د. احمد الطيبي لدنيا الوطن: بدأت حياتي عاملا في مصنع إسرائيلي وهنالك كان التحول بعد ان ركل إسرائيلي عامل فلسطيني

د. احمد الطيبي لدنيا الوطن: بدأت حياتي عاملا في مصنع إسرائيلي وهنالك كان التحول بعد ان ركل إسرائيلي عامل فلسطيني
غزة - دنيا الوطن
د. احمد الطيبي شخصية غير عادية. مثيرة في جرأتها ومميزة في نضالها. مثقف وسياسي. أشغل منصب المستشار السياسي للرئيس عرفات والآن يتزعم "الحركة العربية للتغيير" ويمثلها في الكنيست. كان المتحدث الرسمي للوفد الفلسطيني في مؤتمر "واي ريفر" في واشنطن واعترف الإعلام الإسرائيلي بأنه أفضل المتحدثين الفلسطينيين والعرب خاصة امام الرأي العام الإسرائيلي.
خلال العامين الأخيرين من الانتفاضة برز كواحد من أبرز المناضلين الفلسطينيين ميدانيا وسياسيا وإعلاميا. كان اول من دخل مخيم جنين خلال المجزرة وتواجد في كل مكان مواجها عساكر الاحتلال وكرس نفسه عربيا كأحد فرسان الانتماء العربي والكبرياء القومي.
سحبت حصانته البرلمانية بعد اتهامه بانه "وطني فلسطيني" (وهي "تهمة" اعترف فيها فورا..) وبأنه حرض على قتل جنود الاحتلال في جنين وخلال الانتفاضة.. سنت ضده قوانين خاصة أسمين "قانون الطيبي" واستعمل الليكود ومازال شعارا أمام الإسرائيليين: "إما بيبي او الطيبي" (إما نتياهو لليهود او الطيبي ضدهم..).
ارتباطه بالمكان والزمان الفلسطيني بشكل مطلق. قال لافيغدور ليبرمان مرة: "ولدت في قرية الطيبة لأب من يافا وأم من الرملة وتزوجت من طولكرم واسكن القدس.. ولكن من أين انت؟ من روسيا!!".وفي هذا الحوار لدنيا الوطن نتعرف على السياسي العربي الأكثر جدلا في إسرائيل :
*كيف كانت مرحلة الطفولة للدكتور احمد الطيبي؟
· أنا ولدت في قرية الطيبة في عام 1958، وهي مدينة تقع بجانب مدينة طولكرم والتي تقع في الضفة الغربية وتبعد عنها 2-3كيلو متر فقط، ويفصل ما بينهما ما يسمى بالخط الأخضر، وهما مدينتان شبه مداخلتان جغرافيا، حيث إنني نشأت في هذه القرية ودرست في مدارسها الابتدائية، ثم أكملت المرحلة الثانوية في مدرسة الطيرة وهي تقع في المثلث ويقع في شمال المناطق التي احتلت عام 48 وهي قرية محاذية للطيبة- وهناك ثلاث قرى تسمى المثلث الصغير وهي (قلنصوة والطيبة والطيرة) وهي جميعها بجانب طولكرم- وتاريخيا وقبل 48 كانت تسمى كلها محافظة طولكرم .
واذكر طفولتي كانت طفولة عادية لطفل عربي يعيش في قرية صغيرة، وكنت أخرج من هذه القرية مع والدي الى تل ابيب ونتانيا وهناك بدأ احتكاكي مع الجمهور اليهودي بكل جوانبه. وفي الإجازات الصيفية اذكر كان والدي يتعمد ان نذهب الى العمل ليس من أجل المال فقط، فقد كانت حالتنا المادية جيدة، وانما للاحتكاك لمقارعة صعوبة الحياة وحيث انني اشتغلت في تلك الفترة وانا في بداية مرحلة الثانوية وخصوصا في العطلة الصيفية كنت اعمل في مصنع يطلق عليه اسم مصنع "السيسي للمعلبات" وذلك كان في العطلة الصيفية للفصل التاسع كان آنذاك عمري 15 سنة. وأسوأ المواجهات التي مازالت عالقة في ذهني هي طريقة معاملة صاحب المصنع الإسرائيلي والذي كان يدعى "الخواجا" للعامل الفلسطيني، حيث إنني كنت اصغر عامل يعمل في هذا المصنع واذكر مرة انه خرج أحد العمال في فرصة غذاء وتأخر قليلا وبعدما رجع اخذ المدير المشرف على العمل وهو إسرائيلي يركله بقدمه، وحينها وقفت منزعجا ومنفعلا وما أزعجني هو قبول هذه الإهانة من هذا العامل بابتسامة ولذلك قبل ان اصرخ بوجه هذا "الخواجا" صرخت في وجه العامل متسائلا: على ماذا تضحك؟ لماذا تبتسم؟ لماذا توافق على إهانتك؟ وبعد ذلك صرخت على "الخواجا" لكنه فوجئ من الذي يصرخ عليه ومن هو هذا الفتى (الوقح) الذي يعترض بكل جرأة على شيء طبيعي بين السيد والمسود، فسألني من انت؟ فقلت له: انا أحمد الطيبي، فقال من المسؤول عنك فأبلغته من المسؤول عن سيارة العمل (الشاحنة) التي تقلني للعمل فقال لي: لماذا تتدخل بيني وبين العامل فقلت هذا شيء يخصني وضربه غير مسموح لك، وعلى أثر ذلك الخلاف أبعدني يومان عن العمل ورجعت للعمل وفوجئت ان العمال الذين اكبر مني سنا يلتفون حولي وكلما حدثت معهم مشكلة يأتون لي لأحلها، وانا آنذاك كنت في الصف التاسع يعني كان عمري 15 سنة فلذلك وقتها كانوا حذرين جدا مني وابتعدوا عن العمال ولم يعتدوا عليهم وفجأة أصبحت هناك طلبات تلبى للعمال وذلك كان بتشجيع مني.. فهذه الركلة لهذا العامل لن أنساها وما أزعجني اكثر كما ذكرت ابتسامة الضحية وليس عدوانية "الخواجا".
