الجيش السوري النظامي اباد 3000 مقاتل من الجيش الحر عن بكرة أبيهم خلال 72 ساعة في شوارع دمشق

الجيش السوري النظامي اباد 3000 مقاتل من الجيش الحر عن بكرة أبيهم خلال 72 ساعة في شوارع دمشق
محرقة معركة دمشق .. كارثة تخفيها المعارضة .. والسكون لا ينتظر 

 بقلم : نارام سرجون
كاتب سوري

بالرغم من احتقاري للعمل السياسي المعارض العربي فانني وبعد هذا الربيع أدركت أن المعارضات العربية هي حالة جديرة بالدراسة والبحث لأنها ظاهرة لاشك فريدة من نوعها وهي مصابة بنوع من اللوثات النفسية التي تصيب قبائل الأدغال الافريقية فتقدم أغلى شبانها قرابين لاله الشمس واله القمر.. فما حدث في معركة دمشق كان محرقة حقيقية لمسلحي تركيا والناتو الذين قدمتهم المعارضة عربون وفاء لتحالفها مع الغرب….

لايوجد عاقل في الدنيا يزج بمحاربيه الشباب الى تلك المحرقة التي زج بها المعارضون باولئك الشباب في محرقة دمشق ..ولايوجد قائد حريص على جنوده لايفكر بأن يجنبهم الموت الرخيص المجاني والسريع .. أقول ذلك وقد وصلتني تعليقات بعض المراقبين الغربيين على ماسمي معركة تحرير دمشق والتي وصفها جميع المراقبين على الاطلاق بأنها أكثر عملية متهورة وحمقاء وانتهت بكارثة بشرية حقيقية .. وقد أرسل لي زميل عزيز بتقرير وقراءة لأحد رجال المخابرات البريطانيين السابقين ( د آي باركر)الذي غطى بعض نشاطات الجهاز السرية في الشرق الأوسط في التسعينات بقوله بالحرف معلقا على نتائج معركة دمشق: ياالهي .. هل ماحدث كان معركة أم حقل انتحار جماعي لجماعة تؤمن بالانتحار؟؟

لاتريد المعارضة حتى الآن اطلاع جمهورها على الكارثة التي تعرض لها مقاتلو معركة دمشق وربما اكتفت الدولة بالاشارة الى حجم الخسائر الفادحة وببعض المشاهد السريعة .. لكن حقيقة الأمر هو أن آلاف المقاتلين تعرضوا الى أقسى معركة غير متكافئة على الاطلاق زجهم بها قادتهم كما لو كانوا قرابين رخيصة بلا ثمن من أجل لعبة اعلامية واستعراضات تلفزيونية .. كما يلقي المقامر بأمواله وهو منتش باللعب .. لكنها كانت لعبة الموت.. ولو نظرنا الى ماحدث لوجدنا أن رجال الكوماندوس السوريين فتكوا بالمسلحين بسرعة غريبة في عملية تشبه عملية ابادة شاملة .. ولايزال الكثيرون لايصدقون كيف أن قرابة 3000 مقاتل يماثلون عدد مقاتلي حزب الله الذين واجهوا 30 ألف جندي اسرائيلي لمدة ثلاثة وثلاثين يوما .. كيف أن هؤلاء المقاتلين في دمشق لم يصمدوا الا 72 ساعة مقارنة مع نفس العدد لمقاتلي حزب الله الذين صمدوا وبخسائر قليلة 33 يوما .. حيث تمت عملية ابادة المقاتلين في شوارع دمشق عن بكرة أبيهم بشكل مثير للدهشة في معظم الأحياء .. فيما استسلم بضع مئات آخرين في سرعة قياسية في البساتين المحيطة تجنبا لهول المعركة التي عصفت بهم كالاعصار ..وتشكل هذه الأرقام مايقارب 25-30% من قوة المقاتلين على الأراضي السورية..ما استدعى عملية تجنيد مباشرة من السعودية وجمع للتبرعات للتعويض عن الدمار الذي تعرض له جسم المعارضة المسلحة..
المسلحون الذين دفعت بهم المعارضة وأبيدوا عن بكرة أبيهم في محرقة دمشق دمهم في رقبة المعارضة وليس في رقبة النظام الذي ليس من المتوقع أن يرحمهم وقد كانوا واضحين في استهدافهم لقلب نظام الحكم وقتل الدولة السورية .. المعارضة يجب أن تتعرض للوم والتأنيب الشديد لأنها وكما وصل من مصادر عديدة لم تسمع لنصائح كثيرين ممن يعرفون بواطن الامور ..فبعض المعارضين قدموا نصائح مخلصة بتجنب هذه المعركة دون غطاء الناتو لما يعرفونه من بأس النظام اذا ماتعرض للاستفزاز في دمشق ولما يعرفون من استعداد الدولة السورية لأية مفاجآت في دمشق ..

