قصص المتشرّدين.. "صدام حسين" حقن معارضيه بعقاقير حوّلتهم إلى مجانين ؟!

قصص المتشرّدين.. "صدام حسين" حقن معارضيه بعقاقير حوّلتهم إلى مجانين ؟!
غزة - دنيا الوطن
أشكال مخيفة، بملابس رثة، أحدهم يشبه كيساً متنقلاً لمادة "الاستمبر" الصفراء التي يطلى بها الخشب، يسير بين السيارات في منطقة النهضة ،يرعب النساء بمظهره الذي لا يشبه سكان الأرض، عادة ما يكون من دون ملابس ما يحرج الكثيرين عندما يقترب منهم ويتحدث بلغة "مريخية" وتركض بعض النسوة هرباً منه ومن كلماته النابية.. انه متشرد من ضمن العشرات ممن يجوبون شوارع بغداد وتحوم حولهم مجموعة من القصص الغامضة التي غالبا ما يكون فيها جزء من الخيال والملاحم الأسطورية.

أصوات شخير تعلو من بعيد، عتمة الطريق منعتني من مشاهدة الشخص الذي يطلق هذا الصوت، اقتربت أكثر، الصوت يزداد شدة، حتى اصطدمت قدمي بشيء على الأرض، سحبتها مفزوعا، لأني فوجئت بأن ما صدمته كان طريا، وحين رجعت خطوتين إلى الوراء وتحققت بصعوبة في شدة الظلام الحالك ،اكتشفت أني قد صدمت رجلا متمددا في وسط الرصيف.

ماذا بعد الغروب؟
العودة من سهرة مع الأصدقاء في احد مقاهي السعدون ، تجعلك تمر بـ"درابين" ضيقة وشوارع منطقة البتاوين الفرعية التي ما ان تخترقها حتى تصل الى شارع النضال وبها تكون قد اختصرت مسافة وزمنا، أنت في أمس الحاجة إليهما مع تسارع الوقت وازدياد الظلام.

عادة ما تكون هذه الأزقة او البعض منها خالية من مصباح كهرباء ، وتضطر الى أن تسير على ضوء القمر او أنوار خجولة كسرت حاجز الستارة العتيقة من احد المنازل المتهالكة وقد توحي هذه الصورة باستعادة أبيات شعرية عن الليل والدندنة بأغنية وديع الصافي "الليل يا ليلى"، غير ان الحفر والمياه الآسنة التي تملأ هذه الشوارع تجعلك تخرج من جو الغناء والشعر الى السؤال عن متى تنتهي مشكلتنا مع النفايات والمجاري؟ ومع المطبات والمياه الآسنة.. لا تستغرب إذا تفاجأت بأحدهم وقد افترش الأرض، وغط في نوم عميق.

يفزعك المنظر وأنت تشاهده مع بزوغ الفجر وهو ممدد على الأرض بملابس رثة وقذرة وشعر طويل وذقن أطول، ويحوم حوله الذباب وكأنه صيد ثمين، وبارتفاع أصوات حركة الناس في الشارع وتزايد السيارات ومنبهاتها التي توقظ القتيل، لا يصحو إلا بعد أن يتلقى عدداً من الركلات من قبل "ابو حسن" الرجل الضخم صاحب الدشداشة الرمادية والصوت الأجش، حين يصرخ به " كووم.. خلصت فلوسك".

أبو حسن، رجل في الخمسينيات من عمره، يملك بسطية في بداية شارع السعدون، يضع فوقها أشياء مختلفة كلها تباع بـ(ربع ) 250 دينار، ما يعكر مزاجه صباح كل يوم بالإضافة الى الزحامات وأصوات صفير سيارات الشرطة، إصرار (خضير) الرجل المتشرد على اتخاذ مكان بسطيته فراشاً له بعد أن يجمع البائع أغراضه من على (الجنبر) ويغادر بها إلى المنزل، يجعل صاحب البسطية مضطرا لأن يصرخ به كل يوم لكي يتحرك بعيدا عن مكانه الذي انتزعه من بين أسنان منافسيه في العمل، وان لم يستجب "المجنون " للنداءات العالية، تبدأ الخطوة الثانية، بتوجيه ركلات متتالية على ظهره.

