للحصول على المعلومات بسهولة:في العراق عليك قص شعرك عند الحلاق وفي سوريا اشرب عرق سوس من بائع متجول

للحصول على المعلومات بسهولة:في العراق عليك قص شعرك عند الحلاق وفي سوريا اشرب عرق سوس من بائع متجول
عناصر من السي آي إيه في قلب بغداد
غزة - دنيا الوطن-ايهاب سليم
"اذا رغبت بنشر شائعة في العراق لتحصد منها فيما بعد على كنز من المعلومات..فعليك ان تقص شعرك في أقرب محل للحلاقة في بغداد, واذا رغبت بتوظيف مصدر للمعلومات في سوريا..فعليك ان تشرب مرتين على الاقل عرق السوس من أقرب بائع متجول في دمشق, واذا رغبت بالحصول على المعلومات في مصر من دون تكلفة مالية..فعليك ان تتحمل شرب الشاي الصعيدي في ضيافة قبلي كريم". قد يظن ان هذه القاعدة الاستخباراتية اطلقها احد "مسؤولي أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية في تل ابيب", إلا أن الكثير قد يفاجئ عندما يعلم أن صاحب هذه القاعدة احد "الوكلاء العاديين للاستخبارات المركزية الامريكية في بغداد".

 يعاني الشعب العراقي خاصة والشعوب العربية عامةً من انهيار شبه كامل في المنظومة الامنية الداخلية منذُ غزو بغداد سنة 2003م/1424هـ, اذ عملت سلطات الاحتلال خِلال الشهر الثاني للغزو على تفكيك الاجهزة الامنية والعسكرية العراقية واعادة هيكلة البِلاد على شكل هرم استخباراتي ثلاثي الأضلاع للعمل مباشرة ضمن فلك وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية "سي آي آيه" وغير مُباشرة ضمن مداري معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة الاسرائيلي "الموساد" ووزارة الاستخبارات والامن القومي الايراني "فافاك", فكانَ ثمار ذلك ان تستغل هذه الاجهزة الاستخباراتية الثلاث القاعدة الجغرافية الجديدة داخلياً وخارجياً.

 الهرم الاستخباراتي الثلاثي الاضلاع: 

بهدف ايضاح الهرم الاستخباراتي المُعقد في البِلاد, يمكن تجزئة أضلاعه الثلاث على النحو التالي: 

أ. ضلع وكالة المخابرات المركزية الامريكية: ضلع استراتيجي يمسك بأغلب الملفات الاستخباراتية في مدن العراق ولاسيما العاصمة بغداد, ويضم التركيبة التالية: 

. جهاز المخابرات العراقي الحديث/ سنة-شيعة 

. جهاز مكافحة الارهاب لوزارة الدفاع العراقية/ سنة-شيعة 

. جهاز الاستخبارات لوزارة الداخلية العراقية/ سنة-شيعة 

. ميليشيا المؤتمر الوطني العراقي العلمانية/ سنة-شيعة 

. مليشيا حركة الوفاق الوطني العراقي العلمانية/ سنة-شيعة 

. ميليشيا حزب الامة العلمانية/ سنة-شيعة 

. ميليشيا منظمة بدر الدينية/ شيعة 

. ميليشيا حزب الدعوة الدينية/ شيعة 

. ميليشيا حزب الفضيلة الدينية/ شيعة
 

. ميليشيا الحزب الديمقراطي الكردستاني العلمانية/ سنة 

. ميليشيا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العلمانية/ سنة 

. ميليشيا الصحوات العلمانية/ سنة 

تاريخ الضلع الاستخباراتي الامريكي 1948-2012م/ 1368-1433هـ:
 
يعود تاريخ النشاط الاستخباراتي الامريكي في العراق الى حقبة اواخر الاربعينيات من القرن الماضي, وبرزَ اول ظهور له في محاولة اغتيال الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم عن طريق منديل مُسمم في فبراير شباط سنة 1960م/1380هـ. لكن ازداد النشاط الاستخباراتي السري الامريكي في البِلاد في اعقاب حرب الخليج الثانية 1990-1991م/1410-1411هـ, اذ عملت السي آي آيه في سنة 1991م/1411هـ على تجنيد العميد الطيار في الحرس الجمهوري محمد عبد الله الشهواني -تركماني سني متزوج من شيعية- في لندن بعد فراره من بغداد في مايو ايار سنة 1990م/1410هـ, الا ان خطة الانقلاب المقررة ضد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين باءت بالفشل حينها واعتقل 200 ضابط عراقي واعدمَ منهم اكثر من 80 في السادس والعشرين من يونيو حزيران سنة 1996م/ 1416هـ.