التباهي بالنصر السريع دون التفكر ودون النظر الى امكانات هؤلاء المسلحين أمام أفضل فرق الكوماندوس في المنطقة التي تخشاها فرق الكوماندوز الاسرائيلية نفسها يجب ان تحاسب عليه المعارضة فردا فردا ان كان هناك من يحاسبها لان مافعلته هو تقديم ذبائح وأضاحي مجانية .. ولكن المعارضة لايحاسبها أحد سوى المخابرات التركية والامريكية والاسرائيلية .. وهؤلاء لايهمهم تضحيات المسلحين طالما أنهم لعبوا الورقة في تلك المقامرة التي كان من الممكن نجاحها في حال تفكك الجيش السوري اثر غياب قادته الكبار بعد عملية تفجير دمشق..لم تنجح المقامرة ولم يخسر التركي ولاالأمريكي ولا الاسرائيلي أي جندي .. وماخسروه هو 3000 مقاتل عربي وسوري .. دمهم ومالهم عربي .. بينما يتمدد رجال المخابرات ورجال المارينز ولواء غولاني في مصايف البحر المتوسط وآلاف المقاتلين يموتون في خطة سخيفة لاحتلال معقل من معاقل الشرق محاط بأعتى رجال الكوماندوز والقوات الخاصة .. هؤلاء السادة الأتراك والامريكيون ووالاسرائيليون لايعنيهم الثمن الذي دفعته المعارضة طالما أنه أزعج الأسد قليلا.. ومايدل على غيبوبة المعارضة السورية ان الاستخبارات الغربية تمكنت بعد عملية في منتهى التعقيد من توجيه ضربة للقيادة العسكرية السورية باغتيال كوادر هامة .. ولم تكن المعارضة السورية سوى كومبارس وكاراكوز فبالرغم من ادعائها للعملية فانها عجزت عن تسمية “البطل” الذي جندته انتحاريا كما تدعي للدعاء له ولأهله كما اعتدنا في العمليات الاستشهادية .. ولاتزال عاجزة عن سرد رواية واحدة متطابقة عن آلية التنفيذ وان كانت عن بعد أم بقنبلة موقوتة وعجزت عن اعطاء أي تفصيل لأن المنفذ لم يطلعها على العملية بل طلب منها التجهز لمعركة دمشق للانتحار .. ففعلت كالعمياء.. ..

في تفاصيل ماوصل فان النصائح التي أسداها البعض للمعارضة أن معركة دمشق لاتخاض بهذه الطريقة لان النظام محتاط جدا لمعركة دمشق ولمعركة حلب .. ولايكاد يخلو شارع فيهما من وجود أماكن فيها مفارز وحدات خاصة مدنية مخفية داخل الابنية وهذا مايفسر كيف أن المسلحين وجدوا أنفسهم في دمشق فجأة بين نارين .. نار الكوماندوس المقتحم للأحياء التي تمترس فيها المسلحون ونار وحدات سرية فتاكة مندسة تضربهم من الخلف..خاصة أن جزءا كبيرا من نقاط وخطط التحرك كانت بيد المخابرات السورية التي تعتمد بشكل كبير على المندسين التابعين لها فتعرض المسلحون لأبشع عملية ابادة وأسرع استئصال .. والسؤال الذي أفرزته معركة دمشق تلقفته المعاهد العسكرية للتعامل معه للاستفادة منه فهذه أول مرة تجري تجربة فريدة من نوعها في أن تتمكن وحدات كوماندوس من الفتك ب 3000 مقاتل متواجدين بكثافة في بعض الأحياء في فترة زمنية قياسية … فالاجهاز على 3000 مقاتل في حرب مدن وشوارع خلال 72 ساعة عمل فذ عسكريا واستخباراتيا ودرس تحاول الآن المدارس العسكرية تفسيره للاطلاع على هذه التجربة التي لاتزال أسرارها تحتفظ بها القيادة السورية لنفسها .. فتقديرات المدارس العسكرية الكلاسيكية لهذا النوع من المعارك أنها مكلفة للغاية وتستغرق على الأقل 60 يوما وتحتاج الى 20 الف رجل كوماندوز لانجازها مع احتمال خسارة 10% من قوة الكوماندوز المقتحمة (معركة الفلوجة التي قام بها الأمريكيون مثال على ذلك رغم أنها لم تكن عملية كوماندوز صرفة بل ابادة شاملة وحرق للأرض)..