والى جانب عملي كنت ادرس، والفضل يرجع والدي ووالدتي في تربتي حيث انهم كانوا كثيري الضغط علي من اجل التفوق صحيح إنني كنت متفوق لكن عدا عن أنها حاجة شخصية فأنها حاجة عائلية أيضا. رغبة التفوق هي حاجة عائلية لي ولأخوتي.
كما كانت رغبة شخصية حيث إنني درست في كلية الطب في الجامعة العبرية في القدس وعند انتهاء الدراسة في السنة السادسة حصلت على المرتبة الأولى على كل كلية الطب بمعدل غير مسبوق 96% وهي السنة الأولى التي لم تعلق فيها قائمة الشرف والعلامات على لوحة الكلية. وتخصصي هو طب بشري وانا أقول ان كل الطلاب العرب الذي تعلموا معي كانوا متفوقين ومتميزين. لكي يصل العربي في إسرائيل الى كلية الطب عليه ان يتخطى عوائق غير موجودة عند الطالب اليهودي وهي عوائق الأفكار المسبقة والنظرات لبعض المحاضرين في كلية الطب وغيرها.
ولكي يقبل الطبيب العربي كطبيب متخصص في مستشفى إسرائيلي يجب عليه ان يكون متفوقا اكثر من اليهودي وانا فخور ان كل الأطباء العرب وغالبيتهم الذي يعملون في المستشفيات الاسرائيلية هم من أفضل الأطباء في أقسامهم ومستشفياتهم لأنه لكي يبقى الطبيب على رأس عمله عليه ان يثبت نفسه بجدارة أكثر من الطالب اليهودي، وسلاح الفلسطيني في هذه الدولة اليهودية هو سلاح التفوق والإبداع.
*هل كنت تلاحظ ان هناك عالمين مختلفين في الوسط العربي والوسط اليهودي؟
· انا والدي من يافا ووالدتي من الرملة ووالدي هو الحاج كامل الطيبي توفي قبل شهرين رحمه الله، ووالدتي هيفاء التاجي من الرملة، ودائما كنت اذهب مع والدي عند أهل والدتي "اخوالي" في الرملة في الطريق كنا نمر عن مطار اللد والذي يسمى الآن مطار "بن غيريون" كنت أرى طائرات وكنت أقول لوالدي أريد أن أصبح طيارا او مهندس طائرات، كان ينظر الي والدي يقول "لا ..انا أفضل أن تبقى دكتور وذلك أفضل" ثم تبين لي لاحقا وقد شرح لي والدي هذا الكلام انه العربي لا يستطيع ذلك في إسرائيل حتى لو اراد ان يكون طيار مدني لا يستطيع، ثم واجهت هذه الحقيقة في الحياة العملية حيث التمييز يلحق بنا في كل المجالات الحياتية فقط لكوننا عرب في دولة تعلن عن نفسها أنها دولة يهودية.
*ما هي الأحداث التي أثرت في شخصية د. احمد الطيبي سواء في مرحلة الطفولة او الشباب والتي جعلته يتمسك بمواقفه السياسية الحالية؟
· في عام 1967 كنت طبعا أعيش في الطيبة كما ذكرت حيث ان مدينة طولكرم بعيدة عنا كما ذكرت في البداية 2 كيلو فقط، وكانت دائما هذه المدينة تقصف من الجانب الإسرائيلي وكانت لدينا شجرة "تين" كبيرة كنت أختبئ انا وأختي التي تكربني سنا واسمها "مي" تحت هذه الشجرة هروبا من القصف وقتها كان عمري "9سنوات" فحينما صارت الحرب تعلمت أشياء تفوق سني وفهمت أنه يوجد لي شعب في الطرف الثاني لاحقا بدأت أعمل معهم في المصانع والتقي بهم وكانت عمتي موجودة في طولكرم فورا وزرناها وأيضا في أقارب في نابلس ولم الشمل صار بعد هذه الحرب في ظل ظروف مأساوية فتجسدت عندي فكرة الفلسطيني المشرد الموجود في مخيمات اللاجئين فلي عم وأولاده يعيش في مخيم عسكر للاجئين فجأة عرفت انه هناك شيء اسمه مخيم لاجئين وذلك كله وأنا لم أبلغ الا التاسعة سنة من عمري.
وبدأت تتكرس هذه الصورة وهي معاناة الفلسطينيين وان أقاربي منهم تشرد في الكويت ومنهم في عمان وقسم آخر في مخيم خانيونس ولبنان وتونس هذه والشيء الذي بدأت اكتشفه بعد 1967.
*انشغلت في السياسة في وقت مبكر فهل أنت زوج مثالي في البيت وكيف توفق بين انشغالك السياسي وأطفالك واهتمامك بيتك؟
· أشكر الله انك وجهت هذا السؤال لي وليس لزوجتي وبناتي أتفهم مأخذهم علي لأني قليل التواجد في البيت وحتى عندما أكون في البيت أكون منشغلا في أمور الساعة والسياسة ولكنني أبذل قصارى جهدي على ان اكون مع البنات والزوجة د. مي وهي فلسطينية من طولكرم وبناتي يارا  ونتالي وعندما أعود من عملي من الكنيست او من رام الله او موقع آخر أعود الى المنزل ارتاح كثيرا لأنه أشعر أن هناك شيء شخصي أعود اليه.
وانني اعترف بصراحة حيث ان هناك محاولة منا نحن العرب ان نمثل سياسة الكبرياء القومي فلا نركع الا لله فقط وهكذا نتعامل مع أعداءنا ولكني لا أخضع الا لبناتي يارا ونتالي، وأقوم بذلك عن محبة هذا هو الخضوع والخنوع الوحيد المقبول لدي وكل ما غير ذلك فهو مرفوض ولمسموح لهم ان يخرجوني من جلسة كنيست او جلسة لجنة الكنيست بشكل استثنائي هما يارا ونتالي اذا اتصلت إحداهما على الهاتف الخاص بي حتى في مكتبي يعرفون ان هذه الاتصالات هي المهمة بالنسبة لي ربما هذا هو التعويض عن ما انا مقصر به.