حين تقترب...
من خضير، في محاولة للتحدث معه، تجبرك رائحته الكريهة على إعادة التفكير في مدى نجاح هذه المحاولة، ولكن البحث عن أسباب لجوء هذا الشخص إلى الشارع ومبيته هناك لن يدعك تفكر بالتردد وإنما تندفع لتبحث عن قصته.

خضير لا يعرف لون بشرته الحقيقية وكذا الناظر إليه لا يمكنه التمييز بينها الا بعد تمعن فهل هو اسود البشرة أم ابيض ، ربما اكتسب هذا السواد من خلال العيش بين الازبال وبقايا الطعام التي يتغذى عليها، غير أن الغريب سماعك الكلمات البليغة وقصائد الشعر تنساب بيسر وطلاقة من بين شفتيه المزرقتين بشكل عذب، فتسمعه ينشد أبياتا من شعر الرصافي والسياب والجواهري وأغاني عبد الحليم ، ويعلق ساخرا ببعض كلمات الأغاني العراقية الجديدة "الدفان ، واللوكلوك"، ثم تفلت الأمور من زمامها ويبدأ بسرد كلام غير مترابط وغير مفهوم ينطوي على الكثير من الشتائم إلى شخصيات من أزلام النظام السابق.

وبالحديث مع أصحاب البسطيات التي يجلس خضير بالقرب منهم، يتحدث ابو حسن، مشيرا الى أن المتشرد نراه منذ أربع سنوات في المكان نفسه لا يبارحه إلا قليلا، حيث يختفي أحيانا ليأتي محملا بأغراض غريبة، معظمها يلتقطها من الازبال ويضعها في كيس قذر.

ويؤكد أبو حسن نسمع أحيانا من أشخاص يدعون بأنهم يعرفونه بأنه كان مدرساً للغة العربية في إحدى المحافظات الجنوبية، وسلاطة لسانه جلبت عليه الويلات، حيث يعتقد ابو حسن وحسب كلام أشخاص لهم معرفة بالمتشرد "انه كان ينتقد النظام السابق ويتحدث بين الأساتذة والطلاب من دون تردد، والنتيجة كانت معروفة! حيث تبرع احدهم من المولعين بالتزلف والنفاق إلى البعثيين بكتابة تقرير مفصل عن انتقادات ناهي وكيف يشتم ويسب النظام الدكتاتوري وكيف تجرأ على شتم وسب "القائد" ، حينها وكما هو معروف جاء عناصر الأمن الصدامية واقتادوه إلى احد معتقلاتهم ليخرج بعد أكثر من سنتين على هذه الصورة والحالة المزرية التي نشاهده فيها وبالتأكيد أن ما حصل له كان من جراء التعذيب!.

فيما يؤكد آخر لا نعلم إن كان خضير اسمه الحقيقي أم هو اسم اكتسبه في ما بعد، يشير راضي - بائع الشاي القريب من مكان جلوس المتشرد - الى أن خضير ربما اكتسب هذا الاسم من احد الأشخاص الذي أطلقه عليه لأسباب يجهلها كما يوضح انه لا يتحدث بصورة طبيعية ولا تستطيع أن تفهم منه في أحيان كثيرة ماذا يريد، وبالطبع لا يمكنك أن تعرف اسمه الحقيقي.

الكل يتفق على أن خضير كان مدرسا للغة العربية ورجال الأمن الصداميون افقدوه عقله، بوسائل عدة، اختلفوا عليها، فالبعض يقول إنهم حقنوه بأدوية خاصة، وهناك من يشير إلى وسائل تعذيب كان قد سمع عنها تجعل الإنسان يفقد عقله والكثير منا كان قد شاهد أقراصاً ليزرية تروي ما كان يحدث في معتقلات النظام السابق من أعمال مروعة، وعدد آخر كانت له تجارب شخصية باختبار وسائل التعذيب التي تفقد الإنسان حياته وليس عقله فقط! .

أموات بأغلفة أحياء
قصة خضير أو أياً كان اسمه وكثيرين غيره ممن لم يموتوا، ولكنهم ظلوا أحياءً يعانون شتى أنواع الأمراض ومن بينها فقدان العقل جراء حملات التعذيب الوحشية، تدعونا لمناشدة المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لتوثيقها كدليل إدانة أولاً وإنشاء مجمع خاص بمثل هؤلاء لرعايتهم رعاية خاصة يستحقونها.. المهم أن قضية خضير حفزتني للمضي في بحثي عما أسميتهم بـ"سكان الشارع"، فكان الشخص الثاني الذي تعرفت على قصته هو هادي "المخبل" كما يدعونه أصحاب السوق في منطقة الباب الشرقي.

