بالوثائق : اسرار اكبر عمليات تبادل الأسىرى في تاريخ الشعب الفلسطيني "الجزء الثاني"

بالوثائق : اسرار اكبر عمليات تبادل الأسىرى في تاريخ الشعب الفلسطيني "الجزء الثاني"
توضيحية فقط
بقلم : عبد الرحيم نتيل
( الجزء الثاني )
لم تكن رحلة زكريا بعلوشة إلى روما بدون ثمن ، ورغم سرية الرحلة .. إلا انه تعرض على الطريق الدولي الرابط بين المطار و العاصمة روما لإطلاق نار من مجهولين اخترق زجاج السيارة التي كان يستقلها وزميله مسئول امن الساحة الإيطالية .. إحدى الرصاصات إخترقت حافة كتفه الأيسر والثانية جرحته في عنقه جرحاً طفيف ..
اتصل زكريا بصديقه مدير عمليات المخابرات الإيطالية ، الذي حضر على الفور ونقله إلى بيته بدلاً من المستشفى عندما وجد أن الإصابات سطحية ، و قام باحضار أحد الأطباء الطليان ..الذي قام بعلاجه و تضميد جراحه.
قال مدير عمليات المخابرات الإيطالية لزكريا بعلوشة : هذه الحادثة رسالة من الإسرائيليين بسبب تصريحاتك بقتل الأسرى الإسرائيليين ان فشلت المفاوضات .
فقال زكريا : كان المؤتمر الصحفي لحث الاسرائيلين علي التحرك ..لأني اعرف ان هناك صراع داخل حكومتهم على عملية التبادل ، وان هناك من يحاول أن يفشلها . هددت بالقتل لكي يضغط الرأي العام الإسرائيلي على الحكومة .
فقال له مدير عمليات المخابرات الإيطالي : لو أرادو قتلك فعلا لقتلوك .. ولكنهم أيضا خافوا من ردات الفعل عندكم ، وقتل الأسرى .
كان زكريا يعمل في الساحة الإيطالية بمنتهى السرية لأنه كان يدرك ماذا سيحل بالرجل الذي يتصل به لو أن اللوبي الصهيوني في إيطاليا اكتشف هذه العلاقة ،، خصوصا بعد أن قامت النيابة الإيطالية وبالضغط من اميركا باعتقال الجنرال ( سانتو فيتو)ِ مدير المخابرات العسكرية الإيطالية .. ومساعده لشؤون الشرق الأوسط الكولونيل جوفان نوني .. الذين وضعوا لكل منهما مبلغ 100 ألف دولار في حسابه . على أنها مقدمة من منظمة التحرير الفلسطينية ، وهنا يفهم في أي بنك وضعت في جينيف حيث كان يتردد زكريا بعلوشة و منظمة التحرير الفلسطينية ،، حيث كان زكريا مسئول العلاقات الدولية في الأمن الفلسطيني آنذاك ، وأتضح فيما بعد أن المبلغ المودع في حسابهم كان محول من السودان من قبل عميل مركزي لإسرائيل ، إلا أن هذين الجنرالين دس لهم السم وقتلا داخ السجن ( وبقيت م.ت.ف تتواصل مع أسرتيهما ).
توجه زكريا بعلوشة حسب توجيهات القائد أبو عمار إلى جينيف حاملا جراحه التي لم تلتئم بعد ، ليس إلا لأن أبو عمار له حسابات أخرى .
كان أبو عمار يدرك تماماً أنه يجب أن يغطي نفسه اثناء خروجه و فيما بعد بالحماية من الأصدقاء .. حتى لا يستفرد به الغرب الموالي لإسرائيل ..مثل أمريكا وبريطانيا ، وبعض الدول العربية ، و لوجود أسطول أمريكي في ميناء جونيه ، والأسطول الإسرائيلي في عرض البحر ، والسوريون كانوا على الجانب الشمالي من طرابلس ويتحركوا في المياه اللبنانية الشمالية ،، وكل هؤلاء يحاولوا أن يشلوا منظمة التحرير الفلسطينية و النيل من ابو عمار و القيادة الفلسطينية لكي يخضع القرار الفلسطيني للوصاية الأردنية كما يخططون ..
قال زكريا بعلوشة : لم يكن أمامي الا فرنسا لأنهم الأكثر مواجهة ميدانية ..ولا يطيعون الأمريكان في كل شيء .. فاتصلت من جينيف على مندوبنا في باريس الأخ( محمود دغاغمة )؛ وقلت له : " خلي ميشيل يتحدث معي وهذا هو رقمي .... "
ميشيل هذا مدير مكتب الأدميرال ديلاكوست ، أتصل بي ، وسألني ما هو الموضوع ؟
قلت له : نريد منكم أن تشرفوا على عملية تبادل الأسرى مع إسرائيل .
قال ميشيل : سأعاود الاتصال بك بعد ربع ساعة .
اتصل ميشيل وقال : " سأحضر لك أنا و آخرين بالقطار و ساكون عندك بعد اربع ساعات ..
وقال له زكريا : أنا في فندق ألدومو الكائن بجوار بعثتنا السياسية في جينيف .

كان الفريق المفاوض في جينيف قد توصل الي تفاهمات مع جون هوفيليكر و اعلموه بأنهم موافقون علي بنود الاتفاق .. وانهم لم يرجعوا للقائد العام .. و لكن هوفيليكر اصر علي ان تتم عملية التبادل بوضع الاسرى الاسرائيلين في يد طرف ثالث .. الذي جعلهم يرفضوا حتي لا تخرج العملية عن سيطرة الطرف الفلسطيني .. مما دعا هوفيليكر للاصرار علي التوجه الي لبنان للقاء القائد العام ابوعمار .. فحذروه من خطورة الوضع في طرابلس .. لمعرفتهم المسبقة انه يريد زيارة الاسرى الاسرائيلين و الاطمئنان عليهم .