 وحول هذه الخطة التي كانت بين دهاليز السي آي آيه وسراديب جهاز المخابرات الخارجية البريطانية "إم آي 6" ومحمد الشهواني واياد علاوي رئيس حركة الوفاق الوطني العراقي, يقول احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي الى صديقه ريتشارد بيرل السياسي اليهودي الامريكي, ان "العراقيين ألقوا القبض على ساعي مصري كان يحمل هاتف يعمل بالاقمار الاصطناعية والذي كانَ مرسلاً من السي آي آيه الى ابن الشهواني في بغداد, مما ادى الى فشل الخطة".

 في سنة 1992م/1412هـ, انشأت وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية مكتب للشؤون العسكرية تحت ادارة معاون مدير السي آي آيه بهدف ضمان تدفق المعلومات من العراق. وبحسب مسؤولي الاستخبارات المركزية في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز, فان السي آي آيه أشرفت على دعم متمردي حركة الوفاق الوطني العراقي للقيام بسلسلة من التفجيرات والتخريب في العراق خلال الفترة 1992م/1996م-1412/1416هـ.

 وحول هذا الموضوع يقول الكاظمي لصحيفة الاندبندنت البريطانية, وهو احد متمردي حركة الوفاق الوطني العراقي, بانه فجرَ سيارة مفخخة في العراق في سنة 1996م/1416هـ مقابل مبلغ 2,000 دولار, الا انه حصل من السي آي آيه على مبلغ 1,000 دولار فقط. 

في سنة 1993م/1413هـ, عملت وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية على دعم احدى المنظمات الكردية المتمردة للقيام باعمال استخباراتية في العراق, وقد عرفت المنظمة بأسم اسايش. وفي يوليو تموز سنة 2002م/ 1423هـ, انشأت السي آي آيه شعبة استخباراتية سرية للانشطة الخاصة في العراق, وكانَ هدفها الاستعاد لساحة المعركة اللاحقة في البِلاد, ومن بين عملياتها الاولى دعم قوات البشمركة الكردية المتمردة ضد تنظيم أنصار الاسلام, وهو حليف تنظيم القاعدة في شمال العراق, وايضاً ارسال بعثات استطلاعية استخباراتية خلف الخطوط العراقية لتحديد أهداف القيادة العليا للجيش العراقي خلال حرب الخليج الثالثة سنة 2003م/ 1424هـ.
 
بعد الغزو, ركزت الاستخبارات المركزية الامريكية عملها بشأن البحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية من دون التوصل الى نتيجة وابرزت اهتمام اكثر في ساحات الشرق الادنى وشمال افريقيا وجنوب غرب اسيا. كما كانَ لـ "السي آي آيه" ايضاً دوراً في اعتقال الرئيس الراحل صدام حسين, وحول هذا الموضوع يقول نائب مساعد وزير الدفاع الامريكي للعمليات الخاصة: "لايمكن نفي دور المخابرات المركزية في ذلك".
 
في مطلع سنة 2004م/1425هـ, وبعد تصاعد العمليات المسلحة ضد قوات الغزو في البِلاد, اضطرَ السي آي آيه جنباً الى جنب مع مكتب التحقيقات الفيدرالي"أف بي آي" ووكالة استخبارات الدفاع الامريكية الى مراجعة عملهم في العراق, ليؤسس جهاز مخابرات عراقي جديد في فبراير شباط تحت ادارة محمد عبد الله الشهواني- استقالَ فيما بعد- ضمن طاقم موظفين عراقيين يضم اكثر من 7,000 موظف. 

وبعد فضيحة سجن ابو غريب في سنة 2004م/1425هـ, اتهمت عدة تقارير السي آي آيه بالتورط في اعتقال وتعذيب وسوء معاملة السجناء العراقيين, واظهرت التحقيقات ان محقق السي آي آيه مارك سوانّر قد تورط بالتسبب في وفاة السجين العراقي مناضل الجمادي في سجن ابو غريب في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني سنة 2003م/1424هـ. كما ذكرَ تقرير اخر لشبكة سي بي اس في سنة 2007م/ 1428هـ, ان  السي آي آيه عملَ جنباً الى جنباً مع فرق قيادة العمليات الخاصة المشتركة "جي أس أو سي" على استخدام القوة المميتة عن طريق الاعتقالات الكثيرة والقتل المتعمد. 

بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية في عددها الصادر في الخامس من يونيو حزيران سنة 2012م/1433هـ, فأن بغداد تُعد حالياً أكبر محطة للاستخبارات الامريكية في العالم بعد كابول ضمن طاقم عمل نشط يصل الى أكثر من 700 موظف امريكي.  

فلو اجرينا معادلة بسيطة بأن كل موظف من الـ"700" يشرف على خلية مؤلفة من 3 وكلاء عراقيين رئيسيين, فان بغداد وحدها تضم 2,100 وكيل رئيسي. ولو اجرينا معادلة بسيطة اخرى بان كل وكيل رئيسي من الـ"2,100" يشرف على خلية مؤلفة من 3 وكلاء عراقيين فرعيين, فان بغداد وحدها تضم 6,300 وكيل للأستخبارات المركزية الامريكية كأقل تقدير, وهو عدد هائل لعدد وكلاء اي جهاز غربي في مدينة عربية يتشعب في أحياءها وازقتها نسج وكلاء العنكبوت الحكومي.
 
كما يقول تقرير اخر لصحيفة واشنطن بوست خِلال العام الحالي, ان هناك 14 موقعاً سرياً امريكياً في العراق, وتعترف ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بوجود 12 موقعاً منها, بينها 5 مواقع اقيمت بالاتفاق مع الحكومة العراقية ضمن طاقم عاملين يصل الى 16,500 موظف امريكي (بما في ذلك القوات العسكرية المتبقية بعد الانسحاب), بحسب الصحيفة. 

واخيراً, رغم استخدام وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية الكتنولوجيا الحديثة في التجسس, كأستخدام الشفرات للتنصت على اجهزة الموبايل والطائرات المُسيرة بدون طيار وربورتات الطيور والحشرات وكاميرات الاشعة تحت الاحمراء ومواقع التواصل الاجتماعي, الا انها لن تستطيع التخلي عن الدماغ البشري ولاسيما في البيئات الشعبية العربية. 

ب. ضلع وزارة الاستخبارات والامن القومي الايراني: ضلع ايديولوجي يمسك بالملفات الاستخباراتية من البصرة جنوباً ويمر عبر بغداد الى حدود سامراء شمالاً, ويضم التركيبة التالية:
 
. ميليشيا جيش المهدي الدينية/ شيعة 

. عصاب اهل الحق الدينية/ شيعة 

. ميليشيا منظمة بدر الدينية/ شيعة 

. ميليشيا حزب الدعوة الدينية/ شيعة 

. ميليشيا المؤتمر الوطني العراقي العلمانية/ سنة-شيعة 

. جهاز الاستخبارات لوزارة الداخلية العراقية/ سنة-شيعة 

نبذة مختصرة عن الضلع الايراني: 

بحسب المجلة الوطنية الامريكية في عددها الصادر في الحادي عشر من نوفمبر تشرين الثاني سنة 2011م/1432هـ, فان هُناك نفوذ ايراني متنامي في البصرة ويتواجد حرس امني ايراني بجانب الحرس الامني العراقي في القنصلية الايرانية التي تمثل عصب من الجهود المترامية الاطراف لتوسيع النفوذ السياسي والاقتصادي الايراني في المحافظة, اذ تعمل طهران على دعم المؤسسات الخيرية المحلية لبناء الفنادق والمصارف كمنفذ استخباراتي يحقق لها هدف النفوذ, وهي ذات الوسيلة التي تمكنت من خلالها السيطرة على نحو 70% من كربلاء عبر قنصليتها الاخرى في المحافظة, بينما تقدر تقارير اخرى عدد الوكلاء العاملين بصورة مباشرة وغير مباشرة لصالح الفافاك في العراق بنحو 150,000 ألف وكيل. 

وبحسب تقرير بثته الإذاعة السويدية الرسمية في الثلاثين من يناير كانون الثاني سَنة 2012م/1433هـ, فان "هنالك مسؤولين إيرانيين يتواجدون في مُختلف الوزارات العراقية يومياً ويُمكن التعرف عليهم مِن خلال الملابس وأزرار القمصان والخواتم والستر من دون ربطة العنق واللكنة الهجينة في الحديث", بحسب الإذاعة. 

