استشهد أربعة من أبنائها : خنساء فلسطين "أم جمعة أبو محيسن " تتقاضى راتبا 350 شيكلا !!!

استشهد أربعة من أبنائها : خنساء فلسطين "أم جمعة أبو محيسن " تتقاضى راتبا 350 شيكلا !!!
غزة- دنيا الوطن- عبدالهادي مسلم 
ودعنا قبل أيام خنساء من خنساوات فلسطين أنها "أم نضال فرحات "التي يشهد لها القاصي والداني في الجهاد والمقاومة والتضحية والفداء ولكن هناك خنساء أخرى أطال الله في عمرها فقدت أربعة شهداء من أبناؤها منسية لا تذكر إلا قليلا من ابناء شعبها وفصائله وكأن الأعلام يتعمد عدم تسليط الأضواء على نضالها وصبرها وتحملها وتربيتها لأحفادها ومعاناتها ومرضها لأنه أمرأة متواضعة لا تعرف القراءة ولا الكتابة ولا المصالح الدنيوية أنها الحاجة خضيرة حماد أبو محيسن (أم جمعة ابو محيسن )، أو خنساء فلسطين كما تطلق عليها وسائل الإعلام أم لأربعة شهداء ربتهم وأرضعتهم حليب المقاومة والجهاد وحب وعشق الأرض بعد وفاة زوجها واستشهاد شقيقها .
بعد السؤال عن بيتها والواقع شرق مخيم المغازي استقبلني ولدها ماهر الذي يسكن معها في بيت جديد في أرض مساحتها دونمين ونصف ورثتها من والدها المتوفى التقينا مع أم جمعة البالغة 75عاماً في منزلها المتواضع الواقع وسط كروم اللوز والزيتون, والتي عُرفت بـ «أم الشهداء»
وقبل الحديت مع الحاجة أم جمعة والتي أنهكها المرض والكبر اعتذرت منها عن التقصير الأعلامي بحقها والذي لم يعطيها حجمها كمرأة مناضلة كباقي خنساوات فلسطين اللواتي نقبل رؤؤسهن احتراما لهن وبصوت خافت رحبت بنا الحاجة الصبورة المحتسبة أم جمعة أبو محيسن قائلة :هي وقفت فقط على الأعلام خليها على الله الكل مقصر بحقي لأني امرأة غلبانة ومسكينة ولا أعرف النفاق والكذب !!!
وتضيف الحاجة أم جمعة والتي تدلل الأخاديد المحفورة في وجهها على حجم المعاناة التي تعانيها قائلة :من أين أبدأ من موت زوجي أو استشهاد شقيقي سلامة أو من استشهاد فلذة أكبادي يوسف وجمعة أم من فراق ولدي عمر ويحي ربنا يرحمهم وفجأة تسكت وتجهش بالبكاء حزنا عليهم
حاولت الحاجة أم جمعة أن تغطي وجهها وتمسح دموعها لتواصل سرد حكايتها التي هي من رحم الجرح وقالت بصوت ضعيف :’ربيت أولادي بعد ما مات زوجي أبو جمعة في حادث سيارة وكان ابني الكبير جمعة في الصف التاسع والباقين صغار ماشافوا الدنيا ولا عرفوا عنها شي’ هذه المرأة استطاعت بجلدها وصبرها أن تربي ستة من الأبناء وأربعة من البنات’جمعة- آمال –سهام- نوال- يوسف- عمر- منال- ناهض- ماهر- يحيى’ وراح منهم أربعة شهداء’جمعة(23) يوسف(21)عمر(23)يحيى(19) وتبقى لديها ناهض(29)عاما وهو متزوج ولديه أربعة أبناء آخرهم عمر الذي ولد بعد استشهاد عمر بشهر ويعيش مع والدته في بيتهم المتواضع الذي يطل على الشريط الحدودي مع خط التماس مع اليهود وماهر يبلغ من العمر (23)عاما والذي يعمل جنديا وتعيش هذه الأسرة على راتب ناهض الذي يعمل شرطيا في أجهزة الأمن الفلسطيني بغزة حيث لا تمتلك مصدر دخل آخر