هادي يبدو غريبا في ملابسه حيث انه دوما يرتدي ملابس طبية، الصدرية البيضاء، ويحمل السماعة، وأحيانا يضع المحرار في فمه، أو يحاول أن يضعه في أفواه الآخرين.. البعض من أصحاب المحال في السوق يسمحون له بان يمارس دور الطبيب، ويزرقهم بإبر مزيفة، عبارة عن أقلام أو شيء شبيه بالحقنة الطبية، وآخرون يسخرون منه ولا يدعونه يقترب منهم لأنه مريض أو لأنه قذر.

الحديث عن قصة هادي كانت تضم أكثر من رواية شأنها شأن كل حكايات المشردين، حيث يشير فلاح صاحب محل الموبايلات إلى أن المتشرد كان طبيبا لكنه أصيب بصدمة نفسية جعلته يفقد عقله بعد أن مات أحد مرضاه.. بالمقابل يؤكد ابو كمال صاحب بسطية الأقراص الليزرية كان يريد الدخول الى كلية الطب ولم يستطع فأصيب بصدمة عصبية وهرب من البيت الذي كان يسكن فيه مع أهله في منطقة الفضل ولجأ إلى الشارع كملاذ أخير.

هادي وهو بعيد تماما عن معنى اسمه لأنه دائم الصراخ، يتخذ من "كارتونة" يضعها على الأرض سريرا له، ويعطف أصحاب المحال على حاله ويعطونه أكلاً وملابس، لكننا لم نستطع أن نتحدث معه لأنه دائماً يعيش في عالمه الخاص.

الجدير بالذكر، ان أطباء النفس في العراق يقولون: إن الحرب والعنف وازدياد عدد القتلى اثرت بشكل كبير على الصحة النفسية بأكملها ، وأن عددا من الاضطرابات العقلية آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء البلاد. مؤكدين أن الطلب على العلاج النفسي سوف يرتفع بسبب ما حدث على مدى السنوات الماضية.

وتسعى وزارة الصحة إلى إعداد برنامج جديد، يهدف إلى إنشاء مراكز الرعاية النفسية في المستشفيات في أنحاء البلاد ولكن وحسب وصف الأطباء فإن هذا قد يستغرق سنوات في بلد يبلغ عدد سكانه ما يقرب من 30 مليون نسمة ، بوجود 70 طبيبا نفسيا فقط وكان قد أشار تقرير سابق صادر عن منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية إلى انه بعد سنوات من الحرب والعنف يوجد في البلاد واحد من كل ستة عراقيين يعاني مرضا عقليا ولكنه يرفض العلاج الطبي بسبب المحرمات.

وفقا لهذا التقرير فقد كشف أن 16.5? من العراقيين يعانون أمراضا عقلية ولكن فقط 2.2? منهم من حاول التماس العلاج وشملت الدراسة الحالة النفسية 4332 شخصا على مدى 18 سنة من العمر، في جميع أنحاء البلاد واضطرابات القلق والاكتئاب هي الأكثر انتشاراً، وحسب التقرير، فإن العراقيين يبدون قدرة كبيرة على مقاومة آثار العنف في حالتهم النفسية وعثر على مستويات من أمراض الاضطراب النفسي ما بعد الصدمة في 3.6? من الذين شملهم الاستطلاع، الذي كان أقل مما هو متوقع من قبل خبراء المنظمة.

سكان الشوارع.. عاطلون!
بالتأكيد ليس كل المشردين هم من المجانين أو المرضى النفسيين ، فقد وجد حامد عطا في نهاية الخمسينيات من العمر نفسه في الشارع بعد ان تلاطمت به أمواج الحياة، فقرر ترك أهله منذ سنوات طويلة وانقطعت علاقته مع الأقارب والأصدقاء حين غادرهم قبل ثلاثين عاما، راكضاً وراء سراب وحلم العمل في بغداد، لكنه فشل في تحقيق أهدافه وتوالت الاحباطات حتى أصبح من سكان الشارع.

