"الهلال الشيعي" والسيناريوهات المرتقبة في المنطقة ودور "حزب الله"

"الهلال الشيعي" والسيناريوهات المرتقبة في المنطقة ودور "حزب الله"
رام الله - دنيا الوطن
بعيداً من الجدل القائم بشأن قانون الانتخابات وتشكيل الحكومة المرتبط قسراً وطوعاً بما ستؤول إليه جلسات المجلس النيابي, أكدت مصادر استراتيجية خبيرة بشؤون المنطقة لـ"السياسة" الكويتية، أن السيناريوهات التي بدأت ترتسم في المنطقة على خلفية الصراع الدموي في سورية, ودور الولايات المتحدة وروسيا في تحديد الجغرافيا المستقبلية للمنطقة, بالاتفاق مع إسرائيل و"حزب الله", أظهرت أن موسكو وواشنطن لاتميلان إلى إسقاط النظام السوري, بالرغم من تعاطف الولايات المتحدة والدول الأوروبية مع المعارضة السورية, إذ أن هذه الدول المعنية بأمن إسرائيل كانت تجد في النظام حماية فعلية للدولة العبرية منذ 40 سنة.

ومع دخول جبهة "النصرة" على خط الصراع, بدأت دوائر الاستخبارات الغربية تحذر حكوماتها من مغبة الذهاب بعيداً في تسليح المعارضة السورية والعمل على إسقاط النظام بالقوة, ما يشجع المنظمات الإسلامية المتطرفة بالدخول على الخط والمطالبة بدورها في حال نجحت المعارضة بإسقاط النظام.

وتحدثت الاستخبارات الغربية في سياق التقارير المقدمة لحكوماتها عن دور ملحوظ لتنظيم "القاعدة" في الحرب بين النظام ومعارضيه, ما جعل هذه الحكومات تتردد في اتخاذ قرار تسليح المعارضة والذهاب باتجاه إدراج "النصرة" على لائحة الإرهاب.

في المقابل نجح النظام السوري بتصوير المعارضة وكأنها مجموعة من التكفيريين الذين ليس لهم هدف سوى إشاعة الفوضى وسفك الدماء على غرار ما يجري في العراق وفي أفغانستان وغيرها من الدول. ومن هذا المنطلق بدأ بتشجيع "حزب الله" على دخول المعارك تحت عنوان حماية المواطنين الشيعة الموجودين في سورية منذ عشرات السنين وحماية المقامات الشيعية.

ولفتت المصادر إلى أن "حزب الله" من خلال دخوله بشكل مباشر في حصار مدينة القصير وريفها كان يسعى لحماية ظهر الجيش النظامي السوري الذي يقوم منذ أكثر من سنة بتطهير الحدود السورية - اللبنانية من الجهاديين الذين يدخلون سورية عبر الحدود المتداخلة مع لبنان, ما قلب المعادلة في هذه المنطقة لصالح النظام وسهل على الجيش النظامي قطع طرق إمدادات الجيش السوري الحر في أكثر من منطقة.

وفي هذا السياق, أتى التدخل الإسرائيلي على خط المعارك الدائرة وقصف ما سُمي بمراكز تهريب الأسلحة والصواريخ إلى "حزب الله" ليعيد خلط الأوراق وعدم ترك الساحة لروسيا وإيران و"حزب الله", ما جعل الإدارة الأميركية ترسل رسائل إلى موسكو التي طمأنتها بأن أمن إسرائيل لن يمس في حال بقيت على الحياد, لأن ما يجري التخطيط له وفق قراءة روسية, يهدف إلى إقامة حزام شيعي يبدأ من إيران مروراً عبر العراق وصولاً إلى سورية وجنوب لبنان, غايته عزل المناطق السنية عن بعضها, بحيث يبقى سنة باكستان وأفغانستان والهند وإندونيسيا والفيليبين وغيرها من الدول, بعيدة كلياً عما يجري في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية, سيما أن دول الخليج لا مصلحة لها بدخول حروب دموية قد تنعكس سلباً على اقتصاداتها.

 

ومن هنا يحاول "حزب الله" التقاط اللحظة والدخول على خط الربح والخسارة في الصراع القائم في سورية من خلال الوقوف إلى جانب النظام الذي سهل له منذ ثلاثين سنة عملية الصمود في وجه إسرائيل واستخدامه كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية في زعزعة الاستقرار اللبناني.

ولذلك كان قرار الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بفتح جبهة الجولان بهدف فرض هذه المعادلة بالقوة على إسرائيل من خلال عدم تعرضها لـ"حزب الله" في دعمه للنظام وإحكام سيطرته على الداخل اللبناني وعدم السماح بقيام دولة مركزية, إلا وفق شروطه تمهيداً لقلب المعادلة والمطالبة بـ"المثالثة" مع إبقاء القوة العسكرية في يده وتنصيب رئيس جمهورية يكون صورياً فيبقى القرار السياسي والعسكري بيد "حزب الله" على حساب إضعاف السنة وسائر الطوائف اللبنانية.

وفي المقابل تكون إسرائيل مقتنعة بتجميع الأقليات الأصولية من سنية وشيعية في سورية فيتقاتلون إلى ما شاء الله, في حين تستمر هي ببناء ترسانتها العسكرية بمباركة روسية-أميركية. وهذا هو فحوى اجتماع بوتين-نتانياهو في موسكو, بعدما وضع الأول أقدامه في المياه الدافئة على المتوسط وفي قاعدة بانياس بالتحديد وبمباركة من الرئيس الأميركي باراك أوباما وصمت غربي لافت جداً.

التعليقات