الساعات الأخيرة قبل انتهاء حرب العراق

الساعات الأخيرة قبل انتهاء حرب العراق
غزة - دنيا الوطن
في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ العراق كان الصحافيون في حيرة من امرهم فوزير الاعلام محمد سعيد الصحاف الذي اضطر لمغادرة مكانه في وزارة الاعلام الى مركز تجمع الصحافيين في فندقي الشيراتون والميريديان كان حتى فجر التاسع من نيسان يقيم في فندق شيراتون وينفي كل المعلومات والاخبار التي تتحدث عن وصول الدبابات الامريكية الى قلب بغداد خصوصا القصر الجمهوري وعند تقاطع جسور بغداد.

ما يؤكد هذه الحيرة واصرار الصحاف على نفي اخبار تسلل القوات الامريكية الى المواقع السيادية العراقية دعوته للصحافيين الى مؤتمر صحافي عبر الاقمار الصناعية على سطح فندق الشيراتون الذي اكد فيه ثبات الموقف العراقي على مواصلة القتال الا ان الصحافيين وهم يستمعون الى تصريحات الصحاف المثيرة كانوا قلقين من الاخبار التي اشارت الى ان الدبابات الامريكية تتخذ مواقع لها عند جسر الجمهورية الذي يربط كرخ بغداد برصافتها.

وامام هذه المفارقة حاول بعض الصحافيين احراج الصحاف بما سمعوه الا انه دعا الصحافيين الى عدم تصديق ذلك وان الساعات المقبلة ستشهد اندحار وانسحاب ما يطلق عليهم (العلوج).

اختصر الصحاف مؤتمره الصحافي ونزل مسرعا الى باحة الفندق الذي كان ينتظره بعض المسؤولين في وزارة الاعلام وطلب سيارة واستقلها متوجها الى جهة مجهولة.

وبدأت تتسارع الاحداث فقد اضطر الصحافيون الذين كانوا يقيمون في فندقي الشيراتون والميريديان الى رفع الرايات البيض من على شرفات غرفهم تحسبا لتعرضهم للقصف الامريكي بعد ان اطلقت هذه القوات قذيفة اصابت الطابق السابع بفندق الشيراتون ادت الى مقتل صحافية اسبانية ولكن كيف تصرف صدام في تلك اللحظات واين كان اركان نظامه حتى التاسع من نيسان.

وقبل الاجابة عن هذه التساؤلات فقد اصدر صدام امرا باقصاء مدير جهاز المخابرات العراقي من منصبه خلال حضوره اجتماعا كان مقررا في احد المواقع السرية خلف مطعم الساعة في المنصور وسط بغداد قبل اربعة ايام من احتلال بغداد.

وطبقا لمسؤول عراقي كان محتجزا مع سكرتير صدام (الفريق عبد حمود), فإن صدام عندما وصل المكان سأل عن اسماء الحاضرين واسباب تخلف بعضهم عن الاجتماع ثم غادر المكان الذي قصفته الطائرات الامريكية بعد حين وكان ذلك في الخامس من نيسان .2003
وطبقا للمسؤول العراقي الذي اطلق سراحه فيما بعد فقد عين صدام ضابطا في جهاز المخابرات مديرا لجهاز المخابرات العراقي اثار استغراب وحيرة سكرتير صدام ورئيس ديوان الرئاسة احمد حسين كما اثار الحيرة نفسها لدى منتسبي الجهاز الذين كانوا منتشرين في بغداد وانسحبوا بشكل مفاجئ من مراكز تجمعاتهم في عموم بغداد في الثامن من نيسان.

لماذا اصطحب صدام وزير الدفاع وولده قصي وهو يغادر بغداد؟

في هذه اللحظات الحاسمة امضى صدام ليلته في جامع ام الطبول غربي بغداد بعد ان اشرف على معركة جرت على مقربة من الجامع المذكور بين قوات الحرس الجمهوري وبعض المقاتلين العرب وفدائيي صدام من جهة والقوات الامريكية من جهة اخرى التي تسللت عبر الطريق المؤدي الى المطار الدولي الى ضواحي بغداد.

