الكويت: رفض المحكمة القضائية للطعون المقدمة من الحكومة يثير ردود فعل واسعة في الشارع السياسي

الكويت: رفض المحكمة القضائية للطعون المقدمة من الحكومة يثير ردود فعل واسعة في الشارع السياسي
غزة - دنيا الوطن - وكالات

أثار قرار المحكمة الدستورية برفض الطعن المقدم من الحكومة "موضوعيا" على قانون الدوائرالانتخابية الخمس، ردود فعل واسعة في الشارع السياسي، وفتح الباب أمام تأويلات قانونية عدة بشأن مستقبل مجلس 2009، القائم حالياً.

ففي الوقت الذي أكد فيه مجلس الوزراء فى جلسته الاستثنائية احترامه لحكم الدستورية وتكليفه الجهات المعنية بدراسة الحكم لسرعة تنفيذه، اعتبر نواب الأغلبية المبطلة أن الحكم يفترض أن يعجل بحل المجلس العائد بحكم سابق للدستورية بينما ذهب نواب آخرون إلى أن الحكم نفسه يتيح لمجلس 2009 البقاء والاستمرار.

الأغلبية تشيد بالقضاء

وفي ردود فعل كتلة الأغلبية، فقد عقدوا فور صدور الحكم اجتماعا حضره 27 من اعضائها اكدوا من خلاله أن النظام الانتخابي الحالي ليس نموذجيا إلا أن مجلس الأمة هو الوحيد الذي له الحق في تعديله ورحبوا بحكم الدستورية واعتبروه تاريخيا مشيدين بنزاهة القضاء وعدالته وطالب بعضهم بسرعة حل مجلس 2009، في حين شدد آخرون على ضرورة تفعيله ودعا غيرهم إلى حوار وطني.

وأصدرت "حدس" بيانا اعتبرت فيه الحكم انتصارا لإرادة الأمة، وأشاد التجمع السلفي بالحكم واعتبره نافذا وعلى الجميع تطبيقه وأكد اعتزازه بالقضاء ودعا إلى حل مجلس 2009 في حين قالت كتلة العمل الوطني إن الحكم انتصار للدستور ومبادئه وللقانون أيضا وحيا الامين العام للتحالف الوطني خالد الخالد المحكمة الدستورية باصدار ما وصفها بـ "الاحكام التاريخية"، واعتبر الحكم ردا على كل من شكك في تشكيلها ، داعيا الجميع الى احترامه.

واشاد الامين العام للمنبر الديمقراطي يوسف الشايجي بالقضاء وشدد على التزام الجميع بالحكم، معتبرا ان الانتخابات المقبلة تحصنت والاستقرار السياسي تحقق واتفق المنبر والتحالف ونواب المعارضة على الاسراع بحل مجلس 2009 والدعوة الى انتخابات جديدة بخمس دوائر وأربع اصوات ووصفته الحركة الدستورية الاسلامية بأنه " انتصار لارادة الامة".

الحكومة بعد رفض الطعن

وعن الحكومة فقد ذكرت مصادر رفيعة لصحيفة "الأنباء" اليوم الاربعاء، أن رفض المحكمة الفصل في دستورية قانون الانتخاب قلص الخيارات القانونية أمام الحكومة إلى 3 خيارات فقط وهي الإبقاء على قانون الانتخاب الحالي دون تغيير "5 دوائر و4 أصوات" على أن يتم إجراء الانتخابات على هذا الأساس وهذا الخيار مطلب الأغلبية النيابية بحيث يترك أمر تعديل قانون الانتخاب للمجلس الجديد وبالتنسيق مع الحكومة.

أما الخيار الثاني فهو حل مجلس 2009، وإصدار مرسوم ضرورة بقانون جديد للدوائر وآلية التصويت وهو الاحتمال الذي يوجد عليه تحفظ لأنه يؤكد ما تثيره الأغلبية بأن الحكومة هدفت من وراء اللجوء إلى الدستورية إلى تعديل نتائج الانتخابات لمصلحتها وليس لإقرار العدالة والمساواة بين الدوائر الخمس.

ويتمثل الخيار الثالث في أن يتولى مجلس 2009 زمام المبادرة بالتنسيق مع الحكومة لتعديل قانون الانتخاب من خلال جلسة عادية وتجرى الانتخابات الجديدة على أساس القانون الجديد وهو الخيار المرفوض من قبل الأغلبية وبعض القوى السياسية.

هذا وقد قام مجلس الوزراء بتكليف اللجنة القانونية واللجنة الوزارية بحث عدة تساؤلات حول هل حكم الدستورية أمس يحصن الانتخابات المقبلة من أي طعون وإذا تم التعديل على القانون الحالي بمرسوم ضرورة هل توجد فيه شبهة دستورية وهل حل مجلس 2009 استحقاق قانوني ام يجوز استمراره حتى نهاية مدته في 2013 وهل الدعوة للانتخابات الجديدة خلال شهرين من حكم المحكمة وفق الدوائر الخمس وآلية الأصوات الأربعة استحقاق قانوني أيضا وهل القبول بقرار الدستورية الصادر امس دون القبول بقرار المحكمة ذاتها القاضي بتمكين مجلس 2009 من الانعقاد يشوبه عوار دستوري.