ويُضيف التقرير, ان المسؤولين الحكوميين العراقيين مضطرون للتعامل مع هؤلاء "المسؤولين الإيرانيين" وأتباع أوامرهم سواء أكانوا "موظفين حكوميين أو قادة للميليشيات" للحفاظ على أرواحهم, وأشارَ التقرير بأن النفوذ الإيراني قد أزداد في العراق بنسبة "مئة في المئة", بحسب الإذاعة. 

ج. معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة الاسرائيلي : ضلع ايديولوجي يمسك بالملفات الاستخباراتية من دهوك شمالاً ويمر عبر بغداد الى حدود بابل جنوباً, ويضم التركيبة التالية:
 
  جهاز المخابرات العراقي الحديث/ سنة-شيعة 

. جهاز مكافحة الارهاب لوزارة الدفاع العراقية/ سنة-شيعة 

. ميليشيا المؤتمر الوطني العراقي العلمانية/ سنة-شيعة

.ميليشيا حزب الامة العراقي العلمانية/ سنة-شيعة 

. ميليشيا الحزب الديمقراطي الكردستاني العلمانية/ سنة 

. ميليشيا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العلمانية/ سنة

 . ميليشيا الصحوات العلمانية/ سنة 

. المجاميع العراقية السرية الخاصة/ سنة-شيعة 

نبذة مختصرة عن الضلع الاسرائيلي: 

لا يمكن انكار تورط الموساد الاسرائيلي ببعض التفجيرات التي تستهدف المدنيين او قتل بعض افراد القوات الامريكية من خلال تواجده بجانب شركات المقاولات الامنية في القواعد العسكرية السرية والمنطقة الخضراء ببغداد, وقد أظهرَ تقرير لقناة سي ان ان  في الثامن عشر من اكتوبر تشرين الاول سنة 2006م/ 1427هـ, عملية قنص جندي امريكي في العراق من قبل قناص يُرجح بانه اسرائيلي, وكانَ الهدف من العملية دفع قوات الاحتلال الامريكي لاستخدام القوة المفرطة تجاه المدنيين العراقيين. 

بحسب تقرير مصور عرضته هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي في ابريل نيسان سنة 2007م/ 1428هـ, فان اربيل تعد المحطة الرئيسية لتدريبات ونشاطات الموساد الاسرائيلي في العراق, وهو الامر الذي اكدته ايضاً صحيفة لوفيغارو الفرنسية في عددها الصادر مطلع يناير كانون الثاني سنة 2012م/1433هـ.
 
وبحسب صحيفة العرب في عددها الصادر في السابع والعشرين من ديسمبر كانون الاول سنة 2010م/ 1431 هـ, ذكرَ الشيخ حارث الضاري, رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق, إن شركات تابعة للموساد الاسرائيلي تعمل بحرية في جميع أنحاء العراق. 

وأضاف الضاري, أن شركات تابعة لـ "الموساد الاسرائيلي" تتمركز بشكل أساسي في إقليم كردستان العراق وتعمل تحت أسماء عربية وإنجليزية وتركية, ولكنها بالأصل إسرائيلية, وقد تسللت إلى العراق بعد الغزو. واشار الضاري إلى أن هناك تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن 70 شركة إسرائيلية تعمل في العراق تحت أسماء عربية, أو ضمن شركات أوروبية. 

وبحسب مدير عام المخطوطات العراقية السابق أسامة ناصر النقشبندي في تصريح وردَ لوسائل الاعلام العربية في مارس اذار سنة 2012م/1433هـ, ان "فريقاً مختصاً من الموساد الاسرائيلي تمكن بعد أيام من احتلال بغداد وبالتعاون مع ضباط من وكالة الاستخبارات الأمريكية من السيطرة على المكتبة اليهودية القديمة في بغداد التي كانت تحت اشراف دائرة المخابرات العراقية السابقة". 

واضافَ النقشبندي, "ان المكتبة كانت تضم تحفاً نادرة, مثل كتب التوراة والتلمود والقبالة والزوهار المكتوبة على لفائف البردي وجلد الغزال, وتعود بتاريخها إلى أكثر من 2500 سنة".

التعليقات