واشنطن حذرت من هجوم وشيك وباتت مقتنعة ان العملية ضد قنصليتها بنغازي كانت مخططة

واشنطن حذرت من هجوم وشيك وباتت مقتنعة ان العملية ضد قنصليتها بنغازي كانت مخططة
غزة - دنيا الوطن
نشرت صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية في عددها الصادر امس مقالا لمراسلها كيم سينغوبتا كشف فيه ملابسات مقتل السفير الاميركي في ليبيا، مشيرا الى النقص في الاجراءات الامنية، واغفال التحذيرات بان البعثة الاميركية كانت معرضة للاستهداف. كما يشير الى اعتقاد المسؤولين الاميركيين بان عملية القتل كانت انتقاما للهجمات التي تقوم بها الطائرات الاميركية بلا طيار. وفي ما يلي نص المقال:

"من المحتمل ان يكون مقتل السفير الاميركي في ليبيا وثلاثة من اعضاء سفارته نتيجة التراخي الخطير والمتواصل في اجراءات الامن.

ويعتقد مسؤولون اميركيون ان الهجوم كان مخططا له، غير ان السفير كريس ستيفينز عاد الى ليبيا قبل فترة وجيزة، وكان من المفروض ان تظل زيارته واعضاء سفارته الى بنغازي سرا مكتوما.

وتواجه الادارة الاميركية حاليا ازمة في ليبيا. اذ اختفت وثائق حساسة من القنصلية في بنغازي اضافة الى ان ما يفترض ان "المسكن الآمن" القائم في موقع يقال انه سري في المدينة، والذي توجه الموظفون اليه، تعرض لهجمات مستمرة بقذائف الهاون. ولم تكن الاماكن الاخرى في انحاء البلاد تعتبر "آمنة".

وقيل ان بعض الاوراق المفقودة من القنصلية تحتوي على اسماء اشخاص ليبيين يعملون مع الاميركيين، ما يجعلهم عرضة للمخاطر من قبل المجموعات المتشددة، بينما قيل ان المستندات الاخرى كانت تتعلق بعقود نفطية.

وحسب اقوال مصادر دبلوماسية فانه كانت لدى وزارة الخارجية الاميركية معلومات موثوقة قبل 48 ساعة من مهاجمة الجماهير للقنصلية في بنغازي وللسفارة في القاهرة ان هناك احتمالا باستهداف البعثات الاميركية، الا انه لم تصدر اي تحذيرات للدبلوماسيين لكي يتخذوا احتياطات كافية وعمليات "تأمين" تفرض بموجبها قيود متشددة على الحركة.

وكان ستيفينز قد قام بزيارة الى المانيا والنمسا والسويد وعاد للتو الى ليبيا عندما اتخذت الترتيبات لزيارة بنغازي بعد ان قرر موظفو الامن في السفارة الاميركية ان لا خطر من القيام بتلك الزيارة.

وقال مسؤول المعلومات في السفارة شون سميث واثنان من رجال البحرية الاميركية ان ثمانية اميركيين بعضهم عسكريون اصيبوا بجراح في الهجوم. وقامت السفارة بنقل جميع موظفي القنصلية من بنغازي الان الى العاصمة طرابلس، اما الذين اعتُبرت مسؤولياتهم غير اساسية فانهم سيغادرون ليبيا.

وفي ذات الوقت وصل الى ليبيا من احدى القواعد في اسبانيا فريق الرد لمكافحة الارهاب "فاست" في البحرية الاميركية، كما ان من المعتقد ان هناك المزيد من الاشخاص في الطريق اليها. ووقفت وحدات اضافية على أهبة الاستعداد للتحرك الى دول اخرى حيثما تدعو الحاجة الى وجودهم في حال نشوب اعمال غاضبة مناوئة لاميركا بسبب عرض فيلم يسيء الى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وكانت مجموعات من الناس تقدر بعدة مئات قد هاجمت السفارة الاميركية في العاصمة اليمنية صنعاء أمس. واتخذت البعثات الدبلوماسية الاخرى اجراءات امن خاصة في كل الشرق الاوسط تقريبا، وفي باكستان وافغانستان وارمينيا وبورندي وزامبيا.