. لم يكن فقدانها لأربعة من الأبناء هي المرة الأولى التي تفقد بها شهداء فقد مرت بهذه اللحظات لحظة استشهاد أخيها صقر العروقي الذي استشهد في السبيعنات في لبنان و سلامة الذي استشهد في خانيوس عام 1973 وسلمان العروقي الذي استشهد في عام 2002 إخوة من والدها وعليان أبو جلال أخوها من أمها وكان سلمان قد استشهد في بداية انتفاضة الأقصى والآخرين في انتفاضة السبع سنوات وهي أيضاً كانت يتيمة الأب وعاشت في كنف إخوتها كما عاش أبناؤها في كنفها وذاقت الحرمان من حنان الأب الذي حاولت أن لا تذيقه لأبنائها.
بدأت معاناتها في سرد قصة استشهاد ولديها يوسف وجمعة قائلة :استشهدوا بتاريخ 3-5-93م عندما كان ابني يوسف مطاردا ويلقب بمسئول الصقور في المنطقة الوسطى وقالت لقد قتلهم اليهود و قتلوا المطلوب و اللي كان يعيل الأسرة وهو جمعة اللي مش مطلوب ، اجونا ناس قالوا إنهم من تونس وجابين عشان يطلعوا يوسف من غزة لأنه كان مطارد وكل يوم اليهود كانوا عنا في الدار وحكولنا ما نحكي لحدا وبعد أيام اجوا وحكوا لجمعة ابني الكبير هات أخوك يوسف هينا بنستنا تحت الشجرة وبعد ربع ساعة طلع يوسف وجمعة وعمر عشان يقابلوهم وحكوا لعمر انت استنا هنا عشان تراقب الطريق وبعد دقايق سمعنا صوت الرصاص ولقينا جمعة ويوسف غارقين بدمهم فوق بعض’ واسترسلت موضحة لقد قتلوهم الجبناء والخونة والعملاء بطريقة الغدر والخيانة ورفعت يدها إلى الله أن ينتقم منهم ومن اليهود الكفرة
تحاول مرة أخرى الحاجة أم جمعة لملمة منديلها لتغطي به وجها وتواصل سرد حكايتها عن ابنها يحيى وكيفية استشهاد موضحة أنه عندما استشهد كان يبلغ من العمر(18) عاما و استشهد بتاريخ 15- 1-2005م و أتناء اجتياح قوات الاحتلال لحي الزيتون بمدينة غزة عندما خرج من عمله ’ قاصدا حي الزيتون وأطلق آخر رصاصاته في هذا الأجتياح الغاشم فسقط شهيدا وتسقط دمعة من عين الحاجة أم جمعة عندما تذكرت ولدها وتقول الحمد لله على كل شيئ عندما وتتسائل عندما يزوج رجلا ابنته فأنه يحزن على فراقها فما بالك عندما تفقد أربعة من الأبناء !!!!.
ولم تتوقف مأساة الحاجة أم جمعة عند هذا الحد فكانت الصدمة الكبيرة والفاجعة في استشهاد ابنها الرابع عمر وفي وتنهيدة قلب مذبوح قالت بحزن كبير استشهد ابني الشاب الجريء عمر (23) عاما الذي عشق الجهاد منذ نعومة أظفاره في آخر اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم المغازي في تاريخ 19-7-2006 لم يكن ابنا فقط لامه بل كان أبا لأبناء الشهيد جمعة وأبا لإخوته وأخا ورفيق درب لامه ومعيلا لعائلته
قالت أم جمعة والدموع تذرف اوتتساقط من مقلتيها على ابنها عمر الذي عاش ومات يتيماوتصف أم جمعة ولدها عمر قائلة لقد كان عمر حنون على أخواته وأولاد أخوه جمعة وكان أب وأخ وعم وخال كان دايما قبل ما ينام يجي يحكيلي بدك اشي يا حاجة دفيانة وماخدةالعلاج وألا لا !!
وبنوع من الحزن والألم تسترسل الحاجة أم جمعة قائلة وقبل سقوط الشهيد بساعات كان على اتصال مع أخته منال وأمه وجاء إلى بيته تاركا موقعه في التصدي للاجتياح مع المحتل ليرى أمه وإخوته وفي لحظة أشبه بلحظة وداع لاحظها جميع الحضور قال آخر عبارة لامه’خدي بالك من حالك يا حاجة ومن الأولاد ‘ وبهذه العبارة ترك الدنيا وسقط شهيدا فداء الوطن .
وبالرغم من الحزن على استشهاد أولادها الأربعة والألم الذي يعتصر قلب خنساء فلسطين إلا أن روح المقاومة والجهاد وحب الوطن والأستشهاد يملأ قلبها وتقول كلمتها المشهورة كلنا فداء لفلسطين وتسكت الحاجة وتقول بحالة من الغضب لماذا نحن منقسمين أليس عدونا واحد هل رجعت بلادنا والله عيب وبكفينا انقسام وخربان ديار !!
وكان من المفترض بعد هذا النضال والصمود الأسطوري لخنساء فلسطين أن نحترمها ونوقرها ونكرمها ونوفر لها راتبا تعيش من وراؤه عيشة كريمة ولكن للاسف هذه المرأة أنها لا تتقاضى إلا راتب 700 شيكل عن ولدها الشهيد عمر 350 شيكل تبقى في البنك لولد الشهيد عمر حتى يكبر وتأخذ فقط 350 شيكل الباقية أما بالنسبة لباقي أولادي الشهداء فزوجاتهم تتقاضى رواتبهم وتتساءل الحاجة أم جمعة وعلامات الحزن بادية على وجهها هذا جزاء من ضحى بفلذات كبده !! وتؤكد أن التنظيمات الفلسطينية لم تسأل عنها منذ سنوات إلا قبل أيام زارها وفد من التنظيم وقدم لها مبلغا بسيطا من المال
وفجأة ترفع يدها وتترحم على الشهيد أبو عمار قائلة رحمة الله عليه لقد أديت مناسك الحج قبل استشهاده على نفقة السلطة أول مرة والمرة الثانية على نفقتي الخاصة مشيرة إلى أن مبلغا من المال ما زال دينا في رقبتها من تكاليف الحج وتتمنى الحاجة أم جمعة من الرئيس أبومازن والوزير محمود الهباش أن تحج هذا العام على نفقة السلطة لأنها تتمناها قبل أن تلحق بالرفيق الأعلى
خرجنا من بيت أم جمعة وفي جعبتها الكثير الكثير من الكلام وكأن قصتها وسرد المعاناة التي تعانيها من جراء استشهاد أولادها الأربعة لم تنته !!!







التعليقات