*كيف تصف لنا يوم في حياتك حتى منذ الصباح حتى العودة الى المنزل؟
· انهض في الساعة السادسة صباحا ..إذا لم يكن هناك مقابلة إذاعية في إحدى الإذاعات وغالبا ما تكون هناك مقابلة إذاعية، بعد ذلك أتصفح الإنترنت وأثناء ذلك أشرب قهوة الصباح وقبل مغادرة ابنتي يارا من البيت للمدرسة الساعة 6 والنصف أراها وأقبلها قبلة الصباح ان أمكن ثم آخذ الصغيرة نتالي الى الحضانة وهي حضانة قريبة من البيت، مع انه في الأسابيع الأخيرة لم تسنح لي الفرصة ان أرافقها الى الحضانة او ان أحضرها من الحضانة حيث حينما احضر نتالي من الحضانة ذلك الشيء يسعدني وهذا لم يحصل الا مرة كل شهر حيث ان نتالي تعتبره إنجاز عظيم وتشعر ان والدها بدا يلين من مواقفه.
أما بالنسبة لتدريس البنات وبالأخص يارا فهذا العبء تقوم به زوجتي د. مي ، ولكن أحيانا أنا أدرسها اللغة العبرية وأنا أكون سعيد بذلك واعتبرها لحظات جميلة.
إما عملي في الكنيست يبدأ في الصباح وانا أتواجد هناك في حوالي الساعة 8 في أيام العمل وهي الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وهذه هي أيام عمل الكنيست نترك الكنيست بشكل عام ما بين الساعة 8-10 ليلا وأصل إلى البيت بهذه الساعة فالبنات نائمات وأحيانا يارا تنتظرني وكثيرا ما تتصل لسألني عن موعد رجعتي الى البيت.
وبعد ذلك أتصفح كل الصحف العربية والإسرائيلية والأجنبية وعمل اللجان في الكنيست وهذا العمل الشاق في الكنيست والمواجهات وخاصة في هذه الفترة الصعبة وهي سنين الانتفاضة.
*ما هي هواياتك المفضلة وبرامجك التي تشاهدها على التلفزيون؟
· انني مغرم في الإنترنت الى درجة الإدمان تقريبا وبالنسبة لي أصبح ليس هواية فقط بل أداة عمل حقيقية الى جانب الشطرنج والذي لم أمارسه من فترة واحب مشاهدة التلفزيون ومنها البرامج الإخبارية ولكن أكون سعيد لو تسنى لي رؤية فليم أجنبي جيد او فيلم عربي جيد انا احب البرامج التي يوجد بها عالم الحيوان كما أنني أنافس أطفالي على هذه البرامج لكنني أحب برامج الطبيعة وهي تشدني لنه عالم لم نكتشفه بشكل جيد، وأذكر هنا ان الرئيس عرفات كان يحب أفلام الكرتون.
*ما هي فائدة الكمبيوتر والإنترنت في عملك؟
-أولا هو اداة عمل ثانيا هذا التواصل لهذه العولمة والتي أصبحنا على تواصل واحد مع الآخر واليوم أصبح الإنسان لا يحتاج الموسوعات العلمية والكتب ولا اعرف ان كان هذا شيء حسن ولكن كل شيء موجود في الإنترنت.
حيث انني أتواصل مع الناس عبر الايميل والمحادثات المصورة وهذا كله انا استعمله وهناك لي أصدقاء وأراسلهم عبر الايميل بشكل خاص وتأتيني رسائل من عامة الناس وهي كثيرة جدا لن عنواني الإلكتروني في الكنيست معروف ومشهور دوليا وتصلني رسائل من كل العالم عبر الايميل من الخليج الى المحيط.
*هل هناك رسائل ملفتة للنظر وصلتك عبر الايميل؟
· نعم أثناء الحصار الأول للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في حملة "السور الواقي" كان لي ظهور على شاشة الجزيرة وهناك يبدو أن صوتي تحشرج وكنت منفعل وعندما قلت أخي جاوز الظالمون المدى فأين أخي؟ وهذه تظهر دائما على شاشة الجزيرة ب"فيديو كليب" وكان لي لقاء مع إذاعة قطر وكان هو اول سؤال وجه الي بهل ما زلت تصرخ اين هو أخي؟ وهل مازالت انتكاسة العرب قائمة؟
ووصلتني عشرات الرسائل الإلكترونية رسالة وصلتني من المغرب وأخرى من اليمن وكانت مثيرات للانفعال وشعرت من يقف وراء هذه الرسالة كأنه يعيش معي في رام الله والقدس وخاصة فيما يتعلق اين هو اخي؟ وكذلك وصلتني رسائل كثيرة ولكن وصلتني ايضا رسالة أكثر انفعالا من فلسطيني يعيش في "تشيكاغو" هذا شيء مهم.
بالنسبة لي اسعد عندما أعيش هموم الناس، و أحيانا عندما ارجع الى الطيبة أخرج واجلس مع الناس على"القهوة" ويتفاجئوا لأنهم غير متعودين ان قياداتهم تنزل الى الشارع واذهب عند الحلاق وأتحدث اليه واسمع ملاحظاتهم وشكاواهم وماذا فعلنا لهم وماذا يريدون ان نفعل لهم وهذا على مدار 4 سنوات،وليس في فترة الانتخابات لن هذه هي الحركة العربية للتغيير والتغيير يعني هنا هو الخروج عن المألوف، انيي أشارك الناس في أتراحهم وأفراحهم والتقي فيهم ببيوتهم في ندوات ولقاءات ، ولا التقي بهم فقط بشهر الانتخابات "شهر المرحبا"
وانا لا أكن أي احترام لهذا الأسلوب الذي يستغل الجمهور فقط ويقترب اليه شهر واحد وهو فترة الانتخابات لأن الناس ليس أغبياء.
