مقاتل صيني يحارب في صفوف الثوار ضد نظام الأسد

مقاتل صيني يحارب في صفوف الثوار ضد نظام الأسد
رام الله - دنيا الوطن
رفع الرجل الذي يرتدي ملابس مموهة سلاح «الكلاشنيكوف» وأطلق ثلاث طلقات نارية في الهواء، بينما يتجول في حقل من الزهور الأرجوانية والصفراء. وقال للرجل الذي يصوره إنه بعد قراءته لأعمال سيد قطب، المنظر الإسلامي الإخواني المعاصر، ذهب إلى ليبيا للدراسة وشهد الثورة. وسافر بعد ذلك إلى سوريا للمساعدة في الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي قال عنه إنه «يذبح المسلمين هنا بدم بارد بمن فيهم النساء والأطفال». ويتحدث بلغة الماندرين الصينية القديمة ويطلق على نفسه اسم «يوسف»، لكن تخبرنا الترجمة الإنجليزية التي تظهر في المقطع المصور أن اسمه الصيني هو بو وانغ. وكان يبدو في الظاهر مثالا نادرا جدا، بل ربما يكون الأوحد، على المواطن الصيني المنتمي إلى قبيلة الهون الذي ينضم إلى جماعة جهادية في العالم العربي. لفت المقطع المصور الغريب انتباه بعض الصينيين خلال الأسبوع الماضي، عندما نشر على موقع «يوتيوب»، ثم على موقع «يوكو» الشهير في الصين. وسرعان ما تم حذفه، ربما على أيدي رقباء يدركون أن محتواه حساس جدا بالنسبة إلى المسؤولين الصينيين. ويخاطب الرجل في المقطع المصور الحكومة الصينية ويطالبها بالتخلي عن دعم الأسد وإلا ستتحد كافة الدول الإسلامية في العالم من أجل فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة الصينية.

ومنعت الصين وروسيا الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن من إصدار قرار يتيح استخدام القوة للتدخل في الصراع الأهلي السوري الذي يزداد دموية يوما بعد الآخر. وأكدت الصين مرارا على ضرورة مشاركة الدول الأجنبية في حوار مع الأسد لحل الأزمة بدلا من استخدام القوة العسكرية.

ولم يتسن التأكد من صحة المقطع المصور، الذي نشره مستخدم باسم «أيان 84» على موقع «يوتيوب» في السابع عشر من مارس (آذار)، ثم نشر على موقع «يوكو» الذي يستخدم اسم «بشار الأسد»، من مصدر مستقل. مع ذلك قال اثنان لهما معارف في سوريا إنهما سمعا بأمر المقاتل الصيني الذي يحارب في صفوف الثوار، وتشبه الخلفية الخضراء التي تظهر في المقطع المصور إلى حد كبير الجغرافيا في شمال سوريا. وتعد مشاركة أي فرد من الهون في أي حركة جهادية أمرا نادرا إن لم يكن غير موجود.

والهون هم جماعة عرقية كبيرة في الصين وعادة ما لا تعتنق الإسلام. الجدير بالذكر أن أكبر جماعتين عرقيتين في الصين هما الهوي والأويغور، اللتين تشكوان من التمييز الذي يمارسه الهون والحزب الشيوعي، الذي يهيمن عليه هذا العرق، ضدهم. وخلال إدارة الرئيس جورج بوش الابن، ألقت القوات الأميركية القبض على 22 فردا من جماعة الأويغور في أفغانستان وتم حبسهم في معتقل غوانتانامو، لكن تم إطلاق سراحهم لاحقا بعد أن وجد المسؤولون أنهم ليسوا من عناصر العدو.

وقال بروس هوفمان، الأستاذ بجامعة جورج تاون والمحلل السابق في مؤسسة «راند» والمتخصص في حركات التمرد والإرهاب: «لقد سمعنا بالطبع عن الأميركيين والغربيين الذين تحولوا للقتال في صفوف الجهاديين، لكني لم أسمع قط عن قيام أحد أفراد الهون الصينيين بذلك. ويمكنني تصور عدم رضا المسؤولين الصينيين، بالنظر إلى قلقهم من انتشار الإسلام المتطرف في غرب الصين، عن مثل هذا التطور». وصرحت وزارة الخارجية الصينية بأنها لا يمكنها التعليق على هذا الأمر في الوقت الراهن.

يبدأ المقطع المصور، الذي مدته ثلاث دقائق و26 ثانية بالضبط، بغناء النشيد الإسلامي، بينما تظهر بطاقات ذات نص أبيض على خلفية سوداء. وتحمل تلك البطاقات كلمات باللغة العربية منها لواء المجاهدين في بلاد الشام، وهو اسم آخر يطلق على سوريا. وتخبرنا بطاقة أخرى أن هذا المقطع المصور رسالة إلى الشعب الصيني من المكتب الإعلامي للمجاهدين في بلاد الشام.

وتظهر الصور المقاتل الصيني المسلح وهو يمشي وسط غابة بها أشجار خضراء زاهية ويطأ بقدمه الأزهار والأحجار. ويحمل بيده اليمنى سلاح «كلاشنيكوف»، ثم يطلق النيران. ويظهر في باقي المقطع وهو يتكئ على حجر في الحقل ومعه حربة مثبتة بالسلاح، الذي وجهه وكأنه أمام عدو غير مرئي. ويتحدث أمام الكاميرا من دون أن يتضح في نطقه لكنة مميزة. وعلى يمينه هناك علم أسود يحمل كتابة باللون الأبيض. ويقدم المقاتل نفسه بإيجاز، ثم يبدأ في الهجوم على الأسد قائلا: «لا يتمتع الناس بأي حرية ولا ديمقراطية ولا أمن ولا احترام هنا إطلاقا».

ويستمر في الحديث عن علاقات عمرها 1400 عام بين الصينيين والعرب وتعود إلى عصر الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وأسرة تانغ، عندما كان طريق الحرير منتعشا. وقال: «مع ذلك دمرت الحكومة الصينية حاليا الصداقة التقليدية التي تربط بين الشعبين الصيني والعربي، لأن القادة الصينيين، فضلا عن نظرائهم الإيرانيين والروسيين، يمدون نظام الأسد بالمال والسلاح». وكان هناك بعض المناقشات للمقطع المصور في المنتديات الصينية، رغم حذف بعض المشاركات الأصلية. ووصفت مشاركة في أحد المنتديات التي ظلت على الإنترنت خلال الأسبوع الحالي الرجل بـ«الشاب ذي العقل المسمم الذي لا يعرف التمييز بين الخير والشر».

التعليقات