الصراع على سوريا دخل مرحلة التوازن الاستراتيجي ... في ظل التغير في لعبة موازين القوى الدولية

الصراع على سوريا دخل مرحلة التوازن الاستراتيجي ... في ظل التغير في لعبة موازين القوى الدولية
بقلم المحامي علي ابوحبله
أمريكا وحلفائها يعيدون تقييم حساباتهم بعد أن اخطئوا في تقديراتهم عن حجم التأييد الروسي للقيادة السورية ودعمهم للشعب السوري وللجيش العربي السوري ، الغارات الاسرائيليه على دمشق عجلت في دخول المنطقة لمرحلة التوازن الاستراتيجي ، وحفزت روسيا لتدعيم مواقفها باستقدام قطع الأسطول الروسي للبحر الأبيض المتوسط ضمن محاولات إحداث توازن القوى في الصراع الذي تشهده المنطقة وتحديدا الصراع على سوريا ، مؤشرات الأحداث تؤكد ان الروس على مواقفهم الثابتة من دعم دمشق وأنهم لن يسمحوا لأمريكا وحلفائها من تحقيق نصر على سوريا ، الموقف الروسي الاستراتيجي عبر عنه الرئيس الأمريكي بوتن بتحذيره لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بزيارته الاخيره إلى روسيا من مغبة تكرار الاعتداءات على سوريا ومن إصراره على تنفيذ كل الالتزامات والعقود التي سبق وان وقعت مع الحكومة السورية بخصوص التسليح وخاصة ما يتعلق بصفة صواريخ أس 300 ، الموقف الروسي من عملية تزويد سوريا أس 300 وصواريخ خونوه ارض بحر يخل في معادلة التوازن الاستراتيجي والتفوق الإسرائيلي ، اعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي ان الصواريخ والانظمه الدفاعية التي تخطط روسيا لإرسالها إلى سوريا تطيل أمد المعاناة هناك بحسب تعبير ديمبيسي وتزيد من جرأة النظام السوري ، ذكر ديمبسي ان الولايات المتحدة ستستمر في محاولة إيجاد طريقه يمكن من خلالها لأمريكا وروسيا ان تعملا معا من اجل ما وصفه وقف الحرب الاهليه ، مشددا على ان احد الأهداف الرئيسية وراء توجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو كان إيجاد بعد التلاقي في المصالح في الشرق الأوسط ، من جهته صرح وزير الدفاع الأمريكي هاغل في مؤتمر صحفي ان ثمة خطرا كبيرا من تمدد الحرب السورية خارج حدودها فتشعل المنطقة بأكملها وأضاف في تصريحه أننا لا نريد ان تنفجر الأوضاع في سوريا لدرجه تشهد فيها المنطقة حرب إقليميه ، مؤكدا استمرار العمل مع الروس لإقناع المنطقة بالحذر من تصعيد الخيارات والتجهيزات العسكرية ، كرر هاغل القول ان الولايات المتحدة تبقي كل الخيارات مطروحة ، هذه التغيرات في المواقف الامريكيه تأتي على خلفية تسارع الأحداث في سوريا بالأسابيع الاخيره ، فقد حققت قوات الجيش العربي السوري انتصارات ميدانيه ساحقه على المجموعات المسلحة ، وأثار ذلك الكثير من ردات الفعل الامريكيه الصهيونية ، وحفيظة الدول المتحالفة مع أمريكا تمثل بهذا الحجيج للبيت الأبيض الأمريكي للتدارس في انعكاسات ألازمه السورية ودراسة العروض الامريكيه المتمثل بالتوافق الأمريكي الروسي وانعكاساته على حلفاء أمريكا المشاركين في الصراع على سوريا هذه الدول التي تعد أدوات التنفيذ للصراع المسلح الذي تشهده سوريا تتخوف من نتائج الانتصار السوري ، التدخل الإسرائيلي في سوريا كان بمباركة الرئيس اوباما ، التدخل الإسرائيلي ادخل المنطقة برمتها للدخول في مرحلة التوازن الاستراتيجي الذي لم يكن في حساب الأمريكان والاسرائليين ، الرئيس اوباما في اتصاله بالرئيس الروسي بوتن حاول امتصاص غضب الكرملين وعمل جس نبض الروس من خلال إرسال وزير خارجيته جون كيري للتفاوض مع روسيا وهو في موقف ضعف نتيجة الموقف على الأرض حيث نجاح الجيش العربي السوري في الانتصار على المجموعات المسلحة المدعومين من قبل أمريكا وحلفائها ، دلائل الأحداث تشير إلى تراجع إدارة اوباما باتفاقها مع روسيا ضمن محاولات التغير في الموقف الأمريكي الذي يطالب برحيل الرئيس بشار الأسد ما جعل الروس يتخذون موقفا استراتجيا بدعم الجيش العربي السوري للتغيير في معادلات توازنات القوى ضمن محاولات الحد من الهيمنة والتفوق الإسرائيلي ، القيادة الروسية