*ما زالت عنوان أساسي لحملات اليمين الإسرائيلي ويصفك البعض بعضو كنيست المشاغب سياسيا على توجهات الحكومة الاسرائيلية؟
· نعم أنا أطرح تحدي أمام الصهيونية أمام سياسات هذه الحكومة واما ممارساتها فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني من جهة وفيما يتعلق بعلاقات الغالبية اليهودية مع الأقلية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر ونظرا لهذا التحدي والتي أحيانا لا يستطيعون الرد على ما نطرحه من أفكار من شرح يلجئون الى العدوانية عبر سحب حصانتي البرلمانية او شل حرية حركتي من هنا حتى الانتخابات القادمة في أقصى خطوة اتخذت ضد أي عضو كنيست نظرا لآرائه ونضالاته ثانيا السباحة ضد التيار هم يروا ان هذه وقاحة لا يمكن ان يقبلوها مني وأنا أقول انني ملزم بالسباحة ضد هذا التيار لأنني لا أستطيع ان أتماشى مع السياسة الخارجية لإسرائيل ولا حتى ما السياسات الداخلية للحكومة وليس فقط إنما انا عضو معارض ، وأنا دائما أقول ان شخصية العربي هنا داخل إسرائيل فيها عنصرين أساسيين العنصر الوطني القومي وهو إننا عرب فلسطينيون والعنصر المدني إننا نحمل المواطنة في إسرائيل ونريد ان نطور هذين العنصرين معا لا نريد ان نتنازل عن أي منهما ونريد ان نمارس هويتنا الوطنية والثقافية والتراثية والتاريخية العربية الفلسطينية ونكون فخورين بسرد روايتنا أمام الرواية الصهيونية غالبا نواجههم بكثير من الأكاذيب التي حاولا ان يفرضوها علينا ثانيا ان تكون مواطنتنا كاملة وتكون الحقوق كاملة وهي ليست كذلك هناك هجوم ليس على العنصر الوطني لهويتنا فقط إنما يرفضون ان نكون فلسطينيين عرب ويقولون ان هذا أوتوماتيكيا يضعنا في خندق الأعداء لذلك يتعاملون معنا كأعداء ويطلقون علينا النار في المظاهرات وسقط فيها 13 شهيدا في هبة أكتوبر عام 2000.
وهناك هجمة على مواطنتنا كمواطنين عرب وعلى البعد المدني في شخصيتنا لذلك سحبت جنسيات بعض الشباب العرب في خطة هي الأولى من نوعها منذ إقامة إسرائيل أمام هذا كله فالتحدي كبير أولا ان نبقى متمسكين بهذا الانتماء القومي والكبرياء الوطني. والإسرائيلي يستطيع ان يختلف معك لكنه يستطيع ان يحترمك اذا كنت مرفوع الرأس وإذا طأطأ أحدنا رأسه سيوصلوه الى الأرض لذلك انا دائما أرفع من روح شبابنا الانتماء والهامات المرفوعة وعدم طأطأة الرؤوس أمام القوي وأمام الجبار لأن هذا سلاح الدفاع عن النفس وأنا أشعر ان شبابنا توجد فيها هذه الروح روح العزة والانتماء ويحضرني ما كتب أحد المثقفين الإسرائيليين حيث كتب: "تستطيع ان تتفق مع أحمد الطيبي او تختلف معه ولكن لا يمكن الا ان تحترم فيه هذه الروح من الفخر والاعتزاز والعناد والدفاع عن قضيته".
· هل ان عهد المخاتير انتهى ؟
· الإسرائيليون تعودوا ان يكون لديهم مختارا مطأطأ الرأس وخنوع في قرية او بلد ما، لتعاملوا معه، انا من على منصة الكنيست وكان يجلس أمامي غالبية أعضاء الكنيست وعلى رأسهم رئيس الوزراء ارئيل شارون قلت: "أعلن من أمامكم أن عصر "المخاتير" والمخترة لقد ولى وذهب ولن يعود لقد مسحناه مسحا، لأننا نمثل جيلا قياديا جديدا بأسلوب العزة والكرامة وبأسلوب الندية وانعدام التبعية، لن نقبل ان تكونوا أسياد وان نكون نحن العرب خاضعين فقط يكون بيننا التساوي، الرأس بالرأس… والعين بالعين… والا فالصدام والمواجهة هي الحكم". اذكر بعد ذلك ام مستشار شارون رعنان غيسن قال للصحافيين "ان احمد الطيبي يريد ان يتحدث معنا بمستوى العينين، اذا سيكون له ذلك عندما يكون معلقا ومشنوقا على شجرة" هذا ما قاله مستشار شارون وهذه النقطة التي أزعجتهم، فالإسرائيليين يزعجهم ان هناك على منبر الكنيست شخص اسمه احمد ويقول الرأس بالرأس والعينين بالعين وبندية. ومستشار شارون رعنان غيسن يقبل بي بمستوى العينين إذا علقني واعدمني بعدها ارتفع الى مستوى العينين عند اليهودي. هذا الفكر هو إمعان بالعنصرية واليهود عانوا في أوروبا من العنصرية والآن بعض العنصرين ولا يتذكروا التاريخ اليهودي جيدا.