حامد يذكر انه ينحدر من عائلة قروية من محافظة السماوة، وكان وحيدا لأهله الذين كانوا يعيشون في حياة بائسة، ويعتاشون لأيام طويلة على صدقات الجيران، وبعد ضيق الحال ووفاة الأم والأب ترك حسين قريته وغادرها إلى بغداد حالما في العمل او إيجاد فرصة للحياة، لكن الأمر لم يستقم، فتنقل بين العمل بمجال البناء وحمل القاصات وأكياس الطحين حتى انحنى ظهره، وفرض بلوغه العقد السادس من العمر حمل صندوق السكائر والتجوال به بين السيارات وأصحاب المحال، ولم يبق له غير الشارع ليكون مسكنه على احد الأرصفة في منطقة البتاوين.

ويطالب حامد الجهات المسؤولة بان تنظر بعين العطف والاهتمام الى حاله، وحال باقي الأشخاص الذين لا يملكون في الوطن شبرا واحدا فيما كانت هناك قصص أخرى أبطالها شباب تركوا عوائلهم للعمل في بغداد لكن ضعف المردودات المالية جعلتهم يضطرون إلى العيش في داخل بنايات لم يكتمل بناؤها بعد.

يقول كاظم وعد 30 عاما "تركت مدينة الديوانية، منذ ثلاث سنوات، بعد أن ضاقت بي سبل العيش، وكنت قد تزوجت بعد إصرار أمي على ذلك ويعيش كاظم مع عائلته الكبيرة في بيت لا يمكن أن يخفى به سر لصغره وكثرة أعداد الساكنين به وبعد فقدان الأمل في إيجاد عمل، توجه إلى أصدقائه في بغداد، للعمل في البناء، والأجر اليومي المنخفض الذي يحصل عليه، ما اجبره على السكن في هيكل البناية مع عدد من العمال الذين يبذلون الجهد لإكمال الجزء الأكبر منها كي تقيهم من برد شتاء تأخر قليلا، ربما لحسن حظهم.

المكان الذين يعيشون به يفتقد مقومات الحياة، فهم يضعون (فراشاً) بسيطاً بين السمنت والحصى ويأكلون فوق احد أكياس الرمل، أما الحمّام والاغتسال، فقد اختاروا احد الأركان لذلك الغرض. البناية تقع في منطقة بعيدة عن وسط بغداد، في الحسينية، وسجاد يتنقل بين منزل إلى آخر وبناية وغيرها ويرسل معظم الأجر إلى زوجته وأمه في الديوانية.
ويشار إلى أن تدهور الواقع الزراعي والصناعي في عموم البلاد أدى الى زيادة أعداد البطالة في كثير من المحافظات ما جعلهم يبحثون عن العمل خارج مناطق سكناهم أملا في إيجاده.

مدمنو "الثنر والصمغ"
وبالعودة إلى منطقة البتاوين حيث لا يمكنك أن تتجاهل النوع الآخر والأخطر من المتشردين وهم الشريحة الأكثر صعوبة عند الحديث عنها. إنهم الأطفال، حيث يروي بائع المناديل الورقية ذو الاثني عشر عاما ، كيف نشأ في منطقة الكمالية وتوفي والده اثر مرض عضال، وخرج إلى الحياة دون أب ، واضطرت والدته للعمل في المنازل لكي توفر لقمة العيش إلى أخواته الخمسة.

محمد، يجري بين السيارات، ويرمي المناديل في أحضان السائقين، وفي أحيان كثيرة يعيدها إليه السائقون من جديد عبر النافذة ، ويشير إلى انه ترك أهله ولا يذهب إلى البيت، فهو يعيش في الشارع مع مجموعة أخرى من المتشردين، لأسباب يصفها هو بالتسلية مع أصدقائه وان بيتهم عبارة عن عدد من الطابوقات وضعت بشكل عشوائي تدعمها جذوع أشجار ويغطيها (الجينكو).

الحقيقة أن هؤلاء الأطفال المشردين مدمنون على مواد الثنر والصمغ التي يستنشقونها، وتجعلهم يفقدون القدرة على الحراك وإدراك ما يحدث من حولهم ، لذلك يسكنون بالقرب من احد الفنادق في شارع المشجر، حيث يختبئون في مكان عفن تفوح منه روائح كريهة.

