أبو يحيي الليبي .. مهندس "الهروب الكبير" وفارس الشعر وأسطورة القاعدة

أبو يحيي الليبي .. مهندس "الهروب الكبير" وفارس الشعر وأسطورة القاعدة
غزة - دنيا الوطن
الزعيم الجهادي أبو يحيي الليبي الذي ترددت أمس أنباء عن مقتله في غارة أمريكية على باكستان، قامت بها طائرة بدون طيار، يعد "أسطورة" من قيادات تنظيم القاعدة، فالرجل له باع طويل في كتابة الشعر، كما أنه بطل ومهندس عملية "الهروب الكبير" من قاعدة "باجرام" الجوية التي تحتفظ الولايات المتحدة بأهم السجناء من أفغانستان وباكستان وبقية نشطاء القاعدة داخل سجن حصين بها، كما أنه أحد تجار السلاح البارزين، وبخلاف كل ذلك فهو يعد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بعد أيمن الظواهري الذي تسلم قيادة التنظيم بعد مقتل أسامة بن لادن.

"حسن قائد" هو الاسم الحقيقي لأبو يحيى الليبي أو "يونس الصحراوي" وهو من مواليد 1963، وهو أبرز المخططين الاستراتيجيين لتنظيم القاعدة، وأحد المطورين المؤثرين للجهاد على المستوى العالمي، وولد وترعرع في ليبيا، وكان عضواً في اللجنة الشرعية للجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، التي ذهب أعضاؤها إلى أفغانستان للجهاد ضد قوات الاتحاد السوفيتي، وسخر أبو يحيي شعره (له قصائد عديدة منتشرة على الإنترنت) لإلهاب الحماسة في صدور مجاهدي القاعدة الشباب لتحفيزهم على "الجهاد" أو التذكير ببطولات رموزها مثل قصيدته عن الشيخ عمر عبد الرحمن المعتقل في أمريكا.

الشعر لدى الليبي يلتصق أكثر بالمضامين السياسية التي يشتهر بها الشعر المباشر، وقد يرجع ذلك لدراسته الإسلام في موريتانيا، وحصوله على دراسات دينية عليا بإشراف بعض أشهر رجال الدين في تلك الدولة، والذي أهله لأن يصبح واعظًا دينيا بعد ذلك، ما قد يحيلنا إلى صورة الفقيه الديني الحصيف باللغة العربية والذي لا يتعدى الشعر لديه حدود الوزن والقافية، وبرغم براعته في الشعر إلا أنه برع أيضا في مجال متناقض تمامًا مع الشعر، وهو مجال تجارة السلاح.

حيث عاد أبو يحيي الليبي لأفغانستان بعد سنتين من إتمام دراسته بموريتانيا، ولكنه لم يجدها ساحة قتال ضد السوفييت، بعدما سيطرت طالبان على معظم البلاد.

وعندما أطاحت الحرب الأمريكية بنظام طالبان، اضطر قادة الجماعة المقاتلة الليبية إلى الفرار من أفغانستان، فيما عدا الليبي الذي وقع في قبضة السلطات الباكستانية عام 2002 وسلمته إلى السلطات الأمريكية التي سجنته في قاعدة باجرام العسكرية في كابول، حيث بقي حتى يوليو 2005.

وفي ليلة 10 من يوليو، هرب أبو يحيي من السجن برفقة ثلاثة إسلاميين آخرين عن طريق استبدال ملابس السجن البرتقالية بملابس زرقاء كانت مخبأة في زنزانتهم التي فتحوا بابها وساروا في قاعدة "باجرام" متخفين كجنود أمريكيين يحملون الأثاث، فاستغل هروبه عن طريق وسائل الإعلام من أجل كسب الشهرة كما استغلته القاعدة، وحينها فقط انتشر صيته باعتباره مهندس عملية "الهروب الكبير".

وبعد هروبه وجد أبو يحيى أن تنظيم القاعدة بات التنظيم العربي الوحيد الذي يمكنه أن ينشط ميدانيًا على الأرض إلى جانب حركة طالبان في أفغانستان والمنطقة القبلية الباكستانية، فلم يجد هو وغيره من قادة المقاتلين الليبيين الذين بقوا في مناطق الحدود الأفغانية – الباكستانية، أمامهم سوى الانضمام إلى القاعدة.

وقد أصبح أيضا قائدًا للقوات الليبية في أفغانستان وباكستان لاسيما بعد موت القائد البارز أبو الليث الليبي عام 2008 فبات الوجه الأبرز إعلاميًا للمتحدثين باسم القاعدة.

ويقول موقع (مكافآت من أجل العدالة)- الذي رصد 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات حوله -أن الليبي يلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز جرأة الجهاد العالمي، وتحمل رسائله تهديدًا واضحًا للأشخاص الأمريكيين أو الممتلكات الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

كذلك تقول جانيت براشمان أستاذة الدراسات الأمنية بجامعة ولاية داكوتا الشمالية ومؤلفة كتاب الجهادية العالمية بشأنه: إنه شخصية إعلامية شابة ذكية وأيدولوجي متطرف ومتفوق في تبرير الأعمال الإرهابية الوحشية استنادًا إلى أحكام ومقولات دينية.

وفي الثامن من سبتمبر لعام 2011 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أنها أضافت الليبي الذي وصفته بأنه المسئول الإعلامي للقاعدة، إلى قائمتها للشخصيات الإرهابية بموجب أمر تنفيذي وُقِّع في سبتمبر عام 2001، تمهيدًا لإيقاع عقوبات مالية عليه، ومنعت العقوبات أي تحويلات مالية أمريكية لليبي وتسعى إلى تجميد أي أصول له تقع تحت سلطة الولايات المتحدة.

وإذا صحت الأنباء التي تردددت حول مقتله، فإن حياة مهندس "الهروب الكبير" تكون قد انتهت وهو بعيد عن بلده، بعد حياة امتدة 49 عامًا.

التعليقات