سيناريو كارثي للمنطقة : "تركيا" توجّه الاتهامات للنظام السوري ومطالبات بالتحرك ضد "الأسد" بعض القبض على 9 سوريين لعلاقتهم بالانفجارات

سيناريو كارثي للمنطقة : "تركيا" توجّه الاتهامات للنظام السوري ومطالبات بالتحرك ضد "الأسد" بعض القبض على 9 سوريين لعلاقتهم بالانفجارات
رام الله - دنيا الوطن
استفاقت تركيا من «صدمة» التفجيرين اللذين استهدفا بلدة الريحانية الحدودية القريبة من سوريا، وبدا أن بوصلة الاتهام التي تفرعت في اللحظات الأولى بين النظام السوري و«المتضررين» من عملية السلام مع الأكراد قد استقرت أخيرا باتجاه النظام، بعد إعلان تركيا عن توقيف 9 من مواطنيها على خلفية التفجيرين. وقالت مصادر تركية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إنهم قد يكونون أعضاء في ما يسمى «جبهة تحرير لواء الإسكندرون» المتحالفة مع النظام السوري والتي تضم في صفوفها علويين من إقليم هاتاي ذي الغالبية العربية. واعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن النظام السوري يحاول جر تركيا إلى «سيناريو كارثي» عبر هجمات منها ما شهدته بلدة الريحانية السبت والذي أسفر عن مقتل 46 شخصا. وقال أردوغان خلال لقاء في إسطنبول «إنهم يريدون جرنا إلى سيناريو كارثي»، داعيا الشعب إلى «التنبه وضبط النفس في مواجهة أي استفزاز يهدف إلى جر تركيا إلى المستنقع السوري».

وارتفعت حصيلة التفجيرين اللذين استهدفا بلدة الريحانية إلى 46 قتيلا، بعد وفاة 6 من الجرحى ذوي الإصابات البالغة، فيما بقي في المستشفيات نحو 50 مصابا تتراوح حالتهم بين «الخطيرة والمستقرة» كما أوضحت المصادر. وكانت قوة التفجيرين شديدة، وكانت فرق الإنقاذ تبحث عن ضحايا محتملين تحت الأنقاض كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التي أشارت إلى سيارات عدة مدمرة تماما بفعل قوة التفجيرين. كذلك تحطم زجاج نوافذ معظم المباني حتى مائتي متر من منطقة التفجيرين. وأفاد المصدر نفسه بأن عددا كبيرا من عناصر الشرطة العلمية كانوا يتنقلون بملابسهم البيضاء الخاصة داخل منطقة الطوق الأمني.

ويخشى المسؤولون الأتراك من أن تؤدي هذه الاعتداءات إلى زيادة التوتر بين أبناء محافظة هاتاي التي كانت تطالب سوريا باستعادتها قبل تحسن علاقاتها مع تركيا، باعتبارها أرضا سورية ضمت إلى تركيا بالقوة. ويغلب على أبناء المحافظة الطابع العلوي - النصيري الموجود في سوريا. وقد أثارت هذه المسألة حساسيات بين بعض أبناء المنطقة العلويين والمعارضين السوريين الذين كانوا يسكنون في أنطاكيا وجوارها، مما حمل السلطات التركية على الطلب من السوريين النازحين الانتقال إلى الداخل التركي لتجنب التوترات.

وبعد تأزم العلاقات مع تركيا، عاد شعار «تحرير لواء الإسكندرون» إلى الظهور، وأفادت تقارير أمنية تركية في وقت سابق بتأليف جماعة تطلق على نفسها «طيبة» و«صقور الإسكندرون»، لكن السلطات التركية حجبت موقعها الإلكتروني، كما ظهرت «جبهة تحرير الإسكندرون» التي يتزعمها علي الكيالي، وهو من أبناء محافظة هاتاي. وقيل إن هؤلاء يقاتلون إلى جانب النظام السوري.

وأكد نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي، في مؤتمر صحافي في مدينة أنطاكيا القريبة من الريحانية، أن منفذي الهجوم لم يأتوا من الجهة الأخرى من الحدود بل كانوا موجودين في تركيا. وقال «بحسب معلوماتنا فإن المنفذين أتوا من الداخل». وأضاف أتالاي أن هؤلاء الأشخاص التسعة وكلهم أتراك ينتمون إلى «منظمة إرهابية على اتصال مع أجهزة الاستخبارات السورية» مضيفا أن بعضهم أدلى «باعترافات». وقال أتالاي أيضا إن 38 من القتلى الـ46 تم التعرف إلى هوياتهم وبينهم 35 تركيا وثلاثة سوريين.