حيث توجه صدام ظهر التاسع من نيسان الى منطقة الاعظمية وحيا الذين تجمعوا لتحيته وكان معه وزير الدفاع سلطان هاشم احمد وولده قصي وبعض افراد حمايته وعندما انتهى من ذلك اصطحب معه قصي ووزير الدفاع وسكرتيره عبد حمود وثلاثة فقط من حمايته وتوجه الى جهة مجهولة.

لماذا اضطر الصحاف ان يطبع رسالة صدام بيده وماذا تضمنت؟

ويروي مصدر وثيق الصلة بوزير الاعلام محمد سعيد الصحاف انه وبعد مغادرة الوزير فندق الشيراتون توجه الى المقر البديل للوزارة وهو التلفزيون التربوي في منطقة الاعظمية وكان معه ثلاثة من المسؤولين في الوزارة وبقي هناك حتى الساعة السابعة من مساء التاسع من نيسان بانتظار رسالة مهمة من صدام موجهة للشعب وفعلا وصل حامل الرسالة على دراجة نارية وتسلم الصحاف الرسالة وطلب ان تطبع وتوزع على وسائل الاعلام العراقية غير ان الصحاف لم يجد احدا يقوم بهذه المهمة لانهم تفرقوا بسبب ما شاهدوه وسمعوه عن نهاية الحرب وبدء عمليات النهب في العاصمة العراقية ومع ذلك استمر الصحاف في طبع الرسالة وبعد انتهائه لم يجد الا شخصا واحدا وسائقه فقط شعر حينها الصحاف ان رسالة صدام لن تصل الى مبتغاها وعليه مغادرة المكان.

وفعلا استقل الصحاف سيارة وتوجه الى جهة غير معلومة.

ويروي المصدر نفسه ان الصحاف ارسله يوم السادس من نيسان الى مقر تواجد نائب رئيس الوزراء طارق عزيز وعضو قيادة البعث لطيف نصيف جاسم الى مقرهما الكائن خلف الجامعة المستنصرية ليسألهما عن اية توجيهات طبقا لتطورات الموقف لكنه عاد من دون ان يحصل على شيء.

وبحسب المصدر ذاته فان رسالة صدام الاخيرة كانت بخط يده يدعو فيها العراقيين الى الصمود ومقاومة الاحتلال وعدم اليأس واكد في رسالته ان المعركة بدأت الان وان الشعب والحزب قادران على دحر العدوان غير ان صدام اشار في رسالته الى غدر الغادرين وتخاذل البعض واكد ان المقاومة ستلحق الهزيمة بالعدو.

اما نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان فكان حتى صباح التاسع من نيسان في مقره البديل في منطقة اليرموك ببغداد وبعد ان تأكد ان الامور انتهت ودع من كان في معيته واستقل سيارة اجرة برفقة احد حراسه وتوجه هو الآخر الى جهة مجهولة بحسب سكرتيره الصحافي الذي كان متواجدا معه في تلك اللحظات.

وبعد احتلال بغداد بثلاثة ايام كان نائب الرئيس عزة الدوري الذي كان مشرفا على القاطع الشمالي من العراق واركان قيادته في مدينة كركوك غير ان الدوري قرر مغادرة المدينة الى جهة مجهولة مع بعض من قيادة حزب البعث في المنطقة الشمالية في وقت كانت قوات البيشمركة الكردية المدعومة امريكيا تقترب من حافات كركوك والموصل.

اخر لقاء لصدام مع عائلته
وكان صدام الذي رفض الانذار الذي وجهه الرئيس الامريكي بوش القاضي بمغادرته وولديه العراق خلال 48 ساعة من بدء الحرب ودع عائلته في احد مزارعه في منطقة الدورة جنوبي بغداد, عقد اجتماعا مصغرا لبعض اركان قيادته العسكرية والحزبية ليطمئن على قدرة القوات العراقية الى مواجهة الحشد العسكري الامريكي.

وسأل صدام الحاضرين الذي كان من بينهم ابنه قصي الذي تولى قيادة وسط العراق ونائب رئيس الوزراء لشؤون التصنيع العسكري عبد التواب ملا حويش وبعض قيادات الدفاع الجوي والصاروخي عن قدرة وسائل الدفاع العراقية على التصدي للطائرات الامريكية وعندما لم يجد الجواب الشافي انهى الاجتماع بطريقة اوحت للحاضرين انه قلق من التفوق الجوي الامريكي وانكشاف القوات العراقية امامها.

التعليقات