وقد تستغربون أن أكثر جهاز مخابرات يريد معرفة التكتيك الذي اتبعه الكوماندوز السوري هو الجانب الاسرائيلي – كما لفت الجنرال الفرنسي المتقاعد هيرفيه ديريكامييه – الذي وجد ان معرفة التكتيك قد تفيد الاسرائيليين كثيرا في المستقبل اذا ماأراد اقتحام غزة أو جنوب لبنان ..ويعتقد ريكامييه الذي ردد عدة مرات بأن العملية مثيرة للدهشة أن أحد العوامل التي تسببت بهذه الكارثة على المسلحين ليس سوء التخطيط من قبل المخططين أو تفوق الكوماندوز السوري فقط بل هو أهالي الاحياء التي تمترس فيها المسلحون .. فأهالي الأحياء لم يوفروا حضانة للمقاتلين وهذا بحد ذاته مؤشر شؤم على مستقبل اي تحرك مسلح في المدينتين الكبيرتين السوريتين لأن الغالبية السكانية لم تقع حتى الآن في هوى المقاتلين لتحتضنهم ولتؤمن لهم الدرع البشري الذي سيحرج الجيش السوري ويحدد حركته مما يخلق تلبكا في تحرك النظام العسكري ويظهره غير قادر على الحسم .. لكن سكان الأحياء الدمشقية اظهروا لامبالاة بحماية المسلحين واهتموا بحماية انفسهم بل ان عملية النزوح من الأحياء كانت بشكل من الأشكال دعوة صريحة من السكان للجيش للدخول في منطقة نظيفة من المدنيين لتجول نيرانه بحرية تحصد المسلحين دون الخشية من اصابات مدنية .. وفي هذا دلالة كبيرة على التزام سكان دمشق موقفا لم يتغير وهو الاصطفاف مع دولتهم .. ويعكس فشل المعارضة المطلق في استمالتهم كام حدث مع بعض احياء حمص ..ويخشى هنا أن يلجأ المسلحون في تحركات مقبلة اذا حدثت الى أخذ سكان الاحياء رهائن بمنعهم من الخروج كما حدث في أحد أحياء حمص..
ولكن كيف سيتعامل الجيش السوري في حالة وجود حاضنة شعبية تؤوي المسلحين؟؟ احد التقارير وهو خلاصة توصيات مجموعة من المحللين قال: من المحتمل حدوث هذا .. ولكن تجربة معركة دمشق انتهت ولم يحدث .. وان حدث هذا مستقبلا فسيكون في احياء ضيقة تسقط بحصار مطبق وضغط مكثف ولكن يبدو أن الدولة السورية لمست تغاضي الجمهور الدمشقي عن نزول جنود الكوماندوز الى الأحياء وقرأت هذا بمهارة على أنه تفويض باعتبار المسلحين وأي حاضنة خطرا على المجتمع والتعامل معه على أنه خطر لايجب التساهل معه..

عسكري بريطاني رفض التصريح باسمه قال لمراسل محطة داخلية أمريكية: ربما نلوم حكوماتنا على تصوير مثل هذه العملية على أنها ممكنة الانجاز بالميليشيا .. لكننا جميعا نعرف أن المليشيا وحدها لايتجاوز احتمال نصرها على قوات الاسد المتفوقة الصفر اذا لم تتدخل طائرات الناتو كما حدث في ليبيا ..وسأكرر.. لاأمل للمقاتلين على الأرض على الاطلاق من غير تدخل طائراتنا وكل أوامر صادرة اليهم من قادتهم بهذا الخصوص هي انتحار ومن حقهم التمرد عليها .. فالمقاتل لايذهب فقط ليموت بل ليكون هناك احتمال أن ينتصر أيضا وان قتل .. لكن ان تذهب الى معركة لتموت فقط فهذا لايفعله حتى أسامة بن لادن !!
قامت المعارضة باحراق 3000 مسلح في دفعهم الى عملية احتلال دمشق في اطاعة عمياء للمخابرات التركية والأمريكية دون الأخذ بعين الاعتبار بسلامة مقاتليها ونجاح المعركة المستحيلة .. فالمعارضة ليس فيها عسكريون محترفون الا رياض الاسعد وأكثر درس تعلمه في الكلية العسكرية هو الانسحاب التكتيكي .. والغريب انه حتى الانسحاب التكتيكي تبين أنه فاشل فيه .. فما تعرض له المقاتلون ليس انسحابا بل انسحاقا..