وأعلن وزير الداخلية التركي معمر غولر أن منفذي التفجيرين مرتبطون بتنظيمات موالية للنظام السوري. وقال الوزير التركي بحسب ما نقل عنه تلفزيون «تي آر تي» الحكومي على موقعه الإلكتروني إن «الأشخاص والتنظيم الذين نفذوا الهجوم عرفت هويتهم. وتبين أنهم مرتبطون بتنظيمات تدعم النظام السوري وأجهزة مخابراته».

وتوعد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو منفذي التفجيرين من أي جهة أتوا. وقال للصحافيين أثناء زيارة إلى برلين إن «المرتكبين سيدفعون ثمن فعلتهم، سواء أتوا من داخل البلاد أو من خارجها». وعندما سئل بشأن ضرورة الدعوة إلى تحرك حلف شمال الأطلسي قال «إن ذلك ليس ضروريا في الوقت الحاضر». لكن داود أوغلو رأى أن «الوقت قد حان ليقوم المجتمع الدولي بتحرك ضد الرئيس السوري بشار الأسد في ظل تزايد المخاطر الأمنية التي تتعرض لها تركيا وغيرها من جيران سوريا». واعتبر أن تفجيري الريحانية يظهران ضرورة التوصل إلى «حل عاجل» للأزمة السورية. وأشار إلى «المصادفة» بين توقيت الاعتداء المزدوج الذي استهدف مقر بلدية الريحانية، و«تسارع» الجهود الرامية لحل الأزمة في سوريا لا سيما مع الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى واشنطن الخميس. وشدد على أن بلاده لن تغير في سياستها لناحية إيواء اللاجئين السوريين، مؤكدا أن «كل من يلجأ إلى هنا فهو ضيفنا».

وقال داود أوغلو إنه يعتقد أن مقاتلين موالين للرئيس السوري بشار الأسد وراء التفجير. وقال في مقابلة مع قناة «تي آر تي» التلفزيونية التركية «لا علاقة للهجوم باللاجئين السوريين في تركيا. علاقته الكاملة بالنظام السوري». وأضاف «من المعتقد أن الضالعين في هجوم السبت هم الذين نفذوا الهجوم على بلدة بانياس السورية الساحلية منذ أسبوع».

وقد نفت سوريا بشدة الاتهامات التركية. ونقل عن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي قوله لوسائل إعلام حكومية «سوريا لم ولن تقدم أبدا على هكذا تصرف لأن قيمنا لا تسمح بذلك.. ليس من حق أحد أن يطلق الاتهامات جزافا». وطالب الزعبي رئيس الوزراء التركي «بالتنحي كقاتل وسفاح» وفق وصفه. وقال في كلمة له أمام ندوة سياسية بدمشق «ليس من حق أحد في تركيا أن يطلق الاتهامات جزافا بحق سوريا بشأن التفجيرات التي وقعت في تركيا، فسوريا لم ولن تقدم أبدا على هذا التصرف لأن قيمنا لا تسمح لنا بذلك».

واتهم الوزير السوري تركيا بأنها «حولت مناطق الحدود إلى مراكز للإرهاب الدولي، وهي التي سهلت وما زالت وصول السلاح والمتفجرات والعبوات الناسفة والسيارات والأموال والقتلة إلى سوريا، لذلك فإن الحكومة التركية ورئيسها يتحملان مسؤولية مباشرة سياسيا وأخلاقيا تجاه الشعب التركي والشعب السوري وشعوب المنطقة».

في ذات السياق أكد نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي ان "التسعة الذين اعتقلوا فيما يتصل بتفجيري سيارتين ملغومتين ببلدة ريحانلي التركية وأسفرا عن مقتل 46 شخصا مواطنون أتراك". وكان اتالاي اعلن سابقاً ان "السلطات التركية ألقت القبض على تسعة اشخاص بعد تفجيري سيارتين ملغومتين أسفرا عن مقتل 46 شخصاً في بلدة ريحانلي التركية قرب الحدود مع سورية".