*كيف تفسر قرار رئيس دولة إسرائيل موشي كتساف بامتناعه عن استقبالك في مكتبه؟
· انا الذي أقاطعه، وليس هو الذي يقاطعني وهو شرح هذه النقطة شرحا صحيحا حيث انه كان يتفاخر في مقابلة مع إحدى صحف المستوطنين ان هناك عضوين واحد عربي والثاني إسرائيلي هما اللذان ممنوعان ان يزوروا مكتبي، وهو يقصد بالإسرائيلي وهي عضوة الكنيست "كونيت افيتان" والعربي هو احمد الطيبي ، وانا أصدرت تعليماتي بعدم دعوته الى بيت الرئيس ، فسألوه الصحافيين لماذا؟ فقال كتساف لأنني دعوته مرة بعد ان توليت منصب الرئاسة واصدر بيانا انه يرفض الاجتماع بي ولم يأتي وهذا عمل غير مسبوق في تاريخ هذه الدولة ان ترفض دعوته. وأنا أقول ان رئيس الدولة عندما دعاني كان هذا في خضم هبة أكتوبر وتصريحاته آنذاك كانت معادية لعرب 48 اذاً لماذا يدعوني لكي أكون زينة في واجهة لقاءاته أمام العالم ليقول انه يجتمع مع القيادات العربية انا لا أستطيع ان أقوم بمثل هذا العمل مع نفسي لذلك أبلغت مكتبه انني ارفض دعوته. ولذلك أصدرت موقف وقلت فيه شكرا على الدعوة ولن آتي لهذه الدعوة وذلك نظرا لمواقف كتساب رئيس الدولة، وانا لا اعتبر موشيه كتساب رئيسي وبعد ان اصدر تعليماته بعدم دعوتي الى مقر الرئاسة الإسرائيلية اصبح في نظري سياسي صغير وليس رئيس لكل المواطنين ولذلك انا أستطيع ان أعيش بدون رئيس وهذا الموقف حظي بتقدير كبير من جماهيرنا العربية داخل إسرائيل.
*حملت لقب مستشارا للرئيس عرفات وتعرضت لحملات شرسة مقابل هذا اللقب من اليمين الإسرائيلي هل تخليت عن هذا اللقب بسبب الحملات الاسرائيلية ام لضرورات عضوية الكنيست؟
· اولا انا فخور إنني عملت بهذا المنصب في عام 1993 حتى عام 1999 وأنا فخور أيضا بالعلاقة مع الرئيس عرفات والعمل الى جانبه وقد كان عملا مميزا ومثمرا واللقب تنازلت عنه عندما قدمت استقالتي الى الرئيس عرفات في عام 1999 عشية دخولي معركة الانتخابات للكنيست لأنني لا اريد ان أشغل المنصبين في نفس الوقت، ولكن الرغم من ذلك ما زال بعض أقطاب اليمين في الكنيست يقولون وينظرون الي بأنني ما زلت مستشار الرئيس عرفات فكثير ما كانوا يقولون يجب ان ينقل احمد الطيبي الى غزة او الى المجلس التشريعي او الى المقاطعة وقال عضو كنيست يدعي "محاي كلايدر" قال خسارة ان احمد الطيبي لا يوجد في المقاطعة لكي يبقى محاصرا هناك وكما قال عضو كنيست آخر يدعى "ناحوم لانقندر" من حزب المفدال الاسرائيلي قال:حينما كنا في جولة في أوروبا وحين وصلنا الى البرلمان السويسري توجه الى رئيس البرلمان السويسري وقال له: الوضع في سويسرا هادئ كثيرا ما رأيكم ان تأخذوا احمد الطيبي عندكم فيصبح الوضع في سويسرا مثيرا وعندنا هادئ فنحن سنرتاح منه وتصبح عنكم إثارة. والقصد هنا أننا أصحاب البلد ولسنا أدوات شطرنج يستطيعون نقلنا متى شاءوا.

*كانت لك لقاءات مع بعض الزعماء ماذا تتذكر من مواقف مع هؤلاء الزعماء أثناء مقابلاتك؟
· الرؤساء الذين اجتمعت معهم هم الملك حسين رحمه الله والملك عبد الله ملك الأردن والرئيس حافظ الأسد والتقيته في الأردن عند وفاة الملك حسين، والرئيس د. بشار الأسد والرئيس حسني مبارك التقيته اكثر من مرة وكان ذلك مع الرئيس عرفات والملك الحسن ملك المغرب رحمه الله والرئيس الأمريكي بل كلنتون أثناء محادثات واي ريفر.
وهناك موقف أريد ان اذكره حدث في واي ريفر ، فأثناء ذهابنا لمحادثات واي ريفر في مدخل المبنى كان هناك سيجار للتوزيع وكل المدعوين اخذوا من هذه السجائر واصبح الجميع يدخنوا حيث انا توجد عندي حساسية في القصبة الهوائية منذ الصغر، وانا لا أتحمل هذا الجو فصار عندي ضيق نفس شديد طلبت ان أتلقى العلاج فسارع الرئيس كلنتون بطلب طبيبه الخاص وأسعفني لعدة ساعات وهذه كانت لفتة إنسانية طيبة من الرئيس كلنتون.
والملك حسين ملك الأردن رحمه الله متواضع في اللقاءات جدا وحينما يتكلم مع الشخص يناديه بصفة "يا سيدي" حتى ان الذي يتحدث إليه يحرج أمام هذا التواضع.
الملك عبد الله رأيت فيه قائد شاب يريد ان يبني الأردن فيه روح معنوية عالية وإصرار والتقيته اكثر من مرة اكثر من مرة في مكتبه وعلى انفراد.

*هل تذكر مواقف معينة مع الرئيس الراحل عرفات؟
· كثير من المواقف التي حصلت معي أثناء عملي مع الرئيس عرفات حيث انني بجانب الرئيس عرفات منذ عام 1984 في السراء والضراء.
وأصبحت افهم للرئيس عرفات من حركاته ماذا يريد، عندما يهز رأسه ماذا يريد وأفهم نظراته وأصبحت قادر على ترجمتها وهناك من عايشوا الرئيس عرفات لفترة طويلة اصبحوا يفهموا جيدا.
تواضع الرئيس عرفات هو تواضع إنسان عادي وليس زعيم، وهذه نقطة معروفة عن الرئيس عرفات، وانا أذكر انني التقيته مرة في تونس وهو رئيس اللجنة التنفيذية في بدايات معرفتي به في عام 84 او 85 اذكر انه كان هناك تحت مقعده يوجد "ساندويتش" وهذا كان ليلا واخذ الساندويتش وقسمه نصفين وأعطاني نصف واخذ نصفه الآخر وقال لي هذا هو طعام عشائي فإن هذا الزعيم له تاريخه النضالي يعيش في تقشف.