ومع ذلك سأقول .. لست آسفا على المقاتلين العرب الذين انضموا الى حفلة الشواء ومهرجان الموت الذي أقيم لهم في دمشق والذين زحموا الطريق الى السماء وانشغلت ملائكة الموت بقبضهم طوال ثلاثة أيام ..ولن أتردد في القول انني لاأميز بين الجندي الاسرائيلي وبين المقاتل العربي ضد أهل دمشق .. كلاهما سنقلبه على أسياخ الكوماندوز في حفلات الشواء ونحن ننشد للأبطال في الجيش السوري: خبطة أقدامكم على الأرض هدارة ..
لكنني لاأملك الا الاحساس بالأسى والألم على اولئك الشباب السوريين الذين انضموا بسذاجة الى حفلة الموت لأن قادتهم يديرون معركتهم الشخصية من على هواء الجزيرة واستانبول ..هؤلاء الشباب كانوا يجب أن يكونوا في أعمالهم ونشاطاتهم وحياتهم وعلاقاتهم وأحلامهم وأشغالهم .. لكن مجانين الدين سرقوا منهم أهم مشوار في الحياة .. مشوار الشباب نحو الحياة والنجاح.. وبدل أن يكونوا في مناكب الأرض فاذا بهم ينتهون على سيارات الدفع الرباعي ومدافع الدوشكا قبل رحلة الموت الزؤام..فواحسرتاه على الشباب في محارق المعارضة وأفران السياسة الحمقاء..
لابد أن هذه المعركة الفاشلة ستكون منعطفا قاسيا ذا دلالات ..خاصة اذا عرفنا أن 30 % من مقاتلي المعارضة قد فقدوا في 3 ايام من المعارك ..وأن تفقد 30- 40% من قدرتك القتالية في أول معركة يدل على أن ماتقوم به ليس قتالا بل ترديا في التهلكة ..
معركة دمشق التهمت رؤوسا أينعت .. ولكن دلالاتها أبعد مما نعتقد ..وهي أن اسقاط النظام عسكريا مستحيل .. وأن النظام تحرر من المجاملات .. بعض الذين غاصوا كثيرا في معركة دمشق تنبؤوا ان أحداثا كثيرة ستتلو ذلك لكن هذه المرة ستكون دمشق مستفزة وربما صار مزاجها عكرا .. وهي التي قد تحرك السكون الذي يحيط بها من كل جانب.. والسكون ينتظر بفارغ الصبر .. الأوامر ..
في الحقيقة كنت دوما أتساءل .. أين هي الأوراق؟ ولمن يريد ان يعرف عن أية أوراق أتحدث فانني اقصد الأوراق التي تملكها سورية في المنطقة؟ منذ عام ونصف والجميع يشير الى تلك الأوراق .. الأوراق التي انتظرها الجميع لكن لم تظهر واحدة منها على الاطلاق حتى ظننت أننا كنا واهمين وأننا كنا نضحك على أنفسنا .. وأن البحث عن الاوراق يشبه البحث عن الكرسي الذي خبئت فيه ثروة حسني البورظان في مسلسل "حمام الهنا" ..وخشيت ان اكتشف ان قيمة اوراقنا تشبه قيمة أوراق ثروة حسني البورظان في آخر مشهد.. وقد كنت غاضبا لعدم ظهور الأوراق السورية .. ولكن غضبي زال تماما وأحسست بالرضا التام عندما بدأت أرى بعضا من هذه الاوراق التي تم اخفاؤها الى مثل هذه اللحظة التي وضع فيها محور الشر رهاناته كلها ..نعم اننا نملك اوراقا ولبعض هذه الأوراق قيمة لاتقدر بثمن ..وكان من الحكمة ابقاؤها حتى هذه اللحظة.. السكون ينتظر بفارغ الصبر .. الأوامر.

التعليقات