وقال وزير الداخلية معمر جولر، الذي كان يتحدث ايضا الى التلفزيون التركي إن "هجومي السبت نفذتهما جماعة معروفة للسلطات التركية ذات صلات مباشرة بالمخابرات السورية".

و نفى وزير الإعلام السوري عمران الزعبي ضلوع سورية في تفجيري سيارتين ملغومتين ببلدة حدودية تركية، محملاً الحكومة التركية مسؤولية التفجيرين؟ هذا الاتهام جاء في وقت وجه وزير الخارجية التركي داود اوغلو اصابع الاشتباه الى مقاتلين تاعبني للرئيس السوري بشار الاسد، مؤكداً إنه "يعتقد أن مقاتلين موالين للرئيس السوري بشار الاسد وراء تفجير سيارتين ملغومتين أسفرا عن مقتل اكثر من 40 شخصاً في بلدة ريحانلي الحدودية امس".

وقال في مقابلة مع قناة (تي.آر.تي) التلفزيونية التركية "لا علاقة للهجوم باللاجئين السوريين في تركيا. علاقته الكاملة بالنظام السوري".

وتابع أن من المعتقد أن الضالعين في هجوم السبت هم الذين نفذوا الهجوم على بلدة بانياس السورية الساحلية منذ اسبوع حيث أفادت تقارير بأن مقاتلين يدعمون الاسد في الحرب الاهلية قتلوا 62 شخصا على الأقل.

وقال اوغلو ان "تفجيرات السيارات الملغومة تحمل بصمات من نفذوا الهجوم على بلدة بانياس السورية"، مشيراً الى انه "تم إحراز تقدم كبير" نحو القبض على الضالعين في تفجيرات السيارات الملغومة، واعتبر اوغلو ان مرتكبي التفجيرين"سيدفعون الثمن" من اينما أتوا.
مضيفاً إن الوقت حان ليقوم المجتمع الدولي بتحرك ضد الرئيس السوري بشار الاسد في ظل تزايد المخاطر الأمنية التي تتعرض لها تركيا وغيرها من جيران سورية.

وقال الوزير التركي للصحافيين خلال زيارة الى برلين ان "المرتكبين سيدفعون ثمن فعلتهم، سواء أتوا من داخل البلاد أم من خارجها".

وكان داود اوغلو اشار في وقت سابق من النهار الى "المصادفة" بين توقيت الاعتداء المزدوج الذي استهدف مقر بلدية الريحانية الواقعة على بعد ثمانية كلم من الحدود مع سوريا، و"تسارع" الجهود الرامية لحل الازمة في سورية، ولا سيما مع الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى واشنطن الخميس.

وشدد الوزير التركي على ان بلاده "لن تغير في سياستها لناحية ايواء اللاجئين السوريين"، مؤكداً ان "كل من يلجأ الى هنا فهو ضيفنا".

وتدعم تركيا المعارضة السورية المسلحة وتأوي على اراضيها حوالى 400 الف لاجئ سوري.

وادلى داود اوغلو بتصريحاته هذه قبيل اعلان وزير الداخلية معمر غولر ان "نتائج التحقيق الاولية اظهرت ان التفجيرين نفذهما اشخاص اتوا من داخل تركيا ومرتبطون بتنظيمات موالية للنظام السوري".

وقال الوزير بحسب ما نقل عنه تلفزيون "تي ار تي" الحكومي ان "الاشخاص والتنظيم الذين نفذوا (الاعتداءين) جرى تحديدهم. لقد تبين انهم مرتبطون بتنظيمات تدعم النظام السوري واجهزته الاستخبارية"، مضيفا "بحسب معلوماتنا فان المرتكبين اتوا من الداخل".

وبحسب آخر حصيلة رسمية موقتة اعلنها وزير الداخلية فقد اسفر الاعتداء المزدوج عن مقتل 43 شخصاً على الاقل واصابة حوالى 100 بجروح، بينهم نحو 30 حالهم حرجة.

وكان نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة بولنت ارينج قال رداً على اسئلة الصحافيين حول احتمال وجود علاقة بين هذه الاعتداءات والنزاع السوري، ان "نظام الرئيس السوري بشار الاسد بين المشتبه بهم".