وتتزايد قناعة بعض المسؤولين الاميركين بان طبيعة الهجوم الشرسة في بنغازي التي استخدمت فيها قذائف ذاتية الدفع، تشير الى انها لم تكن وليدة ساعة الغضب بسبب الفيديو اذي اطلق عليه اسم "براءة المسلمين". وقال باتريك كنيدي، وكيل الخارجية الاميركية، انه مقتنع بان الهجوم كان مخططا له من قبل، بسبب طبيعيته الشاملة وانتشار السلاح في ايدي الكثيرين.

وهناك اعتقاد متعاظم بان الهجوم جاء انتقاما لمقتل محمد حسن قائد، الناشط في تنظيم "القاعدة" في باكستان بقذيفة من طائرة بلا طيار، الذي كان مثل نظيره ابو يحيى الليبي، من ليبيا، وانه حُدد له ان يقع في ذكرى هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر).

وقال السيناتور بيل نيلسون، العضو في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاميركي "اطالب زملائي في اللجنة بالقيام فورا بالتحقيق لمعرفة الدور الذي يمكن ان يكون لـ"القاعدة" او شركائها في الهجوم، واتخاذ الاجراء المناسب".

وحسب مصادر أمنية فقد صُنفت القنصلية على ان "لا خطر عليها" في مواجهة اي اعمال عنف تتعلق بذكرى الحادي عشر من ايلول (سبتمبر). الا انه في هذه الحالة، جرى اقتحام محيطها خلال 15 دقيقة من بداية مهاجمة الجماهير الغاضبة لمبناها حوالي الساعة العاشرة مساء يوم الثلاثاء. وحسب قول شهود عيان، فانه لم تكن هناك دفاعات تذكر من 30 حارسا محليا او أكثر لحماية الموظفين. وقال علي الفيتوري، وهو محاسب يبلغ من العمر 59 عاما ويسكن على مقربة، ان "رجال الامن ولوا ادبارهم وكان المهاجمون من الشبان الذين يحملون السلاح والقنابل".

وقال وسام بو حميد، قائد كتيبة الدروع الليبية في طرابلس، وهي قوة من الشرطة مؤثرة في بنغازي، ان الغضب من الفيديو عن النبي محمد هو الذي جعل الحراس يتخلون عن مهامهم. "لا ريب في ان هناك افرادا من بين قوات الامن سمحوا للهجوم ان يحدث لانهم استاءوا ايضا من الفيلم. ومما لا شك فيه انهم يضعون الولاء للنبي فوق ولائهم للقنصلية. وعمليات القتل لا تقارن بالحاق الاساءة للنبي الكريم".

ومن المعتقد ان يكون اعضاء السفارة قد تركوا السفير ستيفنز في المبنى بعد ان فشلوا في العثور عليه نتيجة كثافة الدخان الذي نشأ عن حريق أتى على المبنى باكمله. وقد عثر عليه اناس من الاهالي فاقدا للوعي ونقلوه الى مركز بنغازي الطبي حيث توفي، حسب قول الدكتور زياد ابو زياد، نتيجة استنشاق الدخان.

وقد اوفد فريق انقاذ اميركي يتكون من ثمانية اشخاص من طرابلس، ونقلوا الى المسكن الامن السري تحت حماية قوات يرأسها النقيب فتحي العبيدي من "كتيبة السابع عشر من شباط (فبراير)" لاخراج حوالي 40 موظفا اميركيا. بعد ذلك تعرض المبنى لنيران الاسلحة الثقيلة. وقال النقيب العبيدي: "لا ادري كيف اكتشفوا المكان للقيام بالهجوم. كان عملا مخططا، وكان القصف بقذائف الهاون ادق من ان يقومبه ثوريون عاديون. وبدأت تنهمر علينا قذائف الهاون، ووقعت ست منها مباشرة على الممر المؤدي الى المنزل".

ووصلت بعد ذلك التعزيزات الليبية وانتهى الهجوم. ووردت انباء عن حالة السفير ستيفنز ونقل جثمانه من المستشفى الى طرابلس مع القتلى الاخرين والافراد الناجين.

وبالامس تحدثت ماري كوماندي، والدة ستيفنز، عن ابنها فقالت "كان سعيدا بما يفعله، وقام بعمل ممتاز حقا. كان بامكانه ان يقوم باعمال اخرى، لكن هذا العمل هو ما كان يصبو اليه. وفي قلبي الان جرح عميق".

التعليقات