الخبراء الدستوريين يرحبون

ومن ناحية الخبراء الدستوريين فقد لاقى رفض المحكمة الدستورية الكويتية ترحيبا بالغا بين أوساط الخبراء الدستوريين والقانونيين غير ان تفسيراتهم للحكم اختلفت، فمن جهته أوضح الدكتور محمد الفيلي أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الكويت والخبير الدستوري ان منطوق الحكم يعني أن المحكمة تقرر دستورية القانون أو تحديدا ترفض أن تقرر عدم دستوريته، وأفاد بأنه يترتب على رفض تقرير عدم دستورية القانون انه قائم ومنتج والأثر المباشر لذلك هو ان مجلس 2009 قائم وكونه قائم هذا لا يمنع من حله والأثر الثاني أن الانتخابات المقبلة ستجرى بالقانون القائم.

وأشار الفيلى إلى أن الحكومة لا تملك أن تغير في القانون بعد صدور حكم المحكمة الدستورية وذلك ان رفض الطعن يعني ان القانون القائم دستوري ولا يجوز المساس به لا في عدد الدوائر الانتخابية ولا في عدد أصوات الناخبين وليس للحكومة ان تغير في القانون بمرسوم مادام مجلس الأمة قائما.

وأوضح الفيلي فى تصريح لصحيفة "الوطن" أنه اذا حل مجلس الأمة فيمكن للحكومة ان تصدر مرسوما بقانون لتغيير عدد أصوات الناخبين، مشيرا إلى أن ذلك سيكون غير منطقي لأننا سنكون أمام حكم لم يجف حبره بعد، وأشار إلى أن الحكم أيضا ذكر عدم دستورية الدائرة الواحدة.

وبينما حاول نواب المعارضة المغالطة والترويج لاكذوبة مفادها أن حكم المحكمة يحصن الدوائرالانتخابية الخمس، عبر فقيه دستوري بارز لصحيفة "السياسة" عن رفضه القاطع لهذا التفسير، وأكد أن الحكم لم يحصن قانون الدوائر الخمس وانما ترك مسئولية ازالة الاثار الضارة له - ان وجدت - واي قصور او مثالب اخرى للأداة القانونية وفقا للدستور.

وأوضح ان النقطة المهمة في الحكم الاخير أنه يغلق الباب تماما في وجه الدعوات المطالبة باعتماد الدائرة الانتخابية الواحدة، اذ اشار صراحة إلى أن المشرع الدستوري اعتمد "تعدد الدوائر" خيارا وحيدا ولا مجال تاليا للحديث عن دائرة واحدة التي باتت مطعونا عليها بعدم الدستورية.

الحكومة ومجلس 2009
ورجحت مصادر نيابية مطلعة أن يتعاون مجلس 2009 لإكمال مدته الدستورية ودعوة النواب للانعقاد على أن يتم اقرار الميزانيات العامة واقرار نظام انتخابي جديد من خلاله.

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة ستسعى في الفترة المقبلة لاقناع أغلبية مجلس 2009 للانعقاد وذلك لتقديم المشروع الحكومي لتعديل الدوائر واقراره من خلال مجلس الأمة، خاصة وأن اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي الذي عقد بعد حكم المحكمة الدستورية ناقش إمكانية اقرار نظام انتخابي جديد بديلاً عن الخمس دوائر وطرحه كمقترح حكومي على مجلس 2009 لإقراره.

الفتوى والتشريع

واشارت مصادر مطلعة إلى أن هيئة الفتوى والتشريع ادخلت البلاد في نفق مظلم سابقاً، حين أكد رئيسها فيصل الصرعاوي للحكومة أن اجراءات حل مجلس 2009 سليمة من الناحية القانونية والدستورية وهو ما جاء خلاف ما حكمت به المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2012 وعودة مجلس 2009 وهو الامر الذي أحدث ضجة كبيرة مازالت تداعياتها مستمرة الى الوقت الحالي.

ثم قدم مشورة جديدة للحكومة بضرورة الطعن بالدوائر الخمس لعدم عدالتها والتأكيد بأن ذلك الطعن سيلقى قبولاً من المحكمة الدستورية وهو ما أدى إلى أن تأخذ الحكومة برأي الصرعاوي وفريقه في الفتوى والتشريع لتواجه الحكومة اعنف الانتقادات من قبل المعارضة في سبيل المضي قدماً بمقترحات رئيس الفتوى التي جاءت بالامس لتخيب الآمال وتؤكد ضحالة وضعف وتخبط محامي الحكومة ليضعها في مرمى سهام الانتقاد والسخرية.

التعليقات