والجدير بالذكر أن الكثير من الدراسات أشارت الى ارتفاع أعداد الأطفال الذين يتسلون ويعيشون في الشوارع، بعضهم كانت الظروف القاسية قد دفعته إلى العيش والاعتياش من الشارع، بالمقابل كان فريق آخر قد قرر العيش في الشارع والتسول لأسباب تعود الى الاختلاط بأشخاص سيئين ومدمنين على المخدرات بغياب الأهل والرقابة.

ظاهرة قديمة يرجعها الأخصائيون إلى تسعينيات القرن الماضي، ففي دراسة أعدها عدد من الباحثين العراقيين عن الأطفال المشردين، نشرت في وقت سابق، أكدت أن سياسات النظام السابق قد ساهمت بشكل فعال في توسيع رقعة الظاهرة، فقد أدت ممارساته إلى انتشار الفقر بين الناس وكان ربع العراقيين، يعيشون تحت مستوى خط الفقر.

وأوضحت الدراسة كيف ظهر أكثر من ثلث الأطفال المتسولين خلال الأعوام 91-98 وكانت اليونيسيف قد قالت إن صدام رفض لسنوات الاعتراف بوجود ظاهرة أطفال الشوارع، وحتى عندما اعترف بها فقد منع المنظمات من تقديم المساعدة. حجم الظاهرة دعا المنظمة الأممية إلى الإعلان بداية العام 2006 عن مشاريع للمساهمة في معالجة هذه المشكلة.. ولكن؟ .

وفادت دراسة أعدتها منظمة رعاية وتأهيل الطفولة في العراق بأن هناك ما يقرب من 250 ألف طفل عراقي يعملون في الشوارع وبينت الدراسة أن هؤلاء الأطفال يتعرضون لمخاطر جسيمة تهدد مستقبلهم ، ناجمة عن ظواهر اجتماعية عديدة لم يعرفها الشارع العراقي حيث أصبح من المألوف رؤية الأطفال المشردين في شوارع بغداد والمدن العراقية الأخرى، وأوضحت هذه الدراسة أن هؤلاء الأطفال يتعرضون للاستغلال في العمل ساعات طويلة كما أن بعض العصابات تسخرهم في عمليات الاحتيال ، وأوضحت دراسة منظمة رعاية وتأهيل الطفولة ( إن ظاهرة عمالة الأطفال برزت بسب الظروف القاسية التي يعاني منها العراقيون بسب الانفلات الأمني وفصل الآلاف من الموظفين ما اضطر هؤلاء الى إجبار أطفالهم على ترك الدراسة والعمل لمساعدتهم في توفير مستلزمات الحياة).

وأشارت تقارير أمنية إلى أن عددا كبيرا من المجرمين الذين تلقي اجهزة الأمن القبض عليهم هم من الصبية الذين تسربوا من المدارس وانغمروا في أعمال مهينة في الشوارع وتعرضوا لتصدعات في بنائهم التربوي والنفسي، وبينت التقارير أن هؤلاء الصبية يتم إعدادهم وتهيئتهم لممارسة الأعمال الإجرامية من خلال إغرائهم بالمال بسبب الحاجة وضغطهم المعيشي المزري وعدم قدرة ذويهم على توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة والتعليم.

فيما أكدت الأمم المتحدة أن ما يقارب الـ 1.3 مليون عراقي ما يزالون يعيشون في حالة تشرد، فيما دعت الحكومة إلى إيجاد حل جذري لمشكلة هؤلاء بتأمين عودتهم إلى أماكنهم أو السماح لهم بالتوطن والاستقرار في المكان الذي يختارونه .

وعبرت كلير بورجوا، مسؤولة رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، في وقت سابق عن قلق لعدم اتخاذ الحكومة العراقية خطوات كافية لمساعدة هؤلاء المشردين وإعادة نوع من الحياة الكريمة لهم والذين يصل عددهم إلى مليون و300 ألف شخص.. المسؤولة الدولية نبهت أيضا إلى أن عددا كبيرا من هؤلاء المشردين فقدوا أوراقهم الثبوتية ومستمسكاتهم القانونية التي تسمح لهم بالحصول على معونات اجتماعية .

التعليقات