وموقف آخر اذكره في واشنطن أثناء توقيع اتفاقية أوسلو في 13 سبتمبر حيث وصلنا من تونس في طائرة الملك الحسن ملك المغرب فاتضح ان الورقة التي سيضع كلا من محمود عباس ابو مازن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريس توقيعهما عليها انه لم تكتب عليها منظمة التحرير الفلسطينية بل كتب عليها الوفد الفلسطيني الأردني المشترك ففي الساعة الخامسة صباحا جاءني الأخ حكم البلعاوي وأيقظني من النوم وقال لي ان الرئيس ابو عمار يريدك الآن وهذا في الفندق في واشنطن فاستغربت الأمر وذهبت بسرعة للرئيس عرفات اذ به يقول لي "انا لا أوقع على مثل هذا الاتفاق الذي لا تورد اسم منظمة التحرير الفلسطينية فيه"، فقال لي اتصل بالوفد الاسرائيلي وأبلغهم ففعلا فعلت ذلك واجتمعت بوزير الخارجية بيريس وصار بيريس يراوغ في هذا الموضوع وهو فال لي عن طريق الخطأ هكذا اقروها في الكنيست فضحكت انا وقلت له الكنيست ستقرها في الجلسة القادمة وهي في 20 أيلول فضحك بيريس وقال الآن عرفت لماذا عينك عرفات مستشار له. وكان الرئيس عرفات يريد ان يرجع الى تونس دون ان يوقع على الاتفاقية التي تورد فيها اسم منظمة التحرير وطلب مغادرة واشنطن واصدر تعليماته الى الطيار الكابتن "عدنان" وكل الوفد الفلسطيني بالتوجه الى المطار لمغادرة واشنطن إذا لم توجد كلمة منظمة التحرير وهذا الشيء من النوع الإيجابي لأبو عمار.
ومرة سافرنا انا والرئيس ياسر عرفات الى جنوب أفريقيا وكان معي اخي د. منذر الطيبي وشاب آخر كان يدرس معي في الجامعة العبرية اسمه "ركن اسدي" من دير الأسد في مناطق 48 وكان ركن صديقي حيث انه يمتلك صوت جبلي رنان وكان يقف في منتصف ساحة الجامعة ويغني للرئيس ابو عمار في الجامعة العبرية وهذا في السبعينيات وكان في حينها القادة اليمين الآن طلاب في الجامعة مثل "تساحي هنقبي" وكان ركن يغني لأبو عمار في حين لا يستطيع أي شخص ان يتلفظ باسم ابو عمار ومنظمة التحرير الفلسطينية في الجامعة العبرية.
وأثناء الرحلة من تونس الى أفريقيا وكان "ركن" معنا أبو عمار لا يعرفه فقلت لأبو عمار تعال واسمع هذا الصوت فبدأ ركن يغني بالمواويل وبالذات الأغنية التي كان يغنيها في الجامعة العبرية لأبو عمار واقدس وفلسطين فركن صوته عالي رنان يفوق صوت الطائرة التي كنا نستقلها فأبو عمار في تلك اللحظة أصابته نشوة وجلس بجانب ركن ونادى على جمال الصوارني وأجلسه معه ليسمعه صوت ركن فشعرت انه يرتاح الى هذا النوع من الغناء ويفرح في لحظة إنسانية في حياته.
فالرئيس عرفات أثناء تنقله بالطائرة وحينما تكون طائرة خاصة يضعوه في الصف الأول في الطائرة فيرجع ابو عمار الى الصف الثالث في الطائرة ويأخذ مقعدان وينام عليهما ويغطي نفسه.
*حاولت بكل الوسائل والإمكانات المتاحة لرفع الحصار عن ابو عمار ماذا تذكر من مواقف في هذا الموضوع؟
· الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني على طفله وعلى رئيسه وكل ما بينهما هو حصار مفروض علينا أيضا بالرغم من الحرية النسبية التي نتمتع بها لا يمكننا ان نقف صامتين مكتوفي الأيدي أمام ما يجري لذلك نحن نعمل سياسيا وبرلمانيا ميدانيا لفك هذا الحصار واختراقه قدر الإمكان فلذلك اخترقت الحصار ودخلت جنين وكلفني ذلك كثيرا وهو رفع حصانتي واخترقنا الحصار اكثر من مرة ودخلنا رام اله وحاولنا اختراق الحصار للدخول الى مكتب الرئيس منعنا من ذلك وحدثت مواجهات مع الجنود قدمت فيها لائحة اتهامات بهذا الموضوع كذلك قمنا بإدخال مواد غذائية ولجان إغاثة طبيبة وعمليات إغاثة واسعة غير مسبوقة لكل مناطق الضفة الغربية وغزة، لأن لا يمكن ان يسمح لوضع ان يكون فيها أهلنا لوحدهم لا يمكن الفصل بيننا لا تراثيا ولا شعبيا ولا وطنيا صحيح ان وضعنا القانوني مختلف والدستوري لكن البعد الوطني يغلب في مثل هذه الحصارات والنضال هو ليس فقط بيانات استنكار او كتابة مقالات من وراء مقعد مريح ومكيف، إنما هناك نضال ميداني عدا عن المواقف السياسية التي نطرحها والتي فيها كثير من التحدي نحن نتحدى طروحات الحكومة الاسرائيلية ونتحدى الطرف الصهيوني ونحاول تعريته وكشف عنصريته في كثير من النواحي ولذلك انا وجهت في بداية هذه الانتفاضة نداء اخي تجاوز الظالمون المدى وأنا أقول اين هو اخي؟؟؟ في محاولة مني لاستنهاض ضمير هذه الأمة ولإخراجها للشوارع وهي تستطيع ان تكون قوة مؤثرة واعتقد ان هذا النداء عبر قناة الجزيرة في تلك الفترة ساعد في استنهاض وتحريك مشاعر الناس واخراج الناس الى الشوارع وذلك باعتراف منهم الى جانب أهمية ان يشعر أبناء شعبنا في مخيم عسكر وبلاطة وغزة وكافة المخيمات والمدن الفلسطينية ان هناك ناس يقفون الى جانبهم مهما كلف الثمن وأنا أتحدث عن نفسي وزملائي رفاق دربي.
