصبحوا مقتنعين ان العلمانية غطاء مجمّل للحكم الإسلامي لتحقيق غايات السلاطين القدامى في الحكم .
لم يكن خلع بضع شجرات من ساحة ، وحديقة (التكسيم) هو السبب الوحيد وراء ثورة تركيا الحديثة ، الا انه السبب المباشر والشعرة التي قسمت ظهر البعير كرد فعل على الثورات الربيعية التي أتت بالإسلاميين ، فجاءت النتيجة عكسية لشعبها مع زيادة حال الفوبيا اتجاه الحكم الإسلامي بقيادة الإخوان في العالم .
أما الأهم هو نهوض الهاجس القديم بدور حزب العدالة والتنمية التركي بعد توليه مقاليد الحكم عام 2002 والمنشق عن فكر اربكان ، بلعب دور خفي بإتجاه إنهاء ارث أتاتورك العلماني الذي تأسس على مبدأ فصل الدين عن السياسة ، كأعراف ، وأحكام ، وطبيعة حياة ، ليكون الوجه الجديدة لتركيا بعد سقوط الدولة العثمانية ، والذي أنهى حقبة حكم الخلافة الإسلامية الحاكمة منذ الفتح الإسلامي للقسطنطينية 1453م ، الذي أنهى الوجود البيزنطي المسيحي ووضع حد للمد الأوربي للتوغل بإتجاه الشرق ، وهذا سبب كافي تاريخياً لمنع الاتحاد الأوربي انضمام تركيا بشكلها الإسلامي إليها بقيادة حزب العدالة والتنمية ، رغم أن المبدأ كان مطروح بقوة قبل ذلك منذ تأسيس الاتحاد الذي فرض عدة شروط على تركيا ، لكن الحقيقة أن الهاجس التاريخي يلاحق هذه العلاقات ، والتي تأثر حتى اليوم في الحياة التركية اليومية على ضفتيها بين الإسلامية ، والعلمانية ، بدلا من صراع المسيحية ، والإسلام وبدأت التيارات اليسارية تغذي هذا الدور والذي ينشط في انقرة وازمير وعدد من المناطق الهامة ، وبناء المجمع الجديد اثار حفيظة المساكن الشعبية اليسارية المتاخمة لساحة التقسيم ( التكسيم ) ، لتأتي الصفعة في وجه اردوغان بعد تسويق النموذج التركي الناجح في الدول الإسلامية على قدرته التوافق بين العلمانية كمنهج ، والإسلام كشريعة ولتضع حد لسنوات العسل التي عاشتها تركيا ، بل أن الأمور آخذة في التطور بإعتبار ان هذه الثورات ستمتد إلى الأكراد الذين تعالت أصواتهم ضد الاضطهاد التركي حسب قولهم وزيادة التوتر خاصة بعد اعتقال الزعيم الكردستاني عبد الله اوجلان ، كما ستنشط جماعات وأقليات كالعلوية في لواء الاسكندرون الذين يرتبطون بسوريا تاريخيا وجغرافيا بشكل أزلي ، مع شماتة النظام السوري لإعتباره ان تركيا أكثر الداعمين للثوار والمجلس الانتقالي السوري ، وتأوي كبار رجالات الثورة مما زاد من توتر العلاقات على الحدود ، في حين ان إسرائيل تنظر إلى هذا التطور ببالغ الاهتمام لدور التركي الذي تلعبه في المنطقة وقدراتها العسكرية ، وتحولها الأخير وقربها ودعمها لحركات إسلامية كالإخوان و حماس على الأقل معنويا وتوتر العلاقات الإسرائيلية التركية خاصة بعد الاستيلاء على سفينة مرمرة الذي أسفر عن استشهاد 9 من المتضامنين الأتراك ، والأهم أيضا استنهاض الحركات العلمانية التصحيحية واليسارية وبداية التحشييد ، والتجييش ضد حكم اردوغان الإسلامي الفاشل حسب نظرهم ويحمل كثير من خطورة الإخوان ، والمشروع الإسلامي ، الذي سجل أسوأ مراحله بدخول الحكم السياسي بشكل الإسلام السياسي ليرجعها إلى زمن حكم البابوية وسلطة الكنيسة الذي عانت منه تركيا في الزمن البيزنطي تحت مسمى سلطة الإله على الأرض ، والخطاب الديني الذي تحول من حالة الترغيب إلى الترهيب والتخويف ولم يعد يتسع للاختلافات العرقية والدينية والاثنية في كثير من المناطق وسقوط نظرية الإسلام هو الحل كشعار كان ذات قيمة دينية معنوية كبيرة ، اصطدم أمام اختبار التطبيق ووصول الإسلاميين إلى الحكم .
وهنا أصبحت تركيا أمام كثير من التحديات التي تؤرقها ، ولترجع جدلية مدى تعايش الإسلام مع فكرة العلمانية بل ان اليساريين أصبحوا مقتنعين ان العلمانية غطاء مجمّل للحكم الإسلامي لتحقيق غايات السلاطين القدامى في الحكم .
التعليقات