هل ستشعل صواريخ اس 300 حربا اسرائيلية؟

هل ستشعل صواريخ اس 300 حربا اسرائيلية؟
 بقلم :واصف عريقاتبقلم :واصف عريقات
خبير ومحلل عسكري

اعلان قائد سلاح الجو الاسرائيلي عمير ايشيل في الذكرى الأربعين لحرب رمضان العربية الإسرائيلة أمام اجتماع الأمن القومي في معهد فيشر للدراسات الاستراتيجية للفضاء والجو قرب تل ابيب بان صواريخ ارض جو اس 300 روسية الصنع في طريقها الى سوريا وتحذيره من اندلاع حرب مفاجئة على الحدود مع سوريا وقوله ان جيشه على اهبة الاستعداد لهذا السيناريو، يجب أن يؤخذ على محمل الجد بغض النظر عن تفسيراته حين قال "ان الدولة السورية تتفكك بسرعة ما قد يعني ان اسطول السلاح السوري قد ينقلب ضد اسرائيل في اية لحظة, وعلى الاسرائيليين الاستعداد لصراع طويل ومؤلم اذا دخلت قواتهم معركة مع حزب الله او ايران التي تدعمه.
ما يجب التوقف عنده أيضا مما قاله ايشيل بأن الحرب المباغتة لا تزال ممكنة وهو ما يعني بأن قيادات اسرائيل ما زالوا يفكرون بذات العقلية القديمة التي تعتمد انماط الحروب الخاطفة والسريعة والعزل والتطويق والوصول للقلب بالخرق السريع بعد استخدام سياسة الأرض المحروقة، حيث توعد وقال:"في اية حرب قادمة ان تستخدم اسرائيل كل قوتها وان تعمل 100% ضد خصومها وليس مثل حرب لبنان الثانية"، ندرك جيدا ان الدافع الأساسي لتحذير ايشيل هو خشيته على فقدان التفوق الجوي الإسرائيلي الذي يتحمل هو مسؤوليته، حيث قال ان امتلاك اسرائيل للتفوق في سلاح الجو هو الذي يدفع السوريين للبحث عن سلاح دفاعي صاروخي، وما يعزز التحليل قول قائد سلاح الجو الاسرائيلي" ان نظام الاسد حاول كل جهده لامتلاك سلاح الدفاعات الجوية الافضل في العالم وان هذه الدفاعات لا تشكل تهديدا جديا فحسب وانما يعطي سوريا الثقة بالنفس للقيام باعمال لم تكن من قبل تفكر في عملها"، وحينما اشار الى ان انظمة الصواريخ التي تريد سوريا امتلاكها ليست من انواع الاسلحة التي يمكن ان تتصورها وانما هي من جيل جديد ومختلف كليا. وحين قال" بكل ذعر ان هذه الصواريخ لا رادع لها ولا شيء يوقفها وان الاخرين يمكن ان يسألوا انفسهم ما هي اضرارها فقط وليس اكثر"، وهنا نتذكر ما سمي بعملية سلامة الجليل وكان من أسبابها المعلنة تعاظم نفوذ وقوات م.ت.ف بشكل عام ومدفعيتها وصواريخها بشكل خاص.
تحذير ايشيل حمال اوجه لتفسيرات متعددة استنادا للتناقض الذي جاء فيه ففي البداية تحدث ايشيل عن الحدود مع سوريا لكنه خصص الحرب تجاه حزب الله وايران، واضاف معترفا بان اسرائيل تعيش ظرفا مختلفا عن حرب 1973 (مصر وسوريا) ويمكن تفسير قصده من تكملة حديثه حين قال سنخوض حربا مختلفة وعلينا الاستعداد لها بقدرات مختلفة، في اشارة ضمنية لحرب اقليمية، كما ناقض نفسه حين تحدث عن حرب المباغتة واستخدام كامل الطاقة العسكرية وما تعنيه من عقيدتهم والحرب