يقول زكربا : كان هناك اصرار من جمال الصوراني ( أبو عمر ) واللواء / فخري شقوره أن يحضروا اللقاء مع الفرنسيين القادمين ، إلا أنني قلت لهما أن هذه الاتصالات ليست لي ، بل لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية القائد العام ، و اتحرك حسبما يكلفني به .
اتصلت فقط بالأخ زياد ضبان في تونس ليبلغ الأخ هايل عبد الحميد (مسئولي الإدارة في الجنة المركزية ) ليعرف أني سوف اجري اتصالات خاصة مع الأمن الفرنسي بطلب من القائد أبو عمار .
في المساء حضر الفرنسيين الثلاثة ، مدير مكتب الأدميرال ومدير فرع المخابرات البحرية والجوية و شخص أخر .. أتوقع انه من العمليات .. وبعد حديث مطول .. اتفقنا على نقل المباحثات إلى فرنسا حتى لا يكون هناك اختراق من المخابرات الإسرائيلية في جينيف ..

أبلغ زكريا الأخ القائد أبو عمار بكل تفاصيل اللقاء ... وقال له : ان الفرنسيين .. سوف يتصلوا برئيس الصليب الأحمر هوفيليكر ليعرفوا منه ما وصل اليه مع الاسرائيلين ..
قال الأخ أبو عمار : عليك إبلاغ الاخ أبو اللطف لكي ينزل إلى باريس غدا .. وخذ معك الأخ أبو عمر ( جمال الصوراني ) .. وأكملوا مع الفرنسيين .
طلب الفرنسيين مني موافقة واضحة من ياسر عرفات على أن يتم التبادل ونقل الأسرى الإسرائيليين إلى الأراضي الفرنسية .
تكلمت مع أبو عمار ؛ وقال : موافق ، موافق ، موافق .

حدثت مشاكسات إسرائيليه و اختلاف في داخل الحكومة الإسرائيلية على عملية التبادل التي كادت أن تفشل العملية لولا اشتداد القتال بين المنشقين الذين تدعمهم سوريا وليبيا .. وقوات حركة فتح و م.ت.ف المدافعة عن طرابلس .. مما أشعر الإسرائيليين بالخطورة على حياة أولادهم .
توجه السفير الفرنسي في بيروت ومعه الملحق العسكري في السفارة إلى طرابلس تحت أزيز الرصاص والقصف السوري على المدينة .. و اتفقوا مع القائد العام أبو عمار و نائب القائد العام أبو جهاد والقائد أبو الهول على حماية خروجهم و قواتهم والأسرى الستة أحياء ، بشرط أن يتم تأمين حماية الخروج من شواطئ طرابلس إلى المياه الإقليمية الدولية حيث تقف السفن الحربية الفرنسية ، التي لا تريد أن تدخل في حرج الدخول في المياه الإقليمية اللبنانية .
وصل رئيس الصليب الأحمر الدولي جون هوفيليكر ..الذي سمع مطالب القائد العام أبو عمار وهي : إطلاق سراح أسرى معتقل ( أنصار ) و النبطية وصيدا وصور و إطلاق سراح مئة أسير وسجين من الداخل ، والإفراج عن ركاب الباخرتين كورديلا وحنان .. وإعادة أرشيف مركز الأبحاث والدراسات الفلسطيني .
يقول زكريا بعلوشة : تحدثنا مع وزارة الدفاع الفرنسية و الخارجية عن تفاصيل الخروج ، ووقوف البواخر على بعد كم كيلو متر بحري من شواطئ طرابلس حتى يتم تأمين خروج القادة ومن معهم ، وان يتم نقل أسرانا من أنصار و النبطية وتجميعهم في مطار اللد ومن ثم نقلهم ونقل متعلقات مركز الدراسات و الأبحاث .
كانت المشكلة الصعبة في رفض الفرنسيين أن يستأذنوا وزارة الخارجية اللبنانية للوصول للشواطئ اللبنانية ، لأنهم سيقفوا على بعد 12 ميل بحري .
في هذه الأثناء حدث تراجع من الإسرائيليين في الموافقة على خروج بعض الأسرى لانهم ابلغوا الصليب الاحمر بأنهم شطبوا أسماء 25 اسير من اسرى الداخل .. فقلت للقائد العام هل اوقف العملية ؟؟
قال ابو عمار : لا
الاخ أبو جهاد طلب 100اسير من أسرى الداخل من الأرض المحتلة ( من أراضي 1948م .. و من الضفة و غزة ) ويقول زكريا : أنا صممت على 16 اسير جنود عرب كانو في الجيش الإسرائيلي و عملوا معنا وسجنوا و أخذوا أحكام عالية .. مما دفع إسحاق شامير و موشيه ارنس ليرفضوا العملية .. و اتخذوا قرار بقتلي .

(( طلب الفرنسيين ان يتم نقل الأسرى إلى حاملة الطائرات فوشي .. التي ستقف في عرض البحر أمام طرابلس .. ومن هناك سيتم نقل الأسرى إلى مطار أورلي في باريس .. ثم إلى تل ابيب ))
وفي اتصال مع القيادة في طرابلس ،، طلبوا من زكريا السفر من باريس إلى جينيف .. ومن ثم الي قبرص .. التي كانت تمثل نقطة اتصال بكل الأصدقاء في الدول الأوروبية .. ومركز إنطلاق إلى كل الساحة التي يعمل عليها .
(الجزء الثالث : التوجه الي جمهورية مصر العربية )



التعليقات