تستشعر المناورات الامريكيه التي تنظر إليها بالريبة والشك ضمن مناوره دبلوماسيه قد تخفي من وراءها حربا قادمة ، تعلم القيادة الروسية ان لدى اوباما أسباب كثيرة للسعي للحرب ، إذ تشعر إدارة البيت الأبيض الأمريكي بالضعف والهزيمة في حال استمرار بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم بعد ان سبق وأعلنت عن ان نظام الرئيس بشار الأسد قد انتهى وبعد ان قامت بتنصيب حكومة منفى يرئسها احد أدوات أمريكا وحاولت الاداره الامريكيه عبر حلفائها بإكساب الشرعية لحكومة هيتوا ، جميع المحاولات باءت بالفشل ولم تعد المعارضة السورية تسيطر على الأرض في سوريه ، يحاول بعض السياسيين الأمريكيين بتصعيد لهجة العداء إلى سوريا والتهديد باستعمال القوه والتدخل العسكري تحت حجة استخدام السلاح الكيماوي لكن كل الدلائل التي أكدتها الأمم المتحدة تؤكد عكس الادعاءات الامريكيه وحلفائها وهناك دلائل قويه على ان بعض المجموعات المسلحة هي من استعملت غاز السارين المحرم دوليا ، أمريكا وحلفائها محرجون مما ترتكبه المجموعات المسلحة من جرائم قتل غير مبرر ومن القيام بأعمال التطهير العرقي ومن إعدامات وآخرها بقر احد جنود الجيش السوري والتهام قلبه من احد المجموعات المسلحة ، هذه الأعمال جميعها تعد من خروقات حقوق الإنسان ، هناك تعتيم إعلامي من قبل أمريكا وحلفائها على جرائم بعض المجموعات المسلحة بحق المدنيين السوريين ، كما ان الصراع بين المجموعات المسلحة يؤرق الاداره الامريكيه ويضع حلفاء أمريكا في إرباك في كيفية التعامل مع المجموعات المسلحة ذات الانتماء والولاء لعدة جهات كل حسب الدول الداعمة له ولتوجهاته مما خلق صراعا حتى بين الدول الداعمة للصراع على سوريا وتنافس بعضها مع بعض لتحقيق مكاسب سياسيه لم تعد لتتحقق في ظل النجاحات التي تحققها القيادة السورية في مواجهتها للدول المتآمرة على سوريا ، ان فقدان أمريكا لأوراقها على الساحة السورية دفع اوباما لاستعمال ورقة التدخل الإسرائيلي التي كانت الغارات الجوية الاسرائيليه بمثابة ورقة مساومه حاول استغلالها خلال عملية التفاوض مع روسيا من خلال محادثات جون كيري مع وزير الخارجية الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الروسي بوتن ، لم تعد تهديدات بوتن لتجدي أو تحقق نصرا وهميا للرئيس الأمريكي اوباما ولم يعد بمقدور الاداره الامريكيه من الضغط على الكرملين ، لم تعد السياسة الامريكيه التي تعتمد بشكل كلي على التهديد لتؤتي بثمارها ، فمع تراجع القوه ألاقتصاديه الامريكيه أمام الصين وبلدان دول البر يكس حاولت الاداره الامريكيه ان ترمي بالجزرة ألاقتصاديه جانبا واختارت العصا العسكرية ، حيث ان هناك أصوات امريكيه من اليمين المتصهين تنادي بالعودة لاستعمال القوه العسكرية للإبقاء على الهيمنة والسيطرة الامريكيه لكن ذلك يبقى من باب التمني ليس إلا ، لأنه لم يعد بمقدور أمريكا من حكم العالم ولم يعد بمقدورها لشن الحروب بعد ان خسرت حربها في العراق وهي ما زالت متورطة في أفغانستان ، وان من شان نشوب حرب إقليميه في المنطقة تشمل لبنان وتركيا والعراق وإسرائيل والأردن والسعودية وإيران وقطر مع احتمال جر القوى الكبرى الداعمة لهذه الدول الولايات المتحدة وأوروبا من جهة وروسيا والصين من جهة ان تجر المنطقة والعالم لصراع تدميري تفكر أمريكا ألف مره قبل ان تقدم على هذه المغامرة ، لقد دخل الصراع على سوريا لمرحلة تنذر بالانفجار وان الصراع على سوريا دخل لمرحلة التوازن الاستراتيجي ، وان إقدام روسيا على تزويد سوريا وحلفائها بالسلاح الاستراتيجي المخل بتوازنات القوى ان تعيد للدول التي تفكر بالحسم العسكري لحساباتها قبل ان تجر المنطقة لحرب لم يعد بمستطاع أمريكا من تحملها ولم يعد بمستطاع إسرائيل من امتصاص الضربة العسكرية الأولى ما يؤكد تغير في موازين القوى التي قد تحدثها أية حرب قادمة تلحق الدمار الشامل في المنطقة برمتها وقد تعيد العالم لعصر الظلام
[email protected]

التعليقات