وصرح ارينج لتلفزيون "ان تي في" التركي ان النظام السوري "باجهزته السرية وجماعاته المسلحة هو بالتاكيد احد المشتبه بهم المعتادين على التحريض على مثل هذه المؤامرة الفظيعة وتنفيذها"، مشيراً الى ان "التحقيق لا يزال في بدايته".

واندلعت احتجاجات في بلدة ريحانلي (الريحانية) التركية القريبة من الحدود السورية، بعد ساعات من انفجار سيارتين ملغومتين، بينما يلقي بعض سكان القرية باللائمة على سوريين مقيمين في جلب العنف عبر الحدود، فيما يشكو آخرون من السياسة الخارجية التركية.

وأرسلت الشرطة تعزيزات إلى البلدة بعد انفجار السيارتين في وقت مبكر بعد ظهر اليوم في شارعين مزدحمين، وأسفرا عن تناثر سيارات وكتل خرسانية. وتأوي البلدة الواقعة في إقليم هاتاي في جنوب تركيا آلاف السوريين الذين فروا من الحرب في سورية.

وأظهرت لقطات فيديو وضعت على مواقع إخبارية تركية مجموعة تضم حوالي 100 تركي في مسيرة في وسط ريحانلي، تطالب رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان بالاستقالة، ملقين باللائمة في الهجوم الذي تعرضت له البلدة على سياسة حكومته تجاه سورية.

وعرضت لقطات فيديو أخرى مشاهد لسكان يحطمون زجاج السيارات التي تحمل لوحات معدنية سورية.
وتستضيف تركيا أكثر من 300 ألف لاجئ فارين من الحرب في سورية، أغلبهم في المنطقة الحدودية وهو تدفق ضغط على الموارد المحلية وكان سببا أحيانا في توترات مع السكان.

وقال مسؤول في الحكومة التركية، طلب ألا ينشر اسمه لـ"رويترز" إنه صدرت تعليمات للشرطة ورجال الدرك بالعمل على الحيلولة دون وقوع أي حوادث مماثلة.
وأضاف "سمعنا أن هناك بعض ردود الفعل من السكان الأتراك ضد السيارات السورية والسوريين. تم إرسال تعزيزات الشرطة لمنع هذا النوع من الحوادث".


وقال شاهد من "رويترز" إن "هناك وجودا أمنيا كثيفا في وسط ريحانلي بالقرب من موقع الانفجارين وإن قوات الأمن أقامت أيضا نقاط تفتيش للتحكم في الدخول إلى البلدة والخروج منها".
ونظم حوالي 60 شخصاً مسيرة في العاصمة التركية أنقرة رددوا خلالها شعارات ضد وزير الخارجية أحمد داود أوغلو لكنهم تفرقوا في وقت لاحق.

وكان انفجار ثالث هز في البلدة، وذكرت القناة ان "الانفجار الثالث وقع في حي سكني يبعد مئات الامتار من وسط البلدة"، لافتة الى ان "فرق الاطفاء وسيارات الاسعاف وقوات الامن تتوجه الى المكان".

وفي اول رد فعل دولي على التفجيرات، نددت الولايات المتحدة بشدة بالتفجير المزدوج، وتعهدت بالتضامن مع تركيا في تحديد الجناة.
وقال السفير الأميركي لدى تركيا فرانسيس ريتشاردوني "الولايات المتحدة تستهجن بشدة الهجوم الوحشي الذي وقع اليوم وتقف الى جانب شعب وحكومة تركيا لتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة".
فيما قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في وقت سابق أن "هجمات السيارات الملغومة التي أسفرت عن مقتل 20 شخصاً في بلدة حدودية جنوب تركيا اليوم السبت قد تكون ذات صلة بالصراع الدائر في سورية، أو بعملية السلام بين أنقرة والمتمردين الأكراد".

وأوضح اردوغان في تصريحات بثها التلفزيون التركي "إننا نمر بأوقات حساسة حيث بدأنا عهداً جديداً (يشهد) عملية حل القضية الكردية. وهؤلاء الذين لا يستطيعون استيعاب هذا العهد الجديد. يمكن أن يقدموا على مثل هذه الأفعال".

وأضاف "هناك قضية حساسة أخرى وهي أن إقليم هاتاي (الذي وقعت فيه الانفجارات) يقع على الحدود مع سورية وهذه الأفعال ربما نفذت لإثارة تلك الحساسيات. 

التعليقات