وحاولت 3 مرات حتى الآن في سبيل الدخول الى رام الله انا وزملاء لي نواب عرب لكننا لم نفلح ، انا على اتصال دائم معه حيث انني منعت من لقائه منذ ان رفعت حصانتي وهذا ما زاد من اتصالي الهاتفي به وأنا على اتصال يومي دائم بالرئيس عرفات.
*هل تذكر من أشياء تحدث عنها الرئيس عرفات لك أثناء حصاره؟
· أول حديث كان أثناء حصار الدبابات والجرافات فكان هناك اتصال بيننا ليسمعني صوت الجرافات التي داهمت مكتبه في المرة الأخيرة في تلك الفترة وبنبرة غير ما تعودت عليها قال لي "اللهم أطعمني الشهادة يا احمد" وكررها مرتان فسمعت في هذه النبرة كلاما صادقا وكان مقتنع ابو عمار ان هذه المرة الإسرائيليون لن يتوقفوا قبل اللحظة الأخيرة وبعد ذلك قال لي: هم يطالبوا بمطلوبين انا لا يوجد عندي مطلوبين وانا عندي مناضلين وابطال وضباط وكان يقصد توفيق الطيراوي وقال لي بلهجة تعجب "الطيراوي مطلوب" هذا مدير المخابرات لا يوجد عندي مطلوبين.
وانا سعيد بنتيجة هذا الحصار وهو تقهقر القوات الاسرائيلية دون العودة إلى أخطاء بيت لحم وأريحا اما التهجير او السجن.
*د. احمد الطيبي أنت أول من دخل مخيم جنين بعد المجزرة كيف تصف هذا المشهد كإنسان ومناضل سياسي وطبيب؟
· هذه مناظر لا تنسى وتجربة لا تنسى واكثر ما يؤثر بي الآن هو "رائحة الموت" التي انبعثت من بين ركام المخيم رأيت ركام بارتفاع 8 أمتار وقالوا لي أنت تقف على جثث اكثر ما تقشعر له الأبدان ندما كنت مع أهالي المخيم الذي يزورون معنا المواقع التي تم تدميرها فقالوا لي أنت تقف على جثث ولذلك المشهد اقشعر بدني وارتعشت من هذا الكلام وابتعدت فورا فهذا الشيء بالنسبة لأهالي مخيم جنين شيء عادي فقالوا هنا قتل فلان… وهنا هدموا بيت فلان.. وهنا اعدموا فلان.. وشاهدت بام عيني 12-13 جثة محترقة كلها شاهدها وأكثر ما أثر بي انهم أخذوني أهل المخيم الى شاب مصاب في رقبته منع الإسرائيليون نقله الى المستشفى وعالجته ميدانيا ونقلناه ليلا الى مستشفى جنين بعد يومين اختطفوه من المستشفى لكن حياته أنقذت وهو الآن موجود في السجون الاسرائيلية.هذه اللحظة لن أنساها وكيف وصلت لهذا الجريح والرصاصة في عنقه حتى كطبيب تبقى هذه مخروطة في الذاكرة ومنغرسة في مخيلتي خاصة المشهد الثاني عندما شاهدوني أهل جنين وانا ادخل المخيم ولم أنسى انه عندما دخلت اول شارع في جنين أطلقت الدبابة النار باتجاهنا وانا وطاقمي فبدا الناس من المخيم يصرخون علي ويقولون لي ارجع يا دكتور ولا تأتي اليوم ولذلك لخوفهم علي من الرصاص الاسرائيلي ولكني وصلت بعد معاناة يومان وانا انتظر في قرية رمانة بالقرب من جنين فكيف أعود وقلت لا لن أعود وبقيت انتظر عندما وجدت فرصة واندفعت راكضا لوحدي حتى دخلت اول بيت في مخيم جنين من هناك استقبلوني شباب المخيم كان هذا خطر يداهم على الحياة وهذا المشهد الذي كانت الناس تنظر الي من شرفات منازلهم وتراني وشيء غريب ان يأتيهم شخص بعد المجزرة والحصار وهذا مشهد لا أنساه وان يتعلقوا بكل بارقة أمل وكل شخص وخاصة انهم شاهدوني على مدى الأيام التي سبقت اليوم الذي دخلت كنت أتحدث عن مجزرتهم وعن معاناتهم وكان هذا لقاء مثير بيني وبين أهلي في مخيم جنين.
*تعرضت للضرب عدة مرات من قبل الجيش الاسرائيلي وحتى في الكنيست بسب مواقفك فلماذا وضعوك على جدول الضرب؟
· هم جعلوني هدفا للاعتداءاتهم ولكن لم تقف عند ذلك بل التهديدات بالقتل هي يومية ومع كل آسف انا مضطر في الفترة الأخيرة بالتحرك مع حراسات ونمط حياتي تغير بشكل مطلق وآخر الاعتداءات كانت في محكمة مروان الرغوثي في تل ابيب وكانت داخل المحكمة واما الحراس وأمام الشرطة وكان شيء غير معقول وكذلك ضباط جنود الاحتلال على الحواجز والحقيقة هم يعتقدون اذا كسروا معنويتي فهم منتصرون وانا اقول ان المعنوية التي أبثها في روح الشباب وللعالم العربي عبر الإعلام وعبر الندوات الميدانية التي ترى إننا مليئين بروح التحدي ولا نخاف لا من الظلم ولا من العدوان ولا من الضرب والقتل هي شيء مهم وسيستمر وانا من الذين لا يطأطئوا رؤوسهم اطلاقا، لا لجندي ولا لضابط ولا لوزير ولا لرئيس حكومة انا على قناعة من مواقفي انا مناضل شرس وعنيد وانا قلت عندما رفعوا الحصانة عني أقول لكم حتى وأنا واحد أمامكم جميعا فستكون هناك معركة ومواجهة ما بيننا.