الخاطفة في نفس الوقت تحدث عن صراع يطول، وفي تناقض آخر بدأ الحديث عن موضوع كبير واستراتيجي خطير بالنسبة لإسرائيل وهو الصواريخ روسية الصنع التي ستحدث الخلل الإستراتيجي في ميزان القوى حيث ستؤثر بشكل مباشر على امكانية التفوق الجوي الاسرائيلي، وختم بالقول بأن التراكمات الصغيرة قد تؤدي الى تدهور سريع على الحدود، في اشارة ضمنية لما جرى من قصف سوري وتدمير آلية عسكرية تجاوزت الحدود في الجولان، لم يفصح قائد سلاح الجو عن توقيتات الحرب لكنه قال" لست ادري ان كان هناك وقت للإستعداد للحرب ام لا"؟ هذه التناقضات تعكس حالة القلق والإرتباك التي تمر بها القيادات الإسرائيلية، وهي سببا كافيا لاتخاذ قرارات مغامرة لا تنتظر فيها المصادقة من الحلفاء بل تريد توريطهم، خاصة بعد زيارة نتنياهو الأخيرة لموسكو التي قيل عنها انها فاشلة لعدم قدرة نتنياهو على اقناع الرئيس الروسي بوتين بما حمله من أفكار ومطالب من جانب، ومن جانب آخر عدم التوافق الإسرائيلي الأمريكي حول ضرب المشروع النووي الإيراني.
وفي استعراضنا لدوافع الحروب الأخيرة على جنوب لبنان عام 2006 وقطاع غزة عام 2008 و2012 وما تتحدث عنه اسرائيل اليوم نجدها لاتختلف كثيرا من وجهة نظرهم وتعتبرها قيادات اسرائيل اسبابا كافية للتوجه للحرب، لا سيما وان هناك تصريحات اخرى تصب في ذات السياق ومنها حديث رئيس اركان جيش الإحتلال بيني غانتس في تخريج احدى دورات جيش الإحتلال حيث قال ان جيشه امام سيناريو توتر متعدد الجبهات وليس على جبهة واحدة، وأن عدم الإستقرار الراهن في المنطقة يضع اسرائيل امام مواجهة عدة جبهات وان في الأجواء مشهد جديد سيغير وجه المنطقه، كما قال" نحن يجب ان نعمل بايجابية ونفاذ وتنسيق متكامل ومتعدد من اجل ضمان النصر على التحديات المستقبلية ومن اجل الحسم السريع لكل مواجهة تنشأ.
نائب وزير الخارجية الاسرائيلي زئيف الكاين كان الأكثر وضوحا حين قال ان اسرائيل لن توافق على تغيير قواعد اللعبة في هضبة الجولان.
تعودنا على سماع مثل هذه التحذيرات والتهديدات من القيادات الاسرائيلية السياسية والعسكرية وهي ليست جديدة، لكن الجديد في هذه التصريحات واعتبارها اسبابا كافية للتوجه للحرب خمسة :الأول المشهد الجديد الذي سيغير وجه المنطقة والثاني عدم الإستقرار والثالث المجهول الذي تريد اسرائيل تحويله لمعلوم، وقد تحدث عنهم رئيس الاركان الإسرائيلي، والسبب الرابع الخلل في ميزان القوى بامتلاك سوريا صواريخ اس 300 الذي تحدث عنه قائد سلاح الجو والخامس عدم سماح اسرائيل بتغيير قواعد اللعبة، وقد تحدث عنه نائب وزير الخارجية الاسرائيلي مما يعني تدخلهم بشكل مباشر. 
هناك دوافع وأسباب عديدة تشعل الحروب في العالم، وإن لم تتوفر هذه الدوافع فإن اسرائيل تتقن فن صناعتها ، فهل ستكون صواريخ س 300 احداها هذه المرة؟
[email protected]

التعليقات