*كتبوا شعارات ضدك مثل "الموت للطيبي" ووضعوا في السابق قانون الطيبي؟
· وأيضا كتبوا شعارات اما بيبي، او الطيبي حتى في الانتخابات قالوا لليمين اذا لم تصوتوا لبيبي سيأتيكم الطيبي وأبلغني صديق لي قبل ايام انه وعلى جسر في كفار سابا شعار كبير يقول "يجب قتل احمد الطيبي" أنا أصبحت الهدف لليمين الاسرائيلي وإذا أراد مسؤول إسرائيلي التقدم في سلم حزبه يجب عليه ان يتهجم على احمد الطيبي اما في الكنيست او على شاشة التلفزيون او في أي مصدر آخر لكن غالبا ما يدركون ان الشجار معي ليس بسيطا وفي نهاية المطاف انا سعيد حتى في مقالاتهم الصحافية يعترفون في كل السجلات الإعلامية والتلفزيونية ان أيدينا هي العليا. ولكن انا لا أستخف بخطورة الوضع بالنسبة لي شخصيا وللخطر الذي يهددني ولكني إنسان مؤمن بالله وقدره.
*هل هناك من توضيح حول قانون الطيبي؟
· قانون الطيبي هو قانون سنته إسرائيل قبل عدة اشهر وهو بعد إلقائي خطاب ضد شاؤل موفاز رئيس هيئة الأركان الاسرائيلي سابقا في الكنيست، وفي إسرائيل مسموح للشخص ان يخطب ضد رئيس الوزراء او الوزراء ففي تلك الفترة كان لموفاز خطاب يتفاخر فيه انه قتل رجال الشرطة الفلسطينيين الخمسة على حاجز بتونيا وقبلها بفترة كانت قد استشهدت الشهيدة الصغيرة إيمان حجو هذه الطفلة التي دفنتها بيدي في غزة، وهناك صورة تثبت ذلك، وأذكر في حينها علقت صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية على هذه الصورة قائلة "الطيبي يقول للفلسطينيين دمكم وهو دمنا".
فأنا وقفت على منبر الكنيست الاسرائيلي وقلت لشاؤول موفاز انك فاشي ومسؤول عن قتل الأطفال الفلسطينيين وأفراد الشرطة الفلسطينية، فبعد إلقائي هذه الكلمات قامت الدنيا ولم تقعد حينها، وفي اليوم الذي قلت فيه الخطاب كنت قد شاركت قبل إلقائي الخطاب في مظاهرة مع المرحوم فيصل الحسيني بذكرى النكبة وكان قد اطلق علينا جنود الاحتلال الاسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع وهذه قنابل سامة وانا كما ذكرت سابقا أعاني من ضيق نفس كما يعاني المرحوم د. فيصل الحسيني من ضيق نفس أيضا، وعلى اثر ذلك نقلنا الى المستشفى وكان وضعنا سيء ويومها اتصل بنا الرئيس عرفات ليطمئن علينا وذلك قبل وفاة د. فيصل الحسيني بأيام وبعد ذلك التقيت بالدكتور فيصل الحسيني في جنازة المرحوم د. إبراهيم اللغد وقال لي د. فيصل: ان الغاز الذي استنشقناه قبل ايام له تأثير على صحتي حتى اليوم فقلت له وانا أيضا لكن الوضع طبيعي بالنسبة لي فرد قائلا: انا أتنفس بصعوبة حتى الآن.
وانا تحدثت بهذه الكلمات عن موفاز فقامت الدنيا ولم تقعد لأن في إسرائيل لا أحد يتجرأ بانتقاد رئيس الأركان ورئيس التاج بالنسبة للإسرائيليين هو درة التاج، وبقرة مقدسة، لكن بالنسبة لي مجرم حرب وقد لت له ذلك وكلفني هذا القول منذ تلك الفترة الكثير لأن التهديد في تلك الفترة تصاعد وتنامى وحاولوا الهجوم علي وحاولوا أيضا نزع شرعية العمل السياسي عني ولكني لم أتراجع منذ ذلك اليوم عن وصفي لموفاز بل أؤكده في كل مكان، وهناك بدأت تتراكم أقوالي انه مجرم حرب لذلك استغل الجو اليمين هذا الحديث ضدي وطرح قانون والذي اسمه ب"قانون الطيبي" ويسمح بموجبه بشطب أي قائمة او أي مرشح يؤيد ما يسمى بالإرهاب او الكفاح المسلح لأي جانب او لأي دولة او منظمة تعمل ضد إسرائيل وحاولوا تقديمي للمحاكمة وكانت هناك مخالفة للقانون من قبل موفاز ولم يكن لديهم أي مصوغات قانونية لأنني اعرف القانون جيدا وتأسفت في تلك الفترة على العضاء العرب والذين لم يقفوا بجانبي بل وقفوا بجانب موفاز واذكر ان عضو كنيست عربي جاءني ليقول لي ان أتراجع عن اقوالي وإنني لم أتهجم على موفاز بل كنت أتهجم على رئيس الوزراء ، وهذا الحديث تأسفت عندما سمعته من عضو كربي.
*ما الغرض من وراء التهديدات هل هو إرباكك وانشغالك نفسيا ام قد يتطور الأمر الى تهديد جدي؟
· أنا أخذت الموضوع موضع الجد وأتصرف قدر الإمكان بناء على ذلك، ولكنني إنسان مؤمن وكل شيء ممكن وهو لا يتورعوا عن ذلك فالإسرائيليين قتلوا رئيس وزرائهم.

التعليقات